أخبار

العراق: تكتلات جديدة.. وانقلاب داخل «التحالف الحاكم»

هل يتراجع الصدر عن الاعتزال؟

مقتدى الصدر

رياض منصور (بغداد) riyadmansour@

بدأ واضحا تفاقم الأزمة السياسية الداخلية في العراق التي انعكست بشكل مباشر على تعطيل انتخابات رئاسة البرلمان. وقاد تعمق تلك الأزمة بعض الأطراف السياسية إلى تقديم تنازلات وإغراءات لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لإنهاء عزلته والعودة للحياة السياسية، لكنه رفض الاستجابة لهذه الإغراءات التي وصلت إلى حد الموافقة على مطالب تياره بإجراء انتخابات مبكرة.

ويبدو أنه بات في حكم المؤكد عودة الصدر إلى الحياة السياسية بعد أن انقلب

زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي على التحالف الحاكم «الإطار التنسيقي»، ساعيا إلى التحالف مع التيار الصدري.

الأوضاع السياسية انعكست بشكل لافت على «الإطار التنسيقي» الذي بات يعمل على استمالة الصدر من خلال ظهور مقترحات للعودة إلى فكرة الانتخابات المبكرة إضافة إلى ملف رئيس البرلمان.

وهنا يظهر على السطح العرض الأبرز الذي قدمة الإطار التنسيقي للصدر بالعودة إلى «الدوائر المتعددة»، أو وضع صيغة جديدة من «خلطة قوانين» للانتخابات القادمة.

وكان «الإطار» أصر العام الماضي على استبدال نظام الدوائر بـ«سانت ليغو» الذي مكنه بالنهاية من الحصول على أكثر من نصف مقاعد المحافظات في غياب الصدريين.

وتشكل تحالف الإطار التنسيقي في أعقاب نتائج انتخابات 2021 والتي أظهرت تفوق مقتدى الصدر. وشغل التحالف بعد اعتزال الصدر في صيف 2022، أكثر من نصف مقاعد البرلمان، وقبل أشهر قليلة سيطر على رئاسة البرلمان، بسبب الإبعاد «المفاجئ» لرئيسه محمد الحلبوسي بأمر قضائي.

وقبل أن يقرر الصدر مغادرة العمل السياسي في 2022، كان قد طلب حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، حينها رفض «الإطار» واشترط قبل ذلك التئام مجلس النواب.

تدريجيا تراجع التحالف الشيعي بعد ذلك عن تنفيذ مطلب الصدر، وأكد زعماء «الإطار» بمن فيهم نوري المالكي بأنه لا حاجة لانتخابات مبكرة.

المالكي، وبحسب مصادر مطلعة، يبدو أنه قد تراجع الآن عن تلك الفكرة، في إطار التحولات الجديدة التي طرأت على مواقف رئيس الوزراء السابق، و«مغازلة الصدر».

تراجع زعيم دولة القانون عن رفض الانتخابات المبكرة، يفسره سياسي مقرب من «الإطار» بأنه «جاء بسبب الخوف من صعود شعبية رئيس الحكومة محمد السوداني الذي استلم منصبه أواخر 2022، وبحسب مراكز استطلاع رأي أمريكية، فقد تبين أن أكثر من 60% من العراقيين يؤيدون سياسته. ويعتبر إجراء انتخابات مبكرة بمثابة «قطع الطريق» أمام السوداني، وإحياء لطموح المالكي الذي يحلم برئاسة الحكومة.

وفي تصريحات له، قال زعيم دولة القانون: «إن باب عودتي لرئاسة الوزراء مفتوح.. وأنا مستعد إذا استدعاني الواجب الوطني». وتكمن بوابة الدخول للانتخابات المبكرة أو عرقلة حصول السوداني على ولاية ثانية، في إجراء تعديل على قانون الانتخابات. لكن اللافت في تصريح المالكي، هو توقعه أن يكون هناك وفاق بين ائتلاف دولة القانون والتيار الصدري.

ويعول المالكي على رسائل شفهية يرسلها باستمرار إلى الصدر، وتردد أخيرا بأن هناك رسائل تحريرية وصلت إلى الصدر تحمل دعوات جديدة لإقناعه بالعدول عن مقاطعة الحياة السياسية، وتأييد المالكي لقانون انتخابي يعتمد الدوائر المتعددة التي كانت ضمن متباينات الصدر.

المالكي يتحدث أن لديه معلومات عن مشاركة التيار الصدري في الانتخابات النيابية القادمة. ويتفق بهاء الأعرجي الصدري المنشق مع المالكي، ويعتقد في تصريحات له بأن «الصدر سيعود قريبا للعمل السياسي».

ووسط الترتيبات الجديدة للتحالفات والتي يعمل عليها المالكي يبدو أن التفاهمات السابقة حول كرسي رئيس البرلمان قد ذهبت أدراج الرياح، بعد انشقاق مفاجئ جرى داخل الفريق السني القريب من «صقور الإطار»، إذ شكل محمود المشهداني وخالد العبيدي، النائبان المنتميان إلى معسكر معارضي الحلبوسي، قبل أيام تحالف «الصمود».

وكانت الأزمة قد تفجرت حين قرر القضاء في 14 نوفمبر، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات المحلية الأخيرة، إنهاء عضوية محمد الحلبوسي من البرلمان، بسبب قضية تزوير.

ومنذ ذلك الحين لم يحصل أي من الفريقين (الحلبوسي، أو المعارضة) على الأغلبيه المطلوبة لتمرير رئيس جديد، وانقسم التحالف الحاكم بين المعسكرين.

وقبل أيام ادعى فريق المعارضة السنية أنه يملك الأغلبية، قبل أن يقوم المشهداني بحركة انقلابية مزدوجة؛ مرة على المالكي، ومرة على فريقه السابق. وعد المالكي المشهداني بالتصويت له بانتخاب رئيس البرلمان، لكن المفاجأة كانت بحصول النائب على 48 صوتاً فقط.

بعد ذلك تخلى معسكره عنه ودعم سالم العيساوي لرئاسة البرلمان ولم يظهر الشيعة رفضا للمرشح الوحيد للسُنة باستثناء الحلبوسي. المشهداني كان يعتقد أن الشيعة لن يتركوه بعدما قدم خدمة في 2021 لـ«الإطار التنسيقي» حين عطل جلسة البرلمان التي كان الصدر يقترب فيها من إعلان الكتلة الأكبر، حين كان الأول رئيس السنة في تلك الجلسة.