عقلاء الإعمار وحمقى الدمار
الخميس / 07 / ربيع الثاني / 1446 هـ الخميس 10 أكتوبر 2024 01:19
حمود أبو طالب
أي عاقل في هذا العالم لا بد أن يشغله سؤال حارق: ما ذنب البشر الأبرياء الذين يريدون العيش بسلام، وبأدنى حد من طموح الإنسان في الحياة، ثم يجدون أنفسهم ضحايا الحروب العبثية التي تنتزع أرواحهم بكل وحشية، أو تحولهم إلى مشردين تائهين بلا مأوى ولا غذاء ولا دواء، مجرد أرقام يتم تحديثها يومياً بين قتيل وجريح ونازح ومشرد، وإحصائيات تظهر في وسائل الإعلام وكأن الحديث ليس عن بشر، بينما الذين يتخذون قرارات الحروب يظهرون بكامل صحتهم وأناقتهم في نشرات الأخبار، يتحدثون عن الصمود مهما كلف الأمر من ضحايا.
نحن نتحدث عن بني البشر في أي مكان على هذا الكوكب المثخن بالجراح، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، ولكن بما أن القضية الملتهبة في الوقت الراهن هي مأساة غزة، التي تولدت منها كارثة أخرى أصابت لبنان، فإن الضمير الإنساني لا بد أن يسأل المحتفلين بمرور عام عليها، الذين يتحدثون عن ضرورة استمرار التضحيات من أجل النصر، لا بد أن يسألهم بأي منطق وأي حق يتحدثون بهكذا استهتار عن حياة البشر، ومن الذي فوّضهم بالزج بهم في أتون الجحيم، طالما النتيجة هي دمار هائل وخراب شامل، وملايين الموتى والجرحى والمعاقين والمهجّرين. هذا ليس استخفافاً بأرواح الضحايا وحسب بل امتهان للعقول والأفهام، ولمنطق الحياة.
لقد تم الإضرار بالقضية الفلسطينية ضرراً كبيراً وغير مسبوق في تأريخها، وفي وقت كانت فيه الحملة الدبلوماسية الدولية الكثيفة للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ودولته تحصد نتائج جيدة، لكن ما حدث لم يعطل تلك المساعي الإيجابية فقط وإنما أتاح لإسرائيل التنكيل بالشعب الفلسطيني بكل شراسة ووحشية، لم يكن ثمة مكسب، فمقابل قتل عدد محدود من الإسرائيليين في 7 أكتوبر الماضي شهدنا عاماً دموياً للفلسطينيين ضحيته عشرات ألوف القتلى وملايين المشردين، وتحويل غزة إلى أرض غير صالحة للحياة. وها نحن أيضاً نشهد منذ فترة إحراق لبنان على مدار الساعة بسبب «فزعة» حزب الله، رغم أنه كان يعرف تماماً أن إسرائيل تتحيّن هذه الفرصة، والأسوأ هو المنتظَر من مواجهة محتملة بين إسرائيل وإيران قد تجعل المنطقة بركاناً تتطاير حممه في كل الاتجاهات، بينما المجتمع الدولي، أمريكا على وجه الخصوص، لا يريد التدخل لمنع الحرب بشكل نهائي وإنما لضبط إيقاعها وإدارتها وفق ما تتطلبه خططه الإستراتيجية بعيدة المدى لهذه المنطقة.
لقد أرادت دول الاعتدال وإعمار الأرض ورخاء الإنسان تحويل هذه المنطقة إلى ورشة تنمية وتطور وازدهار، وحل مشاكلها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية عبر المسارات الدبلوماسية واستخدام الأوراق السياسية الضاغطة والمؤثرة، لكن هناك دائماً أطرافاً مهمتها الوحيدة إلحاق الأذى بشعوب المنطقة وتعقيد قضاياها وتدمير مكتسباتها، وتسويغ وجود القوى الأجنبية فيها، وعسكرة ممراتها الحيوية، بكل ما يسببه ذلك من ضرر على اقتصادها وأمنها واستقرارها.
هذا العالم منكوب بالحمقى ومرضى البارانويا وأوبئة الأيديولوجيات المتطرفة في كل مكان، لكن يبدو أن نصيب منطقتنا منهم كثير للأسف.
نحن نتحدث عن بني البشر في أي مكان على هذا الكوكب المثخن بالجراح، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، ولكن بما أن القضية الملتهبة في الوقت الراهن هي مأساة غزة، التي تولدت منها كارثة أخرى أصابت لبنان، فإن الضمير الإنساني لا بد أن يسأل المحتفلين بمرور عام عليها، الذين يتحدثون عن ضرورة استمرار التضحيات من أجل النصر، لا بد أن يسألهم بأي منطق وأي حق يتحدثون بهكذا استهتار عن حياة البشر، ومن الذي فوّضهم بالزج بهم في أتون الجحيم، طالما النتيجة هي دمار هائل وخراب شامل، وملايين الموتى والجرحى والمعاقين والمهجّرين. هذا ليس استخفافاً بأرواح الضحايا وحسب بل امتهان للعقول والأفهام، ولمنطق الحياة.
لقد تم الإضرار بالقضية الفلسطينية ضرراً كبيراً وغير مسبوق في تأريخها، وفي وقت كانت فيه الحملة الدبلوماسية الدولية الكثيفة للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ودولته تحصد نتائج جيدة، لكن ما حدث لم يعطل تلك المساعي الإيجابية فقط وإنما أتاح لإسرائيل التنكيل بالشعب الفلسطيني بكل شراسة ووحشية، لم يكن ثمة مكسب، فمقابل قتل عدد محدود من الإسرائيليين في 7 أكتوبر الماضي شهدنا عاماً دموياً للفلسطينيين ضحيته عشرات ألوف القتلى وملايين المشردين، وتحويل غزة إلى أرض غير صالحة للحياة. وها نحن أيضاً نشهد منذ فترة إحراق لبنان على مدار الساعة بسبب «فزعة» حزب الله، رغم أنه كان يعرف تماماً أن إسرائيل تتحيّن هذه الفرصة، والأسوأ هو المنتظَر من مواجهة محتملة بين إسرائيل وإيران قد تجعل المنطقة بركاناً تتطاير حممه في كل الاتجاهات، بينما المجتمع الدولي، أمريكا على وجه الخصوص، لا يريد التدخل لمنع الحرب بشكل نهائي وإنما لضبط إيقاعها وإدارتها وفق ما تتطلبه خططه الإستراتيجية بعيدة المدى لهذه المنطقة.
لقد أرادت دول الاعتدال وإعمار الأرض ورخاء الإنسان تحويل هذه المنطقة إلى ورشة تنمية وتطور وازدهار، وحل مشاكلها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية عبر المسارات الدبلوماسية واستخدام الأوراق السياسية الضاغطة والمؤثرة، لكن هناك دائماً أطرافاً مهمتها الوحيدة إلحاق الأذى بشعوب المنطقة وتعقيد قضاياها وتدمير مكتسباتها، وتسويغ وجود القوى الأجنبية فيها، وعسكرة ممراتها الحيوية، بكل ما يسببه ذلك من ضرر على اقتصادها وأمنها واستقرارها.
هذا العالم منكوب بالحمقى ومرضى البارانويا وأوبئة الأيديولوجيات المتطرفة في كل مكان، لكن يبدو أن نصيب منطقتنا منهم كثير للأسف.