«نكتة» تقود مديراً للقضاء بتهمة التحرُّش بموظفة.. «عكاظ» تنشر التفاصيل
قانونيون: ردع المتحرشين بالسجن والغرامة والتشهير
الأربعاء / 20 / ربيع الثاني / 1446 هـ الأربعاء 23 أكتوبر 2024 21:58
عدنان الشبراوي (الرياض) Adnanshabrawi@
في واقعة تحرش تستكمل إجراءاتها أمام القضاء، أكدت مصادر «عكاظ» حزم وزارة العدل في التعامل مع هذه القضايا وردع كل من تثبت إدانته بعقوبات صارمة وفق نظام المكافحة الذي يطبق أمام المحاكم الجزائية.
وبحسب دعوى (أطلعت عليها «عكاظ») تتلخص وقائعها في أن وافداً عربياً يعمل مديراً بعث نكتة غير أخلاقية من بين رسائل واتساب عدة لموظفة في شركة يعمل بها تسببت في مثوله أمام القضاء لمحاكمته بجريمتي التحرش ومخالفة نظام الجرائم المعلوماتية، وباشرت محكمة جدة الجزائية الدعوى.
وطبقاً للتفاصيل، فإن موظفة تعمل أخصائية موارد بشرية في إحدى الشركات قدمت بلاغاً مفاده أنها تعرضت للتحرش لفظياً من شخص يعمل مديراً معها بمقر الشركة، وكانت البداية عن طريق رسائل ذات إيحاء ومدلول جنسي من كلام وصور من هاتفه الخاص على جوالها في بداية عملها، وقالت الشاكية إنها ردت على تجاوزاته برسالة تنبهه أنه أخطأ في إرسال الرسالة وطلبت منه عدم تكرار ذلك وعدم بعث أي رسائل خارج وقت الدوام أو لأمور غير العمل. وأضافت في دعواها أن الموظف المتهم كان يبعث لها رسائل واتساب آخر الليل قبل أن يخطرها لاحقا في رسالة بأنه بعث الرسالة عن طريق الخطأ معتذراً عن فعلته.
وزادت الموظفة المدعية أن المتهم تمادى واستمر في مضايقتها وتطور الأمر إلى أن تحرش بها لفظياً بعبارات ذات مدلول جنسي عند مرورها أمامه، وذكرت أنها سبق أن نهرته وشكته لإدارة الشركة عبر خطاب رسمي إلا أنها لم تنل حقها وفق دعواها، ما دفعها إلى أن تتقدم بشكواها أمام القضاء لمحاسبته على ما حدث. وأفادت الشاكية أن لديها رسائل واتساب وشهوداً على السلوك السيئ للمتهم، وأنه أضحى حريصاً على عدم الإمساك بأي دليل ضده في التحرش، وبررت المدعية تأخرها في تقديم البلاغ بأنها كانت تعتقد أنه أخطأ بإرسال تلك الرسائل وحين تكرر الأمر تقدمت بشكواها.
المتهم:اعتذرت ولم أتعرض لها
اطلعت جهة التحقيق على محضر تضمن الاطلاع على صور لرسائل الواتساب مرفقة بالمعاملة تضمنت نكتاً خليعة (18+)، كما اطلعت النيابة على محضر تضمن مشاهدة جوال المتهم ورسائل واتساب ومحادثات بين المتهم والموظفة ومضمون الرسائل بعضها تخص العمل ورسائل استشارات وصور للموظفة تم إرسالها للمتهم بناء على طلبه، وجرى التحفظ على الجوال وحجزه لحين البت في القضية. وبسماع أقوال المتهم أنكر تحرشه بالموظفة، وبرر أن الرسالة محل الدعوى التي وصلت لها كانت عن طريق الخطأ، وأنه أرسلها قبل شهور عدة، وكان يرغب إرسالها لأصدقاء وتم تحديد اسمها بالخطأ، وأفاد أنه قدم اعتذاره وأخبرها أن الرسالة كانت عن طريق الخطأ. وأضاف في رده أنه لم يرسل لاحقاً أي رسالة، وأنه لم يتحرش بها أبداً؛ سواء عن طريق الرسائل أو غيرها، ونفى أن يكون قد تحرش بها لفظياً كما ادعت، وأنه لا يوجد بينه وبين الموظفة المدعية أي خلاف، والذي حدث -طبقاً لطبيعة عمله- أنه رفع تقريراً عنها كونها أخصائية توظيف بقسم الموارد البشرية بالشركة وخالفت نظام العمل بتوظيف عامل دون تصريح ما يتسبب في وقوع الشركة في مخالفات، وأفاد بأنه تم التحقيق معه من مسؤولي الشركة، وصدر محضر ببراءته من شكواها. وأوضح في رده أمام المحكمة أن الموظفة المدعية لم تقدم أي شكوى إلا بعد أن قام بإرسال إيميل تضمن تقريراً حيال مخالفتها لنظام العمل والعمال بتوظيف موظف في غير مهنته ما يعني أنها حاولت الانتقام منه.
«النيابة»: فعلته محرمة ومعاقب نظاماً
خلص التحقيق أمام النيابة إلى توجيه الاتهام للموظف بمخالفة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بإرسال رسالة غير أخلاقية للمدعية وبالتحرش بها من خلال الرسالة، واعتبر المدعي العام أن ما أقدم عليه المتهم -وهو بكامل أهليته المعتبرة شرعاً- فعلٌ محرمٌ ومعاقب عليه وفق نظامي مكافحة الجرائم المعلوماتية، ومكافحة التحرش، مطالباً إثبات ما أسند إليه والحكم عليه بالعقوبات الواردة نظاما وإحالته إلى المحكمة الجزائية. وقدم المتهم أمام المحكمة الجزائية مذكرة جوابية نفى فيها ما نسب إليه من جريمة، مطالباً برد الدعوى لوجود خلاف مع الموظفة المدعية. ونقلت مصادر أن المحكمة تتأهب للفصل في الدعوى في وقت لاحق.
تدابير مانعة للتحرش
أكدت النيابة العامة أن عقوبة جريمة التحرش، إن وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية، السجن مدة تصل إلى خمس سنوات، أو غرامة مالية تصل إلى 300 ألف ريال. وقالت النيابة العامة عبر حسابها: «يجب على الجهات المعنية في القطاع الحكومي، والقطاع الأهلي، وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل، ويحق لكل من اطلع على حالة تحرش إبلاغ الجهات المختصة لاتخاذ ما تراه».
متى تُغلّظ العقوبة؟
بحسب قانونيين، فإن المحاكم السعودية تواجه جريمة التحرّش بعقوبات رادعة للمدان وزاجرة لغيره ومغلظة على الجميع تتضمن عقوبات السجن والغرامة والتشهير. وأوضح المحامي صالح مسفر الغامدي أن نظام مكافحة جريمة التحرش يتكون من سبع مواد قانونية، وجرى تعديل المادة السادسة بإضافة فقرة أجازت تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبات المشار إليها ونشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية. وأضاف أن المادة السادسة من نظام مكافحة جريمة التحرش قضت بأن يعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يرتكب جريمة تحرش، وتغلظ عقوبة جريمة التحرش بالسجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على 300 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود أو في حالة اقتران الجريمة بحالات منها إن كان المجني عليه طفلاً، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه، أو في حال وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية، أو في حال كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، أو كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي أو في حكم ذلك، أو إذا وقعت الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
ما تبعات البلاغ الكيدي؟
المحامية منال الحارثي قالت إنه لا يحول تنازل المجني عليه أو عدم تقديم شكوى دون حق الجهات المختصة في اتخاذ ما تراه محققاً للمصلحة العامة. وأكدت أن النظام نصّ على معاقبة كل من قدم بلاغاً كيديّاً عن جريمة تحرش، أو ادعى كيداً بتعرضه لها، بالعقوبة المقررة للجريمة. وشدد النظام على كل من اطلع على حالة تحرش إبلاغ الجهات المختصة، لاتخاذ اللازم، ويلتزم كل من يطّلع -بحكم عمله- على معلومات عن أي من حالات التحرش؛ بالمحافظة على سرية هذه المعلومات، ولا يجوز الإفصاح عن هوية المجني عليه، إلا في الحالات التي تستلزمها إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة.
لامساس بالجسد والعرض
المحامي بندر المغامس أوضح أن نظام المكافحة عرّف جريمة التحرش على أنها كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة، وذلك وفقاً لنظام مكافحة جريمة التحرش. وقال إن التنازل في دعوى التحرش في الحق الخاص لا يسقط الحق العام، كما أن عدم تقديم الشكوى من المجني عليه لا يحول دون حق الجهات المختصة -نظاماً- في اتخاذ ما تراه محققاً للمصلحة العامة؛ وذلك وفقاً لأحكام نظام الإجراءات الجزائية، والأنظمة الأخرى ذات الصلة. ولكل من يطلع على حالة تحرش يجب عليه تقديم البلاغ والتستر عن عدم تقديم البلاغ يعد جريمة وهي التستر على (جريمة تحرش) ويعاقب المتستر في حال ثبت ذلك قضاءً، وأوجب النظام على الجهات المعنية في القطاع الحكومي، والقطاع الأهلي وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل في كل منها، ويشمل ذلك آلية تلقّي الشكاوى داخل الجهة، والإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكاوى وجديتها وبما يحافظ على سريتها، مع نشر تلك التدابير، وتعريف منسوبيها بها، كما أوجب النظام على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي مساءلة أيٍّ من منسوبيها -تأديبيّاً- في حالة مخالفته أيّاً من أحكام النظام، وفقاً للإجراءات المتبعة، ولا تخل المساءلة التأديبية في التقدم بشكوى أمام الجهات المختصة نظاماً.
5 سنوات سجناً وغرامة 300 ألف
عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على 300 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتعدّ من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، ويجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبات المشار إليها في هذه المادة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية. كما أن أي جريمة تحرش تقع في وسائل التواصل الاجتماعي هي بالطبع تعدّ من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف؛ كونها جريمة معلوماتية، إضافة لكونها جريمة تحرش ويعاقب مرتكبها بالعقوبة الأشد استناداً للمادة (6/1) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.