كتاب ومقالات

مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز

عبدالله بن رابح الشريف

كنت وما زلت من أوائل المقتنعين بمشروع تمكين المدرسة الذي شرعت فيه وزارة التعليم مع انطلاقة العام المنصرم بالمشاركة مع هيئة تقويم التعليم والتدريب وقد بذلت كلتاهما جهوداً جبارة وسارت بخطوات وثابة نحو نجاح هذا المشروع وأصدرت من أجله وزارة التعليم النموذج الإشرافي الجديد في ضوء تمكين المدرسة وأتبعته في هذا العام بنسخة ثانية بعد تحديثها وفق احتياجات المدارس التي قامت بتشخيص واقعها هيئة تقويم التعليم والتدريب في تقرير خاص عن واقع أداء كل مدرسة، وفي وقت ليس ببعيد أقامت الهيئة الملتقى الوطني للتميز المدرسي وأعلنت فيه نتائج البرنامج الوطني للتقويم والتصنيف والاعتماد المدرسي، وهي المدارس التي حصلت على التميز في تصنيفها، وتم تكريم مديري ومديرات تلك المدارس في حفل بهيج يليق بجهودهم وعطائهم وما ذاك إلا شعلة للتنافس الشريف بين مدارس مملكتنا الغالية ينعكس إيجاباً لمصلحة الطلاب ويساعد في ضبط جودة الأداء وعمليات التعليم ويرفع مستوى نواتج التعلم من خلال تبادل الخبرات الناجحة في مجتمعات التعلم المهنية ويحفزها لتحسين تصنيفها واستدامة تميزها ويجعل منها مدرسة متميزة منافسة عالمياً، وكل ذلك سيكون مصحوباً بخدمة لدعم التميز المدرسي يقودها المشرفون التربويون.

ولا يخفى على أحد أن تطوير الأداء لمديري المدارس يمثل إحدى الركائز الأساسية لتحسين الأداء الكلي داخل المدرسة لأن مدى فعالية أداء منسوبي المدرسة يعتمد على أداء إدارة المدرسة ووجود مهمة واستراتيجية وأهداف واضحة للمدرسة، حيث يتم تحديد ما يجب عليهم القيام به داخل المدرسة لتحقيق المخرجات المتوقعة والأنماط السلوكية المرغوبة، كما يتم تحديد مدى مناسبة مهاراتهم للمهام المنوطة بهم، وتحديد جوانب الأداء التي تحتاج للتحسين والإجراءات اللازمة لعلاجها، ويُعد النظام التعليمي المتسم بتميز الأداء من أهم العناصر التي تساهم في إعداد القوى البشرية وتزويدها بالكفايات والمهارات اللازمة، وإدارة التميز خاصة أحد المداخل الإدارية الحديثة التي أثبتت قدرة فائقة على تحويل المؤسسات من شكلها التقليدي إلى مؤسسات حية تعيش عصرها وتواكب متغيراته المتسارعة، وتسعى إلى تحديث نفسها ذاتيًا من خلال استغلالها الأمثل لقدراتها وإمكاناتها البشرية والمادية والتقنية، ومن خلال نظرتها إلى المؤسسات على أنها وحدة متكاملة، وقد قامت الدولة من خلال رؤية الوطن 2030م بوضع خطة استراتيجية لتطوير التعليم، والذي يأتي من ضمنها تمكين المدرسة نحو التميز الذي يُسهم في تحقيق الكفاءة والفاعلية في تحقيق أهداف المدارس، وهذا ما أكدته الدراسات من أهمية تحسين الأداء للمؤسسات التعليمية عامة، ومدارس التعليم العام بشكل خاص، ودور القيادات التربوية في تحقيق معدلات نجاح مرتفعة، الأمر الذي يُمكن المدارس من مواكبة التطور الحديث وتطبيق الأسلوب العلمي لرفع معدلات الكفاءة الداخلية، وفق النموذج الإشرافي ويُمكنها من تبني برامج تطويرية عديدة تسهم في تعزيز أداء منسوبيها. الأمر الذي يقود مدارسنا إلى تطوير أدائها من خلال خطط التحسين للمجالات التي بحاجة لذلك بالمشاركة مع مقدمي خدمة دعم التميز من المشرفين مع أهمية النضوج الفكري في تبني ذلك مبتعدين عن الإدارة التقليدية وتقادم أساليبها، وقصورها في التجديد والإبداع، وفي توفير حلول إبداعية للمشكلات والتحديات التي تواجهها، ومن ثم فإن مدارسنا بحاجة ماسة إلى ممارسة التميز المؤسسي كأحد مظاهر التجديد في العمل التعليمي والتربوي لما يمتلكه من أبعاد إدارية حديثة وفكر ابتكاري وإبداعي متميز يُسهم في تحقيق تطوير الأداء الناجح للمؤسسة التربوية والتعليمية.