أخبار

ولي العهد.. حديث «الجرأة» والوضوح... والحقائق رؤية

أكد أن علاقاتنا متميزة مع الرئيس بايدن ونعـمل سوياً في العديد من الملفات المُشتركة

«عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@

أثارت تصريحات مهمة أدلى بها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لشبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأمريكية، وبثّت في وقت متأخر ليل (الأربعاء) (بتوقيت السعودية) اهتماماً في غالبية عواصم القرار، وفي دول المنطقة العربية والخليجية. وذكرت «فوكس نيوز» أن الأمير محمد بن سلمان عالج في مقابلتها معه القضايا المثيرة للجدل التي ظلت السعودية وحكومتها تواجهانها طوال السنوات القليلة الماضية.

واستعرض ولي العهد العلاقات السعودية الأمريكية، قائلاً: «إن علاقاتنا متميزة مع الرئيس بايدن ونعمل سوياً في العديد من الملفات المُشتركة»، مؤكداً أن الاتفاقيات المُرتقبة مع الولايات المُتحدة مُفيدة للبلدين ولأمن المنطقة والعالم.

وتطرق الأمير محمد بن سلمان إلى العلاقات السعودية الإيرانية، مبيناً أن «العلاقة مع إيران تتقدم بشكل جيد ونأمل أن تستمر كذلك لصالح أمن واستقرار المنطقة»، وأوضح ولي العهد أن الصين هي من اختارت أن تتوسط بيننا وبين الإيرانيين.

وقال ولي العهد -من دون تردد بحسب تعبير القناة الأمريكية- إنه إذا تملكت إيران سلاحاً نووياً فإن السعودية ستمتلك سلاحاً نووياً أيضاً. ورفض الأمير محمد بن سلمان المزاعم التي ذهبت إلى أن السعودية علقت المساعي الجارية لإقامة علاقات بينها وإسرائيل. وأوضح «أننا مع مرور كل يوم نزداد اقتراباً، ويبدو أن المسألة أضحت للمرة الأولى جادة حقاً، بغض النظر عمن سيتولى المسؤولية». ووصف الصفقة المحتملة لإقامة علاقات مع إسرائيل بأنها ستكون «في حال نجحت إدارة بايدن بأن تعقد اتفاقاً بين السعودية وإسرائيل فسيكون أضخم اتفاق مُنذ انتهاء الحرب الباردة». لكن ولي العهد رهن إتمام الصفقة باتفاقات تتعلق بمعاملة الفلسطينيين. وأضاف أنه لن يخوض في التفاصيل، لكنه يريد أن يرى حياة جيدة للفلسطينيين. وأقرت «فوكس نيوز» بأن الأمير محمد بن سلمان كان شجاعاً في مواجهة جميع الأسئلة التي وجهتها إليه، بما في ذلك الاتهامات المتعلقة بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، والمزاعم بأن المملكة قدمت أموالاً للرئيس السابق ترمب وزوج ابنته جاريد كوشنر، ومزاعم نشاطات أسامة بن لادن.

بن لادن عدونا مثلما هو عدو لأمريكا ولا يمكن أن نساعد عدونا ليقوم بإيذائنا

وقال ولي العهد، في المقابلة الخارجية الأولى لوسيلة إعلام أمريكية منذ العام 2019، إن السعودية شاسعة جداً، وإنه لا بد أن لكل شخص في العالم صلة ما- مباشرة أو غير مباشرة- بالسعودية. وأكد الأمير محمد بن سلمان- رداً على سؤال في شأن حادثة مقتل خاشقجي في 2018، إن جميع المتورطين في الحادثة يقضون محكوميات في السجون. وأضاف أنه كان لا بد من أن يواجهوا القضاء، «ونحن نتخذ جميع الإجراءات القانونية التي تتبعها كل دولة. وقد فعلنا ذلك في السعودية، وتم إغلاق الملف». وزاد ولي العهد: «كما أننا نحاول إصلاح النظام الأمني لنضمن أن مثل هذه الأخطاء لن تتكرر. وقد رأينا خلال السنوات الخمس الماضية أنه لم يحدث أي شيء من ذلك القبيل. إنه ليس جزءاً مما تفعله السعودية». ووصف الحادثة بأنها خطأ مؤلم. وأكد أنه عمل من أجل إصلاح أنظمة المملكة «بشكل حَرْفِي»، لضمان «سلامة الجميع». ورداً على سؤال، رفض الأمير محمد بن سلمان المزاعم بأن السعودية قدمت تسهيلات لمنفذي هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، وعدد ولي العهد الهجمات التي خططها ونفذها أسامة بن لادن ضد السعودية خلال تسعينات القرن الماضي. وأقر أن بن لادن تمكّن من تجنيد سعوديين ليساعدوه في قضيته، «لكن ليس هناك أي منطق لأن تساعد البلاد رجلاً نشط فعلياً في إيذائها». وزاد أنه بعد قيامه بقتل السعوديين والأجانب في ذلك الوقت في السعودية «أضحى عدونا مثلما هو عدو للأمريكيين».

وفي الشأن الإيراني؛ وصف الأمير محمد بن سلمان الصفقة الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران، التي تم بموجبهات فك تجميد 6 مليارات دولار لإيران في مقابل تبادل إطلاق سجناء من الجانبين، بأنها «خطوة إيجابية»، في سياق التفاوض بين الطرفين في شأن إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. وقال إنه يأمل بأن تستخدم إيران تلك الأموال من أجل أغراض جيدة لتشجيع العالم على القيام بمزيد من الخطوات. وسئل الأمير محمد بن سلمان عن احتمال نجاح إيران في امتلاك سلاح نووي، فردّ بأنه إذا حصلت إيران على سلاح من ذلك القبيل فإن السعودية سيتعين عليها الحصول على سلاح مماثل لأسباب أمنية ولتوازن القوة. وأضاف: إننا قلقلون من أن تحصل أي دولة على سلاح نووي. إنه أمر سيئ. إنها خطوة سيئة. إنهم ليسوا بحاجة للحصول على سلاح نووي لأنك لن تستخدمه. وزاد: أية دولة تستخدم سلاحاً نووياً قإن ذلك يعني أنها ستحارب بقية دول العالم (...) لا يمكن للعالم أن يرى هيروشيما أخرى. إذا رأى العالم 100 ألف قتيل فذلك يعني أنك في حرب مع بقية العالم. ولذلك فإن بذل كل ذلك الجهد للوصول إلى امتلاك سلاح نووي لا يمكنك استخدامه، وإذا استخدمته فستكون لديك معركة كبيرة مع بقية دول العالم.

وفي الشأن العربي الإسرائيلي، وصف ولي العهد الادعاءات بأن السعودية علّقت مساعي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بأنها «غير صحيحة». وقال: «كل يوم نقترب أكثر. ويبدو أنه للمرة الأولى جهد حقيقي جاد. علينا أن ننتظر ما ستكون عليه الأمور». وتمسك الأمير محمد بن سلمان بأن بلاده يمكن أن تعمل مع إسرائيل، بغض النظر عمن يتولى الحكم. ووصف الصفقة المحتملة بأنها «في حال نجحت إدارة بايدن بأن تعقد اتفاقاً بين السعودية وإسرائيل فسيكون أضخم اتفاق مُنذ انتهاء الحرب الباردة». لكنه شدد على أن الصفقة ستتوقف للتوصل إلى اتفاقات تتعلق بمعاملة الفلسطينيين. وأكد أننا إذا حققنا اختراقاً بالتوصل إلى صفقة تعطي الفلسطينيين حاجاتهم، وتجعل المنطقة هادئة، فسنعمل مع أي شخص يتولى الحكم. ورفض الخوض في التفاصيل. لكنه شدد على أنه يريد أن يرى «حياة جيدة للفلسطينيين».

وسئل الأمير محمد بن سلمان عما إذا كان اتفاق صندوق الاستثمارات العامة مع كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترمب، بتمويله لاستثمار نحو ملياري دولار، سيؤدي إلى خلق «تضارب مصالح»، في حال فوز ترمب بإعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة؛ قال ولي العهد إن ما حدث «قانوني... فما المشكلة»؟. وأضاف: «إذا لم تكن المسألة غير قانونية فسيتعين علينا عندئذ إيجاد حل. ولكن إذا كانت قانونية فما المشكلة إذن»؟.

أشاد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بـ"نمو الاهتمام بالرياضة" في بلاده، وأشار إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي جراء نمو الاهتمام العالمي.

ورد الأمير محمد بن سلمان على اتهام السعودية بممارسة «الغسيل الرياضي» باستثمار الأموال لتغيير أو تحسين صورتها، حيث قال: »إذا كان الغسيل الرياضي سيزيد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1%، فسأستمر في ممارسة الغسيل الرياضي.. وأنا استهدف نمواً إضافياً بنسبة 1.5 %.. سمِّ ذلك ما تشاء.. سنحصل على الـ 1.5%».

«رويترز»: الاقتراب من التطبيع

أبرزت رويترز في متابعتها لمقابلة الأمير محمد بن سلمان إعلانه أن السعودية وإسرائيل تقتربان من إبرام اتفاق بشأن إقامة علاقات بينهما. ولاحظت أن تصريحات ولي العهد السعودي تزامنت مع لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأشارت إلى أن المفاوضات بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل هي عملية معقدة، تشمل مناقشة ضمانات أمنية أمريكية، وتقديم مساعدة للسعودية في مسعاها لاقتناء برنامج نووي سلمي، وتقديم تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين. وأبرزت رويترز قول الأمير محمد بن سلمان: «بالنسبة إلينا القضية الفلسطينية مهمة جداً. يجب علينا حل ذلك الجزء». ونقلت عن ولي العهد قوله إن «لدينا إستراتيجية تفاوض جيدة الآن»، و«إننا نأمل بأن نتوصل إلى مرحلة يتم فيها تسهيل حياة الفلسطينيين، وأن تكون إسرائيل لاعباً في الشرق الأوسط». وأوضحت رويترز أن المسؤولين الأمريكيين يتمسكون بأن التوصل بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل لا يزال بعيداً، وأنه لا تزال ثمة عقباتٌ. لكنهم يقرون في مجالسهم الخاصة بأنه ستكون هناك منافع جمة لتلك الصفقة، ستشمل إزالة نقاط التفتيش الأمنية الإسرائيلية، وتعزيز التصدي لإيران، والحد من توسع النفوذ الصيني في منطقة الخليج.

وأبرزت رويترز تحذير ولي العهد من أنه في حال حصول إيران على سلاح نووي فإن السعودية ستحصل على سلاح مماثل، تشديده على أن السعودية لا تريد أن ترى شيئاً من ذلك. وقالت إن الأمير محمد بن سلمان ألقى بغصن زيتون إلى إيران، موضحاً أن البلدين قاما ببداية جيدة لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية. ودافع ولي العهد السعودي عن قرار مجموعة أوبك بلس المتعلق بخفض الإنتاج النفطي، مؤكداً أنه اتخذ بناء على استقرار السوق، وأن الغرض منه ليس مساعدة روسيا في حربها ضد أوكرانيا. وسئل الأمير محمد بن سلمان عن الغزو الروسي لأوكرانيا، فأشار إلى أن قيام دولة بغزو دولة أخرى «سيئ حقاً»، لكنه حرص على التمسك بحياديته إزاء الحرب.

«الغادريان»: ترسانة نووية سعودية

اهتمت صحيفة «الغادريان» البريطانية بتصريحات الأمير محمد بن سلمان بشأن السلاح النووي الإيراني المحتمل، خصوصاً تعهده بأن تسعى الرياض للحصول على سلاح نووي إذا تمكنت إيران من الحصول عليه. وذكرت أن البيت الأبيض يأمل بأن يتوصل إلى اتفاق تعاون نووي مع الرياض. وأشارت إلى أن الديموقراطيين المتحالفين مع الرئيس جو بايدن في الكونغرس سيضعون عراقيل جمّة لإقرار ما قد يترتب على أي اتفاق محتمل للتطبيع بين السعودية وإسرائيل؛ خصوصاً إذا كان جزء من الصفقة التعاون بين واشنطن والرياض لإنشاء برنامج نووي سلمي سعودي. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تحذيرات ولي العهد بشأن امتلاك سلاح نووي إذا تملكته إيران سبق أن أدلى بها في مقابلة أجريت معه في عام 2018. وأوضحت أنه إذا نجحت المساعي الأمريكية للتطبيع بين الرياض وتل أبيب فهي لا بد أن تنطوي على «حوافز» أمريكية للسعودية. وذكرت أن السعوديين يطالبون باتفاق تعاون نووي مع الولايات المتحدة، وبالحصول على مزيد من الضمانات الأمنية لحماية المملكة. ونسبت «الغارديان» إلى دبلوماسيين تم إطلاعهم على المساعي المذكورة قولهم إن اتفاق التطبيع المنشود سيسفر عن استئناف السعودية تقديم الأموال إلى السلطة الفلسطينية، فيما سيصبح مطلوباً من إسرائيل تقديم تنازلات لمصلحة الفلسطينيين. وذكرت أن منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض بريت مكغيرك أطلع أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين، قبل إجازة الكونغرس في أغسطس الماضي، على تفاصيل المساعي بهذا الشأن. وأشارت إلى إعلان مسؤول كبير في إدارة بايدن الأربعاء أنه مهما يكن من شيء في ما يتعلق بتعاون نووي سلمي مع السعودية أو أية دولة أخرى، فإن الأمر ستصحبه الجهود الأمريكية المعروفة لمنع الانتشار النووي. وقالت كريستن فنونروز مديرة برنامج الخليج في مجلس الأمن القومي خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب إن الرياض إذا تعذر عليها الحصول على مساعدة أمريكية لبرنامجها النووي، فسيكون بمستطاعها أن تحصل عليها من دول أخرى كالصين. ونسبت «الغارديان» أمس (الخميس) إلى مسؤول وزارة الخارجية الفلسطينية أحمد ديك قوله إن «السعوديين أبلغونا في اجتماعات مغقلة صراحة بأنهم سيطلبون التوصل إلى اتفاق يقوم على أساس قيام دولة فلسطينية ذات سيادة».

NYT: معاهدة دفاعية أمريكية - سعودية

على رغم عدم تمكن صحيفة «نيويورك تايمز» من متابعة مقابلة «فوكس نيوز» مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلا أنها نشرت تقريراً ذكر أن الولايات المتحدة تبحث مع المملكة العربية السعودية شروط إبرام معاهدة دفاعية مع السعودية تشابه التحالف العسكري الأمريكي مع اليابان وكوريا الجنوبية، في سياق مساعي إدارة بايدن لتحفيز المملكة على التوصل إلى تطبيع لعلاقاتها مع إسرائيل. وسيكون بموجب مثل تلك المعاهدة لزاماً على الولايات المتحدة والسعودية أن تتعهدا بتوفير مساندة عسكرية إذا واجه أي منهما هجوماً في المنطقة، أو في الأراضي السعودية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي ينشر فيها أن هناك محادثات بين الرياض وواشنطن حول معاهدة على نمط شرق آسيا. وأوضحت أن المعاهدتين مع اليابان وكوريا الجنوبية هما الأقوى أمريكيا خارج نطاق معاهدة منظمة حلف شمال الأطلسي في القارة الأوروبية.

«وول ستريت جورنال»: تخصيب اليورانيوم السعودي

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن مسؤولين إسرائيليين يعملون في هدوء مع إدارة بايدن لبلورة مقترح لإنشاء عملية لتخصيب اليورانيوم السعودي، في مقابل موافقة الرياض على التطبيع مع إسرائيل. وقالت إنه على رغم عدم إعلان أي من الجانبين السعودي والأمريكي شيئاً عن التعاون النووي بينهما؛ فإن تحققه سيمثل نقطة تحول كبرى في السياسات التي ينتهجهانها منذ عقود. وأوضحت «الجورنال» أن الأمير محمد بن سلمان كان واضحاً وقاطعاً في شأن تحذيره من أن امتلاك إيران سلاحاً نووياً سيعني أن على السعودية أن تمتلك سلاحها النووي. ونقلت عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إن بايدن ونتنياهو تطرقاً للتعاون النووي المحتمل بين السعودية والولايات المتحدة. واعتبرت أن السعوديين يحلمون ببرنامج نووي سلمي تديره أمريكا، على غرار الطريقة التي أسست بها شركة أرامكو لإدارة النفط السعودي في ثلاثينات القرن العشرين.

متابعات على هامش المقابلة

• وصفت شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأمريكية لقاء كبير مذيعيها السياسيين بريت باير مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بأنه أول لقاء يجريه ولي العهد السعودي مع قناة أجنبية منذ العام 2019.

• مكث باير في المملكة أسبوعاً أجرى خلاله مقابلات مع عدد من الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال السعوديين، خصوصاً وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل البراهيم، ووزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، ووزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، ووزير السياحة أحمد الخطيب.