فذلكة الإنترنتيين والورق !
الخميس / 02 / ربيع الأول / 1446 هـ الخميس 05 سبتمبر 2024 01:19
نجيب يماني
في (الرسائل) للأمير الرمز بدر بن عبدالمحسن رحمه الله يردد محمد عبده:
(لا تردين الرسائل وإيش أسوى بالورق)
يسقطها الإنترنتية على كل ما هو ورقي من صحف ومجلات وملاحق ثقافية وأدبية وكُتب كوّنت ذائقتنا الأدبيّة والثقافية، يحبطون كل من يتأسف على اختفاء هذه الوسائل الثقافية، يرددون لا تتعب حالك كلها موجودة على الإنترنت اقرأ ما تريد (أون لاين) وإيش تسوى بالورق.
هذا الجدل المستمر بين الورقي والافتراضي
رجّحت كفته اليوم لصالح الورقي لعدة عوامل منها: إغلاق أداة كراود تانغل التي كانت تتعقب المعلومات التى تنشر المحتوى المضلل والمضر والأخبار الزائفة على منصات التواصل، عكس الوسائل الورقية التي تنشر الأخبار الموثقة عن طريق محرري الأخبار والتقارير وكتّاب الرأي مذيلة بأسمائهم الحقيقية.
عامل آخر تقول ماي تنغستروم في الشرق الأوسط (راودتني فكرة فتح مكتبة لبيع الروايات الرومانسية في كاليفورنيا، وكان أول ما فعلته البحث لمعرفة ما إذا كانت هناك مكتبات مشابهة في الجوار. وبالفعل، عثرت على مكتبة أخرى تبلي بلاءً حسناً للغاية، وتنوي افتتاح فرع ثانٍ لها في نيويورك.
وعليه، افتتحت مكتبتي على بعد نحو ميل من منافستها)، وسرعان ما تحولت مكتبتي إلى مركز نابض بالحياة لقُراء الأعمال التاريخية والأدبية والرومانسية، مع توقيعات المؤلفين لإصداراتهم والسائلين عن الكتب الجديدة، وأصبح لدي عملاء منتظمون يأتون عدة مرات في الأسبوع للبحث عن الكتاب المطبوع.
وتضيف لقد تبدل المشهد العام في أمريكا، من وجود مكتبتين فقط في شيكاغو، إلى شبكة وطنية تضم أكثر عن 20 مكتبة، خلال عامين تضم الروايات الأدبية والتاريخية الموجهة للقراء صغار السن والكبار والأعمال التي تخلط بين الرومانسية والفانتازيا، والرياضية والأعمال الأدبية.
وأغلبها تمتلكها وتديرها نساء، ويعود الفضل إليهن في الارتفاع الهائل في مبيعات هذا الصنف الأدبي، من ١٨ مليون نسخة مطبوعة عام 2020 إلى أكثر من ٣٩ مليون نسخة عام 2023، طبقاً لإحصائية مؤسسة سيركانا بوكسكان، فلا زال الكتاب الورقى يحتل مكانة متقدمة ومميزة يجعلون له مكاناً علياً في حياتهم اليومية يخصصون له وقتاً معلوماً لإشباع جوعهم الفكرى والعقلي، في الوقت الذي تفرغ شوارعنا وأسواقنا من مكتبات تباع فيها الثقافة والأدب، فالراهن يشير إلى ضعف نسب القراءة لدى الفرد، قياسًا بشعوب أخرى،
وهو أمر يضعنا في حرج كبير، ويذهب بنا عكس اتجاه الأمر الربّاني الأوّل «اقرأ»، فالكتاب هو أحد أهم روافد الثقافة وإثراء المعرفة لدى الفرد، والضامن للتنافس في عالم اليوم على بصيرة واعية، وإدراك مميز، وبهذا يكون التمايز إذا ما أردنا أن نلحق بالركب، وننهض قدمًا وفق ما بشّرت به رؤية المملكة المباركة بشارة تتطلّب وعيًا ثقافيًا نوعيًا، ينسجم مع الواقع، ويرتكز على الموروث الباهر، لينتج مستقبلاً وضيئًا، ومفتاح ذلك الاطلاع، ووسيلته الكتاب.
فالقراءة حصانة ضد القلق ضرورية لتنوير العقول والارتواء من معين الأدب والثقافة ولا يتأتى هذا إلا عن طريق الكتاب، فالثقافة هي الكتاب، والكتاب هو الثقافة، والعقول تحتاج إلى غذاء ثقافي وفكري. لا تجده دائمًا على مائدة الإنترنت.
نحن أمة حضارية تمتلك رصيدًا ضخمًا من التراث الثقافي والتاريخي لا نعرف عنه شيئًا
فلا زال تاريخنا في حاجة إلى المزيد من المعرفة والاطلاع والبحث وهي من متطلبات التنمية البشرية.
أخيراً أعزز بدليل ثالث لهولاء المتفذلكين بالقراءة الرقمية على الألواح الإلكترونية
معارض الكتاب المقامة على أرض المملكة، وتهافت الناس عليها واعتراف الناشرين بأن سوق السعودية أهم سوق استهلاكي لبيع كتبهم وتحقيق أرباح خيالية لهم.
رجاء أن يولي الصندوق الثقافي التابع لوزارة الثقافة جلّ اهتمامه بهذا الأمر، ويعمل على فكرة تطوير وإنشاء مكتبات مميزة بتصميم خاص وجميل في كلّ المولات المنتشرة على ساحة الوطن والمطارات لبيع الكتاب ونشره بأسعار مدعمة، فليس بطعام المولات وآخر مستجدات الموضة يحيا الإنسان.
وزارة الثقافة وهي تعيد رسم خارطة جديدة للحياة على خطى الرؤية السعيدة لوطن (اقرأ) بعد سنوات الصحوة العجاف، ومحاربتها الفكر وتدخلها بالحسبة على الكتاب، أن تلزم كل مجمع تجاري بتخصيص مساحة مناسبة لمكتبة ورقية، وفي مطارات المملكة لنشر الكتاب وتداوله وإشاعة الثقافة وإيقاظ الوعي الأدبي والفكري والترغيب في القراءة والمطالعة وتعميقها في نفس الفرد وإشاعتها كالماء والهواء حتى يألفها الناس ولا يملون من رفقتها.
مما يفرح القلب ويسعده إعلان المستشار تركي آل الشيخ، عن إطلاق «جائزة القلم الذهبي للرواية»، والتي تركز على الأعمال الروائية الأكثر شعبية والأكثر قابلية للتحويل لأعمال سينمائية تتضمن الرواية الرومانسية والكوميدية والبوليسية وروايات الرعب والفانتازيا وغيرها.
وهذا دعم وتشجيع من هيئة الترفيه لا بد أن تقابله حركة تكاملية من وزارة الثقافة لتكون المكتبات منتشرة في كل مكان تنشر إبداع الداخل والخارج.
نعيش جودة الحياة ونتفيأ ظلال رؤية كريمة، فهل نشهد عودة مباركة لعصر الكتاب الورقي ونشره ودعمه من وزارة الثقافة، ونرى رفوف مكتباتها وقد جمعت عقول العالم وقدمتها لنا من كتب مترجمة وروايات عربية وعالمية من فكر و أدب ورواية وشعر لنعيش جودة الحياة وترف الفكر.
(لا تردين الرسائل وإيش أسوى بالورق)
يسقطها الإنترنتية على كل ما هو ورقي من صحف ومجلات وملاحق ثقافية وأدبية وكُتب كوّنت ذائقتنا الأدبيّة والثقافية، يحبطون كل من يتأسف على اختفاء هذه الوسائل الثقافية، يرددون لا تتعب حالك كلها موجودة على الإنترنت اقرأ ما تريد (أون لاين) وإيش تسوى بالورق.
هذا الجدل المستمر بين الورقي والافتراضي
رجّحت كفته اليوم لصالح الورقي لعدة عوامل منها: إغلاق أداة كراود تانغل التي كانت تتعقب المعلومات التى تنشر المحتوى المضلل والمضر والأخبار الزائفة على منصات التواصل، عكس الوسائل الورقية التي تنشر الأخبار الموثقة عن طريق محرري الأخبار والتقارير وكتّاب الرأي مذيلة بأسمائهم الحقيقية.
عامل آخر تقول ماي تنغستروم في الشرق الأوسط (راودتني فكرة فتح مكتبة لبيع الروايات الرومانسية في كاليفورنيا، وكان أول ما فعلته البحث لمعرفة ما إذا كانت هناك مكتبات مشابهة في الجوار. وبالفعل، عثرت على مكتبة أخرى تبلي بلاءً حسناً للغاية، وتنوي افتتاح فرع ثانٍ لها في نيويورك.
وعليه، افتتحت مكتبتي على بعد نحو ميل من منافستها)، وسرعان ما تحولت مكتبتي إلى مركز نابض بالحياة لقُراء الأعمال التاريخية والأدبية والرومانسية، مع توقيعات المؤلفين لإصداراتهم والسائلين عن الكتب الجديدة، وأصبح لدي عملاء منتظمون يأتون عدة مرات في الأسبوع للبحث عن الكتاب المطبوع.
وتضيف لقد تبدل المشهد العام في أمريكا، من وجود مكتبتين فقط في شيكاغو، إلى شبكة وطنية تضم أكثر عن 20 مكتبة، خلال عامين تضم الروايات الأدبية والتاريخية الموجهة للقراء صغار السن والكبار والأعمال التي تخلط بين الرومانسية والفانتازيا، والرياضية والأعمال الأدبية.
وأغلبها تمتلكها وتديرها نساء، ويعود الفضل إليهن في الارتفاع الهائل في مبيعات هذا الصنف الأدبي، من ١٨ مليون نسخة مطبوعة عام 2020 إلى أكثر من ٣٩ مليون نسخة عام 2023، طبقاً لإحصائية مؤسسة سيركانا بوكسكان، فلا زال الكتاب الورقى يحتل مكانة متقدمة ومميزة يجعلون له مكاناً علياً في حياتهم اليومية يخصصون له وقتاً معلوماً لإشباع جوعهم الفكرى والعقلي، في الوقت الذي تفرغ شوارعنا وأسواقنا من مكتبات تباع فيها الثقافة والأدب، فالراهن يشير إلى ضعف نسب القراءة لدى الفرد، قياسًا بشعوب أخرى،
وهو أمر يضعنا في حرج كبير، ويذهب بنا عكس اتجاه الأمر الربّاني الأوّل «اقرأ»، فالكتاب هو أحد أهم روافد الثقافة وإثراء المعرفة لدى الفرد، والضامن للتنافس في عالم اليوم على بصيرة واعية، وإدراك مميز، وبهذا يكون التمايز إذا ما أردنا أن نلحق بالركب، وننهض قدمًا وفق ما بشّرت به رؤية المملكة المباركة بشارة تتطلّب وعيًا ثقافيًا نوعيًا، ينسجم مع الواقع، ويرتكز على الموروث الباهر، لينتج مستقبلاً وضيئًا، ومفتاح ذلك الاطلاع، ووسيلته الكتاب.
فالقراءة حصانة ضد القلق ضرورية لتنوير العقول والارتواء من معين الأدب والثقافة ولا يتأتى هذا إلا عن طريق الكتاب، فالثقافة هي الكتاب، والكتاب هو الثقافة، والعقول تحتاج إلى غذاء ثقافي وفكري. لا تجده دائمًا على مائدة الإنترنت.
نحن أمة حضارية تمتلك رصيدًا ضخمًا من التراث الثقافي والتاريخي لا نعرف عنه شيئًا
فلا زال تاريخنا في حاجة إلى المزيد من المعرفة والاطلاع والبحث وهي من متطلبات التنمية البشرية.
أخيراً أعزز بدليل ثالث لهولاء المتفذلكين بالقراءة الرقمية على الألواح الإلكترونية
معارض الكتاب المقامة على أرض المملكة، وتهافت الناس عليها واعتراف الناشرين بأن سوق السعودية أهم سوق استهلاكي لبيع كتبهم وتحقيق أرباح خيالية لهم.
رجاء أن يولي الصندوق الثقافي التابع لوزارة الثقافة جلّ اهتمامه بهذا الأمر، ويعمل على فكرة تطوير وإنشاء مكتبات مميزة بتصميم خاص وجميل في كلّ المولات المنتشرة على ساحة الوطن والمطارات لبيع الكتاب ونشره بأسعار مدعمة، فليس بطعام المولات وآخر مستجدات الموضة يحيا الإنسان.
وزارة الثقافة وهي تعيد رسم خارطة جديدة للحياة على خطى الرؤية السعيدة لوطن (اقرأ) بعد سنوات الصحوة العجاف، ومحاربتها الفكر وتدخلها بالحسبة على الكتاب، أن تلزم كل مجمع تجاري بتخصيص مساحة مناسبة لمكتبة ورقية، وفي مطارات المملكة لنشر الكتاب وتداوله وإشاعة الثقافة وإيقاظ الوعي الأدبي والفكري والترغيب في القراءة والمطالعة وتعميقها في نفس الفرد وإشاعتها كالماء والهواء حتى يألفها الناس ولا يملون من رفقتها.
مما يفرح القلب ويسعده إعلان المستشار تركي آل الشيخ، عن إطلاق «جائزة القلم الذهبي للرواية»، والتي تركز على الأعمال الروائية الأكثر شعبية والأكثر قابلية للتحويل لأعمال سينمائية تتضمن الرواية الرومانسية والكوميدية والبوليسية وروايات الرعب والفانتازيا وغيرها.
وهذا دعم وتشجيع من هيئة الترفيه لا بد أن تقابله حركة تكاملية من وزارة الثقافة لتكون المكتبات منتشرة في كل مكان تنشر إبداع الداخل والخارج.
نعيش جودة الحياة ونتفيأ ظلال رؤية كريمة، فهل نشهد عودة مباركة لعصر الكتاب الورقي ونشره ودعمه من وزارة الثقافة، ونرى رفوف مكتباتها وقد جمعت عقول العالم وقدمتها لنا من كتب مترجمة وروايات عربية وعالمية من فكر و أدب ورواية وشعر لنعيش جودة الحياة وترف الفكر.