حجّ بلا تمييز
الخميس / 07 / ذو الحجة / 1445 هـ الخميس 13 يونيو 2024 23:50
علي بن محمد الرباعي
لو سألنا أيّ مُحْرِمٍ صادق في نيّته ومقاصده: ما غايتك من الحجّ؟ لأجاب: أداء نسكٍ «تبرأ به الذمة، ويسقط به الطلب».
والاتصاف بوصف «الحاجّ» يعني التزام بزمان، ومكان، وأقوال وأفعال، منصوص عليها، لا تحتمل زيادةً، مثلما لا تقبل النقصان، فليس الحاج «موكولاً» لهوى نفسه، ففي مهوى أفئدة المسلمين، ومهبط الوحيين، ما يحتّم الأدب مع الله ورسوله، ويقتضي الحذر من مخالفة أمرهما، وكما أن إدخال قول أو فعل على الصلاة، مما ليس منها يبطلها، فكذلك الحجّ.
ونعلمُ أن علماء بلاد الحرمين محل ثقة المسلمين، ومن يأتي للحجّ عابداً، راجياً لمرضاة الله، يسهّل الله له الطريق والرفيق، ويبصّره بالحقّ، ويُسخّر له جهات تتقن عملها بكل مسؤولية، وتكاملية، يلتقي تحت مظلتها «فقه المناسك، وأمن الحجاج، وصحتهم، ونقلهم، وسكنهم، وإرشادهم، وحمايتهم» وغيرها من الخدمات التي لا تضطره للاجتهاد، كونه لا اجتهاد مع النصّ النظامي.
ومن أتى للمشاعر بقصد العبادة لا يماثله من يأتي محتالاً على الأنظمة، أو مفسداً، أو مُشوّشاً، والحكومة السعودية ضابطة لأمن الحجّ منذ تسعين عاماً تقريباً، وهي أشبه برُبان سفينة، تمخر عُباب بحر لُجّيّ، وربان السفينة ومعاونوه إن سمحوا لخفيف عقل، أو دنئ نفس، أو أحمق، أو معتوه، أن يتطاول على مسارها، أو يثقب جنباتها، فمعنى ذلك التضحية بالركاب، والتهاون في الأمانة المناطة بأعناقهم؛ ولذا لا يترددون في الأخذ على يد العابث كائناً من كان، وشرعاً يجوز ارتكاب ضرر أصغر، لتفادي الضرر الأكبر، ودرءُ مفسدةٍ أولى من جلب مصلحة.
ولأنّ العبادات توقيفية فلا مجال لزيادة فيها من عند الإنسان؛ استجابة لرغبة، أو هوى، أو توجيه، فمثلما يُعلن مُنتمٍ إسلامه بشهادته ألا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، ويُصلي عدد ركعاته بفاتحة وركوع وسجود، ويصوم شهره من الفجر إلى الغروب، ويدفع زكاة ماله بحسب نوعها بمقدار محدد شرعاً، فكذلك يؤدّي فريضة حجه حرفياً كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع «خُذوا عني مناسككم».
والأصل في العبادات الحظر والمنع، أي لا يجوز لحاج أو معتمر أن يتعبّد الله بشيء لم يشرعه في كتابه، أو يرد في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أحدث عملاً في الحج لم يأمر به الشرع من الأذكار والأدعية، أو مكانها أو زمانها، أو صفتها فهو ابتداع موجبٌ للردع؛ لأنّ البدع في الدِّين تضليل.
لا تمييز في الحجّ لحجاج بلد على بلد، ولا جهة ولا مذهب ولا طائفة؛ لأنّ من أسمى مقاصد الحجّ «توحّد الحجاج» في نيّتهم، وزيّهم، وتلبيتهم، وحركتهم، من طواف، وسعي، وقضاء ليوم التروية بمنى، ثم الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ومبيت أيام التشريق في منى، وأركان الحج أربعة، الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي، وواجباته، الإحرام من الميقات، والبقاء بعرفة إلى الغروب على من وقف نهاراً، والمبيت بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل، وبمنى ليالي أيام التشريق، ورمي الجمار، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع، والهَدْيَ إن كان متمتعاً أو قارناً (ذبح شاة)، وهناك سنن للحجّ، منها الأذكار والدعاء، التي تستنبط، من القرآن والسنّة، وهي أذكار وأدعية، خاصة بطلب المغفرة، والعفو، والتسبيح، والاستغفار (فرديّاً).
ولم تقف المملكة حائلاً دون رغبة أي مسلم في الحج أو العمرة أو الزيارة، بأي موسم أو تاريخ، فبلادنا انطلاقاً من دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام غدت هي من يوجه الدعوات، وتبعث مسؤوليها للترتيبات، وتسهّل الإجراءات، وتستضيف على نفقتها مئات الآلاف، بلا منّة، أو أذى، ابتغاء لمرضاة الله.
ولعلّ حجاج بعض الدول ينقصهم الكثير من الفقه في الدِّين، خصوصاً فقه العبادات، ما يحتاجون معه إقامة دورة مكثفة يحضرها مشرفو الحملات من كل دولة وبلد؛ امتثالاً لقول الحق سبحانه «وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»، وتكون الدورة برعاية وزارة الحج والعمرة، ورابطة العالم الإسلامي، والشؤون الدينية في الحرمين الشريفين، ومن يحضرها في شهر شوال من مسؤولي ومشرفي بعثات الحج ومطوفيهم، ويطالبون بنقل ما فقهوه لحجاج بلدانهم، الذين ينبغي عليهم تغييب كل الانتماءات مؤقتاً، ولو حضر المذهب الفقهي، فلا بأس، باعتباره يُعنى بتفاصيل أداء المناسك.
مرت على مملكتنا أحداث، وتطاولت عليها بغير حق جهات، ونعقت بالاتهامات أصوات، ولم تستثمر أو توظّف الحج لخدمة موقفها وسياساتها في أعقد الأزمات، بما في ذلك احتلال صدام حسين الكويت، ومهاجمته المملكة، فالدين لا يُسيّس، وإلا فقد شرط إخلاصه لله، والسياسة لا تتديّن، وإلا أخلّت بمبادئ المناورة والمداورة والدهاء.
وتولى قادة المملكة منذ زمن الملك المُوحّد عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيّب الله ثراه، وإلى يومنا هذا، بأنفسهم الإشراف على ضيوف الرحمن، بكل أريحية، بدءاً من الاستقبال، وتأمين ما من شأنه بثّ الطمأنينة، وتيسير العبادة في جوّ إيماني بعيدٍ عن كل المنغصات والاشكالات المُفتعلة.
ولا ريب أن موسم الحج منصوص على قداسته، بموجب نصوص الذكر الحكيم، والحرمان من أساء فيهم فدمه مهدور «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» في الدنيا والآخرة، فالثواب لمن التزم أدب الإسلام، وحافظ على ما يقتضيه النظام، وما وجهت به التعليمات التي يلتزم بها جميع الحجاج، دون تمييز، ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
وكل منصف يعلم يقيناً أن جهود الدولة السعودية في بناء الوطن عموماً، وتطوير الحرمين خصوصاً، وتهيئة الموانئ البحرية والجوية والبرية، غايتها تخفيف المتاعب وإزاحة أي مصاعب عن طريق قاصدي بيت الله الحرام ومسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن هنا يتوجّب تمثّل الخُلق الأحسن، انطلاقاً من مبدأ «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»، ومكان وزمان العبادات لا يتسع لأي شعارات ولا مهاترات، فالحج عبادة توحيدية قوامها الأدب.
والاتصاف بوصف «الحاجّ» يعني التزام بزمان، ومكان، وأقوال وأفعال، منصوص عليها، لا تحتمل زيادةً، مثلما لا تقبل النقصان، فليس الحاج «موكولاً» لهوى نفسه، ففي مهوى أفئدة المسلمين، ومهبط الوحيين، ما يحتّم الأدب مع الله ورسوله، ويقتضي الحذر من مخالفة أمرهما، وكما أن إدخال قول أو فعل على الصلاة، مما ليس منها يبطلها، فكذلك الحجّ.
ونعلمُ أن علماء بلاد الحرمين محل ثقة المسلمين، ومن يأتي للحجّ عابداً، راجياً لمرضاة الله، يسهّل الله له الطريق والرفيق، ويبصّره بالحقّ، ويُسخّر له جهات تتقن عملها بكل مسؤولية، وتكاملية، يلتقي تحت مظلتها «فقه المناسك، وأمن الحجاج، وصحتهم، ونقلهم، وسكنهم، وإرشادهم، وحمايتهم» وغيرها من الخدمات التي لا تضطره للاجتهاد، كونه لا اجتهاد مع النصّ النظامي.
ومن أتى للمشاعر بقصد العبادة لا يماثله من يأتي محتالاً على الأنظمة، أو مفسداً، أو مُشوّشاً، والحكومة السعودية ضابطة لأمن الحجّ منذ تسعين عاماً تقريباً، وهي أشبه برُبان سفينة، تمخر عُباب بحر لُجّيّ، وربان السفينة ومعاونوه إن سمحوا لخفيف عقل، أو دنئ نفس، أو أحمق، أو معتوه، أن يتطاول على مسارها، أو يثقب جنباتها، فمعنى ذلك التضحية بالركاب، والتهاون في الأمانة المناطة بأعناقهم؛ ولذا لا يترددون في الأخذ على يد العابث كائناً من كان، وشرعاً يجوز ارتكاب ضرر أصغر، لتفادي الضرر الأكبر، ودرءُ مفسدةٍ أولى من جلب مصلحة.
ولأنّ العبادات توقيفية فلا مجال لزيادة فيها من عند الإنسان؛ استجابة لرغبة، أو هوى، أو توجيه، فمثلما يُعلن مُنتمٍ إسلامه بشهادته ألا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، ويُصلي عدد ركعاته بفاتحة وركوع وسجود، ويصوم شهره من الفجر إلى الغروب، ويدفع زكاة ماله بحسب نوعها بمقدار محدد شرعاً، فكذلك يؤدّي فريضة حجه حرفياً كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع «خُذوا عني مناسككم».
والأصل في العبادات الحظر والمنع، أي لا يجوز لحاج أو معتمر أن يتعبّد الله بشيء لم يشرعه في كتابه، أو يرد في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أحدث عملاً في الحج لم يأمر به الشرع من الأذكار والأدعية، أو مكانها أو زمانها، أو صفتها فهو ابتداع موجبٌ للردع؛ لأنّ البدع في الدِّين تضليل.
لا تمييز في الحجّ لحجاج بلد على بلد، ولا جهة ولا مذهب ولا طائفة؛ لأنّ من أسمى مقاصد الحجّ «توحّد الحجاج» في نيّتهم، وزيّهم، وتلبيتهم، وحركتهم، من طواف، وسعي، وقضاء ليوم التروية بمنى، ثم الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ومبيت أيام التشريق في منى، وأركان الحج أربعة، الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي، وواجباته، الإحرام من الميقات، والبقاء بعرفة إلى الغروب على من وقف نهاراً، والمبيت بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل، وبمنى ليالي أيام التشريق، ورمي الجمار، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع، والهَدْيَ إن كان متمتعاً أو قارناً (ذبح شاة)، وهناك سنن للحجّ، منها الأذكار والدعاء، التي تستنبط، من القرآن والسنّة، وهي أذكار وأدعية، خاصة بطلب المغفرة، والعفو، والتسبيح، والاستغفار (فرديّاً).
ولم تقف المملكة حائلاً دون رغبة أي مسلم في الحج أو العمرة أو الزيارة، بأي موسم أو تاريخ، فبلادنا انطلاقاً من دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام غدت هي من يوجه الدعوات، وتبعث مسؤوليها للترتيبات، وتسهّل الإجراءات، وتستضيف على نفقتها مئات الآلاف، بلا منّة، أو أذى، ابتغاء لمرضاة الله.
ولعلّ حجاج بعض الدول ينقصهم الكثير من الفقه في الدِّين، خصوصاً فقه العبادات، ما يحتاجون معه إقامة دورة مكثفة يحضرها مشرفو الحملات من كل دولة وبلد؛ امتثالاً لقول الحق سبحانه «وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»، وتكون الدورة برعاية وزارة الحج والعمرة، ورابطة العالم الإسلامي، والشؤون الدينية في الحرمين الشريفين، ومن يحضرها في شهر شوال من مسؤولي ومشرفي بعثات الحج ومطوفيهم، ويطالبون بنقل ما فقهوه لحجاج بلدانهم، الذين ينبغي عليهم تغييب كل الانتماءات مؤقتاً، ولو حضر المذهب الفقهي، فلا بأس، باعتباره يُعنى بتفاصيل أداء المناسك.
مرت على مملكتنا أحداث، وتطاولت عليها بغير حق جهات، ونعقت بالاتهامات أصوات، ولم تستثمر أو توظّف الحج لخدمة موقفها وسياساتها في أعقد الأزمات، بما في ذلك احتلال صدام حسين الكويت، ومهاجمته المملكة، فالدين لا يُسيّس، وإلا فقد شرط إخلاصه لله، والسياسة لا تتديّن، وإلا أخلّت بمبادئ المناورة والمداورة والدهاء.
وتولى قادة المملكة منذ زمن الملك المُوحّد عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيّب الله ثراه، وإلى يومنا هذا، بأنفسهم الإشراف على ضيوف الرحمن، بكل أريحية، بدءاً من الاستقبال، وتأمين ما من شأنه بثّ الطمأنينة، وتيسير العبادة في جوّ إيماني بعيدٍ عن كل المنغصات والاشكالات المُفتعلة.
ولا ريب أن موسم الحج منصوص على قداسته، بموجب نصوص الذكر الحكيم، والحرمان من أساء فيهم فدمه مهدور «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» في الدنيا والآخرة، فالثواب لمن التزم أدب الإسلام، وحافظ على ما يقتضيه النظام، وما وجهت به التعليمات التي يلتزم بها جميع الحجاج، دون تمييز، ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
وكل منصف يعلم يقيناً أن جهود الدولة السعودية في بناء الوطن عموماً، وتطوير الحرمين خصوصاً، وتهيئة الموانئ البحرية والجوية والبرية، غايتها تخفيف المتاعب وإزاحة أي مصاعب عن طريق قاصدي بيت الله الحرام ومسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن هنا يتوجّب تمثّل الخُلق الأحسن، انطلاقاً من مبدأ «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»، ومكان وزمان العبادات لا يتسع لأي شعارات ولا مهاترات، فالحج عبادة توحيدية قوامها الأدب.