هل تضرب زوجتك..؟ إذن..!!

جعفر عباس

يقول تقرير رسمي صدر قبل أقل من شهر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، إن نصف نساء مصر المتزوجات يتعرضن للضرب على أيدي أزواجهن.. يعني هناك كذا مليون مصرية تتعشى أو تتغدى بـ«علقة».. خذ في الاعتبار أن المصري بصفة عامة – ومقارنة مع مواطني بقية الدول العربية - غير ميال للعنف الجسدي لأن لسانه «فلقة» ويستخدمه بكفاءة لجلد الآخرين، وأن المصري قد يتلاسن مع آخر لساعتين دون أن يفكر أي من الطرفين في اللجوء إلى التشابك بالأيدي.. وبالمقابل تذكر حلقات برنامج مثل الكاميرا الخفية في بلدك وكيف أن 90% منها تنتهي بالضرب.. ما أريد أن أقوله هو أنه إذا كانت نصف المصريات المتزوجات من ضحايا العنف فبالتأكيد أن النسبة ستكون أعلى بكثير في بقية دول الجوار.. بموازاة ذلك جاء في صحيفة «العرب اليوم» الأردنية أن 20% من النساء الأردنيات يعتقدن أنه «ما فيها شيء» أن يضرب الرجل زوجته، وأجزم بأن نساء كثيرات، وبحكم النشأة في بيئات ودول يمارس فيها العنف ضد النساء والأطفال بصورة شبه منتظمة، يعتقدن أيضا أنه من الطبيعي أن يضرب الرجل زوجته.. ليس من المهم عندهن لماذا يضربها، فطالما أن ضربها «حق مطلق» للزوج - في تقديرهن - فلا داعي للضوابط والكوابح واللوائح.
تفتح وعيي على الدنيا ووجدت نفسي أكره الظلم الاقتصادي والاجتماعي ودفعت ثمن ذلك من حريتي ومعاشي، فقد تعرضت للفصل من الخدمة عدة مرات ودخلت السجن (كل هذا في وطني حبيبي السودان حيث اعتبروني «خائناً» لأنني دافعت عن حقوقي وحقوق غيري)، ومن يكره الظلم يكره الاستعلاء الطبقي والعرقي والقبلي و...... الاجتماعي، ومن ثم نشأت رافضا للاستعلاء الذكوري، وعقلية أن المرأة مثل الحذاء «إذا ضاق عليك أو صار قديما تخلص منه».. وأقول بضمير مستريح أن الله عافاني من آفة التعصب لفريق كرة قدم أو حتى لـ«الوطن».. أحب وطني وأحب بني قومي من عرب وأفارقة وجميع المسلمين إخوتي ولكنني أتألم لمعاناة فقراء الهند وزيمبابوي.
كان لابد من هذه الجزئية من سيرتي الذاتية لأقول إن العنف ضد النساء غير معروف في السودان كظاهرة، لدرجة أن الرجل السوداني الذي يضرب زوجته يكون منبوذا إذ ينظر إليه الناس على أنه شخص غير سوي.. ونساؤنا لسن من صنف الملائكة (تماما كما أن النساء اللواتي يتعرضن لضرب الأزواج في البلاد الأخرى لسن من صنف العفاريت)، وكل ما هناك هو أن المرأة السودانية ظلت «تاريخياً» منتجة في الحقل والمرعى، ولاحقا في دواوين العمل العام، وصارت لها بالتالي «كلمة مسموعة».. في كل القبائل الكبرى في السودان نساء معروفات على مر التاريخ القريب بالحكمة والفطنة وكان لهن حق مقارعة الرجال بالحجة في الشؤون الاجتماعية والعائلية بل وحتى في الحروب (ولدينا مقاتلة معروفة اسمها مهيرة بنت عبود وقفت وسط الرجال في مواجهة الجيش التركي تشحذ من عزائمهم وتحثهم على قتال الغازي الأجنبي).. وبالتالي فقد نشأت في بيئة تحترم المرأة وتعطيها مكانة لائقة.. ومن ثم فإنني أعتبر الزوج الذي يمارس العنف الأهوج بحق زوجته شخصا ضعيفا.. ببساطة شديدة جدا فلو كنت ترى أن زوجتك تستحق الضرب بانتظام، فإما أنها غير صالحة كزوجة، وعليك أن تفارقها بإحسان، أو أنت مريض، ولو شكتك امرأتك لقاضٍ لحكم عليك بالجلد الجسدي أو المعنوي.

jafasid09@hotmail.com

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم
88548 تبدأ بالرمز 151 مسافة ثم الرسالة