كتاب ومقالات

عندما اتصل الأمير محمد بن سلمان بالعالم !

محمد الساعد

بدأ الأمير محمد بن سلمان رحلته للعالم 2016 بإطلاق رؤية المملكة 2030، الرؤية لم تكن مشروعاً اقتصادياً فقط، ولا حملة علاقات عامة ومشروعاً دعائياً، بل كانت إعادة رسم خارطة السعودية في العالم الجديد، خارطة لا تشبه أي أحد، لكنها تمتزج بملامح السعوديين وإمكاناتهم الكامنة، فمن حق المملكة ذات الـ300 عام من عمرها الممتد المليء بالتضحيات، أن تحصد ما زرعته من جهود وتنمية وسياسة متصالحة مع الجميع.

لقد فهم الأمير محمد قدره كزعيم استثنائي، وفهم أيضاً قدر بلاده، كقاطرة تقود التنمية والاستقرار في الإقليم الذي تعيش فيه، والعالم الذي تتعامل معه.

إن عالم ما بعد أحداث الربيع العربي 2010م، وعالم ما بعد عقيدة أوباما سيكون مختلفاً تماماً، فأمريكا تغيرت تماماً، وانحرفت عن قيمها التقليدية، ومنها قرار الانسحاب من الشرق الأوسط، والانتقال إلى شرق أوروبا وشرق آسيا، ومن هنا فهمت بعض القوى والتيارات والتنظيمات في الشرق الأوسط أن انهيار النظام العالمي القديم سيمكنها من تحقيق أمانيها وأغراضها وأطماعها. لقد كانت السعودية في عين العاصفة، والجائزة الكبرى التي التقى عليها كل الأعداء، متصورين أنهم قادرون على ابتلاعها بحملات إعلامية مغرضة وحروب مقيمة، أو بمحاولة اختطاف الشارع السعودي واستقطابه لقضايا ومعارك عابرة وأممية.

ظن الجميع أن هذه البلاد قد وصلت إلى شيخوختها ووهنها، فتجرأ عليها الأقزام ورعاع السياسة وخرج شذاذ الآفاق والخونة والمرجفون من الزوايا المعتمة، كان الحُلم يسبق ردات الفعل، ففهم المتجرئون أنها تتراجع بسرعة، وأن فرصتهم التي تحينوها لعقود قد أطلت بأنيابها وسمومها.

لكن السعودية دائماً ما تعود وتخرج من وسط العتمة أقوى مما سبق، هذا قدر المملكة وقدر الجزيرة العربية التي تخلقت في رحمها.

الاقتصاد سيكون أولوية بلا شك، لكن تعظيم المميزات والإمكانات التي تمتلكها المملكة سيتحول لرافعة اقتصادية وسياسية وثقافية لبلاد عاشت طوال عقود ساكنة تسير الهوينا، نعم كان العالم في ذلك الحين يقبل تلك السرعات، لكن النظام العالمي الجديد الذي كان يتخلق في مكان ما من العالم قرر أن ينطلق دون التفات إلى مصالح الشركاء والحلفاء، التاريخ لا يرحم، والزمن لا يمكن إيقافه، والتحديات لا يمكن التغافل عنها.

لقد وجد الأمير محمد بن سلمان أن بلاده تعرضت طوال العقود السابقة لحملات هائلة وظالمة بلا مبرر، صمدت بلاده بلا شك، وانتصرت في كثير منها بلا شك، لكنها لطالما تغافلت وغضت النظر.

اليوم تنطلق السعودية بحلتها الجديدة نحو النظام العالمي الجديد كمركز استقطاب اقتصادي وسياسي فعّال ومستدام، فالقمتان السعودية الأمريكية الأولى والثانية، والقمة الصينية، وقمة الآسيان الحالية وعشرات الزيارات لقيادات كبرى سياسية واقتصادية وثقافية وروحية أضحت لا تبارح السعودية.

إنه النجاح الذي حققه الأمير محمد في سنوات قليلة، واستطاع أن يحوّل التحديات لفرص، وأن يفرض تقييم بلاده على الآخرين.

فهل نجحت معادلة الأمير في رحلته نحو العالم التي بدأها وهو مثقل بالهموم والتحديات؟ بلا شك نجحت وحققت الكثير من النجاحات غير المسبوقة، وما زالت السعودية في أول طريق حلمها الجديد، لقد سمع العالم صوت السعودية كما لم يسمعوه من قبل.