رُفعت الجلسة !
اتهامات متبادلة بين المحامين وموكليهم «عكاظ» تستطلع آراء أهل المهنة
الجمعة / 29 / ربيع الثاني / 1446 هـ الجمعة 01 نوفمبر 2024 10:07
عدنان الشبراوي (جدة)Adnanshabrawi@
الحديث عن المحاماة والمحامين ذو شجون، حديث يقبل القسمة على اثنين وثلاثة وأربعة وعشرة. المحامون يدافعون عن أنفسهم وعن مهنتهم.. والمتقاضون يكشفون مواقف وقصصاً ومتاعب قد تخدش شرف المهنة لدى فئة قليلة. ثمة آراء متباينة حول مهنة المحاماة يرويها البعض ممن لهم تجارب يصفونها بأنها «غير جيدة» مع بعض المحامين من ناحية استغلال جهلهم ورفع رسوم الأتعاب أو عدم تجاوبهم مع اتصالاتهم أو منحهم وعوداً غير صادقة أو عدم الاهتمام بقضية العميل بعد توقيع العقد واستلام المقدم وتركها لمتدربين، فضلاً عن تقديم البعض مذكرات نسخ ولصق دون جهد ما يؤدي إلى خسارة القضية؛ طبقاً لوصف بعض أصحاب تلك التجارب.
في المقابل يدافع المحامون عن أنفسهم وعن مهنتهم، ويردون بشكاوى تجاه العملاء ممن يتصل هاتفياً آخر الليل وفي الفجر وفي الصباح الباكر أو يحضر للمكتب دون موعد أو يذهب ويبحث في المواقع الإلكترونية عن قضية مشابهة لقضيته في ظاهرها ثم يقترح على المحامي خطوات بعيدة عن أرض الواقع، أو يطلب ضماناً وتأكيداً بكسب القضية، وهو ما لا يمكن، وقد يتحول العميل تبعاً لذلك إلى خصم للمحامي يقيم عليه دعوى للحصول على الأتعاب، لا سيما من البعض الذين يربطون كسب القضية بدفع الأتعاب المتبقية، ضف إلى ذلك فإن بعض العملاء لا يطلع المحامي على كل التفاصيل، ولا يقدّم له المستندات اللازمة لقضيته، ومنهم من يفسخ عقده بحثاً عن محامٍ آخر.. شكاوى عدة حول تعجل بعض المحامين أو المتدربين ممن يتصدرون المجالس وساحات التواصل الاجتماعي الذين يفتون بلا خجل في كل شاردة وواردة، وشكاوى من عملاء تورطوا مع محامين لا يردون على اتصالاتهم أو يطلبون منهم تذكيرهم بمواعيد الجلسات أو يستغلونهم مادياً بأتعاب مبالغ فيها مستغلين جهلهم أو حاجتهم الماسة للمساعدة في كتابة لائحة أو طلب إطلاق سراح موقوف أو الترافع في قضية أمام المحكمة. باستطلاع آراء عدد من المختصين، فإن البعض يرى أن المحامين والعملاء شركاء في خدش المهنة، ويقولون إن بعض العملاء لا يبحثون عن المحامي المهني صاحب الخبرة والدراية والاطلاع، بل يفضلون من لديه علاقات، وآخرون يرون أن القائمين على المهنة عليهم عاتق المحافظة عليها وحمايتها وتصنيف المحامين إلى درجات ومراتب بحسب خبراتهم لضبط رسوم الأتعاب شأنهم شأن الأطباء، فمنهم الطبيب العام والأخصائي والاستشاري وكذلك أساتذة الجامعة فمنهم الأستاذ المشارك والمساعد والبروفسور.
محامي البراشوت
الرئيس السابق للمحامين بمجلس الغرف السعودية وعضو سابق للجنة الاستشارية للتحكيم بوزارة العدل المحامي ماجد قاروب، يرى أن غياب المهنية الحقيقية عن واقع المهنة المتأثرة واقعياً بإرثها السلبي من ممارسة الترافع من غير المرخصين والمؤهلين من الجميع تقريباً رسخ لجميع المفاسد من جميع أطراف المصلحة عموماً، فغياب جميع عناصر الجودة والمهنية والكفاءة ومنها غياب النظرة السوية لمهنة المحاماة في مجالي الاستشارات والترافع، وما زالت العناصر غير المهنية هي التي تسود عند اختيار المحامين والتي ترتكز على العلاقات الاجتماعية والوهمية التي تستند إلى الشكل والمظاهر؛ فغياب المهنية والتأهيل الحقيقي للأجيال الجديدة جعلت من التسهيلات التقنية لأعمال التقاضي تقدر من الجميع أن تكلفة المحامي تنحصر في المواصلات كساعي البريد، وجعلت المتقاضين يعتقدون أن حضورهم أمر مفيد لأعمال قضاياهم، ومعظم هذه الممارسات لا تظهر أمام اللجان القضائية التي يرتفع فيها مستوى العمل المهني الاحترافي؛ لأنها مرتبطة بالشركات والأعمال الكبرى مثل البنوك والتأمين والتنافسية والجمارك والضريبة؛ لذلك نحن بحاجة إلى بداية حقيقية لترسيخ الثقافة الحقوقية والمهنية في مجتمع الأعمال ورجال الإدارة في القطاعين العام والخاص لترسيخ مفاهيم الشفافية والنزاهة وتعارض المصالح ومكانة رجل القانون واتخاذ خطوات وقرارات مهمة كما فعلت النيابة العامة بحصر المراجعة على المحامي المرخص له فقط، كما يتطلب الأمر إعادة النظر في متطلبات التأهيل والترخيص للمهنة لتكون واقعاً عملياً وعلمياً حقيقياً بعيداً عن المحاضرات النظرية التي سهلت على الجميع التصدي لتقديم الاستشارات بعيداً عن الخبرات المطلوبة لتقديم العمل النوعي الصحيح الذي يحقق ما ترغبه القيادة لسيادة ونفاذ القانون والعمل على إصدار التشريعات القضائية لرفع مستوى العمل القضائي والقانوني، إذ يتوجب مراجعة التأهيل والتدريب للقضاة والمحامين والخبراء والمنشغلين بالعمل الحقوقي والقانوني والقضائي والعدلي بما في ذلك الهندسة الإجرائية لإعادة البناء التي تحتاج إلى تعديل تنظيم هيئة المحامين لتكون من أصحاب الخبرات المهنية فقط دون غيرهم لقيادة وإدارة المهنة لتكون بداية حقيقة لما نتطلع له لهذه المهنة.
ويضيف المحامي قاروب، أن الواقع في الجهات الحكومية التي لا تعترف بالرخصة المهنية للمحامين وتطالب بسجلات تجارية ما يوضح سلبية تواجد المهنة وحاجاتها ومتطلباتها وواقعها في القطاعين العام والخاص بما في ذلك تقديم الخبرة والأعمال والخدمات التي تقدم للقضاء التي تختار الأرخص سعراً بخلاف إتاحتها للجميع بما يخالف لائحة سلوكيات المهنة التي تتحدث عن خبرة المحامي على غير وخلاف ما يطبق من قبل الأجهزه القضائية نفسها. إن حجم الاقتصاد وتعداد السكان يجعلنا قادرين على استيعاب ما لا يقل عن 100 ألف مكتب محاماة لا أن يكون لدينا آلاف من الحقوقيين الباحثين عن العمل، مع تأكيد أن أعضاء مجلس إدارة هيئة المحامين يجب أن يكونوا من المحامين أصحاب الخبرات التي لا تقل خبراتهم عن ثلاثة عقود ومن المؤهلين والممارسين ابتداءً من التدريب في مكاتب المحاماة والأجهزة المختلفة الخاصة وصولاً إلى كونهم أصحاب مكاتب محاماة وهم القادرون فقط دون غيرهم من الحقوقيين أو المحامين الذين التحقوا بالمهنة بعد خروجهم للتقاعد بما يعرف بـ(محامي البراشوت) على اعتبار أن من يستطيع أن يتولى ويخطط ويدير ويحمي المهنة والمهنية الخاصة بها هم فقط المحامون أصحاب الخبرات.
الاستقامة والمظهر الحسن
المحامية منال الحارثي تقول: إن قواعد السلوك المهني تهدف الى تطوير مهنة المحاماة والارتقاء بمعاييرها المهنية وضبط مسؤولية المحامي في ممارسته لمهنته، وتوضيح مسؤوليته تجاه عملائه وزملائه والجهات العدلية والمجتمع، وتعزيز الحماية النظامية للمحامي ولعملائه وللأطراف الأخرى ذوات العلاقة، وتعزيز مبادئ الشفافية والمسؤولية في ممارسات المحامي المهنية، إضافة الى رفع كفاءة أداء المنظومة العدلية بزيادة مستوى الاحتراف القانوني، وتعزيز جوانبه الوقائية؛ فقواعد السلوك المهني للمحامين تؤكد أن يحافظ المحامي على شرف المهنة ومكانتها، وألا يتصرف بما يخل بثقة الناس به أو بالمهنة، ويجب على المحامي أن يظهر أثناء مزاولته المهنة بالزي المناسب، ولا يخالف العُرف، وواجب على المحامي أن يتحلّى في سلوكه بالشرف والاستقامة والنزاهة على المستوى الشخصي حتى خارج نطاق مزاولته للمهنة، وأن يحرص على التطوير والتعلم المستمر، ويتابع ما يستجد من أنظمة ولوائح وقواعد وقرارات بما يمكّنه من مزاولتها بأقصى درجات المهنية، متجنباً الخطأ والتقصير، وأن يسهم المحامي في خدمة المجتمع وذوي الحاجة بالتطوع والمبادرات المجتمعية؛ وفق ما تقضي به الأنظمة ذات الصلة.
وتضيف المحامية منال الحارثي: إن القواعد حظرت على المحامي أي تصرف يمثل تعارضاً فعليّاً أو محتملاً مع مصالح عملائه الحاليين أو السابقين، إلا بعد الموافقة المكتوبة من العميل ذي الصلة بالتصرف، وحظرت عليه، أيضاً، أي تصرف يمثل تعارضاً فعليّاً أو محتملاً مع مصالح جهات العمل التي كان يعمل فيها، إلا بعد الموافقة المكتوبة من جهة العمل ذات الصلة بالتصرف.
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين المحامي والعميل، بينت القواعد أن على المحامي أن يتأكد قبل الموافقة على القيام بالعمل من قدرته واستعداده لأداء المهمات في الوقت المحدد وعدم تعارض المصالح بين العميل ذي الصلة بالدعوى أو بالواقعة محل التعاقد وعملاء المحامي السابقين أو الحاليين.
وفي ما يتعلق بأتعاب المحامي، فأوضحت قواعد السلوك المهني للمحامي أن الأتعاب تكون وفق العقد المبرم مع العميل، ويراعي المحامي في تحديدها الوقت والجهد والمهارات والقدرات المطلوبة للقيام بالعمل وأتعاب مثله في السوق المحلية وأثر العقد على علاقة المحامي مع عملاء آخرين وطبيعة ومدة العلاقة المهنية، فضلاً عن خبرة المحامي المهنية وسمعته، ولا يجوز للمحامي القيام بأعمال لا يستلزمها تنفيذ العقد؛ لزيادة التكاليف على العميل على أن يراعي المحامي ظروف عميله المالية والاجتماعية في تعامله معه. ويلتزم بأحكام العقد مع العميل. ويبذل العناية الواجبة والجهد المعقول في أدائه عمله، والدقة والسرعة وفقاً لنطاق التعاقد وأصول المهنة. ولا يجوز للمحامي الوعد بتحقيق نتيجة فيما ليس تحت تصرفه أو فيما لا يمكن فيه ضمان تحقيق النتيجة، ويلتزم المحامي بتعليمات عميله المكتوبة، ما لم تخالف الأنظمة أو القواعد أو أصول المهنة.
وأكدت القواعد -طبقاً للمحامية منال الحارثي- أنه لا يجوز للمحامي خداع العميل أو استغلال جهله أو ثقته بأي صورة كانت؛ ومن ذلك تحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة، واستخدام معلومات العميل الشخصية بما يضر العميل، والتصرف في الحقوق المتنازع عليها لصالح المحامي، وتحقيق ربح غير مشروع من العلاقة التعاقدية مع العميل. وشددت القواعد على المحامي أن يتحلى بالأمانة والصدق والنزاهة مع عملائه، وعليه إبداء رأيه المهني بشكل صريح ومفهوم، وأن يبين جميع الخيارات المتاحة للعميل. على أن يحيط المحامي العميل بالمستجدات المؤثرة في العمل محل العقد.
رسالة وليست تجارة
المحامي خالد السريحي يرى أن مهنة المحاماة ركن أساسي في تحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الأفراد، والأغلبية يلتزمون بأعلى المعايير الأخلاقية والمهنية، ومن المهم التأكيد أن المحاماة ليست تجارة، بل التزام أخلاقي ومسؤولية تجاه تحقيق العدالة، فالمحامي الحقيقي يسعى لفهم قضايا موكليه بعمق، ويعمل على تقديم دفاع جاد ومبني على مذكرات قانونية مدروسة، وليس نسخاً ولصقاً لمذكرات سابقة.
وحول ظاهرة الاستشارات عبر منصات التواصل الاجتماعي يقول السريحي: إن انتشار الاستشارات القانونية عبر وسائل التواصل أتاح للجميع فرصة الوصول إلى نصائح قانونية، لكن الانتشار يحمل في طياته تحديات كبيرة أحياناً تكون المشورات سطحية وغير دقيقة، ما قد يؤدي إلى تفسيرات خاطئة؛ لذلك على الزملاء التحلي بالحذر عند تقديم المشورة عبر هذه الوسائل، وتوجيه المتلقي لطلب استشارة قانونية شاملة في حالة الحاجة.
وحول العقبات ومتطلبات المهنة أوضح أن مهنة المحاماة، مثلها مثل أي مهنة أخرى، تحمل تحديات مستمرة، ويمكن تجاوز هذه التحديات بقدرات فردية وخبرات تراكمية. كما أن التعامل مع العملاء الذين يتجاوزون الحدود المهنية أو يحاولون الالتفاف على العقود يُعد أحد أبرز تلك التحديات، فالنجاح في المهنة يتطلب الصبر، المعرفة المتعمقة، وإدارة توقعات العملاء بوضوح.
منصات التواصل.. باب للإفتاء
المحامي والمستشار القانوني بندر محمد حسين العمودي، قال: إن مهنة المحاماة ذات رسالة وركن أساسي في منظومة العدالة، وتستحق المهنة تحصينها ضد كل ما ينزع عنها النزاهة والأمانة، وكغيرها من المهن تواجه مظاهر سلبية وغير مهنية تعتبر ممارسات فردية معزولة ومرفوضة لا تمثل المحامين وتحتاج لأدوات فعالة لحماية مهنة المحاماة منهم بعقوبات صارمة سواء محامين أو من المنتحلين للمهنة وهم أيضاً ظواهر سلبية، ونص نظام المحاماة على ما يحمي المهنة منها المادة التي تنص على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف ريال أو بهما معاً، الشخص الذي انتحل صفة المحامي أو مارس مهنة المحاماة.. ويكون الشخص منتحلاً صفة المحامي إذا قام بعمل يجعل له صفة المحامي ومن فتح مكتباً لاستقبال قضايا الترافع والاستشارات، أو الإشارة في مطبوعاتٍ إلى نفسه بصفة المحامي».، إضافة إلى عقوبة التشهير وضرر هؤلاء المنتحلين لا يقتصر على تشويه المهنة، بل يتعداه ليضر بالموكل، ولا يستطيع أحد إنكار جهود وزارة العدل وعلى رأسها الوزير لتطوير القضاء والسمو بمهنة المحاماة، كذلك تحتاج المهنة لآلية مؤسسية منهجية لإدارة مسألة الأتعاب وحماية المحامي وإنصافه في تحصيلها.
وتوجد نماذج إيجابية ونجاحات لافتة لمحامين مميزين أضافوا لمهنة المحاماة خبرات لا يستهان بها، ولمعوا في سمائها، ساهموا في تحقيق العدالة والنهضة العدلية، والمحامون يتحملون مشاق ومعوقات بشكل يومي أقلها التعامل بصبر وحكمة مع العملاء، أما الاستشارات عبر منصات التواصل الاجتماعي، فقد تُفيد في بعض المعلومات العامة، إلا أنها تظلّ خارج نطاق الإجابة العلمية المهنية المُتخصصة فكلّ قضية تحتاج لبحث معمّق ودراسة واطلاع على المستندات، بينما تأتي إجابات التواصل الاجتماعي سطحية، فلا يجوز أن تكون منصات التواصل باباً للإفتاء، والواجب تجنُّب القيام بكل عمل ينال من شرف مهنة المحاماة أو تقاليدها أو الحطّ من قدرها.
الحصول على الأتعاب.. أولاً
المحامي إيهاب أبو ظريفة قال: إن المحاماة مهنة سامية ومسؤولياتها عظيمة، وأعمال المحاماة أمانة يلقيها الموكل على عاتق المحامي قبل أن تكون مجرد عمل، والممارسات الخاطئة موجودة لدى البعض، ولا يمكن التعميم على المهنة ومنتسبيها بأفعال وحالات فردية يرتكبها القلة، فالمحامي يتكبّد الكثير من المشقة والعناية في أعماله، ويبذل أقصى جهده وخلاصة خبراته في خدمة العميل، والأتعاب تتناسب مع خبرة وتخصص المحامي وما يبذله في سبيل تقديم أفضل نتيجة ممكنة، وعلى العميل أن يتأكد من فهمه للعمل المتعاقد عليه، وأن يحرص على تقديم ما لديه دون إخفاء أي معلومات، وأن يحرص على التجاوب مع محاميه ومع استفساراته لتحيق التكامل في العمل. وأضاف أبو ظريفة: إن تقديم الاستشارات القانونية من صلب أعمال المحامي المرخص، ولتقديم الاستشارة الصحيحة والدقيقة لا بد من الإحاطة بتفاصيل ووقائع الأمر المطلوب تقديم الاستشارة فيه، فظروف وملابسات الاستشارة التي يطلبها شخص، تختلف وإن تشابهت مع الاستشارة التي يطلبها شخص آخر، فليس من الضرورة أن تكون الاستشارة التي تقدم لشخص تناسب غيره، وفي الغالب أن من يلجأ لتطبيقات التواصل الاجتماعي هدفه الحصول على الاستشارة دون تحمل أتعابها، ولا تكون الاستشارة التي يحصل عليها دقيقة في غالب الأمر، لذلك أحث من يرغب في الحصول على استشارة يمكنه الاعتماد عليها أن يحصل عليها بالطرق الصحيحة، وأتعاب الاستشارة يحصل عليها المحامي في سبيل تقديم وقته وخبرته والبحث وتقديم الرأي الدقيق في المسألة المطروحة عليه وهذا لا يمكن أن يحدث أمام الملأ.
ولفت المحامي أبو ظريفة، إلى أن المحاماة مهنة شاقة تتطلب الكثير من العمل والبحث والخبرات، وتتطلب الكثير من التركيز، ولا بد للمحامي أن يكون منظماً في عمله ووقته، وأن يكون في حالة ذهنية تؤهله لممارسة أعماله بعيداً عن التشتيت؛ لذلك يعتذر كثيرون عن استقبال العملاء دون موعد مسبق، وفي ذلك حرص وعناية وحفاظ على مصالح من ائتمنه من عملاء يباشر أعمالهم المختلفة ليقدم أفضل النتائج، ومهنة المحاماة في تطور مستمر بما تشهده بلادنا من قفزات في ظل رؤية 2030، ولا شك توجد بعض العقبات والتحديات التي يواجهها المحامون في أعمالهم وتحديات مع بعض العملاء، ومنها تحصيل أتعاب المحاماة المستحقة للمحامي بعد انتهاء عمله ومحاولة تنصل البعض منها، لذلك لجأ العديد من المحامين إلى تحصيل كامل الأتعاب أو جزء منها عند بداية التعاقد ضماناً للحقوق. وختم بقوله: مما لاحظته أن العديد من القصص التي يرويها البعض عن تجارب سيئة مع المحامي هي نتيجة عدم الفهم الصحيح من العميل لما قام به المحامي من عمل أو نتيجة توقعات غير واقعية، وليحرص من يريد التعاقد مع محامٍ على اختيار من يطمئن لخبراته وسمعته من الممارسين للمجال الذي يرغب في التعاقد مع المحامي بشأنه.
نعم.. هناك من يسيء لها
أستاذ القانون الدكتور يوسف غرم الله الغامدي، أوضح أن المحاماة ركيزة أساسية في تحقيق العدالة، وواجب المحامي ليس فقط الدفاع عن موكليه، بل العمل وفق مبادئ الشرف والأمانة والاحترافية، ورغم بعض التجارب السلبية التي يرويها البعض، يجب التفريق بين الأخطاء الفردية ومكانة المهنة بحد ذاتها، وللأسف هناك من يسيء استخدام الثقة الممنوحة له، سواء عبر رفع الأتعاب بشكل مفرط أو عدم الاهتمام بالقضايا، لكن هذه الحالات تبقى استثناءً وليست قاعدة، ومن الأهمية بمكان أن يتحلى المحامي بالنزاهة، وأن يتعامل بجدية مع كل قضية كأنها قضيته الشخصية ما يسهم في تعزيز ثقة المجتمع بالمهنة. وقال الغامدي: إن الاستشارات القانونية عبر منصات التواصل الاجتماعي قد تحمل فائدة في توسيع نطاق الوعي القانوني، لكنها في بعض الأحيان قد تثير لبساً بسبب قلة التفاصيل المقدمة أو عدم وضوح السياق، ولا يمكن تعميم الحلول القانونية؛ لأن كل قضية لها خصوصيتها. لهذا السبب، يجب أن تكون الاستشارات مدروسة ومعرفة حدودها، مع التشديد على أن الاستشارة المكتوبة لا تغني عن الاستشارة المباشرة والشاملة.
وحول تحديات المحاماة ومتطلباتها، قال المحامي غرم الله الغامدي: إن مهنة المحاماة تشهد نجاحات ملحوظة رغم التحديات، مثل التعامل مع العملاء غير الملتزمين أو الذين لا يفهمون طبيعة العمل القانوني، ومن أبرز العقبات التي يواجهها المحامون الوعي القانوني المحدود لدى بعض العملاء، إضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تؤثر على سير العمل، ومن هنا فإن الحاجة لتبسيط الإجراءات القانونية وتوعية المجتمع بأهمية الالتزام بالعقود وتقدير جهود المحامين ضرورية لضمان سير العمل بشكل احترافي، فالمحاماة ليست مجرد مهنة، بل رسالة نبيلة نجاحها يعتمد على التزام المحامين بأخلاقيات المهنة والعمل بمسؤولية تامة لضمان تحقيق العدالة.
لا تضليل.. لا تزييف.. لا خداع
بحسب قواعد السلوك المهني للمحامين التي أقرتها وزارة العدل، يحمي المحامي معلومات العميل ومستنداته، ولا يفشيها أو يفصح عنها بأي شكل من الأشكال حتى بعد انتهاء التعاقد، إلا في حدود ما يتحقق به الغرض، وأوجبت قواعد السلوك المهني على المحامي، إذا أراد اعتزال العمل قبل انقضائه إبلاغ العميل قبل الاعتزال بوقت كافٍ يجنب العميل الأضرار المحتملة نتيجة ذلك. وشددت على المحامين احترام المواعيد المحددة نظاماً. وفي ما يتعلق بالاستشارات يقدم المحامي الاستشارة باستقلالية وموضوعية، ويراعي -في تقدير الأتعاب- العوامل ذات الصلة بوضع طالب الاستشارة، مثل العوامل المالية والاجتماعية. ولا يجوز للمحامي تقديم استشارة نظامية تعين العميل على مخالفة الأنظمة أو الإخلال بها. ولا يجوز للمحامي الإخلال بسرية الاستشارات التي يقدمها، أو انتهاك خصوصية ذوي الصلة بها بأي شكل من الأشكال، ولا يجوز للمحامي تحريف المستندات والبيانات أو الإسهام في ذلك أو الاستناد إلى نصوص نظامية ملغاة أو أحكام منقوضة أو بيانات مزيفة أو ممنوعة بنص النظام. ويحترم المحامي حقوق الإنسان، ويتعامل مع جميع الأشخاص -بمن فيهم المتهمون في القضايا الجزائية- على أساس الاحترام، بعيداً عن الرأي الشخصي. ويدافع عن العميل ويمكّنه من استيفاء جميع حقوقه المكفولة له نظاماً بغض النظر عن رأي المحامي أو أي جهة أخرى. يلتزم المحامي في تعامله مع العملاء وغيرهم بالاحترام، ولا يستخدم مهنته في إيذائهم بأي صورة من صور الإيذاء، بما في ذلك استغلالهم أو ابتزازهم. كما يتعامل المحامي مع زملاء المهنة باللباقة والاحترام والتعاون وفقاً لأصول المهنة، ولا يعتدي عليهم بأي صور الاعتداء، ماديّاً أو معنويّاً، شفويّاً أو كتابيّاً في وسائل الإعلام والاتصال أو غيرها. ولا يجوز للمحامي التواصل بشأن القضية مع خصم العميل الذي يمثله محامٍ آخر، إلا من خلال محامي الخصم؛ ما لم يطلب الأصيل ذلك. وفي ما يتعلق بمشاركات المحامين في الإعلام بينت قواعد السلوك المهني التزام المحامي في حال مشاركته في وسائل الإعلام والإعلان بما في ذلك وسائل النشر الإلكتروني بالأنظمة والقواعد والقرارات ذات الصلة. والمحافظة على خصوصية عملائه أو غيرهم، وسرية معلوماتهم وبياناتهم. وتجنب ممارسة أي صورة من صور التضليل أو التزييف أو الخداع، وما لا يليق بشرف المهنة. وحماية نزاهة السلطة القضائية وأعضائها وألا يشكك فيها بأي صورة من الصور. وألا ينشر وقائع التحقيقات والمحاكمات دون إذن الجهة المختصة. وألا يجيب إجابة تفصيلية عن أسئلة محددة في دعوى منظورة أو قد تُنظر أمام القضاء بهدف استجلاب عملاء في تلك الدعوى أو الحصول على توكيل فيها. وأن يظهر بالزي المناسب الذي لا يخالف العُرف، ويحترم المظهر المهني العام. وشددت القواعد على أن يفي المحامي بحقوق المتدربين في منشأته القانونية، ويكون قدوة حسنة لهم، ويقدم لهم النصح والإرشاد، وينقل لهم المعرفة والخبرة، وينمي قدراتهم ويساعدهم على تحسين أدائهم، ويلتزم في تعامله معهم بالأنظمة والتعليمات ذات الصلة.
فروق بين التجارب الفردية والأخطاء المحتملة
في رأي المحامي والموثق العدلي نبيل قملو، مهنة المحاماة، كغيرها من المهن، تتعرض أحياناً لبعض التحديات والملاحظات التي قد تُؤثر على سمعتها سلباً ومع ذلك، يجب علينا التمييز بين التجارب الفردية والأخطاء المحتملة وبين سمعة المهنة ككل، وهي تعتبر من أكثر المهن الشاقة، فهي تتطلب ذكاءً، وتفكيراً منطقياً، ومهارات إقناع، ومع ذلك لا يمكن الإنكار أن بعض الممارسات قد تكون خاطئة من قِلة، فهناك محامون غير ملتزمين وربما يسيئون للمهنة من خلال رفع رسوم الأتعاب أو إهمال قضايا موكليهم، ومثل هذه الحالات الفردية لا تعكس جوهر المهنة بل تعتبر استثناءات و بالمقابل، هناك محامون يحرصون على تقديم خدمة مميزة، فيحترمون العقود والالتزامات، ويعملون جاهدين لتحقيق العدالة. إن دفاعنا عن مهنة المحاماة يكون من خلال تعزيز الالتزام الأخلاقي والقانوني لدى كل محامٍ، ومواصلة رفع مستوى الوعي لدى العملاء حول حقوقهم وواجباتهم.
وأضاف قملو: فيما يتعلق بظاهرة تقديم الاستشارات القانونية عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، فهي سلاح ذو حدين، من جهة تسهم في توسيع نطاق الاستفادة وتسهيل الوصول إلى المعلومات القانونية، ومن جهة أخرى قد تؤدي إلى فهم خاطئ لبعض القضايا بسبب عدم وضوح السياق أو التفاصيل. لذلك، يجب أن يكون المحامي حذراً في تقديم المشورة عبر المنصات، وأن يوضح للمستفيدين أهمية اللقاء الشخصي والتعمق في القضايا قبل إصدار أي رأي نهائي، فالمحامي المحترف يعلم أن الاستشارة الجيدة تتطلب دراسة دقيقة لكل حالة على حدة، ولا يمكن الاعتماد على الردود السريعة لتقديم حل قانوني كامل. ولفت المحامي قملو إلى أن مهنة المحاماة تظل في تطور دائم، ومعها تأتي تحديات جديدة، ومن أبرز هذه التحديات إدارة توقعات العملاء وتوازن وقت المحامي، خصوصاً مع العملاء الذين لا يحترمون المواعيد أو يحاولون التنصل من التزاماتهم، ومع تطور التشريعات والأنظمة القضائية يحتاج المحامون إلى مواكبة كل جديد والاستمرار في تطوير مهاراتهم، ورغم هذه العقبات فإن مهنة المحاماة تسير نحو مزيد من التنظيم والاحترافية، ما يعزز قدرتها على تقديم خدمات عالية الجودة تلبي حاجات العدالة، فالنجاح في المهنة يعتمد على الصبر، المعرفة العميقة، والالتزام بالقيم المهنية.
في المقابل يدافع المحامون عن أنفسهم وعن مهنتهم، ويردون بشكاوى تجاه العملاء ممن يتصل هاتفياً آخر الليل وفي الفجر وفي الصباح الباكر أو يحضر للمكتب دون موعد أو يذهب ويبحث في المواقع الإلكترونية عن قضية مشابهة لقضيته في ظاهرها ثم يقترح على المحامي خطوات بعيدة عن أرض الواقع، أو يطلب ضماناً وتأكيداً بكسب القضية، وهو ما لا يمكن، وقد يتحول العميل تبعاً لذلك إلى خصم للمحامي يقيم عليه دعوى للحصول على الأتعاب، لا سيما من البعض الذين يربطون كسب القضية بدفع الأتعاب المتبقية، ضف إلى ذلك فإن بعض العملاء لا يطلع المحامي على كل التفاصيل، ولا يقدّم له المستندات اللازمة لقضيته، ومنهم من يفسخ عقده بحثاً عن محامٍ آخر.. شكاوى عدة حول تعجل بعض المحامين أو المتدربين ممن يتصدرون المجالس وساحات التواصل الاجتماعي الذين يفتون بلا خجل في كل شاردة وواردة، وشكاوى من عملاء تورطوا مع محامين لا يردون على اتصالاتهم أو يطلبون منهم تذكيرهم بمواعيد الجلسات أو يستغلونهم مادياً بأتعاب مبالغ فيها مستغلين جهلهم أو حاجتهم الماسة للمساعدة في كتابة لائحة أو طلب إطلاق سراح موقوف أو الترافع في قضية أمام المحكمة. باستطلاع آراء عدد من المختصين، فإن البعض يرى أن المحامين والعملاء شركاء في خدش المهنة، ويقولون إن بعض العملاء لا يبحثون عن المحامي المهني صاحب الخبرة والدراية والاطلاع، بل يفضلون من لديه علاقات، وآخرون يرون أن القائمين على المهنة عليهم عاتق المحافظة عليها وحمايتها وتصنيف المحامين إلى درجات ومراتب بحسب خبراتهم لضبط رسوم الأتعاب شأنهم شأن الأطباء، فمنهم الطبيب العام والأخصائي والاستشاري وكذلك أساتذة الجامعة فمنهم الأستاذ المشارك والمساعد والبروفسور.
محامي البراشوت
الرئيس السابق للمحامين بمجلس الغرف السعودية وعضو سابق للجنة الاستشارية للتحكيم بوزارة العدل المحامي ماجد قاروب، يرى أن غياب المهنية الحقيقية عن واقع المهنة المتأثرة واقعياً بإرثها السلبي من ممارسة الترافع من غير المرخصين والمؤهلين من الجميع تقريباً رسخ لجميع المفاسد من جميع أطراف المصلحة عموماً، فغياب جميع عناصر الجودة والمهنية والكفاءة ومنها غياب النظرة السوية لمهنة المحاماة في مجالي الاستشارات والترافع، وما زالت العناصر غير المهنية هي التي تسود عند اختيار المحامين والتي ترتكز على العلاقات الاجتماعية والوهمية التي تستند إلى الشكل والمظاهر؛ فغياب المهنية والتأهيل الحقيقي للأجيال الجديدة جعلت من التسهيلات التقنية لأعمال التقاضي تقدر من الجميع أن تكلفة المحامي تنحصر في المواصلات كساعي البريد، وجعلت المتقاضين يعتقدون أن حضورهم أمر مفيد لأعمال قضاياهم، ومعظم هذه الممارسات لا تظهر أمام اللجان القضائية التي يرتفع فيها مستوى العمل المهني الاحترافي؛ لأنها مرتبطة بالشركات والأعمال الكبرى مثل البنوك والتأمين والتنافسية والجمارك والضريبة؛ لذلك نحن بحاجة إلى بداية حقيقية لترسيخ الثقافة الحقوقية والمهنية في مجتمع الأعمال ورجال الإدارة في القطاعين العام والخاص لترسيخ مفاهيم الشفافية والنزاهة وتعارض المصالح ومكانة رجل القانون واتخاذ خطوات وقرارات مهمة كما فعلت النيابة العامة بحصر المراجعة على المحامي المرخص له فقط، كما يتطلب الأمر إعادة النظر في متطلبات التأهيل والترخيص للمهنة لتكون واقعاً عملياً وعلمياً حقيقياً بعيداً عن المحاضرات النظرية التي سهلت على الجميع التصدي لتقديم الاستشارات بعيداً عن الخبرات المطلوبة لتقديم العمل النوعي الصحيح الذي يحقق ما ترغبه القيادة لسيادة ونفاذ القانون والعمل على إصدار التشريعات القضائية لرفع مستوى العمل القضائي والقانوني، إذ يتوجب مراجعة التأهيل والتدريب للقضاة والمحامين والخبراء والمنشغلين بالعمل الحقوقي والقانوني والقضائي والعدلي بما في ذلك الهندسة الإجرائية لإعادة البناء التي تحتاج إلى تعديل تنظيم هيئة المحامين لتكون من أصحاب الخبرات المهنية فقط دون غيرهم لقيادة وإدارة المهنة لتكون بداية حقيقة لما نتطلع له لهذه المهنة.
ويضيف المحامي قاروب، أن الواقع في الجهات الحكومية التي لا تعترف بالرخصة المهنية للمحامين وتطالب بسجلات تجارية ما يوضح سلبية تواجد المهنة وحاجاتها ومتطلباتها وواقعها في القطاعين العام والخاص بما في ذلك تقديم الخبرة والأعمال والخدمات التي تقدم للقضاء التي تختار الأرخص سعراً بخلاف إتاحتها للجميع بما يخالف لائحة سلوكيات المهنة التي تتحدث عن خبرة المحامي على غير وخلاف ما يطبق من قبل الأجهزه القضائية نفسها. إن حجم الاقتصاد وتعداد السكان يجعلنا قادرين على استيعاب ما لا يقل عن 100 ألف مكتب محاماة لا أن يكون لدينا آلاف من الحقوقيين الباحثين عن العمل، مع تأكيد أن أعضاء مجلس إدارة هيئة المحامين يجب أن يكونوا من المحامين أصحاب الخبرات التي لا تقل خبراتهم عن ثلاثة عقود ومن المؤهلين والممارسين ابتداءً من التدريب في مكاتب المحاماة والأجهزة المختلفة الخاصة وصولاً إلى كونهم أصحاب مكاتب محاماة وهم القادرون فقط دون غيرهم من الحقوقيين أو المحامين الذين التحقوا بالمهنة بعد خروجهم للتقاعد بما يعرف بـ(محامي البراشوت) على اعتبار أن من يستطيع أن يتولى ويخطط ويدير ويحمي المهنة والمهنية الخاصة بها هم فقط المحامون أصحاب الخبرات.
الاستقامة والمظهر الحسن
المحامية منال الحارثي تقول: إن قواعد السلوك المهني تهدف الى تطوير مهنة المحاماة والارتقاء بمعاييرها المهنية وضبط مسؤولية المحامي في ممارسته لمهنته، وتوضيح مسؤوليته تجاه عملائه وزملائه والجهات العدلية والمجتمع، وتعزيز الحماية النظامية للمحامي ولعملائه وللأطراف الأخرى ذوات العلاقة، وتعزيز مبادئ الشفافية والمسؤولية في ممارسات المحامي المهنية، إضافة الى رفع كفاءة أداء المنظومة العدلية بزيادة مستوى الاحتراف القانوني، وتعزيز جوانبه الوقائية؛ فقواعد السلوك المهني للمحامين تؤكد أن يحافظ المحامي على شرف المهنة ومكانتها، وألا يتصرف بما يخل بثقة الناس به أو بالمهنة، ويجب على المحامي أن يظهر أثناء مزاولته المهنة بالزي المناسب، ولا يخالف العُرف، وواجب على المحامي أن يتحلّى في سلوكه بالشرف والاستقامة والنزاهة على المستوى الشخصي حتى خارج نطاق مزاولته للمهنة، وأن يحرص على التطوير والتعلم المستمر، ويتابع ما يستجد من أنظمة ولوائح وقواعد وقرارات بما يمكّنه من مزاولتها بأقصى درجات المهنية، متجنباً الخطأ والتقصير، وأن يسهم المحامي في خدمة المجتمع وذوي الحاجة بالتطوع والمبادرات المجتمعية؛ وفق ما تقضي به الأنظمة ذات الصلة.
وتضيف المحامية منال الحارثي: إن القواعد حظرت على المحامي أي تصرف يمثل تعارضاً فعليّاً أو محتملاً مع مصالح عملائه الحاليين أو السابقين، إلا بعد الموافقة المكتوبة من العميل ذي الصلة بالتصرف، وحظرت عليه، أيضاً، أي تصرف يمثل تعارضاً فعليّاً أو محتملاً مع مصالح جهات العمل التي كان يعمل فيها، إلا بعد الموافقة المكتوبة من جهة العمل ذات الصلة بالتصرف.
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين المحامي والعميل، بينت القواعد أن على المحامي أن يتأكد قبل الموافقة على القيام بالعمل من قدرته واستعداده لأداء المهمات في الوقت المحدد وعدم تعارض المصالح بين العميل ذي الصلة بالدعوى أو بالواقعة محل التعاقد وعملاء المحامي السابقين أو الحاليين.
وفي ما يتعلق بأتعاب المحامي، فأوضحت قواعد السلوك المهني للمحامي أن الأتعاب تكون وفق العقد المبرم مع العميل، ويراعي المحامي في تحديدها الوقت والجهد والمهارات والقدرات المطلوبة للقيام بالعمل وأتعاب مثله في السوق المحلية وأثر العقد على علاقة المحامي مع عملاء آخرين وطبيعة ومدة العلاقة المهنية، فضلاً عن خبرة المحامي المهنية وسمعته، ولا يجوز للمحامي القيام بأعمال لا يستلزمها تنفيذ العقد؛ لزيادة التكاليف على العميل على أن يراعي المحامي ظروف عميله المالية والاجتماعية في تعامله معه. ويلتزم بأحكام العقد مع العميل. ويبذل العناية الواجبة والجهد المعقول في أدائه عمله، والدقة والسرعة وفقاً لنطاق التعاقد وأصول المهنة. ولا يجوز للمحامي الوعد بتحقيق نتيجة فيما ليس تحت تصرفه أو فيما لا يمكن فيه ضمان تحقيق النتيجة، ويلتزم المحامي بتعليمات عميله المكتوبة، ما لم تخالف الأنظمة أو القواعد أو أصول المهنة.
وأكدت القواعد -طبقاً للمحامية منال الحارثي- أنه لا يجوز للمحامي خداع العميل أو استغلال جهله أو ثقته بأي صورة كانت؛ ومن ذلك تحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة، واستخدام معلومات العميل الشخصية بما يضر العميل، والتصرف في الحقوق المتنازع عليها لصالح المحامي، وتحقيق ربح غير مشروع من العلاقة التعاقدية مع العميل. وشددت القواعد على المحامي أن يتحلى بالأمانة والصدق والنزاهة مع عملائه، وعليه إبداء رأيه المهني بشكل صريح ومفهوم، وأن يبين جميع الخيارات المتاحة للعميل. على أن يحيط المحامي العميل بالمستجدات المؤثرة في العمل محل العقد.
رسالة وليست تجارة
المحامي خالد السريحي يرى أن مهنة المحاماة ركن أساسي في تحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الأفراد، والأغلبية يلتزمون بأعلى المعايير الأخلاقية والمهنية، ومن المهم التأكيد أن المحاماة ليست تجارة، بل التزام أخلاقي ومسؤولية تجاه تحقيق العدالة، فالمحامي الحقيقي يسعى لفهم قضايا موكليه بعمق، ويعمل على تقديم دفاع جاد ومبني على مذكرات قانونية مدروسة، وليس نسخاً ولصقاً لمذكرات سابقة.
وحول ظاهرة الاستشارات عبر منصات التواصل الاجتماعي يقول السريحي: إن انتشار الاستشارات القانونية عبر وسائل التواصل أتاح للجميع فرصة الوصول إلى نصائح قانونية، لكن الانتشار يحمل في طياته تحديات كبيرة أحياناً تكون المشورات سطحية وغير دقيقة، ما قد يؤدي إلى تفسيرات خاطئة؛ لذلك على الزملاء التحلي بالحذر عند تقديم المشورة عبر هذه الوسائل، وتوجيه المتلقي لطلب استشارة قانونية شاملة في حالة الحاجة.
وحول العقبات ومتطلبات المهنة أوضح أن مهنة المحاماة، مثلها مثل أي مهنة أخرى، تحمل تحديات مستمرة، ويمكن تجاوز هذه التحديات بقدرات فردية وخبرات تراكمية. كما أن التعامل مع العملاء الذين يتجاوزون الحدود المهنية أو يحاولون الالتفاف على العقود يُعد أحد أبرز تلك التحديات، فالنجاح في المهنة يتطلب الصبر، المعرفة المتعمقة، وإدارة توقعات العملاء بوضوح.
منصات التواصل.. باب للإفتاء
المحامي والمستشار القانوني بندر محمد حسين العمودي، قال: إن مهنة المحاماة ذات رسالة وركن أساسي في منظومة العدالة، وتستحق المهنة تحصينها ضد كل ما ينزع عنها النزاهة والأمانة، وكغيرها من المهن تواجه مظاهر سلبية وغير مهنية تعتبر ممارسات فردية معزولة ومرفوضة لا تمثل المحامين وتحتاج لأدوات فعالة لحماية مهنة المحاماة منهم بعقوبات صارمة سواء محامين أو من المنتحلين للمهنة وهم أيضاً ظواهر سلبية، ونص نظام المحاماة على ما يحمي المهنة منها المادة التي تنص على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف ريال أو بهما معاً، الشخص الذي انتحل صفة المحامي أو مارس مهنة المحاماة.. ويكون الشخص منتحلاً صفة المحامي إذا قام بعمل يجعل له صفة المحامي ومن فتح مكتباً لاستقبال قضايا الترافع والاستشارات، أو الإشارة في مطبوعاتٍ إلى نفسه بصفة المحامي».، إضافة إلى عقوبة التشهير وضرر هؤلاء المنتحلين لا يقتصر على تشويه المهنة، بل يتعداه ليضر بالموكل، ولا يستطيع أحد إنكار جهود وزارة العدل وعلى رأسها الوزير لتطوير القضاء والسمو بمهنة المحاماة، كذلك تحتاج المهنة لآلية مؤسسية منهجية لإدارة مسألة الأتعاب وحماية المحامي وإنصافه في تحصيلها.
وتوجد نماذج إيجابية ونجاحات لافتة لمحامين مميزين أضافوا لمهنة المحاماة خبرات لا يستهان بها، ولمعوا في سمائها، ساهموا في تحقيق العدالة والنهضة العدلية، والمحامون يتحملون مشاق ومعوقات بشكل يومي أقلها التعامل بصبر وحكمة مع العملاء، أما الاستشارات عبر منصات التواصل الاجتماعي، فقد تُفيد في بعض المعلومات العامة، إلا أنها تظلّ خارج نطاق الإجابة العلمية المهنية المُتخصصة فكلّ قضية تحتاج لبحث معمّق ودراسة واطلاع على المستندات، بينما تأتي إجابات التواصل الاجتماعي سطحية، فلا يجوز أن تكون منصات التواصل باباً للإفتاء، والواجب تجنُّب القيام بكل عمل ينال من شرف مهنة المحاماة أو تقاليدها أو الحطّ من قدرها.
الحصول على الأتعاب.. أولاً
المحامي إيهاب أبو ظريفة قال: إن المحاماة مهنة سامية ومسؤولياتها عظيمة، وأعمال المحاماة أمانة يلقيها الموكل على عاتق المحامي قبل أن تكون مجرد عمل، والممارسات الخاطئة موجودة لدى البعض، ولا يمكن التعميم على المهنة ومنتسبيها بأفعال وحالات فردية يرتكبها القلة، فالمحامي يتكبّد الكثير من المشقة والعناية في أعماله، ويبذل أقصى جهده وخلاصة خبراته في خدمة العميل، والأتعاب تتناسب مع خبرة وتخصص المحامي وما يبذله في سبيل تقديم أفضل نتيجة ممكنة، وعلى العميل أن يتأكد من فهمه للعمل المتعاقد عليه، وأن يحرص على تقديم ما لديه دون إخفاء أي معلومات، وأن يحرص على التجاوب مع محاميه ومع استفساراته لتحيق التكامل في العمل. وأضاف أبو ظريفة: إن تقديم الاستشارات القانونية من صلب أعمال المحامي المرخص، ولتقديم الاستشارة الصحيحة والدقيقة لا بد من الإحاطة بتفاصيل ووقائع الأمر المطلوب تقديم الاستشارة فيه، فظروف وملابسات الاستشارة التي يطلبها شخص، تختلف وإن تشابهت مع الاستشارة التي يطلبها شخص آخر، فليس من الضرورة أن تكون الاستشارة التي تقدم لشخص تناسب غيره، وفي الغالب أن من يلجأ لتطبيقات التواصل الاجتماعي هدفه الحصول على الاستشارة دون تحمل أتعابها، ولا تكون الاستشارة التي يحصل عليها دقيقة في غالب الأمر، لذلك أحث من يرغب في الحصول على استشارة يمكنه الاعتماد عليها أن يحصل عليها بالطرق الصحيحة، وأتعاب الاستشارة يحصل عليها المحامي في سبيل تقديم وقته وخبرته والبحث وتقديم الرأي الدقيق في المسألة المطروحة عليه وهذا لا يمكن أن يحدث أمام الملأ.
ولفت المحامي أبو ظريفة، إلى أن المحاماة مهنة شاقة تتطلب الكثير من العمل والبحث والخبرات، وتتطلب الكثير من التركيز، ولا بد للمحامي أن يكون منظماً في عمله ووقته، وأن يكون في حالة ذهنية تؤهله لممارسة أعماله بعيداً عن التشتيت؛ لذلك يعتذر كثيرون عن استقبال العملاء دون موعد مسبق، وفي ذلك حرص وعناية وحفاظ على مصالح من ائتمنه من عملاء يباشر أعمالهم المختلفة ليقدم أفضل النتائج، ومهنة المحاماة في تطور مستمر بما تشهده بلادنا من قفزات في ظل رؤية 2030، ولا شك توجد بعض العقبات والتحديات التي يواجهها المحامون في أعمالهم وتحديات مع بعض العملاء، ومنها تحصيل أتعاب المحاماة المستحقة للمحامي بعد انتهاء عمله ومحاولة تنصل البعض منها، لذلك لجأ العديد من المحامين إلى تحصيل كامل الأتعاب أو جزء منها عند بداية التعاقد ضماناً للحقوق. وختم بقوله: مما لاحظته أن العديد من القصص التي يرويها البعض عن تجارب سيئة مع المحامي هي نتيجة عدم الفهم الصحيح من العميل لما قام به المحامي من عمل أو نتيجة توقعات غير واقعية، وليحرص من يريد التعاقد مع محامٍ على اختيار من يطمئن لخبراته وسمعته من الممارسين للمجال الذي يرغب في التعاقد مع المحامي بشأنه.
نعم.. هناك من يسيء لها
أستاذ القانون الدكتور يوسف غرم الله الغامدي، أوضح أن المحاماة ركيزة أساسية في تحقيق العدالة، وواجب المحامي ليس فقط الدفاع عن موكليه، بل العمل وفق مبادئ الشرف والأمانة والاحترافية، ورغم بعض التجارب السلبية التي يرويها البعض، يجب التفريق بين الأخطاء الفردية ومكانة المهنة بحد ذاتها، وللأسف هناك من يسيء استخدام الثقة الممنوحة له، سواء عبر رفع الأتعاب بشكل مفرط أو عدم الاهتمام بالقضايا، لكن هذه الحالات تبقى استثناءً وليست قاعدة، ومن الأهمية بمكان أن يتحلى المحامي بالنزاهة، وأن يتعامل بجدية مع كل قضية كأنها قضيته الشخصية ما يسهم في تعزيز ثقة المجتمع بالمهنة. وقال الغامدي: إن الاستشارات القانونية عبر منصات التواصل الاجتماعي قد تحمل فائدة في توسيع نطاق الوعي القانوني، لكنها في بعض الأحيان قد تثير لبساً بسبب قلة التفاصيل المقدمة أو عدم وضوح السياق، ولا يمكن تعميم الحلول القانونية؛ لأن كل قضية لها خصوصيتها. لهذا السبب، يجب أن تكون الاستشارات مدروسة ومعرفة حدودها، مع التشديد على أن الاستشارة المكتوبة لا تغني عن الاستشارة المباشرة والشاملة.
وحول تحديات المحاماة ومتطلباتها، قال المحامي غرم الله الغامدي: إن مهنة المحاماة تشهد نجاحات ملحوظة رغم التحديات، مثل التعامل مع العملاء غير الملتزمين أو الذين لا يفهمون طبيعة العمل القانوني، ومن أبرز العقبات التي يواجهها المحامون الوعي القانوني المحدود لدى بعض العملاء، إضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تؤثر على سير العمل، ومن هنا فإن الحاجة لتبسيط الإجراءات القانونية وتوعية المجتمع بأهمية الالتزام بالعقود وتقدير جهود المحامين ضرورية لضمان سير العمل بشكل احترافي، فالمحاماة ليست مجرد مهنة، بل رسالة نبيلة نجاحها يعتمد على التزام المحامين بأخلاقيات المهنة والعمل بمسؤولية تامة لضمان تحقيق العدالة.
لا تضليل.. لا تزييف.. لا خداع
بحسب قواعد السلوك المهني للمحامين التي أقرتها وزارة العدل، يحمي المحامي معلومات العميل ومستنداته، ولا يفشيها أو يفصح عنها بأي شكل من الأشكال حتى بعد انتهاء التعاقد، إلا في حدود ما يتحقق به الغرض، وأوجبت قواعد السلوك المهني على المحامي، إذا أراد اعتزال العمل قبل انقضائه إبلاغ العميل قبل الاعتزال بوقت كافٍ يجنب العميل الأضرار المحتملة نتيجة ذلك. وشددت على المحامين احترام المواعيد المحددة نظاماً. وفي ما يتعلق بالاستشارات يقدم المحامي الاستشارة باستقلالية وموضوعية، ويراعي -في تقدير الأتعاب- العوامل ذات الصلة بوضع طالب الاستشارة، مثل العوامل المالية والاجتماعية. ولا يجوز للمحامي تقديم استشارة نظامية تعين العميل على مخالفة الأنظمة أو الإخلال بها. ولا يجوز للمحامي الإخلال بسرية الاستشارات التي يقدمها، أو انتهاك خصوصية ذوي الصلة بها بأي شكل من الأشكال، ولا يجوز للمحامي تحريف المستندات والبيانات أو الإسهام في ذلك أو الاستناد إلى نصوص نظامية ملغاة أو أحكام منقوضة أو بيانات مزيفة أو ممنوعة بنص النظام. ويحترم المحامي حقوق الإنسان، ويتعامل مع جميع الأشخاص -بمن فيهم المتهمون في القضايا الجزائية- على أساس الاحترام، بعيداً عن الرأي الشخصي. ويدافع عن العميل ويمكّنه من استيفاء جميع حقوقه المكفولة له نظاماً بغض النظر عن رأي المحامي أو أي جهة أخرى. يلتزم المحامي في تعامله مع العملاء وغيرهم بالاحترام، ولا يستخدم مهنته في إيذائهم بأي صورة من صور الإيذاء، بما في ذلك استغلالهم أو ابتزازهم. كما يتعامل المحامي مع زملاء المهنة باللباقة والاحترام والتعاون وفقاً لأصول المهنة، ولا يعتدي عليهم بأي صور الاعتداء، ماديّاً أو معنويّاً، شفويّاً أو كتابيّاً في وسائل الإعلام والاتصال أو غيرها. ولا يجوز للمحامي التواصل بشأن القضية مع خصم العميل الذي يمثله محامٍ آخر، إلا من خلال محامي الخصم؛ ما لم يطلب الأصيل ذلك. وفي ما يتعلق بمشاركات المحامين في الإعلام بينت قواعد السلوك المهني التزام المحامي في حال مشاركته في وسائل الإعلام والإعلان بما في ذلك وسائل النشر الإلكتروني بالأنظمة والقواعد والقرارات ذات الصلة. والمحافظة على خصوصية عملائه أو غيرهم، وسرية معلوماتهم وبياناتهم. وتجنب ممارسة أي صورة من صور التضليل أو التزييف أو الخداع، وما لا يليق بشرف المهنة. وحماية نزاهة السلطة القضائية وأعضائها وألا يشكك فيها بأي صورة من الصور. وألا ينشر وقائع التحقيقات والمحاكمات دون إذن الجهة المختصة. وألا يجيب إجابة تفصيلية عن أسئلة محددة في دعوى منظورة أو قد تُنظر أمام القضاء بهدف استجلاب عملاء في تلك الدعوى أو الحصول على توكيل فيها. وأن يظهر بالزي المناسب الذي لا يخالف العُرف، ويحترم المظهر المهني العام. وشددت القواعد على أن يفي المحامي بحقوق المتدربين في منشأته القانونية، ويكون قدوة حسنة لهم، ويقدم لهم النصح والإرشاد، وينقل لهم المعرفة والخبرة، وينمي قدراتهم ويساعدهم على تحسين أدائهم، ويلتزم في تعامله معهم بالأنظمة والتعليمات ذات الصلة.
فروق بين التجارب الفردية والأخطاء المحتملة
في رأي المحامي والموثق العدلي نبيل قملو، مهنة المحاماة، كغيرها من المهن، تتعرض أحياناً لبعض التحديات والملاحظات التي قد تُؤثر على سمعتها سلباً ومع ذلك، يجب علينا التمييز بين التجارب الفردية والأخطاء المحتملة وبين سمعة المهنة ككل، وهي تعتبر من أكثر المهن الشاقة، فهي تتطلب ذكاءً، وتفكيراً منطقياً، ومهارات إقناع، ومع ذلك لا يمكن الإنكار أن بعض الممارسات قد تكون خاطئة من قِلة، فهناك محامون غير ملتزمين وربما يسيئون للمهنة من خلال رفع رسوم الأتعاب أو إهمال قضايا موكليهم، ومثل هذه الحالات الفردية لا تعكس جوهر المهنة بل تعتبر استثناءات و بالمقابل، هناك محامون يحرصون على تقديم خدمة مميزة، فيحترمون العقود والالتزامات، ويعملون جاهدين لتحقيق العدالة. إن دفاعنا عن مهنة المحاماة يكون من خلال تعزيز الالتزام الأخلاقي والقانوني لدى كل محامٍ، ومواصلة رفع مستوى الوعي لدى العملاء حول حقوقهم وواجباتهم.
وأضاف قملو: فيما يتعلق بظاهرة تقديم الاستشارات القانونية عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، فهي سلاح ذو حدين، من جهة تسهم في توسيع نطاق الاستفادة وتسهيل الوصول إلى المعلومات القانونية، ومن جهة أخرى قد تؤدي إلى فهم خاطئ لبعض القضايا بسبب عدم وضوح السياق أو التفاصيل. لذلك، يجب أن يكون المحامي حذراً في تقديم المشورة عبر المنصات، وأن يوضح للمستفيدين أهمية اللقاء الشخصي والتعمق في القضايا قبل إصدار أي رأي نهائي، فالمحامي المحترف يعلم أن الاستشارة الجيدة تتطلب دراسة دقيقة لكل حالة على حدة، ولا يمكن الاعتماد على الردود السريعة لتقديم حل قانوني كامل. ولفت المحامي قملو إلى أن مهنة المحاماة تظل في تطور دائم، ومعها تأتي تحديات جديدة، ومن أبرز هذه التحديات إدارة توقعات العملاء وتوازن وقت المحامي، خصوصاً مع العملاء الذين لا يحترمون المواعيد أو يحاولون التنصل من التزاماتهم، ومع تطور التشريعات والأنظمة القضائية يحتاج المحامون إلى مواكبة كل جديد والاستمرار في تطوير مهاراتهم، ورغم هذه العقبات فإن مهنة المحاماة تسير نحو مزيد من التنظيم والاحترافية، ما يعزز قدرتها على تقديم خدمات عالية الجودة تلبي حاجات العدالة، فالنجاح في المهنة يعتمد على الصبر، المعرفة العميقة، والالتزام بالقيم المهنية.