هل يموت الأمريكيون فعلاً من أجل السلام؟!

تشارلي ريس

سئمت سماع الإسطوانة التي يرددها السياسيون وجنرالات الجيش عن الأمريكيين الذين يموتون من أجل السلام والحرية. إن أول من يسعى لتحطيم السلام، خلال السنوات الماضية، هي الولايات المتحدة الأمريكية.
فمنذ العام 1945، لم تعلن أية دولة فوق الأرض، الحرب علينا، أو قامت بأي هجوم ضدنا، ونحن تدخلنا في الحرب الأهلية الكورية، وفي حرب أهلية فيتنامية وأخرى لبنانية، وقتلنا أناساً من أجل الإطاحة بقادة سياسيين لم يكن قادتنا السياسيون يحبونهم، (كما حصل في باناما وغرينادا وأفغانستان والعراق). ولا أستطيع إيجاد أي سبب منطقي وراء قيامنا بقصف صربيا، الدولة البلقانية الوحيدة التي حاربت إلى جانبنا خلال حربين عالميتين.
إن متشدداً متطرفاً، يدعى أسامة بن لادن، قد أعلن الحرب علينا، ولكن ليس لديه أي وطن، أو حكومة أو جيش، أرسل فقط 19 رجلاً إلينا، ونجحوا في اختراق أجهزتنا الاستخباراتية والدفاعية التي كلفت المليارات الكثيرة من الدولارات، وقاموا باختطاف الطائرات، وقتلوا أنفسهم في العمليات. وهذا حدث منذ خمس سنوات، وحصل بعده عمليتا اجتياح وتم إنفاق تريليون دولار، ولم نعثر بعد على بن لادن.
قبل خمس سنوات عرضنا جائزة من 25 مليون دولار لكل من يرشدنا إلى أسامة بن لادن، وفي منطقة فيها حالة من الفقر المدقع، ولكن أحداً من أبناء تلك المنطقة لم يتقدم بأية معلومة. فماذا يعني هذا؟!
إن دماء أبناء وبنات هذه المنطقة هي أكثر الكنوز التي نملكها، ومن غير المشرّف تبديد هذا الكنز لأي سبب كان، ما عدا الدفاع عن الولايات المتحدة وشعبها. أما إرسالهم إلى الحرب، بدون إعلان رسمي للحرب من جانب الكونغرس، فهو أمر غير دستوري، ومن المثير للغضب أن نرسلهم إلى الحرب المستندة إلى الكذب.
لقد أفرج الرئيس بوش عن القطة في قفصها في خطابه الأخير في «وست بوينت». فهو لم يتحدث عن الإرهاب العالمي، بل عن إعادة هيكلة وتكوين منطقة الشرق الأوسط. وهذا يعني أن أبناءنا الذين نقدّرهم، لا يموتون من أجل السلام والحرية في أفغانستان والعراق، بل هم يموتون من أجل مصالح الشركات، ولجعل الشرق الأوسط مكاناً آمناً لإسرائيل، والناس الوحيدون الذين يموتون في سبيل الحرية هم العراقيون والأفغان الذين يريدون تحرير بلديهما من وجودنا واحتلالنا.
ويبدو لي أن من واجبنا، نحن الأحياء، تجاه الذين ماتوا، أن نحرص أولاً على أن يبقى البلد الذي جاءوا من أجله جديراً بالموت في سبيله، وأن نحرص ثانياً على أن يكون القادة المدنيون يستحقون تضحيات الرجال والنساء الذين يمكن أن يعرّضوا حياتهم للخطر. إن السماح لحفنة من الكاذبين والفاسدين بالزجّ بشبابنا في أتون الحرب لأسباب مخفية ولا أساس لها، أمر لا يشرّف لا الموتى ولا الأحياء.
ترجمة: جوزيف حرب