المؤرخون العرب ونصرة الجغرافيا العربية
الثلاثاء / 19 / ربيع الثاني / 1446 هـ الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 00:00
عبداللطيف الضويحي
يوماً بعد يومٍ يتأكد أن المشروع الصهيوني في المنطقة العربية وأفريقيا هو نفسه المشروع الاستعماري الأوروبي التاريخي للمنطقة الذي ظننا لفترة من الزمن أنه زال وانتهى مع استقلال دول المنطقتين العربية والأفريقية. هي الإمبريالية الغربية إذاً، التي استلمت راية الاستعمار البريطاني والفرنسي والأوروبي ككل تحت وصاية المستعمر وإعادة بسط نفوذه الاستعماري كقوة عالمية وحيدة مسيطرة على مفاصل النظام العالمي. لقد بشّر الغرب بالشرق الأوسط الجديد إبان احتلال العراق، فكان مقدمة لتدمير دول المنطقة بصنيعة «داعش» وأخواتها، وتهجير سكان الدول العربية من خلال مشروع «الربيع العربي»، وصولاً إلى تحويل عدد من الدول العربية لدول «فاشلة».
مشروع داعش ومشروع الربيع العربي ومشروع الحرب على غزة وفلسطين وما أتى من حروب بعد حرب غزة وما سيأتي كلها مشروعات غربية لتهيئة وتجهيز المنطقة لما يسمى الشرق الأوسط الجديد. هذا الشرق الأوسط الجديد ينفذه حالياً «المقاول الإقليمي» الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين بمشاركة غربية كاملة. نحتار عادة بين الجمهوريين والديموقراطيين في واشنطن، والحقيقة أن الحزبين يعملان منذ عقود على فكرة الشرق الأوسط الجديد، فالحزب الديموقراطي عادة يهدم القائم من الدول والمجتمعات العربية، بينما الجمهوري يقطف ما يمكن قطفه من ثمرة لصالح الكيان لتستمر الدوامة ومعها إعادة تشكيل الشرق الأوسط الأمريكي الجديد.
بصرف النظر عن شكل وملامح الشرق الأوسط الجديد الذي قطع الغرب وشريكه المقاول الإقليمي المنفذ مشواراً طويلاً في تفتيته وتدميره ورسمه وتشكيله ليتم على أنقاض مشروع سايكس – بيكو، الذي استنفد على ما يبدو الغرض منه، ولا بد من تحديثه بمشروع الشرق الأوسط الجديد لإجهاض القوة الصينية والنفوذ الصيني في المنطقة والعالم.
من السذاجة الاعتقاد بأن ما يقدمه الغرب من مساعدات عسكرية ودعم اقتصادي وغطاء أو تمكين سياسي للكيان الصهيوني المحتل، هو من باب الانتماء الديني أو التعاطف الإنساني أو الحقوقي من قبل هذا الغرب مع اليهود أو أنه انتصار لما يسمى «دولة إسرائيل» أو أنه انتصاف لليهود بعدما تعرضوا للعديد من الأزمات في أوروبا وما تعرضوا له من طرد في عدد من المحطات التاريخية!
إن ما تحظى به دولة الاحتلال الصهيوني من رعاية غربية هو بسبب حاجة الغرب لبقاء واستدامة مشروعهم الاستعماري في المنطقة العربية وأفريقيا، فكان لا بد من إعطاء هذا النوع من الاستعمار صبغة محلية إقليمية قابلة للبقاء في المنطقة بحيث لا يزول كما زالت كافة أنواع الاحتلال والاستعمار، فليس في التاريخ احتلال يبقى ويستديم، ومن هنا كانت تسمية الاستعمار الغربي للكيان بـ«دولة إسرائيل» واستصدار قرار من الأمم المتحدة للتأسيس لهذا الاستعمار غير المسبوق في العالم.
يجب ألا يغيب عن الدول والشعوب العربية والأفريقية أن زراعة الكيان المحتل في قلب الوطن العربي وأفريقيا يحقق للغرب الاستعماري هدفين: الجغرافيا العربية والأفريقية وما تحت هاتين الجغرافيتين من موارد طبيعية وما فوقها، والهدف الثاني هو هدف ديموغرافي، ويتمثل بالتخلص من اليهود، الذين لم يستطع أن يتعايش معهم المجتمع والدول الغربية، وهو ما تسبب بالعديد من المواجهات معهم.
إن التصريحات التي يطلقها الصهاينة من ادعاءات حول تأسيس دولة «إسرائيل الكبرى» على حساب عدد من الدول العربية، التي تشتمل خرائطها على مساحات شاسعة من الدول العربية القائمة والمعترف بها في الأمم المتحدة، تؤكد حقيقتين، أولاً: أن الكيان المحتل ليس دولة ولو كان دولة لا يمكن أن يستمر في فتح الجبهات ويشن الحروب، بينما يعاني من انهيار منظومته الدفاعية والاستخبارية ونفاد ذخيرته منذ الأيام الأولى من حربه على غزة. لكنه يقوم بما يقوم به من حروب وتجاوزات لكل المنظمات والأخلاق برعاية ومشاركة غربية، كشفت عن طبيعة ووظيفة هذا الكيان، الذي يستمر في وصل الاستعمار الأوروبي بالاستعمار الأمريكي أي ما قبل سايكس- بيكو بما بعد سايكس- بيكو وصولاً للشرق الأوسط الجديد. ثانياً: كل الأزمات التي تعرضت لها دول المنطقة بدءاً من أحداث 11 سبتمبر واحتلال العراق وأفغانستان وصناعة داعش وبوكو حرام وما جاء بعدها مما يسمى بموجات الربيع العربي وصولاً لحرب غزة وحروب ما بعد غزة، مشروع واحد متصل المراحل ينفذه المقاول الإقليمي «المحتل» تحت مسميات دينية وتاريخية وجغرافية إستراتيجية للمستعمر الغربي.
أخيراً، أتساءل عن سبب غياب المؤرخين العرب والهيئات والمنظمات والجمعيات التاريخية العربية والدولية وعدم تصديها لمثل هذه الادعاءات الصهيونية التي تطالب بإلحاق المزيد من الجغرافيا العربية بالمشروع الصهيوني الغربي الاستعماري في المنطقة العربية! لماذا لا يصار إلى مؤتمرات عالمية وعربية تتصدى لهذا المشروع الاستعماري في المنطقة؟ قد يقول قائل منذ متى يحترم الغرب والكيان المحتل قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي؟ والجواب أن هذا الكلام صحيح، لكن من قال إن الغرب والكيان هما قدر العالم؟ ومن قال إن القوة الغربية ستكون استثناءً دون سائر القوى التي مرت وتجاوزها التاريخ خاصة أنها قوة تفتقر لأساسات الحضارة؟
مشروع داعش ومشروع الربيع العربي ومشروع الحرب على غزة وفلسطين وما أتى من حروب بعد حرب غزة وما سيأتي كلها مشروعات غربية لتهيئة وتجهيز المنطقة لما يسمى الشرق الأوسط الجديد. هذا الشرق الأوسط الجديد ينفذه حالياً «المقاول الإقليمي» الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين بمشاركة غربية كاملة. نحتار عادة بين الجمهوريين والديموقراطيين في واشنطن، والحقيقة أن الحزبين يعملان منذ عقود على فكرة الشرق الأوسط الجديد، فالحزب الديموقراطي عادة يهدم القائم من الدول والمجتمعات العربية، بينما الجمهوري يقطف ما يمكن قطفه من ثمرة لصالح الكيان لتستمر الدوامة ومعها إعادة تشكيل الشرق الأوسط الأمريكي الجديد.
بصرف النظر عن شكل وملامح الشرق الأوسط الجديد الذي قطع الغرب وشريكه المقاول الإقليمي المنفذ مشواراً طويلاً في تفتيته وتدميره ورسمه وتشكيله ليتم على أنقاض مشروع سايكس – بيكو، الذي استنفد على ما يبدو الغرض منه، ولا بد من تحديثه بمشروع الشرق الأوسط الجديد لإجهاض القوة الصينية والنفوذ الصيني في المنطقة والعالم.
من السذاجة الاعتقاد بأن ما يقدمه الغرب من مساعدات عسكرية ودعم اقتصادي وغطاء أو تمكين سياسي للكيان الصهيوني المحتل، هو من باب الانتماء الديني أو التعاطف الإنساني أو الحقوقي من قبل هذا الغرب مع اليهود أو أنه انتصار لما يسمى «دولة إسرائيل» أو أنه انتصاف لليهود بعدما تعرضوا للعديد من الأزمات في أوروبا وما تعرضوا له من طرد في عدد من المحطات التاريخية!
إن ما تحظى به دولة الاحتلال الصهيوني من رعاية غربية هو بسبب حاجة الغرب لبقاء واستدامة مشروعهم الاستعماري في المنطقة العربية وأفريقيا، فكان لا بد من إعطاء هذا النوع من الاستعمار صبغة محلية إقليمية قابلة للبقاء في المنطقة بحيث لا يزول كما زالت كافة أنواع الاحتلال والاستعمار، فليس في التاريخ احتلال يبقى ويستديم، ومن هنا كانت تسمية الاستعمار الغربي للكيان بـ«دولة إسرائيل» واستصدار قرار من الأمم المتحدة للتأسيس لهذا الاستعمار غير المسبوق في العالم.
يجب ألا يغيب عن الدول والشعوب العربية والأفريقية أن زراعة الكيان المحتل في قلب الوطن العربي وأفريقيا يحقق للغرب الاستعماري هدفين: الجغرافيا العربية والأفريقية وما تحت هاتين الجغرافيتين من موارد طبيعية وما فوقها، والهدف الثاني هو هدف ديموغرافي، ويتمثل بالتخلص من اليهود، الذين لم يستطع أن يتعايش معهم المجتمع والدول الغربية، وهو ما تسبب بالعديد من المواجهات معهم.
إن التصريحات التي يطلقها الصهاينة من ادعاءات حول تأسيس دولة «إسرائيل الكبرى» على حساب عدد من الدول العربية، التي تشتمل خرائطها على مساحات شاسعة من الدول العربية القائمة والمعترف بها في الأمم المتحدة، تؤكد حقيقتين، أولاً: أن الكيان المحتل ليس دولة ولو كان دولة لا يمكن أن يستمر في فتح الجبهات ويشن الحروب، بينما يعاني من انهيار منظومته الدفاعية والاستخبارية ونفاد ذخيرته منذ الأيام الأولى من حربه على غزة. لكنه يقوم بما يقوم به من حروب وتجاوزات لكل المنظمات والأخلاق برعاية ومشاركة غربية، كشفت عن طبيعة ووظيفة هذا الكيان، الذي يستمر في وصل الاستعمار الأوروبي بالاستعمار الأمريكي أي ما قبل سايكس- بيكو بما بعد سايكس- بيكو وصولاً للشرق الأوسط الجديد. ثانياً: كل الأزمات التي تعرضت لها دول المنطقة بدءاً من أحداث 11 سبتمبر واحتلال العراق وأفغانستان وصناعة داعش وبوكو حرام وما جاء بعدها مما يسمى بموجات الربيع العربي وصولاً لحرب غزة وحروب ما بعد غزة، مشروع واحد متصل المراحل ينفذه المقاول الإقليمي «المحتل» تحت مسميات دينية وتاريخية وجغرافية إستراتيجية للمستعمر الغربي.
أخيراً، أتساءل عن سبب غياب المؤرخين العرب والهيئات والمنظمات والجمعيات التاريخية العربية والدولية وعدم تصديها لمثل هذه الادعاءات الصهيونية التي تطالب بإلحاق المزيد من الجغرافيا العربية بالمشروع الصهيوني الغربي الاستعماري في المنطقة العربية! لماذا لا يصار إلى مؤتمرات عالمية وعربية تتصدى لهذا المشروع الاستعماري في المنطقة؟ قد يقول قائل منذ متى يحترم الغرب والكيان المحتل قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي؟ والجواب أن هذا الكلام صحيح، لكن من قال إن الغرب والكيان هما قدر العالم؟ ومن قال إن القوة الغربية ستكون استثناءً دون سائر القوى التي مرت وتجاوزها التاريخ خاصة أنها قوة تفتقر لأساسات الحضارة؟