كتاب ومقالات

ليس بيد الأسرة شيء

عبده خال

نحن سكان شرق الكرة الأرضية نعتقد أن الأسرة في الغرب فقدت هيمنتها على أبنائها من خلال تقنين الدولة لقضايا اجتماعية قلصت دور الآباء في تربية الأبناء، فإذا كان طفل (مفعوص) يهدد أمه أو أباه بالاتصال بالشرطة بسبب نهره، أو منعه من فعل أمر مشين لا يرضى به القائم على تربيته، بحجة التعنيف الأسري، وكما أن العرف (وهو قانون) يمكن الشاب أو الشابة (18 سنة) من مغادرة بيت الأسرة لتحقيق ذاته وفق ما يراه ملائماً له (أو لها) بينما حددت هيئة الأمم الطفولة بسن 18، وهو السن الذي درجت عليها العادة في الغرب انفصال الشاب أو الشابة عن أسرتهما.

والحالتان لم يعد الطفل متلقيا لأي توجيه أو إرشاد.

وفي المظاهرات العارمة التي حدثت في فرنسا كانت نسبة الأطفال (18 سنة وما دونها) هم حطب تلك المظاهرات وحين يلقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العتب على الآباء وتحميلهم مغبة ما حدث من فوضى ومظاهرات، فإنه يجافي الحقيقة، فالأسرة لم تعد قائمة على توجيه أو إرشاد، فـ(نائل) على سبيل المثال يعد طفلاً وفق القانون الجديد للطفولة، وعدم مسؤولية العسكري الذي أرداه قتيلاً لم يكن حليماً في تصرفه، إذ يمكن وصف تصرفه بالتصرف الأرعن.

ومظاهرات فرنسا (ودول الغرب) تأكيد على رعونة التصرف مع المهاجرين واللاجئين المحشورين في أطراف المدن (الضواحي) من غير اهتمام كاف بحياتهم التعليمية والصحية، وهي النظرة الدونية التي لم تمنح هذه الفئات فرص التدرج الحياتي، كما أن التصرف معهم يعد عنصرية لم تسجل ضمن العنصرية الملقاة على الأقليات والجماعات التي هاجرت أو لجأت منذ سنوات طويلة.

إن التعنصر الذي أحدث موجة من المظاهرات والعنف لن يقف في فرنسا، فالإنسان هو الإنسان في أي بقعة كانت، متى لم تلب احتياجاته سيكون ثائراً لا محالة.

وأعتقد أن ثورة (التعنصر) سوف تجتاح الدول الأوروبية ما لم يتم اتخاذ الوسائل الإنسانية في منح الإنسان حقوقه كاملة كواقع وليس شعارات، وعلى المستوى الاجتماعي إعادة تعزيز دور الأسرة بما يتوافق مع الحياة السوية في التربية للتجويد السلوك، فمثلاً أي رب أسرة يرفض أن يتم تعليم طفله القبول بالمثلية فسوف يجرمه القانون، فأي توجيه وإرشاد يمكن الأسرة القيام به في ظل قوانين تقوض دوره كمرشد ومؤدب؟