كتاب ومقالات

كيف أصبحت السعودية مركز العالم

رامي الخليفة العلي

شارك الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في العاصمة الهندية نيودلهي بتكليف من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذه القمة تحمل أهمية بالغة باعتبار ما تمر به العلاقات الدولية من توتر بسبب التنافس الكبير بين الصين والدول الغربية وأيضاً الصراع في أوكرانيا الذي ترك أثره على مجموعة العشرين وغيرها من المحافل الدولية، بحيث تصبح مسرحاً للصراع بين موسكو والعواصم الغربية. في هذا الإطار بذلت الهند جهوداً كبيرة لمنع تحويل هذا الملف إلى قنبلة سياسية تفجر الاجتماع من الداخل، لذلك تمت صياغة البيان الختامي بما يسمح لكل طرف بقراءته حسب توجهاته السياسية، فقد أدان البيان الختامي السيطرة على أراضي الغير بالقوة، ولكنه لم يذكر الجانب الروسي بالاسم، وهذا ما دفع أوكرانيا إلى انتقاد البيان الختامي بينما رحب سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي بالبيان معتبراً القمة ناجحة لأنها لم تسمح للدول الغربية بفرض الملف الأوكراني على المجتمعين. والانقسام كان السمة الأساسية في موضوع المناخ، حيث تعهدت الدول بزيادة الاستثمار في موارد الطاقة المتجددة لثلاثة أضعاف، ولكن الموقف من الطاقة الأحفورية شهد انقساماً وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى التعبير عن خيبة أمله من نتائج القمة واعتبر أنها لا تستجيب بالقدر الكافي للتحديات المناخية التي تعترض العالم. ولعل الإنجاز المهم هو الاتفاق بين الهند والولايات المتحدة والإمارات والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وإيطاليا وفرنسا على إنشاء ممر اقتصادي لنقل البضائع والسلع والبيانات بين الهند في آسيا والقارة العجوز مروراً بدول الشرق الأوسط. الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يجانب الصواب عندما وصف الاتفاق بأنه تاريخي، فهو يعيد طرق التجارة الدولية إلى المنطقة بشكل أوسع وينشئ شبكة من طرق المواصلات البحرية والبرية وشبكات للسكك الحديدية. إذا أخذنا في خلفية هذا الاتفاق مشروع رؤية المملكة 2030 فيمكن لنا أن نقدر مدى التطابق بين التصورات التي عبر عنها الأمير محمد بن سلمان والأهداف الطموحة لهذا المشروع، فالأمير وفي أكثر من مناسبة تحدث عن الموقع الجغرافي الإستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمملكة على وجه التحديد. المملكة العربية السعودية هي القلب لهذا المشروع العالمي فهي واسطة العقد، واختيار المملكة من قبل قادة مجموعة العشرين المنخرطين في المشروع يدل على الثقة الكبيرة بالمملكة وقيادتها، والإدراك بأن المملكة تنعم بالاستقرار السياسي والمشروع التنموي والقدرة الكبيرة على تجسيد الرؤى، خصوصاً أن التقارير الدولية تشير إلى أن المملكة قطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ رؤية 2030 وهناك حالة من التفاؤل تسود الأوساط الاقتصادية حول مستقبل المملكة الاستثماري.

في المملكة العربية السعودية هناك قيادة شابة متمثلة بالأمير محمد بن سلمان تعمل بشكل علمي ومنهجي وهي تملك رؤية لا تقتصر على جانب واحد، بل هي رؤية شاملة تتناول الجوانب الاقتصادية والسياسية والإدارية والثقافية والسياحية والترفيهية، حيث ينظر العالم إلى أن هناك قفزة هائلة تمر بها المملكة سوف تكون لها ما بعدها ليس فقط على المملكة بل على المنطقة برمتها.