موسكو تجعجع و لا تطحن .. فهل ترتاب من « قرصنة » أممية التعاون؟

ميرغني معتصم - جدة

استأثرت وزارة الخارجية الروسية بجدلية أنها رقم فاعل حين تطلب موسكو من الحكومة الصومالية السماح لسفنها الحربية بحرية الحركة في المياه الإقليمية للصومال لمكافحة نشاطات القرصنة في المنطقة. فهاجس القلق من خطر عمليات القرصنة على السفن التجارية في خليج عدن والسواحل القريبة، دفع روسيا إلى الاستعداد لدخول حلبة الصراع مع القراصنة الذين اشتد ساعدهم في الآونة الأخيرة في الممرات البحرية، وخاصة القريبة من السواحل الصومالية، حيث غدت السفن التجارية وطواقمها عرضة للوقوع في أسر من يتخذون من بعض سواحل الصومال قواعد لنشاطهم في غياب مؤسسات الدولة وفي ظل انقسام أراضيها وتزايد حدة الصراعات الدموية بين قبائلها. وقد أعلنت موسكو، التي عبرت سفينتها الحربية "نيوستراشيمي" قناة السويس منذ فترة مبحرة صوب شواطئ الصومال، بأنها ستستخدم كل التصاريح التي منحها مجلس الأمن الدولي لمكافحة القراصنة ونشاطهم في المنطقة. بيد أن ما يحدث على أرض الواقع يطابق مقولة (جعجعة و لا أرى طحنا ).
يركن المراقبون إلى أن عدم وجود آلية خاصة للتنسيق مع السفن الحربية الروسية والهندية وسفن الاتحاد الأوروبي القريبة من المنطقة، أثبت أن ذلك ضرب من ذر الرماد في العيون، فعند الضرورة لم يستطع قادة السفن المختلفة الاتصال ببعضهم لتأمين قدر من التنسيق فيما بينهم، بغية تضييق الخناق على القراصنة أمام السواحل الصومالية.
من جانبها، تظل روسيا تردد مشروخ اسطوانتها أنها توسع تعاونها العسكري الفني مع سائر بلدان العالم لأغراض ضمان قدرتها الدفاعية حصرا. هذا ما صرح به الرئيس ديمتري ميدفيديف في أول جلسة للجنة التعاون العسكري الفني جرت تحت رئاسته بعد تجديد قوامها.
وأكد يدفيديف ليس جميع أعضاء المجتمع الدولي يشاطرون وجهة نظر بلاده حيال ملفات جوهرية، إذن، ما الذي يحمل روسيا أن تضع حجر طاحون على عنقها وتتصدى لأمر هو في النهاية هم دولي استراتيجي وتجاري. ويبدو أن موسكو تستبطن القلق المقيم من زمن حول حلف الأطلسي، واستراق البصر في كل سانحة وربطها بهذا الهم. ويجنح بنا هذا الحديث إلى ما أعلنه بوتين في مؤتمر ميونيخ حول الأمن، عام 2007، أن حلف الأطلسي يستهدف الاتحاد الروسي، لافتا إلى أن هذا الحلف كان قد تعهد عدم التوسع نحو الشرق. وكان سبق لبوريس يلتسين أن عبر عن ذات القلق من توسع حلف الأطلسي مع انضمام دول البلطيق إلى هذا التحالف. بيد أن خطاب بوتين – وقتها -يمثل التصريح الروسي الأكثر أهمية حتى الآن، ويبين أن روسيا بدأت استشعار الخطر على حدودها، من أقصى الشرق الروسي حتى الحدود مع جيورجيا وأوروبا الغربية، وتلك تفسيرية لا لبس فيها للربط العشوائي في كل حدث دولي أو حتى مناطقي للارتياب من الهاجس الأطلسي، الذي ترى فيه عدم سعيه إلى التعايش السلمي.
إن إحكام طوق السيطرة على البحار وممرات التجارة الدولية جبهة إضافية ترى روسيا أن مراميها هي تطويق عملاقي أوراسيا الصين وروسيا. وهذه هي بالتحديد أهداف ( مبادرة الأمن للحد من تكاثر الأسلحة النووية) وأهداف تشكيل (القوات البحرية المتعولمة) بقيادة الولايات المتحدة. بيد أن الواقع ، من هذا المنطوق، يجعل من الصين ذات صدر مكشوف، وأكثر عرضة من روسيا للتهديد الآتي من المحيط.