«كاوست».. من «بذور الاكتشاف» إلى «المحاصيل المحسّنة»
الأربعاء / 25 / ذو القعدة / 1444 هـ الأربعاء 14 يونيو 2023 02:27
«عكاظ» (جدة) OKAZ_online@
فريق بحثي يعمل على تطويع البحوث الأساسية لتكون مناسبة للتطبيقات العملية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي.
في عام 2019 افتتحت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مركزاً للأبحاث في حرم الجامعة في ثول يهدف لدعم الأبحاث المتعلقة بالزراعة المحلية والإقليمية، وترجمتها إلى حلول حقيقية تعود بالنفع لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي وما بعدها. ويدعم مركز الزراعة الصحراوية (CDA) الأبحاث التي تُعنى بوضع حلول للمشكلات العالمية المتعلقة بتوفير الغذاء الذي يعتبر أحد مجالات أبحاث الجامعة الإستراتيجية الأربعة التي منها الماء والطاقة والبيئة.
ويمثِّل المركز المرحلة التالية في تطوير «كاوست» لقوة بحثية طويلة الأمد، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يتطلب وضع حلول للعديد من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمعات كتوفير الأمن الغذائي، كما يعد امتداداً لتراث الجامعة من الأبحاث الرائدة والمؤثرة في مجموعة من المجالات ذات الصلة بالزراعة الصحراوية، وبيولوجيا النباتات، وجينوم النباتات، وأبحاث الميكروبات، ومكافحة الآفات، والاستزراع المائي وغيرها.
ويضم المركز نخبة من العلماء اللامعين؛ من ضمنهم أستاذ علوم النبات في الجامعة البروفيسور سليم البابلي، الذي تكمن اهتماماته البحثية في إنتاج محاصيل ذات قيمة غذائية عالية باستخدام تقنية الجينات، عبر منهج مشترك مستمد من علم الإنزيمات والعلم الوراثي الجيني لتحديد جزيئات التنبيه الجديدة للنبتة والمرتبطة بالإجهاد غير الحيوي والنمو.
يقول البابلي «حاولت طوال مسيرتي المزاوجة بين البحوث الأساسية والعلوم التطبيقية، حيث عملت على تحسين القيمة الغذائية للمحاصيل لسنوات عديدة، لا سيَّما في مجال التحصين الحيوي للأرز ببروفيتامين أ، ثم انتقلت نحو مسارات التمثيل الغذائي (الأيضية) المتعلقة بالتخليق الحيوي للهرمونات في النباتات».
وثمة موضوع مشترك يجمع بين أبحاث البابلي طوال الوقت، إذ يولي الرجل اهتماماً فائقاً بإنتاج محاصيل ذات أداء زراعي محسّن، وقيمة غذائية معززة، وتتركز مهمات البابلي، حالياً، على مسارين متوازيين؛ أحدهما ينصب على متابعة الاكتشافات الأساسية حول علم الوراثة والإشارات الهرمونية لنبات الدخن اللؤلؤي في المختبر، أمَّا المسار الآخر، فهو معني بتطبيق هذه الاكتشافات على أرض الواقع في حقول المزارعين.
وفي عام 2018، تلقى البابلي وفريقه البحثي، وعدد من الشركاء الدوليين، منحة قدرها خمسة ملايين دولار، من مؤسسة بيل وميليندا جيتس، خصصت المنحة لتطوير استراتيجيات تعتمد على الهرمونات؛ لمكافحة غزو نبات العدار (Striga hermonthica)، وهو نبات طفيلي يصيب محاصيل الحبوب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويتسبب في خسائر سنوية تربو على سبعة مليارات دولار، ويهدد حياة نحو 300 مليون شخص، بتعريض الإمدادات الغذائية التي تصلهم للخطر.
تحسين أداء نبات الدخن اللؤلؤي
منذ تلقي المنحة، اهتم البابلي بالبنية التحتية الجزيئية؛ لتحسين أداء نبات الدخن اللؤلؤي وتوسيع الطرق لحمايته من غزو نبات العدار، والدخن اللؤلؤي يعرف باسم «الباجرا» أيضاً، وهو نبات مرن يُزرع في المناطق الجافة الدافئة، ويُعدّ محصولاً إستراتيجياً للمملكة العربية السعودية.
وتشغل عمليات البحث والتطوير في المشروع مساحات متنوعة، تبدأ من العمل في المختبر، انطلاقاً إلى البيوت الزجاجية المحدودة، ثم الحقول الصغيرة، وصولاً إلى التجارب الأوسع نطاقاً في حقول المزارعين، أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة.
لكن ما الذي يعزز غزو نبات العدار؟ تطلق نباتات الحبوب المضيفة -مثل الدخن اللؤلؤي- هرمونات نباتية في التربة تُسمى «ستريجالاكتون»، تستشعر بذور العدار هذا الهرمون، ما يحفز إنباتها، وتعيش عشبة العدار من طريق سحب المياه والمغذيات من المحصول المضيف.
جهود البابلي البحثية على التخليق الحيوي لهرمون الستريجلاكتون قادت إلى الوصول لعدد من الإستراتيجيات، من شأنها الحد من بذور العدار في التربة.
غزو نبات العدار
في الوقت الذي يمثل نبات العدار مشكلة متفاقمة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على وجه الخصوص، انتشرت هذه العشبة الغازية في مناطق أخرى، بما في ذلك السعودية.
وتشكل الأنواع الأخرى من النباتات الطفيلية الغازية التي تصيب المحاصيل الأخرى؛ مثل الطماطم والفاصولياء ودوار الشمس، تهديداً خطيراً للزراعة في الشرق الأوسط، وجنوب أوروبا، والعديد من المناطق في آسيا.
وأشار البروفيسورالبابلي إلى أنه وفريقه البحثي يعكفون على محاولة تحسين الأمن الغذائي، من خلال إنتاج المعرفة عبر أحدث التقنيات في المختبر، وتطوير هذه المعرفة الجديدة بسرعة إلى أدوات عملية، يمكن استخدامها من قبل المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، معتبراً أن جهدهم البحثي يعد بمثابة «جسر بين الاكتشافات في المختبر والتطبيقات الميدانية في أرض الواقع».
ما يقوم به البابلي حالياً، هو واحد من فروع أبحاثه المهمة، والمعنية بتحسين الأمن الغذائي، إذ عمل قبل 20 عاماً مع فريق دولي على هندسة الأرز الذهبي وراثياً -إحدى سلالات الأرز الآسيوي المنتجة من خلال الهندسة الوراثية للتركيب الحيوي لمادة بيتا كاروتين؛ وهي مادة أولية لفيتامين أ- ما يعزز قدرة هذا النوع من الأرز على مكافحة نقص فيتامين أ.
ويرى البابلي أنّ تطوير الحلول العلمية لمشكلات العالم، يتطلب بحثاً مكثفاً في العلوم الأساسية، يقول «عندما تمسك بين يديك بشيء قابل للترجمة العملية على أرض الواقع إلى أرض الواقع، فإن ثمة حاجة إلى المخاطرة، وبالطبع تحتاج إلى وجود متعاونين ذوي خبرة لاستكمال الجهود».
ويرى أنّ حلمه -كغيره من العلماء- يتمثل في رؤية ما يفعله في المختبر، يفيد البشرية بحق، معتقداً أنّ العلم لديه مسؤولية في حل المشكلات المجتمعية.
يقول «بمجرد أن تتخذ قرار الشروع في العمل، فأنت بحاجة إلى الطاقة والصبر لترجمة نتائجك إلى أر ض الواقع، إذ إنّ الرضى الذي يغمرك، عندما تصل إلى حل في المختبر لتحدٍ عالمي كبير، هو أمر استثنائي للغاية».
اهتمامات أبحاث البابلي:
اهتمام فائق بإنتاج محاصيل زراعية محسّنة وقيمة غذائية معززة
متابعة الاكتشافات الأساسية لعلم الوراثة لنبات الدخن اللؤلؤي
تطبيق هذه الاكتشافات على أرض الواقع في حقول المزارعين
في عام 2019 افتتحت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مركزاً للأبحاث في حرم الجامعة في ثول يهدف لدعم الأبحاث المتعلقة بالزراعة المحلية والإقليمية، وترجمتها إلى حلول حقيقية تعود بالنفع لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي وما بعدها. ويدعم مركز الزراعة الصحراوية (CDA) الأبحاث التي تُعنى بوضع حلول للمشكلات العالمية المتعلقة بتوفير الغذاء الذي يعتبر أحد مجالات أبحاث الجامعة الإستراتيجية الأربعة التي منها الماء والطاقة والبيئة.
ويمثِّل المركز المرحلة التالية في تطوير «كاوست» لقوة بحثية طويلة الأمد، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يتطلب وضع حلول للعديد من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمعات كتوفير الأمن الغذائي، كما يعد امتداداً لتراث الجامعة من الأبحاث الرائدة والمؤثرة في مجموعة من المجالات ذات الصلة بالزراعة الصحراوية، وبيولوجيا النباتات، وجينوم النباتات، وأبحاث الميكروبات، ومكافحة الآفات، والاستزراع المائي وغيرها.
ويضم المركز نخبة من العلماء اللامعين؛ من ضمنهم أستاذ علوم النبات في الجامعة البروفيسور سليم البابلي، الذي تكمن اهتماماته البحثية في إنتاج محاصيل ذات قيمة غذائية عالية باستخدام تقنية الجينات، عبر منهج مشترك مستمد من علم الإنزيمات والعلم الوراثي الجيني لتحديد جزيئات التنبيه الجديدة للنبتة والمرتبطة بالإجهاد غير الحيوي والنمو.
يقول البابلي «حاولت طوال مسيرتي المزاوجة بين البحوث الأساسية والعلوم التطبيقية، حيث عملت على تحسين القيمة الغذائية للمحاصيل لسنوات عديدة، لا سيَّما في مجال التحصين الحيوي للأرز ببروفيتامين أ، ثم انتقلت نحو مسارات التمثيل الغذائي (الأيضية) المتعلقة بالتخليق الحيوي للهرمونات في النباتات».
وثمة موضوع مشترك يجمع بين أبحاث البابلي طوال الوقت، إذ يولي الرجل اهتماماً فائقاً بإنتاج محاصيل ذات أداء زراعي محسّن، وقيمة غذائية معززة، وتتركز مهمات البابلي، حالياً، على مسارين متوازيين؛ أحدهما ينصب على متابعة الاكتشافات الأساسية حول علم الوراثة والإشارات الهرمونية لنبات الدخن اللؤلؤي في المختبر، أمَّا المسار الآخر، فهو معني بتطبيق هذه الاكتشافات على أرض الواقع في حقول المزارعين.
وفي عام 2018، تلقى البابلي وفريقه البحثي، وعدد من الشركاء الدوليين، منحة قدرها خمسة ملايين دولار، من مؤسسة بيل وميليندا جيتس، خصصت المنحة لتطوير استراتيجيات تعتمد على الهرمونات؛ لمكافحة غزو نبات العدار (Striga hermonthica)، وهو نبات طفيلي يصيب محاصيل الحبوب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويتسبب في خسائر سنوية تربو على سبعة مليارات دولار، ويهدد حياة نحو 300 مليون شخص، بتعريض الإمدادات الغذائية التي تصلهم للخطر.
تحسين أداء نبات الدخن اللؤلؤي
منذ تلقي المنحة، اهتم البابلي بالبنية التحتية الجزيئية؛ لتحسين أداء نبات الدخن اللؤلؤي وتوسيع الطرق لحمايته من غزو نبات العدار، والدخن اللؤلؤي يعرف باسم «الباجرا» أيضاً، وهو نبات مرن يُزرع في المناطق الجافة الدافئة، ويُعدّ محصولاً إستراتيجياً للمملكة العربية السعودية.
وتشغل عمليات البحث والتطوير في المشروع مساحات متنوعة، تبدأ من العمل في المختبر، انطلاقاً إلى البيوت الزجاجية المحدودة، ثم الحقول الصغيرة، وصولاً إلى التجارب الأوسع نطاقاً في حقول المزارعين، أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة.
لكن ما الذي يعزز غزو نبات العدار؟ تطلق نباتات الحبوب المضيفة -مثل الدخن اللؤلؤي- هرمونات نباتية في التربة تُسمى «ستريجالاكتون»، تستشعر بذور العدار هذا الهرمون، ما يحفز إنباتها، وتعيش عشبة العدار من طريق سحب المياه والمغذيات من المحصول المضيف.
جهود البابلي البحثية على التخليق الحيوي لهرمون الستريجلاكتون قادت إلى الوصول لعدد من الإستراتيجيات، من شأنها الحد من بذور العدار في التربة.
غزو نبات العدار
في الوقت الذي يمثل نبات العدار مشكلة متفاقمة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على وجه الخصوص، انتشرت هذه العشبة الغازية في مناطق أخرى، بما في ذلك السعودية.
وتشكل الأنواع الأخرى من النباتات الطفيلية الغازية التي تصيب المحاصيل الأخرى؛ مثل الطماطم والفاصولياء ودوار الشمس، تهديداً خطيراً للزراعة في الشرق الأوسط، وجنوب أوروبا، والعديد من المناطق في آسيا.
وأشار البروفيسورالبابلي إلى أنه وفريقه البحثي يعكفون على محاولة تحسين الأمن الغذائي، من خلال إنتاج المعرفة عبر أحدث التقنيات في المختبر، وتطوير هذه المعرفة الجديدة بسرعة إلى أدوات عملية، يمكن استخدامها من قبل المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، معتبراً أن جهدهم البحثي يعد بمثابة «جسر بين الاكتشافات في المختبر والتطبيقات الميدانية في أرض الواقع».
ما يقوم به البابلي حالياً، هو واحد من فروع أبحاثه المهمة، والمعنية بتحسين الأمن الغذائي، إذ عمل قبل 20 عاماً مع فريق دولي على هندسة الأرز الذهبي وراثياً -إحدى سلالات الأرز الآسيوي المنتجة من خلال الهندسة الوراثية للتركيب الحيوي لمادة بيتا كاروتين؛ وهي مادة أولية لفيتامين أ- ما يعزز قدرة هذا النوع من الأرز على مكافحة نقص فيتامين أ.
ويرى البابلي أنّ تطوير الحلول العلمية لمشكلات العالم، يتطلب بحثاً مكثفاً في العلوم الأساسية، يقول «عندما تمسك بين يديك بشيء قابل للترجمة العملية على أرض الواقع إلى أرض الواقع، فإن ثمة حاجة إلى المخاطرة، وبالطبع تحتاج إلى وجود متعاونين ذوي خبرة لاستكمال الجهود».
ويرى أنّ حلمه -كغيره من العلماء- يتمثل في رؤية ما يفعله في المختبر، يفيد البشرية بحق، معتقداً أنّ العلم لديه مسؤولية في حل المشكلات المجتمعية.
يقول «بمجرد أن تتخذ قرار الشروع في العمل، فأنت بحاجة إلى الطاقة والصبر لترجمة نتائجك إلى أر ض الواقع، إذ إنّ الرضى الذي يغمرك، عندما تصل إلى حل في المختبر لتحدٍ عالمي كبير، هو أمر استثنائي للغاية».
اهتمامات أبحاث البابلي:
اهتمام فائق بإنتاج محاصيل زراعية محسّنة وقيمة غذائية معززة
متابعة الاكتشافات الأساسية لعلم الوراثة لنبات الدخن اللؤلؤي
تطبيق هذه الاكتشافات على أرض الواقع في حقول المزارعين