.. وأيمن الذي فقدنا !
الأحد / 02 / شعبان / 1445 هـ الاثنين 12 فبراير 2024 00:02
نجيب يماني
«إنا لله وإنا إليه راجعون»، بها أعوذ في فقد أخي أيمن، وبها أعزي النفس في هذا المصاب الجلل، وإليها الملاذ والملجأ، وقد عظم الفقد فينا، واستوطن الحزن.. وما لنا غير الصبر والتجلّد..
فأفجعُ من فقدنا من وَجدنا
قبيلَ الموتِ مفقودَ المثالِ
نعم والله؛ فقد كان «أيمن» فينا مفقود المثال والنظير، رمزاً لمعاني عزيزة، وصورة لخصال من محامد الصفات وسنّى السجايا، ولا نزكيه على الله. فقد كان سخياً جواداً كريماً، وكان برّاً بأمه، شفوقاً عليها، يجيب نداءها في أي وقت شاءت أن تراه، حتى وهو في أقسى لحظات معاناته مع المرض، يخف إليها عجلاً، ويلبي نداءها برّاً.. فما أوسع حزنها عليك يا أخي، وقد مضيت، وشيعتك وهي تتأوه كمداً: «مين حيزورني كل يوم يا أيمن؟ ومن يقدر أن يملا مكانك ويجلس محلك».
قلبي عليك يا أمي وقد فارقت حبيبك، وفقدت خدين برك، والساعي في مرضاتك ورضاك. أسأل الله أن يربط على قلبك، ويجمعك به راضية مرضية في الفردوس الأعلى من الجنة.
ألا ما أثقل ظهيرة يوم الثلاثاء الماضي، وقد فاضت روح أيمن إلى بارئها، بعد عناء ونصب، تحمّله بجلد المؤمن الصابر، ندخل عليه في مرضه بالجزع والشفقة والحزن الممض، فيمسح بصبره وكلماته المواسية جرح قلوبنا، ويظهر من البشاشة ما يستر به ألمه عنا، ويداري به برحاءه.
ألا ما أوسع حزننا في فجر الأربعاء، وقد واريناه الثرى في المعلاة بمكة المكرمة.
وقد طافت بالخاطر الذكريات، فهنا في مكة عشنا وترعرعنا درسنا وتعلمنا وعشنا حياة مترعة بالحب والمحبة أحداث وذكريات ونجاح وخيبات أفراح وأتراح، واليوم تعود إليها محمولاً، وأنت الذي كنت تذرع ثراها بخطوك في الخير، وسعيك في المكرمات وخدمة أصحاب الحاجات. كلهم وقفوا على حافة قبرك يا أخي؛ لكن أعذرني يا أيمن، لم تسعني القدرة لأشهدهم وهم يوارونك الثرى، ثقلت قدماي، وانحل حبل صبري، وفاضت دمعة عيني، في ذلك المشهد المهيب..
وما يبكون مِثلَ أخي.. ولكن
أُعَزّي النفسَ عنه بالتَأَسِّي
فلا واللهِ لا أنساكَ حتى
أُفارِقَ مُهْجَتي ويُشَقُّ رَمْسي
لله الحمد من قبل ومن بعد، فكل حي إلى زوال، وكل جديد بالٍ، وتبقى الذكرى يا أيمن، فقد خلّدتها بجليل صنائعك في القلوب، وسطرتها بعظيم أعمالك في الأفئدة، ليتك الآن تنظر إلى هاتفي وقد امتلأ برسائل المواساة والتعزية، وأي تعزية، في طيها شواهد من مواقف لك، غيبتها عنا، وسترتها، وجعلتها بينك وبين الله، رجاء لمثوبة، وإكراماً لعباده بغير منٍّ ولا أذى، فزاد حزننا على فقدك، وعظم فخرنا بك، وأملنا في رجاء الله وحسن قبوله، وأن تظلك بشارة سيد المرسلين، «أيُّما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة».. أما والله إنهم قد شهدوا لك الألوف بما لم نسمعه منك من جليل الأعمال وفضائلها وكشفوا عما قدمته لهم من أيادٍ بيضاء، وكرم فيّاض، كنت به جديراً، فرحمة الله عليك يا أبا الكرم والجود والإحسان.
كم من أسرة كنت تعول، ومن يتيم مسحت على خاطره، ومريض واسيته بطبك وعلمك، وامتد عطاؤك حتى خارج وطنك، فقد جاءتني رسائل ممن أسقيتهم بحفر الآبار في أفريقيا، وأطعمتهم من مسغبة وجوع وعملت بمشرطك الماهر في وجهوهم وأجسامهم وأنت تجوب مناطق المحرومين مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليعودوا أصحاء كما كانوا.
أي رجل كنت، وأي فقد عظيم فقدنا!
لقد أورثتني بعدك حزناً لن يفارقني.. يا أيمن، ووجداناً لن يبارحني، وزهدّتني في هذه الدنيا الفانية، فما أرى لها جديداً، ولا أحس لها طعماً.. ولا أتطاول فيها لعيش بعدك..
أخي قد كنت لي عوناً أشدُّ به
أزري.. وكنت لنصري خيرَ مُعتَمدِ
فاليومَ أصبحتَ بعد الأُنسِ منفرداً
وكنتَ لي عُدّةً من أحسَنِ العُدَدِ
أخي قد كنت أرجو أن تُغيبني
تحت الترابِ ولكن خابَ مُعتَقدي
أخي قدّمتُ روحي أفتديك بها
من الممات؛ ولكن ليس ذا بيدي
إن مصابنا الجلل وفقدنا الكبير لن ينسينا أن نزجي الشكر الأكمل مفعماً بكل معاني الثناء والعرفان لسيدي خادم الحرمين الشريفين، ولسمو ولي عهده الأمين، وقد جاء أمرهم السامي بإرسال أخي «أيمن» إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقّي العلاج في أفضل المستشفيات المختصة بعلاج الأورام على نفقة الدولة أعزها الله، وعندما قرر الأطباء حتمية عودته، جاء الأمر الملكي بإرسال طائرة الإخلاء الطبي التي عادت به، بأمر الملك ليعالج على نفقة مولاي خادم الحرمين الشريفين، فلهم الشكر والتقدير على تعزيتهم الكريمة ووقفتهم العظيمة، نسأل الله الكريم أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم ويجزيهم عنا خير الجزاء.
ولرفيقة دربك (ريم) وهي التي مضت معك في مسيرة الحياة بكل مراحلها، وقد وقفت معك موقف كريمات الأصل، واستك كما يجب، ومارضتك بلا شكوى، وصحبتك في رحلة الاستشفاء إلى الولايات المتحدة وكلها أمل في الشفاء، وعادت معك وما برحت تلازم سريرك الأبيض، ويدها على المصحف تتلو الآيات رجاء، ولسانها لا يني عن الدعاء استمطاراً للرحمة، فيا لمضيض حزنها وهي ترقب لحظاتك الأخيرة، ترتل في سمعك آيات الله فيزيدك يقيناً، ويلوح لك ببشارة الفوز غداً، وقد نقلت لنا كيف أنك كنت تستزيدها من الآيات، حتى آخر نفس صعد مع روحك الطاهرة المباركة.. فلها من وفير الشكر على موقفها النبيل، وحسن معشرها معك، ومديد صبرها في محنتك..
والشكر موصول لكل من تكبّد المشاق إلى مكة المكرمة، ولكل من حمل الخطى إلى دارنا، أو أرسل معزياً ومواسياً، ونسأل الله أن لا يريهم مكروهاً في عزيز لديهم. ولكل الأحبة الذين هونوا علينا فقد أيمن الأليم.
فأفجعُ من فقدنا من وَجدنا
قبيلَ الموتِ مفقودَ المثالِ
نعم والله؛ فقد كان «أيمن» فينا مفقود المثال والنظير، رمزاً لمعاني عزيزة، وصورة لخصال من محامد الصفات وسنّى السجايا، ولا نزكيه على الله. فقد كان سخياً جواداً كريماً، وكان برّاً بأمه، شفوقاً عليها، يجيب نداءها في أي وقت شاءت أن تراه، حتى وهو في أقسى لحظات معاناته مع المرض، يخف إليها عجلاً، ويلبي نداءها برّاً.. فما أوسع حزنها عليك يا أخي، وقد مضيت، وشيعتك وهي تتأوه كمداً: «مين حيزورني كل يوم يا أيمن؟ ومن يقدر أن يملا مكانك ويجلس محلك».
قلبي عليك يا أمي وقد فارقت حبيبك، وفقدت خدين برك، والساعي في مرضاتك ورضاك. أسأل الله أن يربط على قلبك، ويجمعك به راضية مرضية في الفردوس الأعلى من الجنة.
ألا ما أثقل ظهيرة يوم الثلاثاء الماضي، وقد فاضت روح أيمن إلى بارئها، بعد عناء ونصب، تحمّله بجلد المؤمن الصابر، ندخل عليه في مرضه بالجزع والشفقة والحزن الممض، فيمسح بصبره وكلماته المواسية جرح قلوبنا، ويظهر من البشاشة ما يستر به ألمه عنا، ويداري به برحاءه.
ألا ما أوسع حزننا في فجر الأربعاء، وقد واريناه الثرى في المعلاة بمكة المكرمة.
وقد طافت بالخاطر الذكريات، فهنا في مكة عشنا وترعرعنا درسنا وتعلمنا وعشنا حياة مترعة بالحب والمحبة أحداث وذكريات ونجاح وخيبات أفراح وأتراح، واليوم تعود إليها محمولاً، وأنت الذي كنت تذرع ثراها بخطوك في الخير، وسعيك في المكرمات وخدمة أصحاب الحاجات. كلهم وقفوا على حافة قبرك يا أخي؛ لكن أعذرني يا أيمن، لم تسعني القدرة لأشهدهم وهم يوارونك الثرى، ثقلت قدماي، وانحل حبل صبري، وفاضت دمعة عيني، في ذلك المشهد المهيب..
وما يبكون مِثلَ أخي.. ولكن
أُعَزّي النفسَ عنه بالتَأَسِّي
فلا واللهِ لا أنساكَ حتى
أُفارِقَ مُهْجَتي ويُشَقُّ رَمْسي
لله الحمد من قبل ومن بعد، فكل حي إلى زوال، وكل جديد بالٍ، وتبقى الذكرى يا أيمن، فقد خلّدتها بجليل صنائعك في القلوب، وسطرتها بعظيم أعمالك في الأفئدة، ليتك الآن تنظر إلى هاتفي وقد امتلأ برسائل المواساة والتعزية، وأي تعزية، في طيها شواهد من مواقف لك، غيبتها عنا، وسترتها، وجعلتها بينك وبين الله، رجاء لمثوبة، وإكراماً لعباده بغير منٍّ ولا أذى، فزاد حزننا على فقدك، وعظم فخرنا بك، وأملنا في رجاء الله وحسن قبوله، وأن تظلك بشارة سيد المرسلين، «أيُّما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة».. أما والله إنهم قد شهدوا لك الألوف بما لم نسمعه منك من جليل الأعمال وفضائلها وكشفوا عما قدمته لهم من أيادٍ بيضاء، وكرم فيّاض، كنت به جديراً، فرحمة الله عليك يا أبا الكرم والجود والإحسان.
كم من أسرة كنت تعول، ومن يتيم مسحت على خاطره، ومريض واسيته بطبك وعلمك، وامتد عطاؤك حتى خارج وطنك، فقد جاءتني رسائل ممن أسقيتهم بحفر الآبار في أفريقيا، وأطعمتهم من مسغبة وجوع وعملت بمشرطك الماهر في وجهوهم وأجسامهم وأنت تجوب مناطق المحرومين مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليعودوا أصحاء كما كانوا.
أي رجل كنت، وأي فقد عظيم فقدنا!
لقد أورثتني بعدك حزناً لن يفارقني.. يا أيمن، ووجداناً لن يبارحني، وزهدّتني في هذه الدنيا الفانية، فما أرى لها جديداً، ولا أحس لها طعماً.. ولا أتطاول فيها لعيش بعدك..
أخي قد كنت لي عوناً أشدُّ به
أزري.. وكنت لنصري خيرَ مُعتَمدِ
فاليومَ أصبحتَ بعد الأُنسِ منفرداً
وكنتَ لي عُدّةً من أحسَنِ العُدَدِ
أخي قد كنت أرجو أن تُغيبني
تحت الترابِ ولكن خابَ مُعتَقدي
أخي قدّمتُ روحي أفتديك بها
من الممات؛ ولكن ليس ذا بيدي
إن مصابنا الجلل وفقدنا الكبير لن ينسينا أن نزجي الشكر الأكمل مفعماً بكل معاني الثناء والعرفان لسيدي خادم الحرمين الشريفين، ولسمو ولي عهده الأمين، وقد جاء أمرهم السامي بإرسال أخي «أيمن» إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقّي العلاج في أفضل المستشفيات المختصة بعلاج الأورام على نفقة الدولة أعزها الله، وعندما قرر الأطباء حتمية عودته، جاء الأمر الملكي بإرسال طائرة الإخلاء الطبي التي عادت به، بأمر الملك ليعالج على نفقة مولاي خادم الحرمين الشريفين، فلهم الشكر والتقدير على تعزيتهم الكريمة ووقفتهم العظيمة، نسأل الله الكريم أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم ويجزيهم عنا خير الجزاء.
ولرفيقة دربك (ريم) وهي التي مضت معك في مسيرة الحياة بكل مراحلها، وقد وقفت معك موقف كريمات الأصل، واستك كما يجب، ومارضتك بلا شكوى، وصحبتك في رحلة الاستشفاء إلى الولايات المتحدة وكلها أمل في الشفاء، وعادت معك وما برحت تلازم سريرك الأبيض، ويدها على المصحف تتلو الآيات رجاء، ولسانها لا يني عن الدعاء استمطاراً للرحمة، فيا لمضيض حزنها وهي ترقب لحظاتك الأخيرة، ترتل في سمعك آيات الله فيزيدك يقيناً، ويلوح لك ببشارة الفوز غداً، وقد نقلت لنا كيف أنك كنت تستزيدها من الآيات، حتى آخر نفس صعد مع روحك الطاهرة المباركة.. فلها من وفير الشكر على موقفها النبيل، وحسن معشرها معك، ومديد صبرها في محنتك..
والشكر موصول لكل من تكبّد المشاق إلى مكة المكرمة، ولكل من حمل الخطى إلى دارنا، أو أرسل معزياً ومواسياً، ونسأل الله أن لا يريهم مكروهاً في عزيز لديهم. ولكل الأحبة الذين هونوا علينا فقد أيمن الأليم.