اهتمام غربي بتراث ابتسام لطفي الفني رغم احتجابها

غنت للكبار وحظيت بكثير من الألقاب

اهتمام غربي بتراث ابتسام لطفي الفني رغم احتجابها

علي فقندش-جدة

نحن لا نعرف مبدعينا.. أو أننا نتباهى بعدم معرفتهم.. يحدث ذلك في حياتنا الفنية والثقافية.. أعني الأدبية كمصطلح متعارف عليه ويذكرنا الأمر بأشكالنا ونحن نسيح في الأرض حاملين كاميراتنا وكروت الفيزا وغيرها من الائتمانات مرتدين الكاجوال أو الشورتات وأحيانا بمبالغة مضحكة نصور في روما نافورتها الشهيرة (تريفي فونتيني) وفي بيزا برجها المائل ونصور في كسرتا قصرها الشهير ذا الساحة الممتدة لستة كيلومترات.. ونصور في باريس برجها وفي ضواحيها قصر فرساي وفي مصر اهراماتها.. بينما لا تأخذنا أعيننا ولا اهتماماتنا إلى جماليات التاريخ والسياحة والثقافة في بلدنا.. قليلون هم من تعاملوا مع كاميراتهم وهم في كورنيش جدة وفي حضرة إبداع هنري مور وغيره من التشكيليين والنحاتين العالميين وفي مدائن صالح في العلا شمالا وغيرها من الآثار. هذا بالتالي كله ينطبق على علاقتنا بفنوننا ومبدعينا فنحن لا نعرفهم جيدا حتى أننا أحيانا لم نسمعهم كما ينبغي ولأن حديثنا اليوم عن ابتسام لطفي وهي الصوت الانثوي السعودي الأبرز لأسباب كثيرة أهمها أنها تحمل الإمكانات الفنية الكبيرة التي تؤهلها لذلك ولتكون “بموهبتها الفنية” رائدة في مجال غناء السيدات السعوديات ثم لأنها السباقة للتعامل مع الكبار.. ففنياً نشأت ابتسام لطفي (أو كما هو اسمها الأصلي خيرية قربان عبدالهادي -على فن وعبقرية وجمال وعطاء الراحلين طلال مداح ولطفي زيني وفوزي محسون رحمهم الله) وكذلك اغترفت من عطاء الفنان جميل محمود والأستاذ سراج عمر.. واختارت مما لدى عبدالرحمن حجازي -رحمه الله- من عذوبة الصور الشعرية.. وقطفت من ثمار كلمات خالد زارع ما طاب لها غناؤه.. ثم ذكاؤها في الارتباط بالمرحلة التي تلتها حيث التقت وشدت بإبداعات الكبار أحمد رامي ورياض السنباطي كما شدت بقصائد لإبراهيم ناجي وفاروق شوشة ومحمد هاشم رشيد ومطلق الذيابي وراضي صدوق ومسيقى عبدالعظيم محمد وعبدالحميد إبراهيم وأحمد صدقي وغيرهم. وتعتز بغنائها للموسيقار الراحل محمد الموجي ولاسيما تتر (مقدمة) بعض المسلسلات ولأننا لا نعرف إلى أي مدى نحن نمتلك مبدعين كباراً دائما يأتي التنبيه من الخارج.
تذكرت هذا وأنا أتلقى مكالمة الدكتورة ليسا يوركوفيتش استاذة تاريخ الأدب والفنون والتراث في الجامعة الأمريكية في الكويت لتواصل السؤال عن الثلاثي طارق عبدالحكيم وتوحة اللذين التقت بهما صحبة “عكاظ” وابتسام لطفي التي لم تتمكن من لقائها لاعتزالها الحياة الفنية وعدم رغبتها في التواصل مع الحياة الفنية والفن بشكل عام ورغم أن لها (أي ابتسام) ما تريد فهي حرة في قراراتها إلا أن كونها اسما غنائيا أكثر من هام وكونها الممثلة الأبرز للأغنية السعودية في وسائل الإعلام العربية المختلفة الا أنه من حقنا الاستمتاع بفنها الاصيل . وكانت أول من سجل لإذاعة (صوت العرب) الأشهر يومها بين الإذاعات العربية وعن هذا قالت لنا ابتسام في أيام التواصل الإعلامي:
- نعم كنت أكثر سعادة والكل يشير إليّ بالصوت النسائي المقدم عربيا والمتعامل مع الكبار في القاهرة والتقيت بإبداعات كبيرة مع اساتذة كبار اعتز بهم كثيرا مثل رامي والسنباطي وحلمي أمين الموسيقار الكبير الذي سعدت بزيارته للمملكة (منذ نحو عشرين عاما أو أقل قليلا.. زيارة أولى).. وفي مصر استطعت أن أجد نفسي وأنا أتعامل مع الكبار كما تعاملت مع كبارنا فارتباطي بطلال مداح فنيا الذي اختار لي أيضا اسمي الفني إلى جانب أنه لحن لي أعمال البدايات في مشواري الفني ومنها (بتقول لي فات الأوان).. عموما كانت ابتسام لطفي في حضورها الفني أيضا ذات حضور اجتماعي فلقد حظيت بكثير من الألقاب منها (شادية العرب) الذي خلعه عليها شاعرنا الراحل الكبير شاعر الشباب أحمد رامي.. كذلك (أمنية الفن السعودي) وهو اللقب الذي خلعه عليها الأديب السعودي الراحل ضياء الدين رجب ولقب بابا طاهر (الشاعر طاهر زمخشري) الذي لقبها بـ(عاشقة الأدب).. وغير ذلك الكثير من الألقاب.. وكانت ابتسام لطفي قد احترمها الكثيرون كفنانة وقدروها عالياً.. واحترموا فنها كثيرا في كل مكان. وسبق أن صرحت أنها عادت من زيارتها إلى الكويت في مايو 1975م بقولها:
- رغم أن زيارتي لم تتجاوز الاثنين وعشرين يوما إلا أنني قدمت الكثير من خلالها وغنيت من ألحان عبدالرحمن البعيجان ثلاث أغنيات من أشعار عبدالمحسن الرشيد وخليفة العبدالله ومحمد محروس كما شدوت بألحان للملحن أحمد باقر.
ويقول الموسيقار سراج عمر الذي كرم مؤخرا في مهرجان الموسيقى بالقاهرة:
“عملت مع ابتسام لطفي في صنع إضافة متميزة للأغنية السعودية وكم كنت أتمنى لو أنني أراها مجددا في الساحة فهي اسم بلا شك هام للغاية بمستواه ورقيه الفني كذلك بتاريخه المليء بفن خلاب وأصيل لا تملك إلا أن تحترمه”... كذلك من المؤكد أننا نحترم رغبتها أيضا في التواري كما كانت قمة في العطاء والتوهج.