كتاب ومقالات

كلاكيع الزمان

خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@

•• لا أفهم لماذا يزورني ابتئاس ضيق يتسع حين أرى شخصاً يتعرى من جمال أوقاته إلى تفاصيل مهترئة من حياته.. ولا أدري لماذا يعتريني كدر على آخر غادر حياته المستقرة رحيلاً إلى «كلاكيع» من العُقَد ذات الألوان الفاقعة المتناثرة.. ولا أعرف لماذا أشعر بالغُبن من ثالث بحاجة للحظات بوح ثم لا يختار صديقاً مقرباً يثق فيه يجهر له بكومة معضلاته المستترة.

•• في الدنيا ثلاثة أنواع من البشر: الناظر لحياته بعين الجمال لا الكمال فيحيا مبروكاً مبتهجاً.. والمبصر للمناطق الموجودة فيه لا المفقودة فينشرح صدره.. والمتطلع إلى جمال أشياء لا يملكها فيُحسَد من فراغ.. والأخير ليس لديه خارطة طريق لا لحاضره ولا لمستقبله، وهذا ترتفع حياته في أيام وتنحدر في أخرى، وكلما أراد النهوض يتعرج به الطريق ويتلون فتضيع منه أسنان الزمن.

•• من يبحث عن خيوط النور لتُظلل كل شيء في حياته؛ يمنحه الخالق سكينة نورانية تجعل لدنياه مذاقاً خاصاً، فيتصايح مبتهجاً يحتضن السعادة.. ومن يحتوي أهدافه لشراء لحظة سعادة، ويتحسَّب لكوارث الزمان؛ يشعر بمعاني الحياة الحقيقية، ليدخل في غمضة عين قائمة السعداء.. ومن يعارك رياح الحياة مدركاً لمفهومها الصحيح؛ تتمازج حياته بارتياح، فيغطس في فرح بلاتيني، ليصبح الانشراح جزءاً من زمانه.

•• أما من ينصِّب لنفسه غرساً شيطانياً بترك الجوهر والتمسك بالقشور؛ فالنقاط السوداء تتكاتف عليه ليقع في جحيم وباء شخصي مستعر.. ومن يعبثر آمال مستقبله وأماني أبنائه؛ لا يموت دفعة واحدة، فكلما مات شيء منه يموت جزء من حياته، فتتابع عليه سلسلة الموت الداخلي للذات.. مثل هذا يلتهمه العدم ويتيه في طريق اللا عودة، مثل قطار عجوز كثير الصخب قليل الحركة.