يوم التأسيس
السبت / 15 / شعبان / 1445 هـ الاحد 25 فبراير 2024 00:12
وفاء الرشيد
كما هي العادة كل سنة، احتفلت السعودية يوم ٢٢ فبراير بذكرى التأسيس؛ الذي هو مناسبة وطنية كبرى تستحق الاحتفاء والاحتفال.
كان ينظر إلى هذه المناسبة البهيجة سابقاً من منظورين خاطئين؛ هما إما اختزالها في عقد دعوة دينية لمحاربة الشرك والبدع في البلاد، أو اعتبارها مجرد عمل توحيدي لمناطق مشتتة في الجزيرة العربية لا شيء يجمع بينها.
المقاربة الأولى هي التي سادت فترة طويلة في بعض الأوساط الدينية. كتب الكثير عن استشراء الشرك والبدع في نجد والحجاز.. والحال أن هذه المعلومات إما مغلوطة أو مبالغ فيها حد التهويل. لا أحد ينكر الشرعية الدينية للمشروع السياسي العبقري للإمام محمد بن سعود، لكن الصحيح أنه لم يكن يهدف إلى إرجاع الملة الصحيحة إلى مناطق لم تتنصل منه أصلاً ولم تخرج عليه ابتداء، بل كانت غايته هي بناء قوة سياسية مكينة تعيد الفاعلية التاريخية وتؤسس معادلة استراتيجية في إقليم يعيش بدايات الاختراق الأوروبي وأفول السلطنة العثمانية.
من يقرأ وثائق هذا العهد التأسيسي يدرك أن مشروع الإمام محمد بن سعود كان في عمقه مشروعاً سياسياً واستراتيجياً ثاقباً يدرك حقائق التاريخ ومستجدات الوضع الإقليمي والدولي، كما يتفاعل مع مطالب وتطلعات الناس، ومن هنا نجاحه الباهر رغم كل المصاعب التي عانى منها. وليس التمييز التعسفي بين الدول السعودية الثلاث مبرراً، بل إن الملك عبد العزيز استعاد زخم المشروع الأصلي ومنحه الاستمرارية المطلوبة.
أما الرؤية التي ترى أن وحدة مناطق البلاد لم تكن بديهية ولا طبيعية، فهي رؤية زائفة، وقد طالعناها في بعض الكتابات الغربية السائدة. الحقيقة أن الوحدة الموضوعية بين مكونات الدولة السعودية شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً معروفة وعميقة. فمن البديهي أن العمق الثقافي والروحي للبلاد في الحجاز يتداخل بقوة مع جنوب الجزيرة ومع إقليم نجد، كما يتداخل مع البوابة الخليجية الشرقية. الأمر هنا يتعلق بمجال جغرافي وبشري متكامل ومتصل، وذلك ما أدركه بناة الدولة بعمق وشكل القوة الدافعة لمشروعهم السياسي والاستراتيجي.
ما لا بد من توضيحه هو أن النزعة الوطنية السعودية قد طمست عقوداً طويلة، بل منعت لأسباب دينية واهية، نتيجة لأن مسار تشكل الدولة نظر إليه في جوانبه الدينية والدعوية المحضة. ويُحسب للملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان أنهما فسحا المجال للهوية الوطنية السعودية التي تستند لمرجعية تاريخية عميقة ومحددات استراتيجية صلبة وشرعية إنجازية ملموسة.
وبعبارة أخرى، إن يوم التأسيس هو يوم الهوية الوطنية، أما الدين فقد كان وسيظل المرتكز الأساسي لهذه الهوية. ومن ثم فإن الذين يفترضون التناقض بين اعتبارات الشرعية الدينية ومقومات الهوية الوطنية لا يدركون كل عمق وكثافة مشروع البناء الوطني؛ الذي أسس هذه البلاد في تنوعها وتكاملها وصلابة واستمرارية وحدتها.
كان ينظر إلى هذه المناسبة البهيجة سابقاً من منظورين خاطئين؛ هما إما اختزالها في عقد دعوة دينية لمحاربة الشرك والبدع في البلاد، أو اعتبارها مجرد عمل توحيدي لمناطق مشتتة في الجزيرة العربية لا شيء يجمع بينها.
المقاربة الأولى هي التي سادت فترة طويلة في بعض الأوساط الدينية. كتب الكثير عن استشراء الشرك والبدع في نجد والحجاز.. والحال أن هذه المعلومات إما مغلوطة أو مبالغ فيها حد التهويل. لا أحد ينكر الشرعية الدينية للمشروع السياسي العبقري للإمام محمد بن سعود، لكن الصحيح أنه لم يكن يهدف إلى إرجاع الملة الصحيحة إلى مناطق لم تتنصل منه أصلاً ولم تخرج عليه ابتداء، بل كانت غايته هي بناء قوة سياسية مكينة تعيد الفاعلية التاريخية وتؤسس معادلة استراتيجية في إقليم يعيش بدايات الاختراق الأوروبي وأفول السلطنة العثمانية.
من يقرأ وثائق هذا العهد التأسيسي يدرك أن مشروع الإمام محمد بن سعود كان في عمقه مشروعاً سياسياً واستراتيجياً ثاقباً يدرك حقائق التاريخ ومستجدات الوضع الإقليمي والدولي، كما يتفاعل مع مطالب وتطلعات الناس، ومن هنا نجاحه الباهر رغم كل المصاعب التي عانى منها. وليس التمييز التعسفي بين الدول السعودية الثلاث مبرراً، بل إن الملك عبد العزيز استعاد زخم المشروع الأصلي ومنحه الاستمرارية المطلوبة.
أما الرؤية التي ترى أن وحدة مناطق البلاد لم تكن بديهية ولا طبيعية، فهي رؤية زائفة، وقد طالعناها في بعض الكتابات الغربية السائدة. الحقيقة أن الوحدة الموضوعية بين مكونات الدولة السعودية شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً معروفة وعميقة. فمن البديهي أن العمق الثقافي والروحي للبلاد في الحجاز يتداخل بقوة مع جنوب الجزيرة ومع إقليم نجد، كما يتداخل مع البوابة الخليجية الشرقية. الأمر هنا يتعلق بمجال جغرافي وبشري متكامل ومتصل، وذلك ما أدركه بناة الدولة بعمق وشكل القوة الدافعة لمشروعهم السياسي والاستراتيجي.
ما لا بد من توضيحه هو أن النزعة الوطنية السعودية قد طمست عقوداً طويلة، بل منعت لأسباب دينية واهية، نتيجة لأن مسار تشكل الدولة نظر إليه في جوانبه الدينية والدعوية المحضة. ويُحسب للملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان أنهما فسحا المجال للهوية الوطنية السعودية التي تستند لمرجعية تاريخية عميقة ومحددات استراتيجية صلبة وشرعية إنجازية ملموسة.
وبعبارة أخرى، إن يوم التأسيس هو يوم الهوية الوطنية، أما الدين فقد كان وسيظل المرتكز الأساسي لهذه الهوية. ومن ثم فإن الذين يفترضون التناقض بين اعتبارات الشرعية الدينية ومقومات الهوية الوطنية لا يدركون كل عمق وكثافة مشروع البناء الوطني؛ الذي أسس هذه البلاد في تنوعها وتكاملها وصلابة واستمرارية وحدتها.