أخبار

«بودي جارد» مشاهير «السوشال ميديا»

استعراض وهالة مصطنعة ومحاولة رخيصة للفت الانتباه

متعب العواد (حائل)Motabalawwd@

في عصر تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه المعايير، ارتفعت أصوات المطالبين على منصة (إكس)، بضرورة تقنين ظاهرة من يطلق عليهم (مشاهير التواصل الاجتماعي) وما يحيط بهم من حراسات شخصية، قبل أن تتحول إلى مشهد لا يمكن السيطرة عليه، فالحديث هنا ليس عن النجومية بحد ذاتها، بل عن الظاهرة التي باتت ترافق المشاهير في وسائل التواصل وكأنها ظل لا يفارقهم.. (البودي جارد)، أصبح جزءاً أساسياً من الصورة العامة لحسابات المشاهير وفي الطرف الأول من المعادلة، نجد (المشهور) الذي إما يرى الخطر يحدق به من كل جانب ويخشى على سلامته، أو أنه يعاني من نقص في التأثير الواقعي، فيسعى لتعويض النقص بإحاطة نفسه بحراس شخصيين، ليخلق هالة من الأهمية والهيبة المصطنعة. إن هؤلاء الحراس، بالنسبة له، ليسوا سوى إطار مزخرف للوحة ربما تفتقر لمضمون حقيقي.

هالة وهيبة مصطنعة

الطرف الثاني في المعادلة، (البودي جارد)، تقلدوا حلة الحماية وصدقوا المهمة بشكل جعلهم يتجاوزون الحدود فباتوا يجولون ويصولون في الأماكن العامة، يضايقون كل من حولهم، حتى إن كان العابرون منشغلين بأمورهم الشخصية، مثل مهاتفة صديق أو الرد على رسالة اعتيادية، وتعد ظاهرة الحراسات الشخصية للمشاهير من القضايا التي تثير جدلاً واسعاً في المجتمع، وتتباين الآراء حول دوافعها وتأثيراتها على العلاقات الاجتماعية والأمن الشخصي.

يقول الأخصائي النفسي عمر الأسمر، إن ظاهرة الحراسات الشخصية باتت واضحة في حياة المشاهير، ويمكن أن تعكس شعوراً بالخوف أو القلق من التهديدات المحتملة، وهذا الشعور يمكن أن يكون مبرراً في بعض الحالات، لكن في حالات أخرى قد يكون ناتجاً عن رغبة في تعزيز صورة الذات وإضفاء هالة من الهيبة المصطنعة.

ويضيف الأخصائي الأسمر: «أن بعض المشاهير فيما بين أنفسهم قد يشعرون بتهديد لحياتهم مما يدفعهم للاستعانة بحراس شخصيين، وهذا القلق يمكن أن يكون مبرراً في بعض الأحيان، خصوصاً في حالة تعرضهم لمضايقات أو تدافع».

غرور وعدم ثقة

الأخصائي الاجتماعي عبدالله البقعاوي يقول: «إنه في حالات أخرى، قد تكون الحراسات الشخصية وسيلة لتعزيز صورة مشهور التواصل الاجتماعي وإضفاء هالة من الأهمية والهيبة على أنفسهم، حتى إن لم يكن هناك تهديد حقيقي».

وتتباين ردود أفعال المجتمع تجاه ظاهرة الحراسات الشخصية، ويرى البعض أنها ضرورية لحماية المشاهير، بينما يعتبرها آخرون علامة على الغرور وعدم الثقة بالنفس، خصوصاً عندما يكون الحراس أكثر من الحاجة ويبالغون في دورهم.

ويرى الدكتور خالد الوهابي، أن الظاهرة تثير الاشمئزاز، «فهناك رموز تمشي دون حراسات، وأشخاص ليس لهم أي تأثير إلا في خيالهم لا يخطون خطوتين إلا ومعهم حراس».

أصحاب النظارات السوداء

برجس البرجس، يرى أن موضوع الحراسة الخاصة (البودي جاردات) غريب عجيب، يصطحبونهم في الأفراح والأتراح وكأن الحضور وحوش وقتلة. أما خالد السليمان فيقول: «إن من يمارسون عمل الحماية ببزاتهم القاتمة ونظاراتهم السوداء باتوا يتوهمون أنهم من فرق الحماية السرية، فيمنحون أنفسهم الحق في ممارسة الخشونة مع الناس وكأنهم يملكون صلاحيات إنفاذ القانون».

وكشف مركز استطلاع «عكاظ»، في منطقتي حائل والقصيم، أن القيم الاجتماعية والثقافية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل مواقف الأفراد والمجتمعات تجاه مختلف الظواهر، بما في ذلك ظاهرة الحراسات الشخصية للمشاهير وفي المجتمع السعودي، ويمكن ملاحظة تأثير هذه القيم بشكل واضح على مدى تقبل أو رفض الناس لهذه الظاهرة، فالمجتمع السعودي يُقدّر التواضع والاعتدال في السلوك، ويرى أن المبالغة في إظهار الحماية الشخصية قد تعكس نوعاً من الغرور أو عدم الثقة بالنفس.

فوجود حراسات شخصية مبالغ فيها قد يُعتبر خروجاً عن القيم، مما يؤدي إلى رفض المجتمع لها، فالتواصل والتفاعل الطبيعي بين الأفراد يُعتبر جزءاً أساسياً من الثقافة السعودية، ووجود حراسات شخصية قد يعوق هذا التفاعل ويخلق حاجزاً بين المشاهير وجمهورهم.

احترموا قيم المجتمع

يؤكد استطلاع «عكاظ»، أن المجتمع يميل إلى رفض أي شيء يعيق التفاعل الحر ويعزل المشاهير عن محيطهم الاجتماعي.

ورغم أهمية التواضع، يُدرك المجتمع السعودي أيضاً، أهمية الخصوصية والأمان، وتقبل الحراسات الشخصية يكون مشروطاً بأن تكون في حدود المعقول دون مبالغة، بحيث توازن بين الحماية وعدم الإزعاج، فالمجتمع يميل إلى رفض المبالغة في إظهار الحراسات، وتُعتبر تصرفات بعض (البودي جارد) مبالغاً فيها وغير مقبولة. وتشير الدراسات إلى أن المجتمع يرى هذه التصرفات نوعاً من الاستعراض غير الضروري. وفي الاستطلاع، يرى المستطلعون أن المجتمع السعودي، يفضل أن يقوم المشاهير بتحقيق توازن بين الحاجة للأمان والتفاعل الطبيعي مع الجمهور، وتُظهر القيم الاجتماعية والثقافية في المجتمع تأثيراً كبيراً على مدى تقبُّل حراسات الشخصية للمشاهير، ويتوقع المجتمع توازناً بين الحاجة للأمن والتفاعل الطبيعي، مما يعكس القيم الاجتماعية والثقافية التي تُفضل البساطة والتواضع وتحقيق هذا التوازن يتطلب من المشاهير تبنّي نهج متوازن يراعي هذه القيم ويحترم توقعات المجتمع.