كتاب ومقالات

وفاءً لروح محمد علوان

حمود أبو طالب

«مع التقدير المستحق، لما تقوم به وزارة الثقافة، منذ سنوات، أبعث لهم، بهذا الملام: ‏ليس كثيراً، لا عليكم، ولا علينا، ولا على الأدباء، من جيل، صار هو الأكبر اليوم، أن يحظوا بلفتة احترام معلن، وهم أحياء، وفاءً للجمال الذي قدموه، وكبرنا عليه!

‏‏هذا محمد علوان وقد رحل اليوم، وسعد الصويان، والله أعلم بحاله، وأحمد أبو دهمان في المستشفى، ومحمد زايد الألمعي بعيد، وليس على ما يرام.. هل أكمل؟».

هذه تغريدة كتبها الصديق العزيز الأستاذ عبدالله ثابت عندما فوجئنا بخبر رحيل الأديب محمد علي علوان يوم الخميس الماضي، ذلك الإنسان الباسق النبيل، والأديب الرائد في المشهد السعودي، الذي نعاه القريب والبعيد، من عرفه واقترب منه، ومن قرأ له أو سمع عنه. الأديب الحقيقي الذي لم يأبه بغواية المحافل وصخب المهرجانات، ولم يزاحم على مقاعد المناسبات رغم أنه يستحق صدارتها. وعلى أي حال فقد رحل أبو غسان إلى رحمة الله بهدوء مثلما عاش هادئاً متصالحاً مع نفسه والناس والحياة بكل مفارقاتها ومتاعبها، وترك إرثاً أدبياً فاخراً وسيرةً إنسانية ناصعة. وقد سبقه، وبصمت أيضاً، كبار مثله في ساحة الأدب والثقافة، بعد انزوائهم في أواخر حياتهم دون أن يحفل بهم أحد.

وعندما ذكر عبدالله ثابت بعض الأسماء من أدبائنا المتعبين الذين ما زالوا بيننا، فهناك الكثير غيرهم ممن أضاؤوا قناديل النور، وحملوا مشاعل التنوير في دروب الثقافة والأدب في مراحل صعبة، تحملوا خلالها أشد المصاعب، فإن هؤلاء قصتهم تطول، ولها وقت آخر ربما، الآن سنتحدث عن الأستاذ محمد علوان كأحدث الراحلين، ومنجزه الأدبي الطويل المتميز، ونتساءل هل بإمكاننا أن نربت على روحه وما زالت ترفرف بيننا؟ هل نستطيع تقديم مبادرة طازجة لتلك الروح الجميلة لرمز كبير؟

إنني أتساءل، وعلى سبيل المثال، هل لا نستطيع ونحن على مشارف معرض الكتاب في الرياض، إقامة ندوة كبرى عن منجز محمد علوان القصصي المتميز؟ وهل هناك أي صعوبة في إقامة ممر يحمل اسمه، أو تخصيص ركن بارز يضم أعماله وصوره وسيرته، أو أي فكرة أخرى؟ لا أعتقد أنها مشكلة، وستكون مبادرة رمزية كهذه خلال هذه المناسبة المهمة تأكيداً على شيمة الوفاء وفضيلة التقدير لمن أثروا تأريخنا الأدبي والثقافي، وأما ما بعد ذلك فهناك أساليب أخرى لترسيخ اسم وتأريخ محمد علوان وأمثاله في ذاكرة الأجيال، أعرف أنها لا تخفى على المسؤولين عن ثقافتنا.