ربما لست معتاداً
الخميس / 13 / رجب / 1445 هـ الخميس 25 يناير 2024 01:26
د. عبدالهادي السلمي
اجتاحت الدول الاستعمارية العالم ورأت أنها الأحق بثرواته، وأنها وبسبب نضوجها الفكري أفضل من يحدد مصير قاطنيه، وإن قرر شعب مقاومة ذلك فليس له إلا حالتين؛ إما تدجينه وجعله يدور في فلكهم، أو إفناؤه والإبقاء على أقلية من أجل تقديم الاعتذار لها عن الفظائع التي تعرضت لها على أيدي الآباء المؤسسين وتقبيل أقدام أبناء الضحايا من أجل تحقيق الانتصار الأخلاقي.
في العقلية الاستعمارية لا اعتراف بحق الشعوب ولو تظاهرت بعكس ذلك عبر المناورات السياسية.. الاستعمار موجود بطرق أخرى؛ كالاستعمار الاقتصادي والثقافي، كما أننا لا نكذب إن قلنا إنه بشكله الكلاسيكي مستمر بالفعل وأفضل ما يمثله دولة «إسرائيل».
عند مناقشة نشأة إسرائيل، يأخُذنا المؤرخون لبدايات الفكر الصهيوني بإنجلترا في القرن الـ17 في بعض الأوساط البروتستانتية، التي نادت بالعقيدة الاسترجاعية التي تعني ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين لتحقيق الخلاص وعودة المسيح، لكن ما حصل هو أن الأوساط العلمانية بإنجلترا تبنت هذه الأطروحات ثم بلورتها بشكل كامل في القرن الـ19 على أيدي مفكرين غير يهود، بل معادين للسامية لإبعاد اليهود واستخدامهم بمناطق أخرى.
يرى المتمسكون بالتوراة أن الإسرائيليين هم ضحية كذبة مدمرة ابتدعها الإنجيليون وتبناها المارقون من الأشكناز لإنشاء كيان قوي اقتصادي وعسكري لهم.. انصدم القادمون من الشتات بما وجدوا، فلقد وجدوا شعباً أصيلاً ومتجذراً، وليس كما يُروج أنها أرض بلا شعب، بل والأقوى من ذلك أنهم أصحاب هوية صلبة.
من منطلق دراسة تاريخ حركات التحرر وعبر القرائن لتجارب القوى الاستعمارية مع الشعوب ذات الهوية القوية، فمهمة دولة إسرائيل مستحيلة ولا يمكن تحقيق السيطرة الكاملة على الأرض وإلغاء الآخر، لذا برزت أصوات عقلانية بالوسط الإسرائيلي؛ كإيلان بابي وجدعون ليفي، تدعو لاغتنام الفرصة التاريخية وإعطاء الفلسطينيين دولتهم وجزءاً من حقهم، وأن استمرار العمل بالعقلية الاستعمارية مصيره الفشل.
كشفت لقاءات بيرس مورغان مدى التناقض الواضح في إعلامهم، وكثرة المحاضرات الأخلاقية التي يعطيها مقدمو البرامج لضيوفهم، وعكست بعض اللقاءات فوقية غربية، في خلاصتها أنهم متحضرون بمقابل الهمجي القابع على الضفة الأخرى من الطاولة، مثل حادثة مذيعة BBC جوليا برور ولقائها بالبرغوثي عندما قالت: «ربما لست معتاداً على نساء يتحدثن». هذه عيّنة، ومحاولات التسقيط مستمرة لكل من لا يتبنى سرديتهم.
في العقلية الاستعمارية لا اعتراف بحق الشعوب ولو تظاهرت بعكس ذلك عبر المناورات السياسية.. الاستعمار موجود بطرق أخرى؛ كالاستعمار الاقتصادي والثقافي، كما أننا لا نكذب إن قلنا إنه بشكله الكلاسيكي مستمر بالفعل وأفضل ما يمثله دولة «إسرائيل».
عند مناقشة نشأة إسرائيل، يأخُذنا المؤرخون لبدايات الفكر الصهيوني بإنجلترا في القرن الـ17 في بعض الأوساط البروتستانتية، التي نادت بالعقيدة الاسترجاعية التي تعني ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين لتحقيق الخلاص وعودة المسيح، لكن ما حصل هو أن الأوساط العلمانية بإنجلترا تبنت هذه الأطروحات ثم بلورتها بشكل كامل في القرن الـ19 على أيدي مفكرين غير يهود، بل معادين للسامية لإبعاد اليهود واستخدامهم بمناطق أخرى.
يرى المتمسكون بالتوراة أن الإسرائيليين هم ضحية كذبة مدمرة ابتدعها الإنجيليون وتبناها المارقون من الأشكناز لإنشاء كيان قوي اقتصادي وعسكري لهم.. انصدم القادمون من الشتات بما وجدوا، فلقد وجدوا شعباً أصيلاً ومتجذراً، وليس كما يُروج أنها أرض بلا شعب، بل والأقوى من ذلك أنهم أصحاب هوية صلبة.
من منطلق دراسة تاريخ حركات التحرر وعبر القرائن لتجارب القوى الاستعمارية مع الشعوب ذات الهوية القوية، فمهمة دولة إسرائيل مستحيلة ولا يمكن تحقيق السيطرة الكاملة على الأرض وإلغاء الآخر، لذا برزت أصوات عقلانية بالوسط الإسرائيلي؛ كإيلان بابي وجدعون ليفي، تدعو لاغتنام الفرصة التاريخية وإعطاء الفلسطينيين دولتهم وجزءاً من حقهم، وأن استمرار العمل بالعقلية الاستعمارية مصيره الفشل.
كشفت لقاءات بيرس مورغان مدى التناقض الواضح في إعلامهم، وكثرة المحاضرات الأخلاقية التي يعطيها مقدمو البرامج لضيوفهم، وعكست بعض اللقاءات فوقية غربية، في خلاصتها أنهم متحضرون بمقابل الهمجي القابع على الضفة الأخرى من الطاولة، مثل حادثة مذيعة BBC جوليا برور ولقائها بالبرغوثي عندما قالت: «ربما لست معتاداً على نساء يتحدثن». هذه عيّنة، ومحاولات التسقيط مستمرة لكل من لا يتبنى سرديتهم.