ما المطلوب لكي يرضوا عنا ؟
الخميس / 25 / ذو الحجة / 1444 هـ الخميس 13 يوليو 2023 01:29
محمد الساعد
هل يجوز لنا أن نطرح سؤالاً يقول: لماذا لسنا محظوظين في علاقاتنا مع بعض دول وشعوب العالم؟ سؤالٌ يلح علينا كل ما واجهنا نكراناً هنا أو نقداً جارحاً أو كراهية وحروباً غير مبررة هناك.
لعل السبب يكمن في أن السعودية نشأت دولة لا تشبه أحداً من النماذج التي خرجت للعالم بعد عام 1900م؛ دولة مستقلة في قرارها، معتدة بنفسها، منحازة لتاريخها وتراثها، صادقة في علاقاتها وفي أقوالها، تقول ما تفعل وتفعل ما تقول.
لقد اختارت السعودية أن تكون محايدة في وقت انحاز البعض للمعسكرات والتيارات السياسية والحزبية، كما أنها لم تقبل أن تنحاز للخطاب الشعبوي الذي يقول في العلن ما يرضي المستمعين وهو يفعل من تحت الطاولة ما يريد، إنه الخطاب الذي استمر منذ الثلاثينات وحتى اليوم، وأصبح الكثير لا يستسيغ غيره، لدرجة أنهم لا يصدقون الصادقين ويحتفون أياماً احتفاءً بالكاذبين.
السعودية لم تأتِ نتيجة لصدفة تاريخية، أو حتى صفقة سياسية؛ كما هو حال الكثير ممن يعيشون في الإقليم الشرق أوسطي، لقد بذل السعوديون طوال 300 عام كفاحاً طويلاً ومريراً من أجل بناء وطن موحد، وبنوا دولتين حتى استقر بهم الحال إلى بناء دولتهم الثالثة، هذه المحاولات الوطنية السعودية الدؤوبة صحبها الكثير من الشهداء الذين جرت دماؤهم الزكية في الدرعية ووادي الصفراء وبسل والأحساء، والقصيم، وجبال الباحة، وعسير.
لقد واجه السعوديون -حتى يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم- تحديات ضخمة يصعب على أي متابع اختصارها في بضعة أسطر، وبعيداً عن الدسائس التي قامت بها قوى عظمى منذ توحيد البلاد وحتى اليوم؛ فقط لأن الرياض لم تقبل أن تدور في فلكهم، وبعيداً عن وقوع السعودية ضحية سوء فهم بين الحزبين الحاكمين في أمريكا، وبعيداً عن عداء اليسار الغربي المستحكم منذ الخمسينات وحتى اليوم، يبقى الأعداء «الأقربون» هم الأكثر إيلاماً.
ولذلك كله يبرز سؤال آخر يقول: ما الذي يتوجب على السعودية والسعوديين فعله ليرضوا عنا، أو هل نحن بحاجة لكي يرضوا عنا؟
دعونا نعود للوراء 1400 سنة، لأن هناك مفتاح ما نحن فيه اليوم، لقد ورثنا كراهية الشعوبيين للجزيرة العربية وأبنائها وموروثها وكل من يخرج منها أو يعود إليها حجراً أو بشراً، علاقة شائكة بين عرب الجزيرة وغيرهم من الشعوب المجاورة، خاصة تلك التي استسلمت إثر الفتوحات الإسلامية الأولى، واستمروا يحسبوننا كورثة وأحفاد لأولئك الفاتحين -وهم محقون- لكنهم مخطئون عندما يحملوننا فواتير عداء أجدادهم لأجدادنا.
يبدو أن تلك العدوى الشعوبية التي ولدت في أحضان الدولة العباسية من أبناء شعوب التخوم الأعجمية، تسربت عبر قرون من التأثير والتأثير المتبادل لتصيب بعض مثقفي العرب حتى عصرنا الحالي ممن يتدثرون بعباءة الاستعلاء الثقافي تارة، وممن يستكثرون علينا أن ننهض ببلادنا تارة أخرى، فلا فقهنا يروق لهم، ولا نظرتنا الإسلامية مقبولة عندهم، ولا ثقافتنا ولا شعرنا يهيج مشاعرهم، ولا علمنا يؤثر فيهم، ليس لأن ما ننتجه أو نصنعه أو نبدعه أقل كفاءة ومكانة مما يفعلون، بل لأنها تصدر منا نحن، وعودة على بعض أدبيات نزار قباني وغسان كنفاني وغيرهما تؤكد ذلك.
وهنا سؤال ثالث وأخير: هل تضر النهضة السعودية الحالية أحداً ولذلك تخرج لنا تلك الخشونة الظاهرة والتآمر الخفي؟
لقد فهم الأمير محمد بن سلمان تلك المخاوف التي من الممكن أن تفسر بها الرؤية والحراك السعودي الجديد، وأرسل رسائله بكل وضوح للعالم.
السعودية لا تريد أن تنهض وتتطور وتتقدم لوحدها، بل إنه أثنى ثناءً كبيراً على نهضة واقتصاد الإمارات وقطر والبحرين وعمان ومصر، مشيراً إلى أن تلك الدول الشقيقة تخوض، كما المملكة، تحديات كبرى للنهوض بدولها، كما دعا الجميع للشراكة في بناء «حُلم» أوروبا جديدة في منطقة عصفت بها الأحداث والآلام والكوابيس لأزمنة طويلة.
ولذلك يبدو أن المطلوب لكي يرضى عنا البعض في الشرق والغرب، أن نتخلى عن مشروع رؤيتنا ونهضتنا، وأن نعود إلى سباتنا العميق، نتفسح في بلادهم، ونقتات على مصنوعاتهم، ونتناقش حول مشاريعهم، ونقعد في زاوية التاريخ نقارن أنفسنا بهم وكيف نصل إليهم، وهو أمر تجاوزناه بعدما قطعنا جسر التردد وأصبحنا نصنع حلمنا ومستقبلنا.
لعل السبب يكمن في أن السعودية نشأت دولة لا تشبه أحداً من النماذج التي خرجت للعالم بعد عام 1900م؛ دولة مستقلة في قرارها، معتدة بنفسها، منحازة لتاريخها وتراثها، صادقة في علاقاتها وفي أقوالها، تقول ما تفعل وتفعل ما تقول.
لقد اختارت السعودية أن تكون محايدة في وقت انحاز البعض للمعسكرات والتيارات السياسية والحزبية، كما أنها لم تقبل أن تنحاز للخطاب الشعبوي الذي يقول في العلن ما يرضي المستمعين وهو يفعل من تحت الطاولة ما يريد، إنه الخطاب الذي استمر منذ الثلاثينات وحتى اليوم، وأصبح الكثير لا يستسيغ غيره، لدرجة أنهم لا يصدقون الصادقين ويحتفون أياماً احتفاءً بالكاذبين.
السعودية لم تأتِ نتيجة لصدفة تاريخية، أو حتى صفقة سياسية؛ كما هو حال الكثير ممن يعيشون في الإقليم الشرق أوسطي، لقد بذل السعوديون طوال 300 عام كفاحاً طويلاً ومريراً من أجل بناء وطن موحد، وبنوا دولتين حتى استقر بهم الحال إلى بناء دولتهم الثالثة، هذه المحاولات الوطنية السعودية الدؤوبة صحبها الكثير من الشهداء الذين جرت دماؤهم الزكية في الدرعية ووادي الصفراء وبسل والأحساء، والقصيم، وجبال الباحة، وعسير.
لقد واجه السعوديون -حتى يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم- تحديات ضخمة يصعب على أي متابع اختصارها في بضعة أسطر، وبعيداً عن الدسائس التي قامت بها قوى عظمى منذ توحيد البلاد وحتى اليوم؛ فقط لأن الرياض لم تقبل أن تدور في فلكهم، وبعيداً عن وقوع السعودية ضحية سوء فهم بين الحزبين الحاكمين في أمريكا، وبعيداً عن عداء اليسار الغربي المستحكم منذ الخمسينات وحتى اليوم، يبقى الأعداء «الأقربون» هم الأكثر إيلاماً.
ولذلك كله يبرز سؤال آخر يقول: ما الذي يتوجب على السعودية والسعوديين فعله ليرضوا عنا، أو هل نحن بحاجة لكي يرضوا عنا؟
دعونا نعود للوراء 1400 سنة، لأن هناك مفتاح ما نحن فيه اليوم، لقد ورثنا كراهية الشعوبيين للجزيرة العربية وأبنائها وموروثها وكل من يخرج منها أو يعود إليها حجراً أو بشراً، علاقة شائكة بين عرب الجزيرة وغيرهم من الشعوب المجاورة، خاصة تلك التي استسلمت إثر الفتوحات الإسلامية الأولى، واستمروا يحسبوننا كورثة وأحفاد لأولئك الفاتحين -وهم محقون- لكنهم مخطئون عندما يحملوننا فواتير عداء أجدادهم لأجدادنا.
يبدو أن تلك العدوى الشعوبية التي ولدت في أحضان الدولة العباسية من أبناء شعوب التخوم الأعجمية، تسربت عبر قرون من التأثير والتأثير المتبادل لتصيب بعض مثقفي العرب حتى عصرنا الحالي ممن يتدثرون بعباءة الاستعلاء الثقافي تارة، وممن يستكثرون علينا أن ننهض ببلادنا تارة أخرى، فلا فقهنا يروق لهم، ولا نظرتنا الإسلامية مقبولة عندهم، ولا ثقافتنا ولا شعرنا يهيج مشاعرهم، ولا علمنا يؤثر فيهم، ليس لأن ما ننتجه أو نصنعه أو نبدعه أقل كفاءة ومكانة مما يفعلون، بل لأنها تصدر منا نحن، وعودة على بعض أدبيات نزار قباني وغسان كنفاني وغيرهما تؤكد ذلك.
وهنا سؤال ثالث وأخير: هل تضر النهضة السعودية الحالية أحداً ولذلك تخرج لنا تلك الخشونة الظاهرة والتآمر الخفي؟
لقد فهم الأمير محمد بن سلمان تلك المخاوف التي من الممكن أن تفسر بها الرؤية والحراك السعودي الجديد، وأرسل رسائله بكل وضوح للعالم.
السعودية لا تريد أن تنهض وتتطور وتتقدم لوحدها، بل إنه أثنى ثناءً كبيراً على نهضة واقتصاد الإمارات وقطر والبحرين وعمان ومصر، مشيراً إلى أن تلك الدول الشقيقة تخوض، كما المملكة، تحديات كبرى للنهوض بدولها، كما دعا الجميع للشراكة في بناء «حُلم» أوروبا جديدة في منطقة عصفت بها الأحداث والآلام والكوابيس لأزمنة طويلة.
ولذلك يبدو أن المطلوب لكي يرضى عنا البعض في الشرق والغرب، أن نتخلى عن مشروع رؤيتنا ونهضتنا، وأن نعود إلى سباتنا العميق، نتفسح في بلادهم، ونقتات على مصنوعاتهم، ونتناقش حول مشاريعهم، ونقعد في زاوية التاريخ نقارن أنفسنا بهم وكيف نصل إليهم، وهو أمر تجاوزناه بعدما قطعنا جسر التردد وأصبحنا نصنع حلمنا ومستقبلنا.