ليس لأحد الوصول
الأربعاء / 07 / ذو القعدة / 1445 هـ الأربعاء 15 مايو 2024 00:19
عبده خال
وصلت إلى قناعاتي المتأخرة بعد زمن طويل من القراءة، والبحث، والمقارنة حول ما كان يعترض نفسي من إشكاليات ثقافية أو دينية، في مستويات سنية مختلفة، مع يقيني أنني في كل يوم اكتسب فيها معرفة جديدة سوف أكون في شأن معرفي متغير.
وقد تعلمت - مبكراً - أن العلوم الإنسانية قابلة للرفض أو الإقناع، ومهما كانت العلوم الإنسانية مختلفة التوجهات يمكن لك الارتهان لما وصلت إليه من قناعة تخصك، ومع القراءات العديدة تحصنت بقاعدة الشك، هذا المحرك الذي يجعلك في حركة دائبة للبحث، والتقصي، ولم أعد أرتهن لمعطيات أي معرفة ما لم ألجأ لقراءة الفكرة ونقيضها، وأستل لنفسي قناعة خاصة ربما أرتهن إليها لفترة، وإذا ظهرت معارف جديدة تنقض ما اطمأنت إليه النفس، سرعان ما أقتفي (الديالكتيك) في البحث عما يناقض الفكرة المستحدثة.
وفكرة (الديالكتيك) ليس بشرطية الفيلسوف هيقل، وإنما بما يوصلني إلى قناعة تمكنني من الاستقرار النفسي - حتى لو كانت لفترة وجيزة - وإن اعتراني الاهتزاز بالفكرة المتأخرة، فليس لدي مانع من البدء في البحث من جديد حول القناعة الراهنة، فليس هناك حد أو قناعة ما دامت الحياة لا زالت في مسيرتها.
وإذا أدرجنا مفهوم الاقتناع بأنه حالة خاصة، يمكن وضع مفهوم الإيمان بأنه حالة خاصة أيضاً، ولهذا ليس من حق أي إنسان السعي إلى اهتزاز قناعات الآخرين، إذ يمكنك بمفردك الوصول إلى القناعة الخاصة، وليس من حقك تعميمها، وفي هذه الشرطية تنهض الأسئلة:
ما جدوى الكتابة، أو نشر الوعي، أو نقض الأفكار، أو الرسالة التي يستوجب على المثقف النهوض بها، وتعميمها، أو إشاعتها؟
طرأ في بالي هذا الأمر، وأنا أشاهد برنامجاً دينياً لأحد الشباب يعيد ما تم نقضه من أحاديث أو بعض من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع مشاهدتي للبرنامج تذكرت أنني أدمنت المطالبة بتنقية السيرة النبوية وبعض الأحاديث التي رانت في العقول - على علاتها - مشترطاً أن تلك التنقية من خلال مؤسسة دينية إسلامية تضم جل علماء العالم الإسلامي، من أجل تخليص الموروث الكتابي من الشوائب التي التحمت به حتى وصلت إلينا على أنها حقيقة مطلقة.
ومع سقطات الشاب في حديثه المعتمد على أحاديث ضعيفة أو أحاديث تسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سير مكذوبة أصررت - بيني وبين نفسي - أن أكتب مقالة فحواها أننا نجتر الثقافة الدينية اجتراراً من غير تمحيص أو قراءة الكتب التي وقفت عند الأحاديث والسيرة والحوادث التاريخية والتي تم إسقاط مصداقية بعضها، والتشكك من بعضها، أو على الأقل الوقوف على الأحاديث (قطعية الدلالة أو ضنية الدلالة) فمعرفة الشاب كفيلة به أن يبتعد عما يمكن له من تثبيت أمور عارية من الحقيقة، فمعرفته تلك تبعده عما يمكن اعتباره ضني الدلالة أو حديثاً مغلوطاً أو جزءاً من سيرة تعلقت بها الأكاذيب.. كي لا يجتر هذا الجيل ما قمنا باجتراره عبر سنوات طويلة.
وفي نهاية المقالة تذكرت المثل الشعبي الشهير (كل يعيش بعقله)،
ولأني أؤمن بأن الإيمان حالة خاصة، وبجوار هذا الإيمان التأكيد بأنه نتاج بحث عميق، يوصل المرء إلى إيمانه الخاص، أما قضية (إيمان العواجز) هو مطلب لمن لا يقوى على البحث، وكان هذا ملائماً لزمنية ذلك القول، ولو كان عمر بن الخطاب يعيش بيننا لما قال جملته تلك، بل ستجده ناصحاً لكل إنسان بأن يجدّ في البحث عما يعترك في داخله من شك، وأي باحث عن الحق تجده
في حالة تنقلات إيمانية، وفقاً للمكابدة البحثية الدائمة التي يعيش بها.. ومعطيات العلوم محراك، أو محراث يقلب تربة العقل ليبذر بذوراً جديدة.
هذه هي الحياة كل يوم هي في حال.
وقد تعلمت - مبكراً - أن العلوم الإنسانية قابلة للرفض أو الإقناع، ومهما كانت العلوم الإنسانية مختلفة التوجهات يمكن لك الارتهان لما وصلت إليه من قناعة تخصك، ومع القراءات العديدة تحصنت بقاعدة الشك، هذا المحرك الذي يجعلك في حركة دائبة للبحث، والتقصي، ولم أعد أرتهن لمعطيات أي معرفة ما لم ألجأ لقراءة الفكرة ونقيضها، وأستل لنفسي قناعة خاصة ربما أرتهن إليها لفترة، وإذا ظهرت معارف جديدة تنقض ما اطمأنت إليه النفس، سرعان ما أقتفي (الديالكتيك) في البحث عما يناقض الفكرة المستحدثة.
وفكرة (الديالكتيك) ليس بشرطية الفيلسوف هيقل، وإنما بما يوصلني إلى قناعة تمكنني من الاستقرار النفسي - حتى لو كانت لفترة وجيزة - وإن اعتراني الاهتزاز بالفكرة المتأخرة، فليس لدي مانع من البدء في البحث من جديد حول القناعة الراهنة، فليس هناك حد أو قناعة ما دامت الحياة لا زالت في مسيرتها.
وإذا أدرجنا مفهوم الاقتناع بأنه حالة خاصة، يمكن وضع مفهوم الإيمان بأنه حالة خاصة أيضاً، ولهذا ليس من حق أي إنسان السعي إلى اهتزاز قناعات الآخرين، إذ يمكنك بمفردك الوصول إلى القناعة الخاصة، وليس من حقك تعميمها، وفي هذه الشرطية تنهض الأسئلة:
ما جدوى الكتابة، أو نشر الوعي، أو نقض الأفكار، أو الرسالة التي يستوجب على المثقف النهوض بها، وتعميمها، أو إشاعتها؟
طرأ في بالي هذا الأمر، وأنا أشاهد برنامجاً دينياً لأحد الشباب يعيد ما تم نقضه من أحاديث أو بعض من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع مشاهدتي للبرنامج تذكرت أنني أدمنت المطالبة بتنقية السيرة النبوية وبعض الأحاديث التي رانت في العقول - على علاتها - مشترطاً أن تلك التنقية من خلال مؤسسة دينية إسلامية تضم جل علماء العالم الإسلامي، من أجل تخليص الموروث الكتابي من الشوائب التي التحمت به حتى وصلت إلينا على أنها حقيقة مطلقة.
ومع سقطات الشاب في حديثه المعتمد على أحاديث ضعيفة أو أحاديث تسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سير مكذوبة أصررت - بيني وبين نفسي - أن أكتب مقالة فحواها أننا نجتر الثقافة الدينية اجتراراً من غير تمحيص أو قراءة الكتب التي وقفت عند الأحاديث والسيرة والحوادث التاريخية والتي تم إسقاط مصداقية بعضها، والتشكك من بعضها، أو على الأقل الوقوف على الأحاديث (قطعية الدلالة أو ضنية الدلالة) فمعرفة الشاب كفيلة به أن يبتعد عما يمكن له من تثبيت أمور عارية من الحقيقة، فمعرفته تلك تبعده عما يمكن اعتباره ضني الدلالة أو حديثاً مغلوطاً أو جزءاً من سيرة تعلقت بها الأكاذيب.. كي لا يجتر هذا الجيل ما قمنا باجتراره عبر سنوات طويلة.
وفي نهاية المقالة تذكرت المثل الشعبي الشهير (كل يعيش بعقله)،
ولأني أؤمن بأن الإيمان حالة خاصة، وبجوار هذا الإيمان التأكيد بأنه نتاج بحث عميق، يوصل المرء إلى إيمانه الخاص، أما قضية (إيمان العواجز) هو مطلب لمن لا يقوى على البحث، وكان هذا ملائماً لزمنية ذلك القول، ولو كان عمر بن الخطاب يعيش بيننا لما قال جملته تلك، بل ستجده ناصحاً لكل إنسان بأن يجدّ في البحث عما يعترك في داخله من شك، وأي باحث عن الحق تجده
في حالة تنقلات إيمانية، وفقاً للمكابدة البحثية الدائمة التي يعيش بها.. ومعطيات العلوم محراك، أو محراث يقلب تربة العقل ليبذر بذوراً جديدة.
هذه هي الحياة كل يوم هي في حال.