عثمان الخويطر.. من حالم بالعمل في أرامكو إلى كبير موظفيها
الاثنين / 17 / ربيع الأول / 1445 هـ الاثنين 02 أكتوبر 2023 02:09
بقلم: د. عبدالله المدني abu_taymour@
قصة مهندس البترول السعودي عثمان الخويطر تستحق أن تروى للأجيال الجديدة، لأن فيها الكثير من صور الكفاح والتحدي والدأب المتواصل من أجل بناء الذات وتحقيق الطموحات وعدم الاستسلام واليأس عند أول إخفاق، ناهيك عن أن سيرته هي جزء من سيرة التحولات الاجتماعية والثقافية المدهشة التي شهدها وطنه السعودي منذ اكتشاف النفط في منطقته الشرقية سنة 1938.
والجميل أن الرجل عمد إلى تسجيل كل ما مر به من تحولات وتنقلات وحوادث وتجارب خلال مسيرته العلمية والمهنية في كتاب من نحو 300 صفحة من القطع الكبير أصدره في عام 2008 تحت عنوان «رسالة إلى أحفادي»، مع إهداء يقول فيه: «أهدي إليكم أحفادي هذه الذكريات التي نسجتها بفكري وسطرتها بيدي وسجلتها بقلمي مكتنزة بالصواب والخطأ، مفعمة بالنجاح والفشل، مليئة بالمرارة والأمل، شاهدة على طموح جيل وجدية أبنائه، لتعلموا أنكم بالعلم ستحققون المجد الذي تنشدون وبالعمل ستنالون الشرف الذي تستحقون، فالعلم والعمل هما سبيل تقدم الأمم وسر نهضتها».
إنها بالفعل سيرة وتجربة رجل من أبناء الجيل الذهبي في الخليج العربي، من أولئك الذين حفروا في الصخر ونقشوا طموحاتهم على رمال الصحراء ولم يتهيبوا المضي قدماً تحت لهيب شمسها المحرقة نحو تحقيق أحلامهم دون يأس، إلى أن وصلوا إلى أعلى المراتب العلمية والوظيفية.
ولد عثمان حمد عثمان حماد الخويطر بمدينة عنيزة سنة 1933، ونشأ وسط عائلته الكبيرة المنحدرة من قبيلة بني خالد العدنانية في جو أسري دافئ. كانت ولادته لأبيه المولود في 1908 والمتوفى في 1986، ولأم هي منيرة العبدالعزيز المطوع المتوفاة سنة 1988. تحدث الخويطر في كتابه عن والده، فقال عنه، إنه كان رجلاً محترماً بين جماعته ويعمل في الفلاحة وفي الوقت نفسه يقوم بإمامة الناس في مسجد المدينة فلقب بالمطوع، ثم وصفه بأنه كان متنوراً نسبياً إذا ما قورن بمجايليه، مرجعاً ذلك لأسباب منها سفره في شبابه إلى البحرين، حيث عاش وعمل لمدة 3 سنوات، ثم سفره إلى الحجاز حيث عمل رجل أمن داخل المسجد النبوي بالمدينة. وأخبرنا، أن من آيات تسامح والده وتنوّره أنه - على خلاف عادة أئمة المساجد في زمنه - آمن بأهمية التعليم فأرسل بناته إلى المدارس الحكومية بمجرد افتتاحها في عنيزة سنة 1962، ولم يأبه بالأصوات التي عارضت الفكرة. كما تحدث الخويطر عن والدته فقال، إنها كانت من المتعلمات ومن النساء اللواتي تميزن بالنضوج الفكري ورجاحة العقل والصبر على النوائب، ما انعكس على طريقة تربيتها لأبنائها وزرع الخصال الحميدة فيهم.
انتقل بعدها للحديث عن مشاهد من الظروف الاجتماعية الصعبة السائدة في محيطه زمن صباه وشبابه في عنيزة، فأتى على ذكر ما كانوا يتناولونه من طعام بسيط وقليل، وما كانوا يلبسونه من ثياب لا تتغير إلا كل عام دون أن ترافقها ملابس داخلية شتاء أو صيفاً، «بل حتى الأحذية لم تكن متوفرة إلا لنسبة ضئيلة من أفراد المجتمع، فكنت أمشي حافياً مثل غيري حتى بلغت الثانية عشرة من العمر». علاوة على ذلك تطرق إلى بعض العادات والتقاليد السائدة في مجتمعات القصيم آنذاك، ولاسيما تلك المتعلقة بالصحة والعلاج فقال، إن من مظاهرها نسب كل علة يصاب بها المرء إلى العين الحاسدة، وبالتالي علاجها عن طريق عرض آنية صغيرة من الماء على سكان الحي كي ينفخ فيها كل فرد ثم يشربها المصاب، دونما اكتراث بانتقال الأمراض المعدية، كما انتشر وقتها العلاج بالكي للأمراض الجسدية والنفسية على حد سواء. أما أكثر الأمراض شيوعاً في زمنه فقد كان مرض الجدري المخيف، الذي ما كان يسمع به أحد حتى يهجر المدينة إلى خارجها اتقاء شره، ليقع هناك فريسة لعصابات السلب والنهب، على حد قوله.
في تلك الأجواء المجتمعية المليئة بالأمراض وانعدام الأمن والخزعبلات والتقاليد البالية، نشأ الخويطر وترعرع بادئاً حياته بالعمل مع أبيه في الفلاحة منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس، فلم يمارس في طفولته أي هوايات سوى ما كان شائعاً وقتها في مجتمعه البسيط مثل صيد الجراد، كما لم يلتحق بالمدارس النظامية إلا في حدود التاسعة أو العاشرة، وإنْ درس القرآن في الكتاتيب التقليدية.
وحينما التحق مع أخيه بالمدرسة الابتدائية في تلك المرحلة المتقدمة نسبياً من عمره، سرعان ما غادرها بعد أكثر من سنة كي لا يثقل بمصاريف ومستلزمات تعليمه على والده، الذي كان وقتذاك قد تردّت أحواله المالية بخسارة أرضه الزراعية وحيواناته التي كانت مصدر رزقه الوحيد.
فكر الخويطر في طريقة يستطيع بها مساعدة والده ولو بشيء يسير، فراح يبحث عن أي عمل مناسب في بلدته فلم ينجح، وهو ما دفعه للسفر إلى مكة في سن الثالثة عشرة بحثاً عن الرزق، متحملاً فراق أهله لأول مرة وبعد المسافة وعناء الطرق غير المعبدة والسفر في رحلة جماعية بواسطة سيارة «لوري» مع أناس لا يعرفهم.
في مكة أقام عند أحد أقاربه وهو والد من صار لاحقاً وزيراً ثم مستشاراً معروفاً (الدكتور عبدالعزيز الخويطر)، الذي ساعده في الحصول على وظيفة لدى إحدى العائلات مقابل 20 ريالاً في الشهر، على أن يعمل نهاراً في محلها التجاري وليلاً في منزلها مع الإقامة والطعام. وخلال سنة كاملة من العمل الشاق المتواصل الذي لم يترك له مجالاً للتسلية أو القراءة والاطلاع، تمكن صاحبنا من جمع 200 ريال من الفضة، ففرح فرحاً عظيماً، وقرر أن يعود إلى عنيزة بعدما استبد به الشوق لرؤية أهله، فعاد محملاً بحصيلة كدّه ومعها شيء من لهجة أهل مكة وبعض عاداتهم، ليلتحق بمدرسته الابتدائية ويواصل تعليمه. حيث تم قبوله بالصف الثالث الابتدائي وأكمل الصف الرابع فالصف الخامس، لكنه لم يستمر للحصول على شهادة التخرج، إحساساً منه مرة أخرى بأن دخل والده لا يكفي لإعاشة الأسرة، وأن عليه الرحيل إلى خارج عنيزة للبحث عن عمل.
وقتها كان يسمع قصصاً كثيرة من معارفه وأترابه عن شباب سافروا إلى مدن النفط في الظهران والدمام وعادوا وهم في أحسن حال، فقرر أن يجرب حظه ويتجه شرقاً هذه المرة. وهكذا استدان تكاليف رحلته إلى الظهران عبر الرياض والأحساء من أحد الميسورين، واستأذن والديه اللذين باركا خطوته وأمداه بالنصائح مع بعض المخاوف من مغامرته في منطقة كانت مجهولة بالنسبة إليهما.
رحلته إلى الشرق كانت متعبة واستغرقت منه أكثر من 5 أيام، لكن خاتمتها كانت مفرحة بوصوله إلى الخبر ووقوع بصره لأول مرة على أنماط حياة سكانها العصرية، واستماعه إلى شباب يتحدثون الإنجليزية، واهتدائه إلى معلومات عن شركة أرامكو وكيف أنها توظف الشباب السعودي وتدربه وتعلمه الإنجليزية والعربية، وتدفع له رواتب مجزية مع السكن. هنا قرر الخويطر أن يلتحق بأرامكو، واثقاً بأنها ستقبله كعامل فيحقق أحلامه. لكن ثقته وأحلامه تلك اصطدمت بأمر لم يكن يعيره أي أهمية. فبعد أن اجتاز بنجاح جميع اختبارات التوظيف العلمية والبدنية، سقط في فحص النظر بسبب ضعف في عينه اليسرى، وهو ما كانت تتشدد فيه أرامكو، إذ إن من شروط الالتحاق بها أن يكون العامل المتقدم سليم النظر تماماً تفادياً لوقوعه في أخطاء أو إصابات.
خرج الخويطر من مكتب التوظيف مكسور الخاطر، وقد طارت الأحلام التي دغدغت مخيلته بأن يتحول لإنسان مرموق براتب معتبر، فلم يجد مفراً من البحث عن أي عمل آخر لا يتطلب فحص النظر كي لا يعود خائباً إلى أهله. وشاءت الأقدار أن يحصل على فرصة عمل متواضعة داخل دكان في قرية «رأس مشعاب» على مسافة نحو 300 كم من الظهران براتب 70 ريالاً في الشهر، فقبل بالعرض مرغماً. وهناك في رأس مشعاب، التي كانت قد أُنشئت على البحر من أجل استقبال وتحميل أنابيب خط التابلاين، عمل ليلاً ونهاراً داخل دكان كان يستخدمه أيضاً مكاناً لإقامته، وراكم من خلال احتكاكه بالناس والاستقلال بحياته تجارب ثمينة في البيع والشراء والتوفير والاعتماد على الذات.
بعد عام من العمل المتواصل في ذلك المحل التجاري البسيط، قرر صاحبنا أن يجرب حظه في عمل آخر، فالتحق بالعمل عاملاً أجيراً لدى أحد المقاولين في رأس مشعاب مقابل العمل 8 ساعات بأجر يومي مقداره 4.5 ريال. لكنه بعد 6 أشهر من العمل في مناخ حار صيفاً وشديد البرودة شتاء، والسكن داخل خيام جماعية تنقصها وسائل الراحة والمياه النظيفة، والاشتراك مع زملاء السكن في وجبات بسيطة من التمر والخبز والأرز، والعمل اليومي في تحميل الكرينات بالأنابيب وتنظيف أرضية الورش من بقايا الزيت والمخلفات، ترك العمل مجدداً من أجل مغامرة جديدة ومكسب مالي أكبر، إذ هداه تفكيره إلى شراء بضائع بالجملة من الأحساء وبيعها مفردة في رأس مشعاب. يقول الخويطر عن هذه المرحلة من حياته ما مفاده، إنه كان يقطع الطريق إلى الأحساء عبر الظهران فيستريح في الأخيرة عند بعض معارفه من عمال أرامكو القاطنين في «سعودي كامب»، أما في الأحساء فكان يستأجر سريراً خشبياً (كرفايه) في أحد المقاهي الشعبية وينام عليها ليلته مقابل نصف ريال دون أي وجبات.
لم يستفد الرجل شيئاً من تجارته تلك، إذ أتى حريق هائل شب في رأس مشعاب على بسطته وبضائعه، لكنه لم يصب بأي أذى فحمد الله على تلك النعمة ومضى إلى مغامرة جديدة. لم تكن مغامرته التالية سوى القبول بإدارة محل تجاري لأحد أقاربه، وهو «فهد العبدالرحمن الشامخ» في مدينة عرعر على بعد ألف كم من رأس مشعاب، فسافر إلى هناك بواسطة إحدى الشاحنات الكبيرة الحاملة لأنابيب البترول الضخمة.
في عرعر عاش سنة كاملة، شعر فيها ببعض الراحة بسبب مناخ المدينة الهادئ ووجود عدد من شباب عنيزة العاملين في حرف البناء والتجارة والنقل ممن كان يمضي معهم الليل في السمر وغناء السامري. وبانتهاء السنة قدم استقالته لرب عمله وتسلم منه مستحقاته وراح يفكر في استثمارها في مشروع تجاري جديد. وبالفعل دخل بعد ذلك في عدة مشاريع تجارية متتالية لبيع المساحيق والأدوية الشعبية، ثم السمن البري، ثم البطانيات الصوفية والملابس الخفيفة والأدوات المنزلية الكهربائية، لكن جميعها باءت بالفشل والخسارة، فقرر العودة إلى عنيزة لبعض الوقت.
ظل قلبه معلقاً بالعمل لدى أرامكو، إذ كان شوقه للتعليم وإجادة الإنجليزية يلح عليه بتكرار تجربة التقدم إليها للتوظيف، على أمل أن يكون حظه هذه المرة أفضل. لكنه سقط مرة أخرى في فحص النظر، ولم يستفد شيئاً من رسالة توصية كان يحملها لأحد الأشخاص المرتبطين مباشرة بأعمال أرامكو. وكان كل ما خرج به في تلك المحاولة أنه جرب للمرة الأولى ركوب القطار المريح في السفر من الرياض إلى الدمام.
هنا، ووسط حيرته وغربته وخلو جيبه من الدراهم وافتقاره للمعارف والأصدقاء، صادف أن التقى في الدمام ابن عمته «إبراهيم العبدالعزيز البسام»، الذي أخبره أن أمانة الجمارك التي يعمل بها لديها وظائف شاغرة تناسبه. تقدم لشغل إحدى تلك الوظائف في أوائل الخمسينات وكان عمره آنذاك 21 عاماً، فتم قبوله دون فحص نظر وعيّن بوظيفة مساعد بقسم المحاسبة براتب 275 ريالاً في الشهر. وهكذا عاش الخويطر في الدمام قنوعاً براتبه البسيط وإقامته داخل مسكن قديم مع زملاء عمله وتقاسمهم نفقات الطعام وترويحهم عن أنفسهم مساء بالتردد على المقاهي الشعبية، وفي العطلات بالسفر إلى البحرين بحراً. لكن طموحه لمواصلة تعليمه لم يتوقف، فتفتق ذهنه عن فكرة استئجار معلم خاص يساعده ويساعد زملاءه ممن لم يكملوا الابتدائية على دراسة مقررات الصف السادس الابتدائي كي يتقدموا للامتحانات النهائية وفقاً لنظام المنازل. لكن صدمته كانت كبيرة حينما ظهرت النتائج ووجد نفسه راسباً في مادة العلوم، بينما بقية زملائه في عداد الناجحين. فأعاد الامتحان في تلك المادة في الدور الثاني ونجح.
دراسة هندسة البترول
شكل ذهابه إلى الولايات المتحدة لدراسة هندسة البترول، منعطفاً حاداً في مستقبله. كيف لا وسوف ينتقل من بلدة صغيرة وحياة معيشية صعبة وأعمال روتينية لا تتطلب مهارات ومغامرات تجارية فاشلة إلى أقصى بقاع الأرض لدراسة علم جديد على نفقة الدولة في جامعة تكساس الشهيرة بمدينة أوستن. سافر الخويطر من الرياض إلى نيويورك جواً عبر القاهرة ولندن ومنها إلى أوستن، حيث أمضى عاماً كاملاً في دراسة اللغة الإنجليزية وفق برنامج مكثف، ثم أكمل مقررات دراساته الجامعية خلال 5 سنوات وتخرج في منتصف عام 1964 حاملاً بكالوريوس هندسة البترول. وعلى إثر ذلك عاد إلى وطنه وقد عركته التجارب والصدمات الحضارية، محملاً بالكثير من القصص والحكايات عن حياة الاغتراب والكفاح من أجل العلم والارتقاء بالذات، فتم تعيينه موظفاً بوزارة البترول التي وصف عمله بها بـ«مضيعة للوقت». ولهذا تقدم مع زملائه المهندسين بطلب للسماح لهم بالانتقال إلى إحدى شركات النفط العاملة بالمملكة، من أجل اكتساب الخبرات الميدانية، فتمت الموافقة على طلبه، الأمر الذي فتح له أبواب تحقيق حلمه في الالتحاق بشركة أرامكو دون فحص النظر.
وفي أرامكو، راح يتدرج في الوظائف والأعمال المتنوعة الخاصة بحفر الآبار وإنتاج الزيت وفرز الغاز والضخ إلى معامل التكرير في الظهران وبقيق ورأس تنورة، إلى أن تولى قبل تقاعده في عام 1996 بسنة منصب نائب الرئيس لهندسة البترول والحفر والكمبيوتر، وهو منصب من أهم مناصب نواب رئيس الشركة وأكثرها مسؤولية لارتباطه المباشر بالتخطيط وإنشاء مشاريع الحفر وإنتاج النفط والغاز.
الابتعاث رغماً عن المتشددين
المرحلة التالية من حياته شهدت زواجه في عنيزة من ابنة إحدى الأسر المعروفة بترتيب من والديه وإنجابه ابنة سماها نوال تأثراً باسم بطلة رواية «في بيتنا رجل» لإحسان عبدالقدوس التي كانت ضمن مطالعاته وقراءاته، ثم رزق بابن سماه نبيل تأثراً بقصة سمعها من الإذاعة المصرية عن شاب مصري مقاوم للجنود الإنجليز في السويس. كما شهدت عملاً دؤوباً متواصلاً لإنهاء دراسته في المرحلتين المتوسطة والثانوية، فكان يقضي العطل الصيفية في الدراسة المكثفة ويؤدي امتحاناتها بنجاح، جامعاً كل سنتين في سنة تقريباً، ويحصل على المكافآت التي كانت تصرف للطلبة آنذاك بمبلغ 150 ريالاً كل شهر، ما ساعده في مواجهة أعبائه الأسرية. وعليه فقد أنهى المرحلتين المتوسطة والثانوية في 4 سنوات بدلاً من 6، متحدياً كل العراقيل البيروقراطية والظروف المعيشية الصعبة لمن كان مثله في السن وعليه مسؤوليات إعاشة زوجته وأطفاله.
وبحصوله على شهادة التوجيهية العامة عام 1959، خطط ليدرس الطب كخيار أول والهندسة كخيار ثانٍ، إذا ما حصل من وزارة المعارف السعودية على بعثة خارجية إلى مصر كما كان دارجاً آنذاك، لكن لحسن حظه صدر قرار في تلك السنة أن تكون البعثات إلى جامعات الولايات المتحدة، وكان اسمه ضمن المبتعثين بسبب تفوقه. وعلى الرغم من الضغوط التي تعرض لها والده المحافظ من قبل جماعته من المتشددين الذين طالبوه بمنع سفر ابنه إلى «بلاد الكفر»، إلا أن والده دافع عن الفكرة وأشهر في وجه جماعته مقولة «اطلب العلم ولو في الصين».
والجميل أن الرجل عمد إلى تسجيل كل ما مر به من تحولات وتنقلات وحوادث وتجارب خلال مسيرته العلمية والمهنية في كتاب من نحو 300 صفحة من القطع الكبير أصدره في عام 2008 تحت عنوان «رسالة إلى أحفادي»، مع إهداء يقول فيه: «أهدي إليكم أحفادي هذه الذكريات التي نسجتها بفكري وسطرتها بيدي وسجلتها بقلمي مكتنزة بالصواب والخطأ، مفعمة بالنجاح والفشل، مليئة بالمرارة والأمل، شاهدة على طموح جيل وجدية أبنائه، لتعلموا أنكم بالعلم ستحققون المجد الذي تنشدون وبالعمل ستنالون الشرف الذي تستحقون، فالعلم والعمل هما سبيل تقدم الأمم وسر نهضتها».
إنها بالفعل سيرة وتجربة رجل من أبناء الجيل الذهبي في الخليج العربي، من أولئك الذين حفروا في الصخر ونقشوا طموحاتهم على رمال الصحراء ولم يتهيبوا المضي قدماً تحت لهيب شمسها المحرقة نحو تحقيق أحلامهم دون يأس، إلى أن وصلوا إلى أعلى المراتب العلمية والوظيفية.
ولد عثمان حمد عثمان حماد الخويطر بمدينة عنيزة سنة 1933، ونشأ وسط عائلته الكبيرة المنحدرة من قبيلة بني خالد العدنانية في جو أسري دافئ. كانت ولادته لأبيه المولود في 1908 والمتوفى في 1986، ولأم هي منيرة العبدالعزيز المطوع المتوفاة سنة 1988. تحدث الخويطر في كتابه عن والده، فقال عنه، إنه كان رجلاً محترماً بين جماعته ويعمل في الفلاحة وفي الوقت نفسه يقوم بإمامة الناس في مسجد المدينة فلقب بالمطوع، ثم وصفه بأنه كان متنوراً نسبياً إذا ما قورن بمجايليه، مرجعاً ذلك لأسباب منها سفره في شبابه إلى البحرين، حيث عاش وعمل لمدة 3 سنوات، ثم سفره إلى الحجاز حيث عمل رجل أمن داخل المسجد النبوي بالمدينة. وأخبرنا، أن من آيات تسامح والده وتنوّره أنه - على خلاف عادة أئمة المساجد في زمنه - آمن بأهمية التعليم فأرسل بناته إلى المدارس الحكومية بمجرد افتتاحها في عنيزة سنة 1962، ولم يأبه بالأصوات التي عارضت الفكرة. كما تحدث الخويطر عن والدته فقال، إنها كانت من المتعلمات ومن النساء اللواتي تميزن بالنضوج الفكري ورجاحة العقل والصبر على النوائب، ما انعكس على طريقة تربيتها لأبنائها وزرع الخصال الحميدة فيهم.
انتقل بعدها للحديث عن مشاهد من الظروف الاجتماعية الصعبة السائدة في محيطه زمن صباه وشبابه في عنيزة، فأتى على ذكر ما كانوا يتناولونه من طعام بسيط وقليل، وما كانوا يلبسونه من ثياب لا تتغير إلا كل عام دون أن ترافقها ملابس داخلية شتاء أو صيفاً، «بل حتى الأحذية لم تكن متوفرة إلا لنسبة ضئيلة من أفراد المجتمع، فكنت أمشي حافياً مثل غيري حتى بلغت الثانية عشرة من العمر». علاوة على ذلك تطرق إلى بعض العادات والتقاليد السائدة في مجتمعات القصيم آنذاك، ولاسيما تلك المتعلقة بالصحة والعلاج فقال، إن من مظاهرها نسب كل علة يصاب بها المرء إلى العين الحاسدة، وبالتالي علاجها عن طريق عرض آنية صغيرة من الماء على سكان الحي كي ينفخ فيها كل فرد ثم يشربها المصاب، دونما اكتراث بانتقال الأمراض المعدية، كما انتشر وقتها العلاج بالكي للأمراض الجسدية والنفسية على حد سواء. أما أكثر الأمراض شيوعاً في زمنه فقد كان مرض الجدري المخيف، الذي ما كان يسمع به أحد حتى يهجر المدينة إلى خارجها اتقاء شره، ليقع هناك فريسة لعصابات السلب والنهب، على حد قوله.
في تلك الأجواء المجتمعية المليئة بالأمراض وانعدام الأمن والخزعبلات والتقاليد البالية، نشأ الخويطر وترعرع بادئاً حياته بالعمل مع أبيه في الفلاحة منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس، فلم يمارس في طفولته أي هوايات سوى ما كان شائعاً وقتها في مجتمعه البسيط مثل صيد الجراد، كما لم يلتحق بالمدارس النظامية إلا في حدود التاسعة أو العاشرة، وإنْ درس القرآن في الكتاتيب التقليدية.
وحينما التحق مع أخيه بالمدرسة الابتدائية في تلك المرحلة المتقدمة نسبياً من عمره، سرعان ما غادرها بعد أكثر من سنة كي لا يثقل بمصاريف ومستلزمات تعليمه على والده، الذي كان وقتذاك قد تردّت أحواله المالية بخسارة أرضه الزراعية وحيواناته التي كانت مصدر رزقه الوحيد.
فكر الخويطر في طريقة يستطيع بها مساعدة والده ولو بشيء يسير، فراح يبحث عن أي عمل مناسب في بلدته فلم ينجح، وهو ما دفعه للسفر إلى مكة في سن الثالثة عشرة بحثاً عن الرزق، متحملاً فراق أهله لأول مرة وبعد المسافة وعناء الطرق غير المعبدة والسفر في رحلة جماعية بواسطة سيارة «لوري» مع أناس لا يعرفهم.
في مكة أقام عند أحد أقاربه وهو والد من صار لاحقاً وزيراً ثم مستشاراً معروفاً (الدكتور عبدالعزيز الخويطر)، الذي ساعده في الحصول على وظيفة لدى إحدى العائلات مقابل 20 ريالاً في الشهر، على أن يعمل نهاراً في محلها التجاري وليلاً في منزلها مع الإقامة والطعام. وخلال سنة كاملة من العمل الشاق المتواصل الذي لم يترك له مجالاً للتسلية أو القراءة والاطلاع، تمكن صاحبنا من جمع 200 ريال من الفضة، ففرح فرحاً عظيماً، وقرر أن يعود إلى عنيزة بعدما استبد به الشوق لرؤية أهله، فعاد محملاً بحصيلة كدّه ومعها شيء من لهجة أهل مكة وبعض عاداتهم، ليلتحق بمدرسته الابتدائية ويواصل تعليمه. حيث تم قبوله بالصف الثالث الابتدائي وأكمل الصف الرابع فالصف الخامس، لكنه لم يستمر للحصول على شهادة التخرج، إحساساً منه مرة أخرى بأن دخل والده لا يكفي لإعاشة الأسرة، وأن عليه الرحيل إلى خارج عنيزة للبحث عن عمل.
وقتها كان يسمع قصصاً كثيرة من معارفه وأترابه عن شباب سافروا إلى مدن النفط في الظهران والدمام وعادوا وهم في أحسن حال، فقرر أن يجرب حظه ويتجه شرقاً هذه المرة. وهكذا استدان تكاليف رحلته إلى الظهران عبر الرياض والأحساء من أحد الميسورين، واستأذن والديه اللذين باركا خطوته وأمداه بالنصائح مع بعض المخاوف من مغامرته في منطقة كانت مجهولة بالنسبة إليهما.
رحلته إلى الشرق كانت متعبة واستغرقت منه أكثر من 5 أيام، لكن خاتمتها كانت مفرحة بوصوله إلى الخبر ووقوع بصره لأول مرة على أنماط حياة سكانها العصرية، واستماعه إلى شباب يتحدثون الإنجليزية، واهتدائه إلى معلومات عن شركة أرامكو وكيف أنها توظف الشباب السعودي وتدربه وتعلمه الإنجليزية والعربية، وتدفع له رواتب مجزية مع السكن. هنا قرر الخويطر أن يلتحق بأرامكو، واثقاً بأنها ستقبله كعامل فيحقق أحلامه. لكن ثقته وأحلامه تلك اصطدمت بأمر لم يكن يعيره أي أهمية. فبعد أن اجتاز بنجاح جميع اختبارات التوظيف العلمية والبدنية، سقط في فحص النظر بسبب ضعف في عينه اليسرى، وهو ما كانت تتشدد فيه أرامكو، إذ إن من شروط الالتحاق بها أن يكون العامل المتقدم سليم النظر تماماً تفادياً لوقوعه في أخطاء أو إصابات.
خرج الخويطر من مكتب التوظيف مكسور الخاطر، وقد طارت الأحلام التي دغدغت مخيلته بأن يتحول لإنسان مرموق براتب معتبر، فلم يجد مفراً من البحث عن أي عمل آخر لا يتطلب فحص النظر كي لا يعود خائباً إلى أهله. وشاءت الأقدار أن يحصل على فرصة عمل متواضعة داخل دكان في قرية «رأس مشعاب» على مسافة نحو 300 كم من الظهران براتب 70 ريالاً في الشهر، فقبل بالعرض مرغماً. وهناك في رأس مشعاب، التي كانت قد أُنشئت على البحر من أجل استقبال وتحميل أنابيب خط التابلاين، عمل ليلاً ونهاراً داخل دكان كان يستخدمه أيضاً مكاناً لإقامته، وراكم من خلال احتكاكه بالناس والاستقلال بحياته تجارب ثمينة في البيع والشراء والتوفير والاعتماد على الذات.
بعد عام من العمل المتواصل في ذلك المحل التجاري البسيط، قرر صاحبنا أن يجرب حظه في عمل آخر، فالتحق بالعمل عاملاً أجيراً لدى أحد المقاولين في رأس مشعاب مقابل العمل 8 ساعات بأجر يومي مقداره 4.5 ريال. لكنه بعد 6 أشهر من العمل في مناخ حار صيفاً وشديد البرودة شتاء، والسكن داخل خيام جماعية تنقصها وسائل الراحة والمياه النظيفة، والاشتراك مع زملاء السكن في وجبات بسيطة من التمر والخبز والأرز، والعمل اليومي في تحميل الكرينات بالأنابيب وتنظيف أرضية الورش من بقايا الزيت والمخلفات، ترك العمل مجدداً من أجل مغامرة جديدة ومكسب مالي أكبر، إذ هداه تفكيره إلى شراء بضائع بالجملة من الأحساء وبيعها مفردة في رأس مشعاب. يقول الخويطر عن هذه المرحلة من حياته ما مفاده، إنه كان يقطع الطريق إلى الأحساء عبر الظهران فيستريح في الأخيرة عند بعض معارفه من عمال أرامكو القاطنين في «سعودي كامب»، أما في الأحساء فكان يستأجر سريراً خشبياً (كرفايه) في أحد المقاهي الشعبية وينام عليها ليلته مقابل نصف ريال دون أي وجبات.
لم يستفد الرجل شيئاً من تجارته تلك، إذ أتى حريق هائل شب في رأس مشعاب على بسطته وبضائعه، لكنه لم يصب بأي أذى فحمد الله على تلك النعمة ومضى إلى مغامرة جديدة. لم تكن مغامرته التالية سوى القبول بإدارة محل تجاري لأحد أقاربه، وهو «فهد العبدالرحمن الشامخ» في مدينة عرعر على بعد ألف كم من رأس مشعاب، فسافر إلى هناك بواسطة إحدى الشاحنات الكبيرة الحاملة لأنابيب البترول الضخمة.
في عرعر عاش سنة كاملة، شعر فيها ببعض الراحة بسبب مناخ المدينة الهادئ ووجود عدد من شباب عنيزة العاملين في حرف البناء والتجارة والنقل ممن كان يمضي معهم الليل في السمر وغناء السامري. وبانتهاء السنة قدم استقالته لرب عمله وتسلم منه مستحقاته وراح يفكر في استثمارها في مشروع تجاري جديد. وبالفعل دخل بعد ذلك في عدة مشاريع تجارية متتالية لبيع المساحيق والأدوية الشعبية، ثم السمن البري، ثم البطانيات الصوفية والملابس الخفيفة والأدوات المنزلية الكهربائية، لكن جميعها باءت بالفشل والخسارة، فقرر العودة إلى عنيزة لبعض الوقت.
ظل قلبه معلقاً بالعمل لدى أرامكو، إذ كان شوقه للتعليم وإجادة الإنجليزية يلح عليه بتكرار تجربة التقدم إليها للتوظيف، على أمل أن يكون حظه هذه المرة أفضل. لكنه سقط مرة أخرى في فحص النظر، ولم يستفد شيئاً من رسالة توصية كان يحملها لأحد الأشخاص المرتبطين مباشرة بأعمال أرامكو. وكان كل ما خرج به في تلك المحاولة أنه جرب للمرة الأولى ركوب القطار المريح في السفر من الرياض إلى الدمام.
هنا، ووسط حيرته وغربته وخلو جيبه من الدراهم وافتقاره للمعارف والأصدقاء، صادف أن التقى في الدمام ابن عمته «إبراهيم العبدالعزيز البسام»، الذي أخبره أن أمانة الجمارك التي يعمل بها لديها وظائف شاغرة تناسبه. تقدم لشغل إحدى تلك الوظائف في أوائل الخمسينات وكان عمره آنذاك 21 عاماً، فتم قبوله دون فحص نظر وعيّن بوظيفة مساعد بقسم المحاسبة براتب 275 ريالاً في الشهر. وهكذا عاش الخويطر في الدمام قنوعاً براتبه البسيط وإقامته داخل مسكن قديم مع زملاء عمله وتقاسمهم نفقات الطعام وترويحهم عن أنفسهم مساء بالتردد على المقاهي الشعبية، وفي العطلات بالسفر إلى البحرين بحراً. لكن طموحه لمواصلة تعليمه لم يتوقف، فتفتق ذهنه عن فكرة استئجار معلم خاص يساعده ويساعد زملاءه ممن لم يكملوا الابتدائية على دراسة مقررات الصف السادس الابتدائي كي يتقدموا للامتحانات النهائية وفقاً لنظام المنازل. لكن صدمته كانت كبيرة حينما ظهرت النتائج ووجد نفسه راسباً في مادة العلوم، بينما بقية زملائه في عداد الناجحين. فأعاد الامتحان في تلك المادة في الدور الثاني ونجح.
دراسة هندسة البترول
شكل ذهابه إلى الولايات المتحدة لدراسة هندسة البترول، منعطفاً حاداً في مستقبله. كيف لا وسوف ينتقل من بلدة صغيرة وحياة معيشية صعبة وأعمال روتينية لا تتطلب مهارات ومغامرات تجارية فاشلة إلى أقصى بقاع الأرض لدراسة علم جديد على نفقة الدولة في جامعة تكساس الشهيرة بمدينة أوستن. سافر الخويطر من الرياض إلى نيويورك جواً عبر القاهرة ولندن ومنها إلى أوستن، حيث أمضى عاماً كاملاً في دراسة اللغة الإنجليزية وفق برنامج مكثف، ثم أكمل مقررات دراساته الجامعية خلال 5 سنوات وتخرج في منتصف عام 1964 حاملاً بكالوريوس هندسة البترول. وعلى إثر ذلك عاد إلى وطنه وقد عركته التجارب والصدمات الحضارية، محملاً بالكثير من القصص والحكايات عن حياة الاغتراب والكفاح من أجل العلم والارتقاء بالذات، فتم تعيينه موظفاً بوزارة البترول التي وصف عمله بها بـ«مضيعة للوقت». ولهذا تقدم مع زملائه المهندسين بطلب للسماح لهم بالانتقال إلى إحدى شركات النفط العاملة بالمملكة، من أجل اكتساب الخبرات الميدانية، فتمت الموافقة على طلبه، الأمر الذي فتح له أبواب تحقيق حلمه في الالتحاق بشركة أرامكو دون فحص النظر.
وفي أرامكو، راح يتدرج في الوظائف والأعمال المتنوعة الخاصة بحفر الآبار وإنتاج الزيت وفرز الغاز والضخ إلى معامل التكرير في الظهران وبقيق ورأس تنورة، إلى أن تولى قبل تقاعده في عام 1996 بسنة منصب نائب الرئيس لهندسة البترول والحفر والكمبيوتر، وهو منصب من أهم مناصب نواب رئيس الشركة وأكثرها مسؤولية لارتباطه المباشر بالتخطيط وإنشاء مشاريع الحفر وإنتاج النفط والغاز.
الابتعاث رغماً عن المتشددين
المرحلة التالية من حياته شهدت زواجه في عنيزة من ابنة إحدى الأسر المعروفة بترتيب من والديه وإنجابه ابنة سماها نوال تأثراً باسم بطلة رواية «في بيتنا رجل» لإحسان عبدالقدوس التي كانت ضمن مطالعاته وقراءاته، ثم رزق بابن سماه نبيل تأثراً بقصة سمعها من الإذاعة المصرية عن شاب مصري مقاوم للجنود الإنجليز في السويس. كما شهدت عملاً دؤوباً متواصلاً لإنهاء دراسته في المرحلتين المتوسطة والثانوية، فكان يقضي العطل الصيفية في الدراسة المكثفة ويؤدي امتحاناتها بنجاح، جامعاً كل سنتين في سنة تقريباً، ويحصل على المكافآت التي كانت تصرف للطلبة آنذاك بمبلغ 150 ريالاً كل شهر، ما ساعده في مواجهة أعبائه الأسرية. وعليه فقد أنهى المرحلتين المتوسطة والثانوية في 4 سنوات بدلاً من 6، متحدياً كل العراقيل البيروقراطية والظروف المعيشية الصعبة لمن كان مثله في السن وعليه مسؤوليات إعاشة زوجته وأطفاله.
وبحصوله على شهادة التوجيهية العامة عام 1959، خطط ليدرس الطب كخيار أول والهندسة كخيار ثانٍ، إذا ما حصل من وزارة المعارف السعودية على بعثة خارجية إلى مصر كما كان دارجاً آنذاك، لكن لحسن حظه صدر قرار في تلك السنة أن تكون البعثات إلى جامعات الولايات المتحدة، وكان اسمه ضمن المبتعثين بسبب تفوقه. وعلى الرغم من الضغوط التي تعرض لها والده المحافظ من قبل جماعته من المتشددين الذين طالبوه بمنع سفر ابنه إلى «بلاد الكفر»، إلا أن والده دافع عن الفكرة وأشهر في وجه جماعته مقولة «اطلب العلم ولو في الصين».