كتاب ومقالات

«البحر الأحمر الدولية».. من تطوير المشاريع لبناء جيل السياحة السعودي

أحمد غازي درويش

كتبه: أحمد غازي درويش *

الضيافة السعودية ذات طابع خاص، تستمد أصالتها من جذور التراث، وانتقلت عبر مختلف العصور لكل الأجيال، لتكون سمة وميزة ننفرد بها كشعب ومواطنين توارثناها من أجدادنا وآبائنا، واليوم نراهن على أنها علامتنا الفارقة نحو المستقبل، والتي ستضع السياحة السعودية في مكان آخر على الخارطة العالمية.

ونحن في «البحر الأحمر الدولية» وجدنا الفرصة ووضعنا الخطة لنصنع وظائف جديدة واعدة للكوادر الوطنية ونؤهلهم بالمهارات اللازمة لخوض غمار المنافسة القوية، حيث تعد السعودية واحدة من آخر الوجهات غير المستكشفة على خارطة السياحة العالمية، إلا أن الحال لم يستمر كذلك طويلاً، إذ بدأ تنوّع جمال طبيعتها، إلى جانب إرثها الثقافي العريق وكرم ضيافة المجتمع السعودي المميز، بجذب السياح من كل حدب وصوب.

لقد زار المملكة أكثر من 16.6 مليون سائح أجنبي خلال عام 2022 حسب أحدث بيانات نشرتها وزارة السياحة، وهو رقم يزيد على 5 أضعاف أعداد الزوار الأجانب للعام الذي سبقه، ولا غرو، فالعالم الآن يعِي مركزية المملكة كوجهة سياحية صاعدة.

والعالم اليوم يأتي إلينا ليستكشف الجمال والطبيعة والفرص الواعدة، بفضل رؤية السعودية 2030 التي ساهمت بفعالية في دعم قطاعي السياحة والضيافة، ما أسهم أيضًا في تعزيز الاقتصاد، وهو أحد أهداف الرؤية الرئيسية. إلا أنه، وللحفاظ على استدامة هذا التحول الاقتصادي، ستحتاج المملكة إلى آلاف الطهاة، وموظفي الاستقبال، والمرشدين السياحيين، ومديري الفنادق المدربين على معايير عالية وعالمية من الضيافة، لنستقبل زوارنا على أكمل وجه.

لذا، فإننا نعمل سوياً في «البحر الأحمر الدولية» على تدريب وتعليم قادة الغد و«جيل السياحة» في مجال الضيافة السعودية، وقد عملنا على مدى السنوات الخمس الماضية على تطوير نخبة من أبناء وبنات الوطن ليكوِّنوا لبِنة قطاع السياحة السعودي والمحرّك الأول في وضع المملكة العربية السعودية على خريطة السياحة العالمية.

يعتبر تطوير المشاريع العقارية مجال العمل الرئيسي لـ«البحر الأحمر الدولية»، إلا أن الاستثمار في الإنسان بات معيارًا مهمًا مدروسًا ببرامج متنوعة، لنحقق هدفنا في التطوير «للإنسان والطبيعة».

ريادة التعليم في مجال الضيافة

يبرز اسم «البحر الأحمر الدولية» من بين المشاريع الكبرى كرائدة في مجال التعليم، حيث موّلنا منحًا دراسية لـ 170 طالبًا للدراسة في مجال «إدارة الضيافة الدولية» في جامعة الأمير مقرن بالمدينة المنورة، وهو برنامج معتمد من كلية لوزان للأعمال السويسرية، وتخرج خلال شهر مايو من عام 2024 أول دفعة من الطلاب ضمن هذا البرنامج الذي يمتد لـ 5 سنوات، ويشمل خطة تدريبية متقنة للغة الإنجليزية.

وتعاونَّا في «البحر الأحمر الدولية» كذلك مع كلية الضيافة والسياحة بجامعة تبوك لتدريب 74 طالباً في مجال السياحة والضيافة، ضمن برنامج معتمد من كلية أخرى رائدة في مجال إدارة الضيافة، وهي جامعة «هونغ كونغ للفنون التطبيقية».

وكنا قد قدمنا في برنامج نخبة للخريجين -الذي استمر لعامين- فرصة التدريب على رأس العمل لبعض أفضل خريجي الجامعات السعودية؛ وقد انضم أكثر من 250 شاباً وفتاة إلى شركتنا عبر برنامج «نخبة الخريجين» منذ إطلاقه في أوائل عام 2020.

ربما القصة الملهمة للطالب محمد الزهراني، وهو خريجي جامعة الأمير مقرن ستثير اهتمام الكثيرين! فقد كان طالبًا في مجال الهندسة النووية عندما قرر أن مجال الضيافة هو شغفه الحقيقي، وفي جامعة الأمير مقرن أصبح طاهيًا للمعجنات، وساهم بالكروسان والمعجنات التي يجيد صنعها في العديد من الأحداث الوطنية المرموقة.

وقد حظي محمد بفرص استثنائية في برنامج جامعة الأمير مقرن، فقد تدرب على متن أول سفينة سياحية تبحر من ميناء سعودي، كما تدرب في منتجع «إنتركونتيننتال الجبيل»، حيث عمل في منصب المساعد التنفيذي المكلف للمدير العام. وبكونه خريجاً جديداً، فهو يطمح للمساعدة في تمهيد الطريق أمام السعوديين الآخرين ليصبحوا قادة في مجال الضيافة الآخذ في التوسع في المملكة.

قصة ملهمة أخرى بطلتها الطالبة لين كردي، التي تمتلك وتدير أول مطعم في السعودية يقدم مزيجًا من المأكولات اليابانية والمدينية. فقد كانت لين تدير عربة طعام خاصة بها أثناء دراستها في جامعة الأمير مقرن، وقد مكنتها المواد الدراسية التي حضرتها من تطوير مشروعها بسرعة أكبر، ولمطعمها عدد من المعجبين من بينهم وزير الحج والعمرة، وأمين منطقة المدينة المنورة. ومستقبلًا، ترى لين إمكانيات لا حدود لها في مجال الضيافة السعودية، خاصةً للنساء اللاتي يتمتعن بالموهبة والشغف.

أبرز الإنجازات لبرنامج التدريب المهني

تدير «البحر الأحمر الدولية» أيضا برنامج تدريب مهني منتهٍ بالتوظيف، وقد تخرجت منه أول دفعة بعدد 430 طالبا في يوليو الماضي. وقد شكل أبناء مجتمع مناطق البحر الأحمر ما يقارب 40% من الشباب المنضمين لهذا البرنامج، مما يدعم فرص التوظيف في مناطق مشاريعنا التي نطورها، وقد استلم كل خريج من خريجينا وظائف في وجهاتنا، سواء لدى «البحر الأحمر الدولية»، أو لدى الشركات التي نتعاقد معها.

وفي وقت لاحق من هذا العام، سنخطو خطوة أكبر، حيث سنفتتح أول أكاديمية تدريب مهني متعددة التخصصات في المملكة تحت اسم «أكاديمية البحر الأحمر الوطنية»، ومقرها في محافظة «الوجه»، حيث ستتولى تدريب فتيات وأبناء الوطن في تخصصات السياحة والضيافة، بدءًا من الصحة والاستشفاء إلى تجارة التجزئة الفاخرة.

وتهدف «البحر الأحمر الدولية» إلى تدريب أكثر من 10,000 سعودي وسعودية بحلول عام 2030، وستلعب «أكاديمية البحر الأحمر الوطنية» دورا محوريا في تحقيق هذا الهدف، حيث ستضم أفضل الطهاة التنفيذيين، ومديري الفنادق، وأخصائيي الموارد البشرية في القطاع، بهدف مشاركة خبراتهم مع الطلاب والطالبات.

إن عمل الضيافة يتمركز حول الإنسان، لذا لن يقتصر عمل «البحر الأحمر الدولية» على تطوير منتجعات فريدة من نوعها فقط، بل ستعمل الشركة أيضًا على إيصال المعرفة والمهارات التي سيحتاجها الشباب السعودي المتحمس لشق طريقه في مسارات مهنية طَموحة في قطاع جديد وحيوي، ومن دواعي الفخر لدي بأن أكون قادرًا على المساهمة في هذه المسيرة، من أجل مستقبل الوطن، وأبنائه وبناته الأوفياء.

* كبير الإداريين في شركة البحر الأحمر الدولية