كتاب ومقالات

مع الاعتذار للحمار !

ريهام زامكه

صدقوني؛ السيارة اختراعٌ عظيم يمكن أن يحتوي على 300 حصان في المحرك وحمار واحد في المقعد!

عادة ما نُشبه بعض الأشخاص الذين لا يفهمون، ولا يستوعبون، ولا يُحسنون التصرف (بالحمار)، وكأن الحمار كائن لا يفهم، ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق.

فالحمار حيوان ذكي جيد التقدير، يتميز بالوفاء والهدوء والصبر والحكمة، وهو كائن لطيف بطبعه، مسالم، لا يؤذي أحداً حتى يؤذيه.

وقد يتسم بالعناد أحياناً لكنه ليس غبياً على الإطلاق، فمثلاً إذا وضع صاحبه على ظهره حملاً أكثر من اللازم لن يتحرك من مكانه مهما أشبعه ضرباً، ذلك لأنه يُجيد تقدير الأمور ربما أكثر من صاحبه، وهو يعرف جيداً ما يمكنه حمله والسير به إلى وجهته دون أن يثقل عليه فيقع به أو يتعثر ويسقط كل ما على ظهره.

ولأنه يُقدر الأمور أكثر من بعض البشر يعرف تماماً ما يمكنه القيام به، فمهما فعلت لن يقفز الحمار مثلاً من على قمة جبل وعلى ظهره حمولة زائدة، هذا لأنه يُدرك أنه لن ينجو ويستطيع العبور بسلام.

وعلى من يرغب في اكتشاف خصال أخرى للحمير أن لا (يقروشني) بل يعاشرهم، ثم يقارن بينهم وبين بعض البشر ليعرف أننا قد ظلمنا الحمار المسكين وألصقنا فيه تُهماً وممارسات خاطئة هي من تخصص (الإنسان) لا الحيوان.

فسعادة السيد (الحمار) إذا سار في طريق حفظه تماماً، عكس (بعض البشر) الذين يسيرون في الطُرقات عشرين مرة ولا يعرفون اتجاهاتهم.

بالضبط مثل النماذج الغريبة من البشر التي نصادفها يومياً في الشوارع، يقودون سيارات وهم ليسوا أهلاً لذلك، فتجدهم لا يلتزمون بأنظمة مرور ولا سير، ويعبثون بهواتفهم ويقودون مركباتهم بسرعات جنونية وبمنتهى التهور معرضين حياة الآخرين للخطر، وبيني وبينكم (بالطقاق) على حياتهم دامهم ليسوا حريصين عليها من الأساس.

وبعد كل ما ذكرت؛ نعم أنا في هذا المقال المُتسم (بالحيوانية) أدافع عن كل (حمار) وأعتذر منه عن كل مرة أسأنا فيها إليه، وشتمنا بعضنا البعض وقلنا لبعض البشر الذين لا تعمل عقولهم.. يا حمار.

وما دعاني للكتابة في هذا الموضوع وأنا (شبه مُضعضعة) حادث مروري تعرضت له الأسبوع الماضي دفع الله عني به ما كان أعظم، وقد تسبب فيه كائن غريب ومتهور، والحمد لله أنني ما زلت حية أرزق وقاعدة (على قلوبكم).

وإنني وقبل أن أختم هذا المقال (الحيوان) المُلغم بالحِكم كما اعتدتم مني أعلم تماماً أن أي (حمار) يعرف كيف يقرأ مقالي هذا سوف يشكرني عليه.

وبالنسبة لك يا عزيزي الإنسان؛ بالله عليك لا تتكاسل أن تُرسل هذا المقال لكل شخص شتمته ذات يوم بزعمك أن تسيء له وقلت له: يا حمار.

وفي الأخير أقول مثل ما قالت ستّي:

(الحمار يبقى حمار لو علموه ليل نهار).