كتاب ومقالات

يخلق التحديث على النمط الصيني آفاقاً جديدة للتعاون الصيني - السعودي في البناء المشترك لـ«الحزام والطريق»

وانغ تشيمين

منذ فترة طويلة، اتحد الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية مع أبناء الشعب بمختلف قومياتهم في كل البلاد وقيادتهم لكسر الصعوبات والعقبات على الطريق المتوجه للمستقبل وتعميق الإصلاح وتوسيع الانفتاح بكل حزم، ونجحا في إيجاد طريق التحديث على النمط الصيني، وحققا إنجازات مرموقة بعد التحمل والتخلص من المشقات التي لا تحصى. إن المثل العليا هي خلق عالم يتقاسمه الجميع. باعتبار الصين أكبر دولة نامية، فإنها تضع العالم ككل في عين الاعتبار وتعمل على مشاركة الخبرات والأفكار التي تم تلخيصها في عملية التحديث مع البلدان الشريكة المحتاجة إليها لتحقيق تنمية نفسها مع تزويد المزيد من الفرص الجديدة للتنمية العالمية.

في عام ٢٠١٣، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ رسمياً مبادرة «الحزام والطريق». على مدى ١٠ سنوات مضت، ركزت المبادرة على تناسق السياسات وتواصل المنشآت وتيسير التجارة وتداول الأموال والتفاهم بين الشعوب، وعمقت التعاون العملي والاستفادة المتبادلة بين الحضارات باستمرار وترجمت الأفكار تدريجياً إلى أرض الواقع وجعلتها نتائج مثمرة. حسب البيانات الإحصائية وقعت الصين أكثر من ٢٠٠ وثيقة لتعاون بشأن البناء المشترك لـ «الحزام والطريق» مع أكثر من ١٥٠ دولة و٣٠ منظمة دولية. أسهمت المبادرة في تحفيز الاستثمار وجذبه بقيمة تقرب من تريليون دولار أمريكي وإنشاء أكثر من ٣٠٠٠ مشروع تعاون وتوفير ٤٢٠ ألف فرصة عمل للدول المطلة وتخليص نحو ٤٠ مليون نسمة من الفقر. من عام ٢٠١٣ إلى عام ٢٠٢٢، ازداد حجم التجارة في السلع بين الصين والدول المطلة من ١.٠٤ تريليون دولار أمريكي إلى ٢.٠٧ تريليون دولار أمريكي بنسبة زيادة ٨٪ سنوياً. تظهر ممارسة الصين للبناء المشترك لـ«الحزام والطريق» على نحو عالي الجودة أنها تشارك العالم بنشاط تجربة التحديث وإنجازاته وتكون دوماً من يبني سلام العالم ويساهم في التنمية العالمية ويحافظ على النظام الدولي ويقدم المنفعة العامة.

في ظل تطوير مبادرة «الحزام والطريق» إلى جودة عالية على مدى عشر سنوات ماضية، استمرت الصين والمملكة العربية السعودية بتعزيز مواءمتهما الإستراتيجية وتعميق الثقة السياسية المتبادلة وتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في الازدهار. منذ عام ٢٠١٣ أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للمملكة. تتكامل الصين والمملكة بعضهما البعض في المزايا الاقتصادية للغاية وتمتلكان إمكانيات كبيرة للتعاون. يفتح الجانبان آفاق التعاون ويبتكران على الدوام في مجالات التجارة والطاقة والبنية التحتية والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية على «طريق الحرير» والزراعة والتبادلات الشعبية والثقافية وغيرها. على سبيل المثال، في مجالات البنية التحتية والطاقة، أولاً: قامت شركة سي أر سي سي (CRCC) للقطارات ببناء أول خط القطار الخفيف في الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية – قطار المشاعر المقدسة لنقل ضيوف الرحمن، الذي يعتبر مشروع النقل بالسكك الحديدية بأكبر قدرة تصميمية وأكثر وضع التشغيل تعقيداً ومهام التشغيل ثقلاً في العالم، وقد أكمل عملية نقل ضيوف الرحمن في موسم الحج لتسع مرات متتالية بنجاح. ثانياً: أكملت الشركة الصينية مشروع قطار الحرمين العالي السرعة بجودة عالية ومعايير عالية، مما يختصر وقت التنقل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى ساعتين ويحسّن كفاءة النقل المحلي بقوة ويعزز تنمية التجارة والأعمال في المناطق على طول الخط. ثالثاً: تشترك شركة سينوبك (SINOPEC) الصينية وشركة أرامكو في الاستثمار لبناء مصفاة تحويلية متكاملة في ينبع (YASREF). تستخدم المصفاة ٤٠٠ ألف برميل يومياً من الخام العربي الثقيل لإنتاج أنواع عالية الجودة من الوقود والمنتجات المكررة عالية القيمة، ويبلغ إنتاجها السنوي ٢٠ مليون طن، وقد أصبحت نموذج التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والمملكة. وفي مجالات الطاقة الخضراء والتكنولوجيا الرقمية، أولاً: وقعت شركة سينوبك الصينية (SINOPEC) مع شركة أرامكو السعودية مذكرة التعاون لتعميق الاستثمار ومشاريع الطاقة الهيدروجينية. ثانياً: تعاونت شركة هواوي مع الأكاديمية الرقمية السعودية لتدريب المواهب المحلية في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والأمن السيبراني وتقنية شبكات الجيل الخامس. وثالثاً: وقعت شركة علي بابا والشركة الصينية الأخرى الاتفاقية مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) لتعزيز بناء المدن الذكية وتطوير تقنية الذكاء الاصطناعي باللغة العربية لمساعدة المملكة على استكمال تحولها إلى الاقتصاد الرقمي. في العام الماضي، حضر الرئيسان الصيني والسعودي مراسم التوقيع لخطة المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030»، الأمر الذي سيعمل بنشاط على تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والقدرة الإنتاجية والطاقة والتجارة والاستثمار والتبادل الثقافي بين البلدين، ومن المؤكد أن سيدفع التعاون العملي الثنائي ويحسّن رفاهية الشعبين.

منذ أن توليت منصبي، أخبرني العديد من الأصدقاء السعوديين أنهم يأملون في التعلم من تجربة التنمية الممتازة للصين في مختلف المجالات من أجل مساعدة المملكة على تسريع إكمال «رؤية 2030». في رأيي، إن أفكار الركائز الثلاث لـ«رؤية 2030»، أي الدولة الأساسية للعالمين العربي والإسلامي، وقوة الاستثمار العالمية، والمحور العالمي الذي يربط القارات الثلاث في آسيا وأروبا وأفريقيا، تتوافق بشكل كبير مع مبادرة «الحزام والطريق». في هذا العام، ستستضيف الصين الدورة الثالثة لـ«منتدى الحزام والطريق» للتعاون الدولي، والذي سيضخ زخماً جديداً في التعاون الدولي في مبادرة «الحزام والطريق». إن الصين على استعداد للعمل مع المملكة العربية السعودية على مواصلة الترويج لمواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030» لتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك للجانبين في عملية التحديث ولفتح آفاق أفضل لعلاقات الصداقة بين الصين والمملكة العربية السعودية.