أشياء صغيرة أفراحها كبيرة!!

جهير بنت عبدالله المساعد

بنظرة عابرة إلى الصحافة السعودية.. يظهر تقدمها إلى المراكز الأولى في الاهتمام بحاجات الناس المعوزين.. حيث تنشر عن صاحب الحاجة وحاجته وكيفية الوصول إليه عن طريق المحرر الصحفي الذي تبنى القضية ونشرها للملأ حتى يعطي الفرصة لمن يريد أن يمد يد العون للمحتاج فيسارع دون تردد. جميل أن تكون الصحافة في خدمة الضعفاء! وتحمد خطواتها في هذا الاتجاه، لكن الملاحظ اهتمام النشر بالحالات التي تتطلب إعانات مالية كبيرة.. مثل.. عتق رقبة محكوم عليه بالقصاص وفيها ملايين، أو مثل شراء المنازل أو استئجارها وغير ذلك، في حين أن الاهتمام بالحاجات الصغيرة التي هي عند المحتاج هموم كبيرة لا تنتبه إليها الصحافة المحلية ولا تعطيها ذات المساحة البارزة المقدمة إلى الحاجات الكبيرة! مثلا.. كرسي متحرك! سرير آلي طبي لمريضة مشلولة يوضع لها في البيت لتسهيل إطعامها وتغيير اتجاهاتها! أطراف صناعية! سيارة لمعاق! نظارات طبية لا تندهشوا نعم عندنا من يحتاج إلى نظارة طبية ولا يجد في جيبه ثمنها!! جهاز قياس السكر! كسوة شتاء! بطانية! سجاد لبيت خال! ثلاجة! فرن غاز! مريول مدرسي! فستان فرح! ماكينة خياطة!!! وما أكثرها الأشياء المكلفة لمن لا يستطيع دفع ثمنها.. بينما لا تهتم صحافتنا بها باعتبارها ربما سقط المتاع!! في الحقيقة لا أدري بالضبط لماذا لا تهتم صحافتنا العزيزة بمثل هذه الأمور الحياتية التي تعطي الفرصة للغني ومتوسط الحال والفقير على حد سواء للمشاركة في عضوية المجتمع الخيري فيدفع البلاء عنه بعطية تزكيه وتطهره أو بفعل خير يتناسب مع مقدرته وميزانيته ينفعه يوم لا ينفع مال ولا بنون! القضية ربما أننا اعتدنا على الحديث بالأرقام الكبيرة.. فهل نحن هواة الأرقام المبهرة كي نبهر الناس! لذلك تعودنا على أرقام عالية لمشاريع تنموية عادية.. عندما نقرأ عنها في الصحف ننبهر وندهش لماذا كل هذا الرقم؟! وكل فكرة نود تطبيقها يُعلن عنها في الصحف بميزانية مهولة!
على ما يبدو حتى الآن نحن لا نعرف قيمة الرقم الصغير، لذلك كل مشروع صغير نقدم له ميزانية كبيرة!! حتى تزويج الشباب غير القادرين لاحظوا «كم» الأرقام المعلنة كتكلفة لمثل هذه المشاريع!! الشاب لا يملك ويلجأ للجمعيات الخيرية لمساعدته فتظهر الأرقام مهولة وكأنه لا يصلح أن يكون العمل الخيري عظيماً إلا إذا كانت تكلفته عظيمة!! لافت للنظر التعبير بالأرقام عندنا إذا لم نتحدث بالملايين. لاقيمة لأي جهد حتى يُذكر! قيمة الجهود تقاس بالتكاليف المبالغ فيها بينما المجتمعات الذكية تبحث عن المشروع المنتج بأقل التكاليف إلا عندنا نستحي من الأرقام الصغيرة فلا نضع إلا الرقم الكبير ولو تخلينا عن هذا المبدأ ربما كانت مشاريعنا أكثر! على حد علمي أن مصطفى أمين رحمه الله هو المؤسس الأول لإنسانيات الصحافة العربية عندما أسس في جريدته منهجاً وأوراقاً لاحتياجات الناس الصغيرة وبعد وفاته مشى هؤلاء الصغار في جنازته لتكون أكبر جنازة لصحفي أحب الناس فأحبوه.. هل يمكن أن يظهر مصطفى آخر وقد يكون «سعد» مثلا!!


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم
88548 تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة