كتاب ومقالات

البؤس الاقتصادي

علي محمد الحازمي

في السنوات الأخيرة، شهدت العديد من الدول معدلات تضخم وبطالة مرتفعة نسبياً، ونتيجة لذلك عاد مؤشر البؤس الاقتصادي للواجهة من جديد. تم إنشاء مؤشر البؤس من قبل الخبير الاقتصادي آرثر أوكون في ستينيات القرن الماضي، ويجمع بين معدلات التضخم والبطالة لتقديم نظرة عامة على البؤس الاقتصادي الذي يعاني منه الناس في نقطة زمنية معينة. الافتراض الرئيس في هذا المؤشر هو أن معدل البطالة المتزايد والتضخم المرتفع نسبياً لهما تأثير سلبي على النمو الاقتصادي. من الناحية الاقتصادية، يؤدي ارتفاع التضخم إلى جانب ارتفاع معدل البطالة إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي ويسهم في تباطؤ الاقتصاد. مع ارتفاع التضخم، ترتفع تكاليف المعيشة ومع ارتفاع البطالة، يتجاوز المزيد من الناس الخط الاقتصادي إلى الفقر.

انخفاض مؤشر البؤس يتطلب خفض كل من التضخم والبطالة ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسينات جانب العرض التي تساعد على زيادة الإنتاجية والحد من كل من البطالة البنيوية والتضخم البنيوي، أو يمكن تحقيق ذلك من خلال انخفاض معدلات التضخم، والذي يقلل من البطالة الدورية دون التسبب في التضخم، الاقتصاد السليم يكون مؤشر البؤس فيه يتراوح بين 6 % و7 %.

لتحقيق مستوى الكفاءة، الاقتصاد بحاجة إلى مزيج من معدلات بطالة وتضخم. وهذا يعني، لا بد من وجود معدل بطالة طبيعي يتراوح بين 4 % و5 %، والسبب عندما يكون المعدل أقل من ذلك، لا تستطيع الشركات إيجاد عدد كاف من العمال لتعظيم الإنتاج. ونتيجة لهذا، يتباطأ النمو، مما يتسبب في ارتفاع التضخم. في ذات السياق، يتطلب الاقتصاد السليم بعض التضخم، وتهدف البنوك المركزية إلى استهداف معدلات تضخم تبلغ 2% على أساس سنوي. المشكلة هي أن السياسات التي تهدف إلى معالجة البطالة المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التضخم، والسياسات التي تهدف إلى معالجة التضخم المرتفع يمكن أن تؤدي إلى تفاقم البطالة وهنا تكمن الصعوبة.