ومازال الحديث عن التعليم مستمراً

خالد نايف الهباس

هناك نقطتان على قدر كبير من الإلحاح ويستحقان النقاش فيما يتعلق بالعملية التعليمية. الأولى تدور حول الموافقة على تحسين الأوضاع الوظيفية لأعضاء هيئة التدريس, أما النقطة الثانية فتتعلق بمدة الخدمة لمن هم على رأس البعثة. ولا تزال هذه المواضيع محل اهتمام وتستحق النقاش لأنها تتعلق بشريحة مهمة من المجتمع.
فالموافقة على تحسين أوضاع هيئة التدريس كان أمراً منتظراً, لكنه لم يعانق الآمال والطموحات التي كانت تواقة لزيادة مجزية وغير مشروطة. وكم تمنينا لو أن المبادرة الكريمة كانت تنطوي على زيادة ثابتة وأخرى مشروطة بالإنتاج العلمي والتميز من قبل الكادر الأكاديمي. لأن المزايا التي تم إقرارها لا تشمل سوى جزء يسير جداً من شريحة الأكاديميين مما يقلل من مضمونها وأنها لم تحقق الغرض منها. خاصةً أن الحكومة الرشيدة تدفع بكامل ثقلها خلف العملية التعليمية من خلال برامج ابتعاث خارجي وإنشاء جامعات وكليات في مختلف مناطق المملكة. والحقيقة أن تحسين الوضع المالي لأعضاء هيئة التدريس ليس موضوعاً كمالياً بل هو استحقاق يجب التأكيد عليه. كما أن الإنتاج العلمي يجب أن يكون برغبة ذاتية من قبل الباحث تنبع من طموحه لتأكيد مكانته العلمية أمام أقرانه. أما الذين يركزون على البحث العلمي طمعاً في زيادة مالية طفيفة فهم قلة قليلة وفق تقديري الشخصي. وكم نتمنى في هذا الشأن أن يتم إعادة النظر في الحوافز التي تم الإعلان عنها كي تحقق الغرض من إقرارها.
أما النقطة الملحة الأخرى فهي تتعلق بوضع المبتعثين للدراسة في الخارج من غير الموظفين. فالدولة توسعت في برامج الابتعاث الخارجي وتمت إتاحة الفرصة لعشرات الالاف من الطلبة لمواصلة تحصيلهم العلمي في مختلف الجامعات الأجنبية في آسيا وأوروبا وأمريكا. لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه المبتعث غير الموظف هي مسألة «مدة الخدمة».
هناك الكثير من الطلبة الذين سوف يمضون عدة سنوات في التحصيل العلمي الجامعي أو العالي, وهذه السنوات سوف تذهب سدى من حياة المبتعث الوظيفية لأنه غير تابع للخدمة المدنية أو أي جهة أخرى بحكم أنه غير موظف. فما هو مصير هذه السنوات؟ وهل يعود المبتعث بعد خمس أو ثماني سنوات من الإقامة في الخارج ويحمل شهادة معترفاً بها ليجد أن هذه السنوات العجاف غير محسوبة من عمره, سوى أنه حصل فيها على مؤهل. بطبيعة الحال, النتيجة الحتمية هي أن إكماله المدة القانونية لسن التقاعد سوف يكون أمراً شاقاً وسيكلفه جميع السنوات التي يكون فيها قادراً على العطاء, أو بالأحرى في عنفوان شبابه. ناهيك عن أنه يخسر من ناحية مادية لأن سنوات الدراسة غير محسوبة في الخدمة.
أعتقد أن الموضوع بحاجة إلى إعادة نظر من قبل الجهات المعنية, خاصةً وزارتي التعليم العالي والخدمة المدنية. ويجب أن يتم التوصل إلى حل وسط يمكن من خلاله احتساب ولو جزء من سنوات الابتعاث الطويلة وإضافتها لمدة الخدمة عند حصول المبتعث على وظيفة. ولعله يمكن أيضاً وضع شروط جزائية على المبتعث بأن يخدم لوقت محدد من الزمن في أجهزة الدولة, كما هو المعمول به الآن فيما يخص الموظف المبتعث حيث يتطلب منه العمل لدى مرجعه الذي ابتعثه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات. وفيما يتعلق بالتخصصات التي ترتبط أكثر بالقطاع الخاص فيمكن للحكومة إجبار المؤسسات الخاصة على أخذ ذلك بالاعتبار من خلال صيغة يتم التوافق عليها.
في اعتقادي أن النظر في مثل هذه المطالب يصب في المحصلة النهائية في صالح العملية التعليمية لأنه ينطوي على تقدير للجهد الذي يبذل من قبل الكادر الأكاديمي والمبتعث على حد سواء. ونأمل أن نرى في القريب حلولاً لمثل هذه المطالب من الجهات المعنية كما عودتنا على ذلك.
knhabbas@hotmail.com