كتاب ومقالات

الحج.. وحجة المناخ!

هيلة المشوح

انتهى موسم حج هذا العام بنجاح وسلاسة وانسيابية عالية -كالعادة- وهذا ديدن كل عام في الواقع مع بعض مؤشرات التفوق التي تتبع تغيير الخطط واستحداث الوسائل المتجددة في كل عام، وبما أن النسب والأرقام تتحدث عن هذا النجاح فإنني أتحدث من واقع تجربة وصور تصلني أولاً بأول عن التسهيلات وجهود المرابطين على الخطوط الأمامية للحج من أبناء هذا الوطن الكريم.

نعلم جميعاً أن موسم الحج هو موسم الهجمات الإعلامية المسيسة ضد المملكة، وموسم لتصيد الأحداث وفبركتها وصناعة قصص حولها، فالمشاعر المقدسة والحرمان أماكن مشاعة لزوار بيت الله، وهناك من يؤدي فروضه فيها لاجئاً لوجه الله وطالباً عفوه ومغفرته مستقبلاً الكعبة الشريفة ومفوضاً مشاعره نحو هدف واحد وهو القبول وإتمام ركن من أركان دينه، وهناك من يحمل أهدافاً عبثية أخرى تجاه المملكة وقيادتها ويستخدم الحج لأغراض حزبية وشيطانية تبوء دائماً بالفشل والخذلان مقابل دولة سخّرت كل جهودها لأمن الزائر وأمن الوطن وجعلتها خطاً أحمر من تجاوزه فقد تجاوز على الدين وشعائره فلا تهاون معه، أما وقد فهم القاصي والداني بأن أمن المملكة وحجاج بيت الله لا مجال لانتهاكهما فقد دأبت بعض الصحف الغربية على الأطروحات الناقدة لموسم الحج كالطرح الذي أطل علينا من صحيفة أسوشييتد برس للكاتبة ريزات بوت والذي يتناول مسألة المناخ كموضوع يشغل الرأي العالمي العام هذه السنوات، وقالت إن موسم الحج يساهم في المتغيرات السلبية على المناخ لعقود قادمة بسبب الانبعاثات الغازية للطيران، وأن موسم حج 2018 قد أنتج 1.8 مليون طن من غازات الاحتباس الحراري، أي أنه خلال 5 أيام كانت الانبعاثات تعادل كمية انبعاثات الغازات لمدينة نيويورك خلال أسبوعين، والسؤال هنا كيف تقلق الكاتبة من انبعاثات 5 أيام في مكة ولا تقلقها انبعاثات مدينة نيويورك الكارثية على مدار العام؟!

الانتقادات لا نرفضها كدولة بل نرحب بالطرح المفيد الذي يساهم في ارتقاء خدمات الحج والاستفادة من التقنيات العالمية المتجددة كما حدث هذا العام في توظيف الذكاء الاصطناعي للحد من كميات المخلفات أثناء الحج وتدويرها، ولكن في الوقت ذاته نعي جيداً من ينتقد ومن يقزم الجهود لأهداف مغرضة، وهذا بالطبع لا يلغي مطلقاً البرامج والأطروحات التي تناولت موسم الحج بالإشادة والانبهار من التنظيم والجهود المبذولة والطاقات البشرية المدربة لخدمة الحجيج والخدمات الرفيعة لتسهيل تحرك الحجاج وتفويجهم وتنظيم عملية تنقلاتهم بدقة متناهية وسلاسة تتجدد عاما تلو عام.