كتاب ومقالات

(السعودية.. الرهان الرابح)

هيلة المشوح

ثلاثة أيام قضاها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن متردداً بين الرياض وجدة في زيارته للسعودية مطلع هذا الشهر، سبقها البيان الذي أصدرته الخارجية الأمريكية شرحت فيه عمق العلاقات الإستراتيجية والأمنية التي تربط الولايات المتحدة بالسعودية منذ 80 عاماً وحتى الآن، فما الذي تراهن عليه واشنطن من زيارة وزير خارجيتها بعد سنوات من الفتور والتصريحات التي كانت تناقض بيانها خصوصاً فيما يتعلق بالوعيد الشهير على لسان الرئيس بايدن في نوفمبر 2019 بجعل المملكة دولة (منبوذة)؟ وما بين 2019 – 2023 ما الذي تغير؟

المملكة بكل تجرد هي الرهان الضامن «للسياسة والاقتصاد» لمن حالفها، لا على مستوى المنطقة فحسب بل على مستوى العالم ككل وقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، فضلاً عن دورها في استقرارهما (السياسة والاقتصاد) وضمان الأمن والسلم العالمي وتدفق النفط وثبات أسعاره وتفاصيل أخرى تتفرد بها المملكة بثقلها الإستراتيجي ونفوذها السياسي والاقتصادي الكبير والذي لايحتاج للتفصيل في واقع الأمر، والشراكة السعودية الأمريكية شراكة قديمة بمصالح متبادلة تعترضها بعض المنعطفات السياسية كما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر، والمآلات التي تلت إدارة الرئيس أوباما وسياسته تجاه المملكة ودول المنطقة العربية وما حدث فيها من قلاقل ودمار، ناهيك عن الاتفاق السري النووي مع إيران، وكلها أحداث قابلتها المملكة بثبات وهدوء وحسن تدبير.

زار الرئيس بايدن السعودية في 2022 خلال انعقاد قمة الأمن والتنمية في الرياض، وعقد عدة اجتماعات ثنائية مع القيادة السعودية واعتقد الأمريكان بعد الزيارة أنهم حلوا إشكالية النفط ولم يدر بخلد الإدارة الأمريكية أن سياسة المملكة لاتدار بالزيارات وأن تلك الزيارة لم تثمر بأي شكل من الأشكال، فالسعودية تعمل ضمن اتفاقيات دولية وتتقاطع مصالحها مع حلفاء آخرين في منظومة سياسية واقتصادية كبرى، فكانت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية أكثر تأثيراً وإيجابية تناولت وسائل الإعلام الأمريكية تفاصيلها برصانة بالغة وتأكيدات بأن إدارة الرئيس جو بايدن حريصة على تحسين علاقاتها بالمملكة التي تُعد ثقلاً إسترتيجياً وسياسياً في المنطقة، في الوقت الذي يقلق فيه صناع القرار في أمريكا من تزايد النفوذ الصيني في الخليج، ورغبة أمريكا في أن يسهم تقدم العلاقات الأمريكية السعودية في توسيع «اتفاقات أبراهام» وتحسين فرص بايدن الانتخابية في العام المقبل (بحسب توقعاتهم وآرائهم).

خلال عام 2022 استقبلت المملكة أكثر من 70 رئيس دولة كونها تحتكم على شراكات سياسية تنفتح على العالم بأكمله، فضلاً عن كونها اليوم بوصلة ومحطة للفرص الاستثمارية والاقتصادية، فالبدائل متوفرة والالتفاف والزخم العالمي أيضاً متوفر ومن طرق بابنا ساعياً للتعاون وتبادل المصالح فأهلاً وسهلاً في دولة يكسب من يراهن عليها، ومن طرقه ليسرد علينا إملاءاته وشروطه فلن يحظى إلا بكرم الضيافة وتوديعه.