ما بعد حرب غزة.. خلط أوراق وتحديات أمنية وجيوسياسية
الأربعاء / 29 / جمادى الأولى / 1445 هـ الأربعاء 13 ديسمبر 2023 20:34
رياض منصور (بغداد) riyadmansour@
معادلة جديدة مربكة تؤثر بشكل مباشر في مفاصل عواصم القرار، لكنها تؤثر أكثر على عصب جامعة الدول العربية، وهي معادلة عنوانها همجية الاحتلال الإسرائيلي في غزة، التي قلبت المعادلة والموازين، بحيث وجدت العواصم الغربية ومعها «الجامعة» نفسها محاطة بتساؤلات وسيناريوهات واحتمالات، من بينها معادلة سياسية وميدانية لم تكن مقبولة في الماضي، ولا تشبه الموقف السياسي العام، وفكرتها مواجهة مخطط التهجير الجهنمي، هو المطلوب استراتيجياً.
تظهر هذه المعادلة الآن بأكثر من صيغة ولهجة ليس في مفاصل النخب السياسية النشطة أو المحذرة، لكن في بعض أروقة القرار العميق لأن مخاطر السيناريو الذي يروج له اليمين الإسرائيلي في غزة أو حتى في الضفة الغربية خلط كل الأوراق دفعة واحدة، وأسس لتحديات أمنية وسياسية وحدودية هذه المرة، نقلت الجغرافيا الأردنية واللبنانية والمصرية في الجيوسياسي الأمني من مستوى الدور والوظيفة إقليمياً إلى مستوى الدولة العالقة في أزمة حقيقية وعميقة بين محورين، هما اليمين الإسرائيلي الأمريكي، ومقابله المحور الرافض لما يجري.
وعواصم ما كان يسمى بدول الطوق لم تخطط يوماً بالمعنى الاستراتيجي لحالة من هذا الصنف، لكن أروقة القرار في هذه العواصم تبذل جهدها اليوم في إطار التأسيس لمقاربة تجاوزت تماماً بحكم الواقع الموضوعي، مسار التكيف ليس فقط مع اليمين الإسرائيلي، ولكن أيضاً مع الغطاء الذي توفره بصورة مربكة إدارة الرئيس جو بايدن لعدوان اليمين الإسرائيلي على غزة.
والواضح تماماً للمراقبين أن استراتيجية العرب الأمنية السياسية الوقائية تستعد فعلاً لأسوأ السيناريوهات، وأن الهدف العملياتي هنا بمعناه السيادي قد يتمثل في ضمان ألا تفلت الأمور، خصوصاً على جبهتي الحدود مع سورية والعراق، وأن تبقى الأراضي الأردنية بعيدة عن أي مجال جوي تحديداً يمكن أن تسقط فيه مخلفات التبادل الصاروخي بين إسرائيل ومجموعة قوى محور المقاومة التي تحيط بالجغرافيا الأردنية.
لذلك، ومع وجود صواريخ باليستية تطلق من اليمن عبر الحوثيين ومسيرات يمكن أن تنطلق من العراق أو سورية، أصبح لزاماً على المخطط الاستراتيجي العربي وبعيداً عن موقفه الاشتباكي سياسياً ودبلوماسياً مع العدوان الإسرائيلي، التركيز على تعزيز أنظمة الدفاع الجوي. وقد عكس ذلك رداً على استفسار مباشر لـ«عكاظ» في إحدى الجلسات المغلقة لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عندما قال إن احتمالية سقوط مقذوفات في ظل الإرباك الذي أسست له إسرائيل وعدوانها أمر وارد، ومؤسساتنا تراقب الأوضاع عن كثب.
لا أحد إطلاقاً وسط النخبة السياسية العربية سواء كانت المعارضة أو تلك المحسوبة على القرار الرسمي، يمكنها أن تتوقع شكل الحالة العربية أو المشهد الوطني ضمن سياقات ما بعد انتهاء مراسم وفعاليات الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على القطاع، لكن جميع من لا يستطيعون وسط النخبة والصالونات إظهار أدلة أو قرائن على شكل النمط الجديد في المسألة العربية من حيث الانحيازات والاتجاهات والتحالفات والتموقع الإقليمي، يقرون في الوقت نفسه بأن الكثير من الأمور استجدت بعد 7 أكتوبر، بحيث برزت الحاجة فوراً لصيغة تتأمل هوية الوضع الجديد بعد المعركة الحالية.
هذه التحولات تقول ضمناً إن المطلوب من جامعة الدول العربية إعادة القراءة والمراجعة والبحث عن موقعها وسط التداعيات والتناقضات التي أسس لها العدوان العسكري الإسرائيلي.
بالنسبة للمصادر والمراجع الرسمية الغربية بصرف النظر عن نتيجة الصراع العسكري الآن والقصف الهمجي فقد باتت العواصم العربية في سياق التحول بأن الحالة الجديدة في المستقبل القريب ستضطر للتعامل مع استحقاقات مهمة ومثيرة ولا يستهان بها مهما كانت نتيجة الصراع العسكري، وعلى أساس القناعة بأن الضفة الغربية على الأقل، وهي المساحة الأكثر إشغالاً للذهن العربي وانشغالاً بها، لن تبقى على حالها القديم بعدما تضع الحرب الحالية أوزارها بأي صيغة، وبصرف النظر عن جهة الحسم.
وتشكل الضفة الغربية في الحرب الحالية «بيضة القبان»، فسقوطها الآن يعني سقوطاً مروعاً لمشروع السلام في المنطقة، والقناعة العربية راسخة بأن الضفة الغربية في طريقها لتغيير استثنائي وكبير على المستويين الاجتماعي والأمني، الأمر الذي يبرر إبقاء العيون على الضفة، فيما تسترسل أذن المجسات العربية لمراقبة كل ما يحصل في القطاع.
وسواء كان التحول في الضفة الغربية تأثر بحرب إسرائيل على غزة ونتيجة لها في اتجاه ما تحذر منه جامعة الدول العربية تحت عنوان الفوضى وانهيار القانون، أو تجاه توحيد حالة وطنية جديدة مقاومة ودخول حركة حماس وفصائل المقاومة على خط المستقبل الاجتماعي والسياسي.
ويطرح العرب بكثافة أسئلة عن مستقبل الصراع في الضفة الغربية، وعن نتائج وتداعيات الهجمة الأمنية والاستيطانية على أهالي ومدن الضفة الغربية.
كما يطرحون تساؤلات عن شكل وهوية الواقع الاجتماعي والسياسي وحتى السلطوي، وبالتأكيد الفصائلي في الضفة الغربية بعدما ينتهي الصراع في قطاع غزة، بصرف النظر طبعاً عن نتيجة هذا الصراع.
وإذا كان الحسم العسكري لصالح اليمين الإسرائيلي، فإن جامعة الدول العربية في طريقها للسهر طويلاً وانتظار معركة لا يستهان بها بكل المعاني والدلالات مع تداعيات أي حسم مستقبلاً في غزة لصالح اليمين الإسرائيلي.
وأيّاً كانت النتائج التي ستخرج بها المعركة في غزة، تبقى الضفة الغربية التي تستبيحها الآن إسرائيل من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها عنوان المرحلة القادمة، فهي التي تقرر مصير السلام في الشرق الأوسط.
تظهر هذه المعادلة الآن بأكثر من صيغة ولهجة ليس في مفاصل النخب السياسية النشطة أو المحذرة، لكن في بعض أروقة القرار العميق لأن مخاطر السيناريو الذي يروج له اليمين الإسرائيلي في غزة أو حتى في الضفة الغربية خلط كل الأوراق دفعة واحدة، وأسس لتحديات أمنية وسياسية وحدودية هذه المرة، نقلت الجغرافيا الأردنية واللبنانية والمصرية في الجيوسياسي الأمني من مستوى الدور والوظيفة إقليمياً إلى مستوى الدولة العالقة في أزمة حقيقية وعميقة بين محورين، هما اليمين الإسرائيلي الأمريكي، ومقابله المحور الرافض لما يجري.
وعواصم ما كان يسمى بدول الطوق لم تخطط يوماً بالمعنى الاستراتيجي لحالة من هذا الصنف، لكن أروقة القرار في هذه العواصم تبذل جهدها اليوم في إطار التأسيس لمقاربة تجاوزت تماماً بحكم الواقع الموضوعي، مسار التكيف ليس فقط مع اليمين الإسرائيلي، ولكن أيضاً مع الغطاء الذي توفره بصورة مربكة إدارة الرئيس جو بايدن لعدوان اليمين الإسرائيلي على غزة.
والواضح تماماً للمراقبين أن استراتيجية العرب الأمنية السياسية الوقائية تستعد فعلاً لأسوأ السيناريوهات، وأن الهدف العملياتي هنا بمعناه السيادي قد يتمثل في ضمان ألا تفلت الأمور، خصوصاً على جبهتي الحدود مع سورية والعراق، وأن تبقى الأراضي الأردنية بعيدة عن أي مجال جوي تحديداً يمكن أن تسقط فيه مخلفات التبادل الصاروخي بين إسرائيل ومجموعة قوى محور المقاومة التي تحيط بالجغرافيا الأردنية.
لذلك، ومع وجود صواريخ باليستية تطلق من اليمن عبر الحوثيين ومسيرات يمكن أن تنطلق من العراق أو سورية، أصبح لزاماً على المخطط الاستراتيجي العربي وبعيداً عن موقفه الاشتباكي سياسياً ودبلوماسياً مع العدوان الإسرائيلي، التركيز على تعزيز أنظمة الدفاع الجوي. وقد عكس ذلك رداً على استفسار مباشر لـ«عكاظ» في إحدى الجلسات المغلقة لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عندما قال إن احتمالية سقوط مقذوفات في ظل الإرباك الذي أسست له إسرائيل وعدوانها أمر وارد، ومؤسساتنا تراقب الأوضاع عن كثب.
لا أحد إطلاقاً وسط النخبة السياسية العربية سواء كانت المعارضة أو تلك المحسوبة على القرار الرسمي، يمكنها أن تتوقع شكل الحالة العربية أو المشهد الوطني ضمن سياقات ما بعد انتهاء مراسم وفعاليات الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على القطاع، لكن جميع من لا يستطيعون وسط النخبة والصالونات إظهار أدلة أو قرائن على شكل النمط الجديد في المسألة العربية من حيث الانحيازات والاتجاهات والتحالفات والتموقع الإقليمي، يقرون في الوقت نفسه بأن الكثير من الأمور استجدت بعد 7 أكتوبر، بحيث برزت الحاجة فوراً لصيغة تتأمل هوية الوضع الجديد بعد المعركة الحالية.
هذه التحولات تقول ضمناً إن المطلوب من جامعة الدول العربية إعادة القراءة والمراجعة والبحث عن موقعها وسط التداعيات والتناقضات التي أسس لها العدوان العسكري الإسرائيلي.
بالنسبة للمصادر والمراجع الرسمية الغربية بصرف النظر عن نتيجة الصراع العسكري الآن والقصف الهمجي فقد باتت العواصم العربية في سياق التحول بأن الحالة الجديدة في المستقبل القريب ستضطر للتعامل مع استحقاقات مهمة ومثيرة ولا يستهان بها مهما كانت نتيجة الصراع العسكري، وعلى أساس القناعة بأن الضفة الغربية على الأقل، وهي المساحة الأكثر إشغالاً للذهن العربي وانشغالاً بها، لن تبقى على حالها القديم بعدما تضع الحرب الحالية أوزارها بأي صيغة، وبصرف النظر عن جهة الحسم.
وتشكل الضفة الغربية في الحرب الحالية «بيضة القبان»، فسقوطها الآن يعني سقوطاً مروعاً لمشروع السلام في المنطقة، والقناعة العربية راسخة بأن الضفة الغربية في طريقها لتغيير استثنائي وكبير على المستويين الاجتماعي والأمني، الأمر الذي يبرر إبقاء العيون على الضفة، فيما تسترسل أذن المجسات العربية لمراقبة كل ما يحصل في القطاع.
وسواء كان التحول في الضفة الغربية تأثر بحرب إسرائيل على غزة ونتيجة لها في اتجاه ما تحذر منه جامعة الدول العربية تحت عنوان الفوضى وانهيار القانون، أو تجاه توحيد حالة وطنية جديدة مقاومة ودخول حركة حماس وفصائل المقاومة على خط المستقبل الاجتماعي والسياسي.
ويطرح العرب بكثافة أسئلة عن مستقبل الصراع في الضفة الغربية، وعن نتائج وتداعيات الهجمة الأمنية والاستيطانية على أهالي ومدن الضفة الغربية.
كما يطرحون تساؤلات عن شكل وهوية الواقع الاجتماعي والسياسي وحتى السلطوي، وبالتأكيد الفصائلي في الضفة الغربية بعدما ينتهي الصراع في قطاع غزة، بصرف النظر طبعاً عن نتيجة هذا الصراع.
وإذا كان الحسم العسكري لصالح اليمين الإسرائيلي، فإن جامعة الدول العربية في طريقها للسهر طويلاً وانتظار معركة لا يستهان بها بكل المعاني والدلالات مع تداعيات أي حسم مستقبلاً في غزة لصالح اليمين الإسرائيلي.
وأيّاً كانت النتائج التي ستخرج بها المعركة في غزة، تبقى الضفة الغربية التي تستبيحها الآن إسرائيل من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها عنوان المرحلة القادمة، فهي التي تقرر مصير السلام في الشرق الأوسط.