كتاب ومقالات

المعارضون.. من الفاكس والكاسيت إلى الشبو !

محمد الساعد

خلال أكثر من ثلاثة عقود لم يقدم من يدعون المعارضة للسعودية إلا أسوأ ما في التيارات المتطرفة من سلوكيات عدائية وعمليات إجرامية ومشاريع لا أخلاقية.

لم يكن لديهم من هدف إلا محاولاتهم المتكررة لإسقاط السعودية - الكيان القائد في المنطقة والعالم، والذي لطالما أشعرهم بالمرارة والحسرة- وتفكيك مكوناتها الاجتماعية وإعادتهم لحالة الحرب والضياع، وكأن 5000 آلاف عام من التيه والعيش الصعب في الصحاري المقفرة وسهول تهامة الجافة وجبال السراة الوعرة لم تكفِ أبناءها.

السعودية التي صنعها آل سعود الكرام في ثلاث دول على التوالي لم تسقط بالبراشوت على الجزيرة العربية، لقد كانت حتمية تاريخية، وحلماً شعبياً طال انتظاره، ولا أدل من ذلك اندفاع القبائل والأسر من كل المناطق للبيعة وعرض الولاء حتى بدون حروب، فبخروش بن علاس من إقليم الباحة ذهب بنفسه للدرعية معلناً هو وإقليمه الولاء، وطامي بن شعيب المتحمي من عسير، وعثمان المضايفي العدواني عن الطائف ومكة، ومسعود بن مضيان الظاهري عن المدينة المنورة وينبع، فضلاً عن رؤوس قبائل وأسر نجد والأحساء، لقد أتحدت الرغبة الشعبية مع حلم قيادة الإمام محمد بن سعود وأبنائه وأحفاده الأئمة والملوك لتشكل هذا الكيان الفريد.

من يدعون المعارضة هم في أساس تشكلهم «خلية واحدة» مهما تلونوا، أخرجها للعلن تنظيم الإخوان المسلمين في السبعينيات والثمانينات والتسعينيات الميلادية، وأنتجت على التوالي (أسامة بن لادن وتنظيمه القاعدة الذي عمل على تهديد الدولة وابتزازها والقيام بعمليات إرهابية متتالية، ثم خلايا متطرفة تستّرت بالصحوة وانتشرت في المساجد والمحاضن، هدفت للتحريض والفصل بين الدولة والشعب وتشويه صورة القيادة، لقد أنتجت تلك المحاضن فيما بعد، ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية التي رأسها سعد الفقيه ومحمد المسعري وغيرهما).

هذه الخلية رعاها واحتضنها التنظيم الدولي للإخوان، وأعطاها الغطاء المالي وفتح لها العلاقات مع تنظيمات ودول وأجهزة مخابرات خارجية لتستقوي بها على الدولة السعودية.

مثال واحد -وغيره الكثير- يكشف ذلك: في العام 1993 وعند إعلان ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية حضر قناصل دول غربية الاجتماع السري المنعقد بدون تصريح في مدينة الرياض!

السؤال أليس هؤلاء الغربيون هم من كان الفقيه والمسعري والحضيف والعواجي والحوالي والعودة وغيرهم يسبونهم على المنابر ويحرضون الشارع ضد الدولة لأنها تقيم علاقات متكافئة ودبلوماسية معهم.

لكن الهدف المشترك بين الغرب وبين أدواته المتطرفة كان واحداً؛ وهو إسقاط المشروع الوطني السعودي وإعادة المواطنين إلى المجهول وإفقادهم وطناً ودولة احتضنتهم وبنت الكيان ونمت الحجر والبشر للسيطرة على مكامن الطاقة كما في ليبيا وسوريا الآن.

التنظيم المتطرف «للإخوان السعوديين» انتقل إلى لندن مع ترك الخلايا تعمل على الأرض في الداخل ودعمها من دول ومخابرات وتنظيمات خارجية.

الخلايا الإرهابية فجرت في الرياض على التوالي في الأعوام 1995، ومن 2003 وحتى 2015، فضلاً عن تفجيرات حلفائهم من حزب الله العام 1996 في الخبر، ولا ننسى محاولات الاغتيال التي تخابر وتعاون فيها سعد الفقيه والمسعري مع القذافي.

العمليات العسكرية التي صنعها التنظيم الإرهابي كان هدفها تفكيك الولاء وإرهاب الدولة وابتزازها والحصول على تنازلات منها تؤدي في نهاية الأمر إلى شكل دولة مشوهة، لطالما حلموا به وهو «ملكٌ يملك وإخواني يحكم».

إلا أن ذلك اصطدم بالولاء الشعبي الصلب الذي لم يتزحزح منذ عهد الإمام محمد بن سعود حتى اليوم، ولم يستطيعوا تفكيكه، بل إنه ومع كل تجربة وكل عمل إرهابي وكل خيانة وكل حملة يزداد السعوديون صلابة حول وطنهم الحُلم ويزدادون اقتراباً من قياداتهم.

آخر محاولات تنظيم لندن الإرهابي وحلفائه تهريب عدد متنوع من الشباب والبنات، وهو مشروع فشلوا فيه فشلاً ذريعاً؛ ولم يجدوا غير أبنائهم وبناتهم (عبدالله بن سلمان العودة، خالد بن سعد الجبري، وناصر بن عوض القرني، وعمر الزهراني ابن أخت فارس شويل الزهراني).

وعندما فشلوا اتجهوا للساقطين والمحطمين اجتماعياً، بسبب سلوكياتهم، أو الهاربين من قضايا جنائية ضدهم أخلاقية كانت أو مالية؛ أو بسبب الإدمان على المخدرات والفشل في الاحتفاظ بوظائفهم حال انكشاف إدمانهم، مثل الضابط الهارب من قضية أخلاقية، والجندي مدمن الشبو، والهاربة التي ورطت أختها في جريمة معلوماتية.

خلية لندن توفر عبر أدواتها طرق الهروب وتمنحهم الدعم عبر وسائل التواصل وهي أمور غير مكلفة، لكن بعد ذلك تتركهم لمصيرهم المحتوم، إما مطاريد أو مشردين.

الكثير لا يعلم أن تنظيم الإخوان الإرهابي لا يدعم مالياً إلا كوادره المتربين في حواضنه، أما من يستغلهم فهو يلفظهم ويتخلص منهم بعد انتهاء الحاجة لهم.

في التسعينيات استخدم «إخوان لندن» الفاكس لتشويه الدولة والتحريض عليها، كما استخدموا قبلها المنابر والكاسيت، واليوم يستخدمون مدمني الشبو والمخدرات ومدمني الشهرة للصعود على أكتافهم وتحقيق مخططاتهم العدوانية.