تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل
الجمعة / 17 / شوال / 1445 هـ الجمعة 26 أبريل 2024 00:16
بشرى فيصل السباعي
مواقف الدول الغربية المناصرة لإسرائيل مهما اقترفت من جرائم والمناوئة لمصالح العرب لا تتطلب تحليلاً سياسياً؛ لأن دوافعها ليست متعلقة بالحسابات السياسية، فدافعها الحقيقي العصبية العرقية العنصرية التي تعتبر إسرائيل امتداداً للرجل الأبيض؛ ولذا تسقط عليها كل ما تعتبره فضائل العرق الأبيض، وتسقط على خصومها كل الصور النمطية الدونية العنصرية التي تجردهم من الإنسانية وتشيطنهم بنظر العالم وتجعل لا قيمة لحياتهم وعذاباتهم؛ ولذا لا شيء سيفعله العرب يمكنه تغيير تلك العصبيات العنصرية مهما قدموا من تنازلات كما شهد بذلك الدكتور النرويجي (مادس جيلبرت - Mads Gilbert) الذي عمل لحوالى عشرين سنة في مستشفيات غزة، وقال إن «سبب التأييد الأعمى للسلطات الغربية لإسرائيل مهما انتهكت القوانين الدولية وأجرمت بحق المدنيين الفلسطينيين هو العنصرية العرقية الغربية الاستعمارية التي لا ترى قيمة لحياة السكان الأصليين الفلسطينيين». ولذا القضية الفلسطينية لا يمكن أن تحل طالما الراعي لمفاوضاتها قوى غربية؛ لأنها جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل، فالقوى الغربية تدوس على كل مصالح وحقوق واعتبارات العرب لصالح امتدادها الاستعماري المتمثل في إسرائيل؛ ولذا لن تحل القضية الفلسطينية إلا بتدخل قوة دولية كبرى محايدة وتحديداً الصين كقوة ضغط على إسرائيل لصالح الحقوق والمصالح العادلة للعرب، فالصين لها ثقل اقتصادي عالمي يمنحها ورقة ضغط يمكن أن تجعلها مؤثرة، لكن الصين لديها تهيب من لعب دور سياسي دولي؛ لأنها تتخوف أن يكون هذا ضاراً بمصالحها الاقتصادية؛ ولذا تحتاج تشجيعاً من العرب للعب هذا الدور المنصف لهم، وفعلياً لا توجد دولة في العالم يمكنها أن تفرض سياسات عقابية على الصين لأن الصين أكبر منتج عالمي، وكل دول العالم تعتمد على إنتاجاتها وحتى منتجات الدول الغربية التكنولوجية باتت تصنع بالكامل في الصين؛ لذا فعلياً لا توجد إمكانية من أن يؤدي لعب الصين لدور سياسي لأي إضرار بمصالحها الاقتصادية، كما أن الصين تملك حق الفيتو (النقض) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولعب الصين لدور سياسي دولي سيقوي الموقف الروسي الذي كان دائماً أكثر إنصافاً للعرب بخاصة في القضية الفلسطينية؛ لأن روسيا محسوبة على معسكر الشرق، لكن ضعف روسيا الاقتصادي يجعل لا وزن لمواقفها السياسية في السياسة الدولية، فهي لا يمكنها معاقبة أحد بوقف صادراتها إليه؛ لأنها فعلياً لا تنتج أي صناعة، لكن بمساندة الصين يمكن إعطاء وزن لمواقفها المنصفة لقضايا العرب بخاصة أنها تمتلك حق النقض، والمفاوضات التي يمكنها التوصل لحلول نهائية منصفة للفلسطينيين لا يمكن أن تكون الراعية لها أمريكا بسبب انحيازها العنصري لإسرائيل؛ ولذا كل العقود التي استمرت فيها مفاوضات السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لم تؤدِّ لأي تحسن يذكر في أحوال الفلسطينيين، ولم تؤدِّ بالتالي للاستقرار بخاصة مع زعامة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يتملق رضا الزعامات الدينية المتطرفة بفرض سياسات ظالمة ذات طابع عقائدي كالتوسع بالمستوطنات التي تقام على نهب أراضي الفلسطينيين وتبقي الفلسطينيين بأقفاص تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية على المعابر ونقاط التفتيش وهجمات المستوطنين التي تجعل حياة الفلسطينيين جحيماً يومياً يتعرضون فيه للانتهاكات والإذلال وتعطيل مصالحهم، لكن لو كان الراعي الرسمي للمفاوضات محايداً كالصين فعندها يمكن التوصل لاتفاقيات منصفة للفلسطينيين تساعد على السلم والاستقرار، ولا يوجد لوبي صهيوني في الصين كالذي في أمريكا يتملق رضاه السياسيون على حساب الحقوق المشروعة للعرب، وربما أن رغبة أمريكا في استعادة دورها كراعٍ لعملية السلام بين العرب وإسرائيل بدل الصين سيجعلها تصبح أكثر إنصافا للجانب العربي وتتجاوز عنصريتها الفجة ضد الفلسطينيين.