كتاب ومقالات

لماذا المملكة ؟

حمود أبو طالب

أصبح واضحاً أن الحرب لن تُنهي الأزمة الأوكرانية، ولن تُفضي إلا إلى مزيد من المُعاناة والخسائر البشرية والمادية والانعكاسات السلبية على أمن الطاقة والغذاء وسلاسل الإمداد والتوريد، واستمرارها قد يخلق دوائر استقطاب وأزماتٍ سياسية خارج نطاقها الجغرافي نتيجة اختلاف المواقف من طرفي الحرب؛ لذلك بدأ الطرفان البحث عن الطرق الدبلوماسية والسياسية لإنهاء الأزمة، لكن أين ومن سيقوم بهذا الدور؟

بالنظر إلى الخارطة السياسية ومواقف الدول من الأزمة شرقاً وغرباً، نجد صعوبات بدرجات مختلفة في أن تكون دولة لديها الحياد الحقيقي منذ بداية الأزمة ولديها مواقف متوازنة من الطرفين، وحدها المملكة التي أكدت منذ البداية أن الحوار هو السبيل الوحيد لإيجاد حل سلمي للأزمة والوصول إلى توافق حول أطر وآليات الحل، كما أن قيادة المملكة كانت منذ بداية الأزمة على اتصال دائم مع القيادتين الروسية والأوكرانية، مؤكدة استعدادها لبذل المساعي الحميدة للإسهام في الوصول إلى حلٍّ يُفضي إلى سلام دائم، ودعمها لجميع الجهود والمبادرات الرامية لتحقيق هذا الهدف.

هذه المعطيات، بالإضافة إلى السجل الإيجابي للمملكة في مبادراتها لفضِّ النزاعات وحلحلة الأزمات بين دول عديدة، وموثوقيتها في المجتمع الدولي، ومكانتها وتأثيرها في محيطها العربي والإقليمي والعالمي، وعلاقاتها الجيدة مع طرفي الأزمة وبقية الدول الكبرى المؤثرة كأمريكا والصين وبريطانيا والدول القيادية في أوروبا، كل ذلك وغيره جعل المملكة الخيار الموثوق لاستضافة مستشاري الأمن القومي لمجموعة من الدول لعقد لقاء تشاوري لتبادل الآراء ووجهات النظر حول سبل حل الأزمة سلمياً.

أنظار العالم كله توجهت يوم أمس إلى مدينة جدة، أملاً في انطلاق بداية الخطوات الحقيقية الجادة لأزمة عالمية خطيرة.