موسم شفط الجيوب !
مواطنون يشكون.. مشاهير يضغطون.. ومختصون ينصحون
الجمعة / 10 / شوال / 1445 هـ الجمعة 19 أبريل 2024 02:39
عبدالكريم الذيابي (الطائف) r777aa@
تقف ميزانيات الأسر عند دخول (مواسم الشفط المتتالية)، في موقف المصاب بالصداع، إذ تعرف بالاستنزاف المالي المتواصل للجيوب، بدءاً من مستلزمات رمضان، وعيد الفطر، والمدارس، وإجازة العيد ومتطلباته، وختاماً موسم الإجازة الكبيرة وحفلات الزواج، والسفريّات، والمناسبات الاجتماعية. ويرافق هذه المواسم مطاحن إعلانات المشاهير اليومية بين المطاعم والمتاجر والمحلات التجارية والمنتجات المختلفة والمتنوعة، دعوةً للشراء تحت لافتات «الحق ما تلحق».
وإذا سلطنا الضوء على حجم الصرف خلال الأسبوع الأول من رمضان؛ وفق نشرة البنك المركزي السعودي، فإن سكان المملكة أنفقوا ملياري ريال على الأطعمة والمشروبات، ناهيك عن المتطلبات الأخرى!
عدد من الأسر، أكدوا أن هذه المواسم أرهقت جيوبهم وأدخلتهم في دوّامات السّلف المالية والديون والاقتراض. وعقد عجمي العتيبي، العزم على رسم خطة سنوية لترشيد الاستهلاك خلال هذه المواسم بقدر الإمكان، فيما لفت فهد الحمّدي، إلى أنه مهما جمع من مبالغ مالية في صندوقه العائلي تذهب فوراً مع بدء مواسم الصرف؛ نظراً لكثافة الشراء والمتطلبات المتصلة. ويشكو نواف الروقي، من إعلانات المشاهير التي لا تهدأ، دون ترشيد أو توقف أو احترام لمن يشاهدونهم، لا سيما صغار السن والنساء الذين يلحّون على آبائهم للشراء من (إعلاناتهم)!
أما عبدالرحمن البقمي فيقول: إنه اضطر لاستدانة مكيفات أو جوالات لبيعها بالكاش في سبيل إطفاء المتطلبات المتتالية. وكشفت أم محمد أن والدهم أصيب بالصداع، فتكفّلت عنه بشراء متطلبات ملابس الأعياد وحفلات الزواج والأكل في المنزل مهما كلف الأمر دون النظر لتأثير إعلانات المشاهير، في حين شكا أبو سعود من تقنين عانيّات الزواجات في ظل عزوف البعض عن الزواجات الجماعية التي هي أقل كلفة.
عززوا ثقافة الادخار
أستاذ الإدارة والأعمال بجامعة الطائف الدكتور جمعان الزهراني، أكد أن هذه المواسم تضع الأسر بين خيارات عدة في ظل غياب ثقافة الادخار عند بعض الأسر، ما يشكّل عبئاً مالياً على الأسر المتوسطة أو المنخفضة الدخل، لذلك نحتاج إلى ترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك وأيضا توعية المجتمع بأهمية الادخار، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار السلع. ومن أبرز النقاط المهمة كيفية إدارة ميزانية دخل الأسر، واقترح بعض الاقتصاديين قاعدة 50/30/20، التي تنصح بأن يتم تقسيم الدخل أو ميزانية الأسرة إلى ثلاثة أقسام؛ 50% للحاجات الضرورية، 30% للحاجات غير الضرورية، و20 للادخار، وذلك من شأنه أن يخفف الضغوط المالية على الأسر في المواسم. ولكن هناك حالات لا ينطبق عليها ذلك، خصوصاً إذا كان دخل الأسرة لا يغطي حاجاتها الضرورية. ونتيجة لذلك أنشأت الحكومة برامج الهدف منها سد هذه الحاجات بشكل خاص مثل الدعم المقدم لأسر الضمان الاجتماعي، وحساب المواطن، ساهمت في تخفيف الأعباء المالية عن هذه الأسر. وهنا يأتي دور الجهات المختصة لتوعية الأسر بأهمية ترشيد الإنفاق أو الاستهلاك، خصوصاً في هذه المواسم، فلم يعد الصرف والبذخ والإسراف من السلوكيات التي يعززها المجتمع كما كان في السابق، إذ تغيرت لدينا العديد من الثقافات الاستهلاكية بفضل وعي المستهلك بالخيارات المختلفة من السلع والمنافسة في الأسواق بين الشركات والمؤسسات ومبيعات التجزئة، لذلك من الأهمية بمكان تعزيز الثقافات الاستهلاكية الإيجابية وتشجيع الأسر على ترشيد الإنفاق والاستهلاك وتنمية ثقافة الادخار في المجتمع.
مهارات التسوق الذكي
رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال الدكتور علي الضميان، قال: إن موضوع التأثير الاستهلاكي على الأسر في ظل الإعلانات المتصلة للمشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي يثير قضايا إعلامية مهمة، ولا شك أن الإعلام الجديد، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي، أداة فاعلة للترويج للمنتجات والخدمات، ويمتلك المشاهير قدرة كبيرة على التأثير في سلوك المتابعين وتشجيعهم على الاستهلاك، ويمكن اعتبار هذا التأثير الاستهلاكي حتمياً بنسب متفاوتة، إذ يتم ترويج المنتجات والخدمات بشكل مباشر وغير مباشر عبر إعلانات المشاهير. ويعتمد هذا التأثير على العلاقة المباشرة التي يحاول المشاهير بناءها مع جمهورهم والثقة التي يتمتعون بها من قبلهم، وبالتالي يتم تحفيز الأسر على شراء المنتجات بناءً على تلك الثقة والتأثير. ولفت الضميان إلى أن الإعلام الرسمي والتقليدي بشكل عام المأمول منه أن يوعي الجمهور وأن يساهم في مواجهة التأثير الاستهلاكي السلبي، ويجب أن يعمل الإعلام على توفير المعلومات الشاملة والحقائق حول المنتجات والخدمات، وتعزيز الوعي الاستهلاكي لدى الجمهور عبر تقديم تقارير مستقلة وموضوعية حول المنتجات والخدمات، ويسلط الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية للتأثير الاستهلاكي.
وتطرّق الضميان إلى أهمية تشجيع تنمية مهارات التسوق الذكي والواعي لدى الأسر، وتعزيز قدرتهم على اتخاذ قرارات استهلاكية مدروسة ومسؤولة، ومناقشة مخاطر التأثير الاستهلاكي وأثره على الأسر، وتعزيز الحوار والتوعية حول هذه القضية.
1319 ملياراً.. سحوبات !
أستاذ المحاسبة المالية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور سالم باعجاجة، كشف أن تزامن هذه المواسم بوقت واحد إضافة إلى مناسبات الزواجات في الإجازة يرهق ميزانية أرباب الأسر، وذلك لما يصاحب الإجازات من سفر ومناسبات اجتماعية، فهذه المواسم تستنزف المدخرات لكثير من الأسر السعودية؛ التي وفرتها خلال الأشهر الستة من أول العام، وهذه الظاهرة تحدث بسبب غياب ثقافة الادخار على المدى الطويل، على النمط الاستهلاكي للأسر السعودية، وبعض الأسر لم تدخر بسبب شراهة الشراء. وأضاف أن السحوبات المالية للأسر السعودية حتى نهاية 2023م بلغت 1319 مليار ريال بارتفاع نسبته 7% مقارنة 2022م، وهذا يؤكد إنفاق المستهلكين السعوديين المتزايد، دون الأخذ في الحسبان المواسم المتتالية، فالنصف الثاني من كل عام يشهد عمليات سحب كبيرة، تطال المدخرات في الأشهر الستة الأولى من السنة، فالغالب على الأسر هو السلوك الاستهلاكي، لذلك ينبغي تعزيز ثقافة الادخار لدى الفرد والأسرة.
وأشار باعجاجة إلى أن متوسط الصرف في هذه المواسم؛ التي تعتبر في النصف الثاني من العام يبلغ 100% من نسبة الصرف في النصف الأول، وتأتي عملية الصرف في النصف الثاني من مدخرات النصف الأول، إضافة إلى الاقتراض من البنوك المحلية، أو السحب من بطاقة الفيزا.
الترشيد ثقافة أساسية
الأخصائية الاجتماعية آمال عبدالقادر، كشفت أن الترشيد ثقافة أساسية يتم بناؤها مع تكوين شخصية الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية السليمة، وعلى الرغم من التحديات الموجودة في الوسط الاجتماعي الحالي واتخاذ مظهر الترف الاستهلاكي نمطاً من أنماط الحياة العصرية يتوجب الوقوف عند ذلك وممارسة دور الوالدين بضرورة توعية الأبناء والعمل بمبدأ التوازن في الإنفاق والاكتفاء بالضروريات ووضع ميزانية لكل فرد في الأسرة يلتزم بها ويكيف متطلباته وفقاً لها، وهنا لا تقتصر العملية على كونها تنشئة اجتماعية سليمة ولكن تتعدى ذلك إلى كونها مقتطفات إيمانية وقواعد في الشريعة الإسلامية حثت على الاعتدال ونهت عن التبذير والإسراف، وهذه ما هي إلا ركائز اجتماعية لبناء أسرة سعيدة وبالتالي مجتمع سليم منتج، ونجد بعد ذلك أن مسؤولية الترشيد الاستهلاكي للأسرة هي مسؤولية تكاملية تقع على عاتق جميع أفراد الأسرة وذلك بالمحافظة على المستلزمات الحالية حتى لا تدعو الحاجة إلى شراء مستلزمات بديلة غير أساسية، فعلى الأم دور في ذلك وكذلك جميع أفراد الأسرة، ويقع الدور الأكبر على عاتق رب الأسرة والمسؤول عن الإنفاق وذلك بوضع خطة لتوفير هذه المستلزمات في مواسم الصرف المالي المعروفة مسبقاً بعمل صندوق لهذه المواسم من الممكن مشاركة جميع أفراد الأسرة في الادخار به مع تخصيص مبلغ شهري بسيط لا يؤثر على ميزانية الأسرة، حيث يتم استخدام هذا الصندوق في المواسم دون الحاجة إلى تكبد مصروفات إضافية أو حتى اللجوء إلى الديون، ومن هنا فلنتخذ شعاراً لنا بأن نجعل المتعة دائمة ولنبتعد عن الديون لنستقر عاطفياً وأسرياً واجتماعياً. واختتمت بقولها: «اجعلوا المتعة دائمة بالترشيد».
التنافس والمباهاة الاجتماعية
المستشار الأسري الدكتور صالح جعري الزهراني، قال: إن المناسبات الاجتماعية تعد من أهم جوانب الحياة؛ فهي تتيح فرصة التواصل مع العائلة والأصدقاء والمشاركة في الاحتفالات والأحداث المهمة، إلا أننا أصبحنا نلمس في الآونة الأخيرة أن مصروفات هذه المناسبات تُشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الآباء وجميع أفراد الأسرة على حدٍ سواء، وأسهمت في ذلك عدة عوامل منها التضخم الذي يسيطر على كافة دول العالم المصنعة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات بما في ذلك المواد الغذائية وتكاليف الديكورات وأجور الخدمات، ثم ذلك التنافس الاجتماعي المحفز لسعي الكثير من الناس إلى إقامة المناسبات الفخمة كي تفوق توقعات الآخرين، مما يزيد من تكاليفها بشكل كبير. وأضاف المستشار الأسري الزهراني: إن التنافس الذي ولد ضغوطاً اجتماعية لإقامة مناسبات باهظة الثمن خوفاً من نظرة المجتمع وانطباعاته، دفع البعض إلى الاستدانة لتغطية تكاليف المناسبات، فشكل ذلك عبئاً مالياً على الأسرة.
حفلات رمزية تكفي
يرى الزهراني أن الكثير من الآباء يشعرون بالتوتر والقلق بسبب عدم القدرة على تحمل تكاليف المناسبات، ومن وجهة نظره هناك عدد من الحلول لتجنّب ذلك السلوك الاجتماعي المدمر أولها الوعي، إذ يجب على الآباء والأبناء أن يكونوا على دراية تامة بخطورة التكاليف الباهظة للمناسبات على مستقبل الأسرة المالي والنفسي، عليهم التقليل من توقعاتهم في ما يتعلق بمستوى الفخامة في المناسبات، ثم استحداث فكرة التعاون، إذ يمكن للعائلات التعاون في إقامة المناسبات لتقليل التكاليف والبحث عن بدائل يمكنها إقامة مناسبات بسيطة ورمزية بدلاً من المناسبات الباهظة الثمن، إضافة إلى التخطيط للادخار تحسباً لبعض المناسبات أو الحوادث الطارئة. وختم المستشار الأسري حديثه بضرورة أن ندرك جميعاً بأن مصروفات المناسبات ليست أهم من العلاقات الاجتماعية والمشاعر الصادقة، إذ نسعى جميعاً إلى إقامة مناسبات بسيطة تُعزز العلاقات وتقرب الناس من بعضهم البعض دون إثقال كاهلنا بالديون والضغوطات.
وإذا سلطنا الضوء على حجم الصرف خلال الأسبوع الأول من رمضان؛ وفق نشرة البنك المركزي السعودي، فإن سكان المملكة أنفقوا ملياري ريال على الأطعمة والمشروبات، ناهيك عن المتطلبات الأخرى!
عدد من الأسر، أكدوا أن هذه المواسم أرهقت جيوبهم وأدخلتهم في دوّامات السّلف المالية والديون والاقتراض. وعقد عجمي العتيبي، العزم على رسم خطة سنوية لترشيد الاستهلاك خلال هذه المواسم بقدر الإمكان، فيما لفت فهد الحمّدي، إلى أنه مهما جمع من مبالغ مالية في صندوقه العائلي تذهب فوراً مع بدء مواسم الصرف؛ نظراً لكثافة الشراء والمتطلبات المتصلة. ويشكو نواف الروقي، من إعلانات المشاهير التي لا تهدأ، دون ترشيد أو توقف أو احترام لمن يشاهدونهم، لا سيما صغار السن والنساء الذين يلحّون على آبائهم للشراء من (إعلاناتهم)!
أما عبدالرحمن البقمي فيقول: إنه اضطر لاستدانة مكيفات أو جوالات لبيعها بالكاش في سبيل إطفاء المتطلبات المتتالية. وكشفت أم محمد أن والدهم أصيب بالصداع، فتكفّلت عنه بشراء متطلبات ملابس الأعياد وحفلات الزواج والأكل في المنزل مهما كلف الأمر دون النظر لتأثير إعلانات المشاهير، في حين شكا أبو سعود من تقنين عانيّات الزواجات في ظل عزوف البعض عن الزواجات الجماعية التي هي أقل كلفة.
عززوا ثقافة الادخار
أستاذ الإدارة والأعمال بجامعة الطائف الدكتور جمعان الزهراني، أكد أن هذه المواسم تضع الأسر بين خيارات عدة في ظل غياب ثقافة الادخار عند بعض الأسر، ما يشكّل عبئاً مالياً على الأسر المتوسطة أو المنخفضة الدخل، لذلك نحتاج إلى ترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك وأيضا توعية المجتمع بأهمية الادخار، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار السلع. ومن أبرز النقاط المهمة كيفية إدارة ميزانية دخل الأسر، واقترح بعض الاقتصاديين قاعدة 50/30/20، التي تنصح بأن يتم تقسيم الدخل أو ميزانية الأسرة إلى ثلاثة أقسام؛ 50% للحاجات الضرورية، 30% للحاجات غير الضرورية، و20 للادخار، وذلك من شأنه أن يخفف الضغوط المالية على الأسر في المواسم. ولكن هناك حالات لا ينطبق عليها ذلك، خصوصاً إذا كان دخل الأسرة لا يغطي حاجاتها الضرورية. ونتيجة لذلك أنشأت الحكومة برامج الهدف منها سد هذه الحاجات بشكل خاص مثل الدعم المقدم لأسر الضمان الاجتماعي، وحساب المواطن، ساهمت في تخفيف الأعباء المالية عن هذه الأسر. وهنا يأتي دور الجهات المختصة لتوعية الأسر بأهمية ترشيد الإنفاق أو الاستهلاك، خصوصاً في هذه المواسم، فلم يعد الصرف والبذخ والإسراف من السلوكيات التي يعززها المجتمع كما كان في السابق، إذ تغيرت لدينا العديد من الثقافات الاستهلاكية بفضل وعي المستهلك بالخيارات المختلفة من السلع والمنافسة في الأسواق بين الشركات والمؤسسات ومبيعات التجزئة، لذلك من الأهمية بمكان تعزيز الثقافات الاستهلاكية الإيجابية وتشجيع الأسر على ترشيد الإنفاق والاستهلاك وتنمية ثقافة الادخار في المجتمع.
مهارات التسوق الذكي
رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال الدكتور علي الضميان، قال: إن موضوع التأثير الاستهلاكي على الأسر في ظل الإعلانات المتصلة للمشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي يثير قضايا إعلامية مهمة، ولا شك أن الإعلام الجديد، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي، أداة فاعلة للترويج للمنتجات والخدمات، ويمتلك المشاهير قدرة كبيرة على التأثير في سلوك المتابعين وتشجيعهم على الاستهلاك، ويمكن اعتبار هذا التأثير الاستهلاكي حتمياً بنسب متفاوتة، إذ يتم ترويج المنتجات والخدمات بشكل مباشر وغير مباشر عبر إعلانات المشاهير. ويعتمد هذا التأثير على العلاقة المباشرة التي يحاول المشاهير بناءها مع جمهورهم والثقة التي يتمتعون بها من قبلهم، وبالتالي يتم تحفيز الأسر على شراء المنتجات بناءً على تلك الثقة والتأثير. ولفت الضميان إلى أن الإعلام الرسمي والتقليدي بشكل عام المأمول منه أن يوعي الجمهور وأن يساهم في مواجهة التأثير الاستهلاكي السلبي، ويجب أن يعمل الإعلام على توفير المعلومات الشاملة والحقائق حول المنتجات والخدمات، وتعزيز الوعي الاستهلاكي لدى الجمهور عبر تقديم تقارير مستقلة وموضوعية حول المنتجات والخدمات، ويسلط الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية للتأثير الاستهلاكي.
وتطرّق الضميان إلى أهمية تشجيع تنمية مهارات التسوق الذكي والواعي لدى الأسر، وتعزيز قدرتهم على اتخاذ قرارات استهلاكية مدروسة ومسؤولة، ومناقشة مخاطر التأثير الاستهلاكي وأثره على الأسر، وتعزيز الحوار والتوعية حول هذه القضية.
1319 ملياراً.. سحوبات !
أستاذ المحاسبة المالية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور سالم باعجاجة، كشف أن تزامن هذه المواسم بوقت واحد إضافة إلى مناسبات الزواجات في الإجازة يرهق ميزانية أرباب الأسر، وذلك لما يصاحب الإجازات من سفر ومناسبات اجتماعية، فهذه المواسم تستنزف المدخرات لكثير من الأسر السعودية؛ التي وفرتها خلال الأشهر الستة من أول العام، وهذه الظاهرة تحدث بسبب غياب ثقافة الادخار على المدى الطويل، على النمط الاستهلاكي للأسر السعودية، وبعض الأسر لم تدخر بسبب شراهة الشراء. وأضاف أن السحوبات المالية للأسر السعودية حتى نهاية 2023م بلغت 1319 مليار ريال بارتفاع نسبته 7% مقارنة 2022م، وهذا يؤكد إنفاق المستهلكين السعوديين المتزايد، دون الأخذ في الحسبان المواسم المتتالية، فالنصف الثاني من كل عام يشهد عمليات سحب كبيرة، تطال المدخرات في الأشهر الستة الأولى من السنة، فالغالب على الأسر هو السلوك الاستهلاكي، لذلك ينبغي تعزيز ثقافة الادخار لدى الفرد والأسرة.
وأشار باعجاجة إلى أن متوسط الصرف في هذه المواسم؛ التي تعتبر في النصف الثاني من العام يبلغ 100% من نسبة الصرف في النصف الأول، وتأتي عملية الصرف في النصف الثاني من مدخرات النصف الأول، إضافة إلى الاقتراض من البنوك المحلية، أو السحب من بطاقة الفيزا.
الترشيد ثقافة أساسية
الأخصائية الاجتماعية آمال عبدالقادر، كشفت أن الترشيد ثقافة أساسية يتم بناؤها مع تكوين شخصية الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية السليمة، وعلى الرغم من التحديات الموجودة في الوسط الاجتماعي الحالي واتخاذ مظهر الترف الاستهلاكي نمطاً من أنماط الحياة العصرية يتوجب الوقوف عند ذلك وممارسة دور الوالدين بضرورة توعية الأبناء والعمل بمبدأ التوازن في الإنفاق والاكتفاء بالضروريات ووضع ميزانية لكل فرد في الأسرة يلتزم بها ويكيف متطلباته وفقاً لها، وهنا لا تقتصر العملية على كونها تنشئة اجتماعية سليمة ولكن تتعدى ذلك إلى كونها مقتطفات إيمانية وقواعد في الشريعة الإسلامية حثت على الاعتدال ونهت عن التبذير والإسراف، وهذه ما هي إلا ركائز اجتماعية لبناء أسرة سعيدة وبالتالي مجتمع سليم منتج، ونجد بعد ذلك أن مسؤولية الترشيد الاستهلاكي للأسرة هي مسؤولية تكاملية تقع على عاتق جميع أفراد الأسرة وذلك بالمحافظة على المستلزمات الحالية حتى لا تدعو الحاجة إلى شراء مستلزمات بديلة غير أساسية، فعلى الأم دور في ذلك وكذلك جميع أفراد الأسرة، ويقع الدور الأكبر على عاتق رب الأسرة والمسؤول عن الإنفاق وذلك بوضع خطة لتوفير هذه المستلزمات في مواسم الصرف المالي المعروفة مسبقاً بعمل صندوق لهذه المواسم من الممكن مشاركة جميع أفراد الأسرة في الادخار به مع تخصيص مبلغ شهري بسيط لا يؤثر على ميزانية الأسرة، حيث يتم استخدام هذا الصندوق في المواسم دون الحاجة إلى تكبد مصروفات إضافية أو حتى اللجوء إلى الديون، ومن هنا فلنتخذ شعاراً لنا بأن نجعل المتعة دائمة ولنبتعد عن الديون لنستقر عاطفياً وأسرياً واجتماعياً. واختتمت بقولها: «اجعلوا المتعة دائمة بالترشيد».
التنافس والمباهاة الاجتماعية
المستشار الأسري الدكتور صالح جعري الزهراني، قال: إن المناسبات الاجتماعية تعد من أهم جوانب الحياة؛ فهي تتيح فرصة التواصل مع العائلة والأصدقاء والمشاركة في الاحتفالات والأحداث المهمة، إلا أننا أصبحنا نلمس في الآونة الأخيرة أن مصروفات هذه المناسبات تُشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الآباء وجميع أفراد الأسرة على حدٍ سواء، وأسهمت في ذلك عدة عوامل منها التضخم الذي يسيطر على كافة دول العالم المصنعة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات بما في ذلك المواد الغذائية وتكاليف الديكورات وأجور الخدمات، ثم ذلك التنافس الاجتماعي المحفز لسعي الكثير من الناس إلى إقامة المناسبات الفخمة كي تفوق توقعات الآخرين، مما يزيد من تكاليفها بشكل كبير. وأضاف المستشار الأسري الزهراني: إن التنافس الذي ولد ضغوطاً اجتماعية لإقامة مناسبات باهظة الثمن خوفاً من نظرة المجتمع وانطباعاته، دفع البعض إلى الاستدانة لتغطية تكاليف المناسبات، فشكل ذلك عبئاً مالياً على الأسرة.
حفلات رمزية تكفي
يرى الزهراني أن الكثير من الآباء يشعرون بالتوتر والقلق بسبب عدم القدرة على تحمل تكاليف المناسبات، ومن وجهة نظره هناك عدد من الحلول لتجنّب ذلك السلوك الاجتماعي المدمر أولها الوعي، إذ يجب على الآباء والأبناء أن يكونوا على دراية تامة بخطورة التكاليف الباهظة للمناسبات على مستقبل الأسرة المالي والنفسي، عليهم التقليل من توقعاتهم في ما يتعلق بمستوى الفخامة في المناسبات، ثم استحداث فكرة التعاون، إذ يمكن للعائلات التعاون في إقامة المناسبات لتقليل التكاليف والبحث عن بدائل يمكنها إقامة مناسبات بسيطة ورمزية بدلاً من المناسبات الباهظة الثمن، إضافة إلى التخطيط للادخار تحسباً لبعض المناسبات أو الحوادث الطارئة. وختم المستشار الأسري حديثه بضرورة أن ندرك جميعاً بأن مصروفات المناسبات ليست أهم من العلاقات الاجتماعية والمشاعر الصادقة، إذ نسعى جميعاً إلى إقامة مناسبات بسيطة تُعزز العلاقات وتقرب الناس من بعضهم البعض دون إثقال كاهلنا بالديون والضغوطات.