كتاب ومقالات

مختنقون في شوارعنا

عبده خال

الازدحام المروري يقضي على (أمتن) صبر يتحلى به السائق، ولأن المدن الرئيسية أصبحت تعاني من هذا الازدحام الجالب للضيق، يصبح اللوم موزعاً على جهات متعددة التي عليها تلافي هذه الظاهرة مستقبلياً، فإذا كان تخطيط المدن لم يكن يستوعب أن الخطط الخمسية كان عليها التخطيط لخمسين سنة وليس لخمس سنوات، الآن المخططات قريبة الأجل، كشف الواقع بأنها خطط تليق بدولة بطيئة النمو، وإذا وصل بنا الوعي أن المملكة لها خطط مستقبلية تستهدف أن تكون الدولة عالمية في كل شيء، فهذا لن يدخلنا في مصيدة الضيق والتضييق مستقبلاً.. الآن وأمام الضغط المروري، هل يمكن إيجاد حلول هندسية لما نعيشه من ضياع الوقت، وامتلاء النفس بكدرها.. فكل مشوار يأخذ من أعصابك وعمرك ساعات طوالا، لو حسب الوقت لكانت النتيجة أن معظمنا يخسر من عمره الكثير من الساعات وهو جالس داخل سيارته.. لنترك المستقبل الآن، لأن هناك من يخطط له بما يتوافق مع الحلم الكبير الذي نسعى إليه، دعونا في الآن، كيف يمكن إيجاد حلول لما نعيشه من ضياع وقت، وكدر على النفس بسبب زحمة الشوارع والميادين، وإذا أردنا لوم جهة واحدة فلن تقوى على تحمُّل اللوم المنطلق من كل فم وجد نفسه حبيس سيارته، لذا علينا توزيع اللوم على كل جهة معنية بهذا الأمر، ولأن هناك جهات كثيرة يقع عليها اللوم؛ الذي أدى إلى هذا الازدحام المروري، يصبح لزاماً على كل الجهات التدخل من أجل المساهمة في حل مشكلة الشارع الذي لم يعد مطمعاً لطرقه، ولولا ضرورة السير لإنجاز احتياجاتنا، لبقينا داخل منازلنا رأفة بأعصابنا المنهارة كلما وجدنا أنفسنا سجناء تلك الشوارع المخنوقة بالسيارات.

أعرف أن اللوم غير كاف، وأعرف أني لو كتبت بمئة قلم فلن تسعفنا الكلمات في حل أزمة اختناقنا مما هو حادث في الشوارع من ازدحام، لذا اعتبروا ما أكتبه هنا ما هو إلا محاولة للتنفس داخل شارع هو المختنق في الأساس.