كتاب ومقالات

مكة المكرمة وعولمة الحلال

عبد اللطيف الضويحي

كثيرٌ مِمّن يأتون للمملكة من المسلمين بمهمات عمل أو تدريب أو تجارة أو غيرها، يحرصون على تأدية مناسك العمرة أثناء زيارتهم المملكة لإنجاز أعمالهم، حتى لو كانت وجهاتهم هي الرياض أو الدمام أو الشمال أو الجنوب. مكة المكرمة مدينة لا تنام، مكة المكرمة مدينة مكتظة بالناس من أهل مكة ومن مختلف بقاع العالم وبمختلف الجنسيات والثقافات واللغات على مدار الساعة وطوال العام.

هذه الخاصية الفريدة النادرة والاستثنائية لأقدس مدينة للمسلمين جعلتها مركزاً كونياً للنشاطات والأحداث والمناسبات الإسلامية العالمية باستمرار، ومنصةً عالمية دائمة للفكر والثقافة الإسلامية العالمية، ولكل ما يرتبط بقضايا الفكر والثقافة والاقتصاد الإسلامي.

في مواسم الحج تزخر مكة المكرمة بعقد الندوات والمؤتمرات القائمة على الدراسات والبحوث المقدمة من مراكز الدراسات، التي تتمحور حول قضايا الحج والقضايا الإسلامية وقضايا المسلمين بشكل عام. وتحظى تلك المؤتمرات برعاية واهتمام قادة المملكة، وتحضرها أعداد كبيرة من المسؤولين عن الحج في الدول الإسلامية ورؤساء وفود الحج وأصحاب الفكر والكُتّاب والمتخصصين. وكانت تحظى دائماً برعاية القيادة السعودية.

مؤخراً أصبحت المؤتمرات والمناسبات ركيزة ونشاطاً شبه مستمر يحظى به أهل مكة المكرمة والمعتمرون وزوار بيت الله، بالتزامن والانسجام مع الازدياد والتوسع بأعداد المعتمرين والزوار.

الأربعاء الماضي قام وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي بتدشين منتدى مكة للحلال، بحضور رئيس مجلس إدارة غرفة مكة عبدالله صالح كامل، وعدد من المسؤولين السعوديين وغير السعوديين والمختصين والمهتمين بفكر وثقافة ومشاريع «الحلال» من مختلف دول العالم، حيث يعد هذا المجال من الصناعات والاقتصادات المهمة والمزدهرة في عدد من دول العالم، التي يقول عنها وزير التجارة بأنها «من أسرع الصناعات نمواً على مستوى العالم».

وتأتي أهمية منتدى مكة للحلال نظراً للتغيرات والتحولات الكبيرة والكثيرة التي تشهدها قطاعات الصناعات والمنتجات الغذائية والدوائية ومستحضرات التجميل والمواد الاستهلاكية والخدمات بشكل عام، والكيفية التي يتم بها إنتاج وتصنيع المواد الاستهلاكية والخدمات، وتعدد مصادر المواد الأولية وطرق الإنتاج، بجانب القلق المصاحب لتقنية الإنتاج. أما مكان انعقاد هذا المنتدى فهو إضافة وقيمة مضافة للموضوع ويعد فارقاً جوهرياً وملموساً لما سيثمر عنه من فرص للمبدعين والمبتكرين والمستثمرين، في ضوء ما صرح به رئيس غرفة مكة ورئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والتنمية عبدالله صالح كامل، بأن منتدى مكة العالمي للحلال سوف يُعقد سنوياً. وهذا يعني ضمنياً أن مكة المكرمة ستكون مركزاً عالمياً لفكر وثقافة واقتصاد «صناعة الحلال» والاستثمار فيه.