تشويه الجدران بين روما والرياض

فاطمة بنت محمد العبودي

أنشئت قبل سنوات مدرسة ثانوية حكومية أمام منزلنا في حي الورود في الرياض، بعد أن حاول أفراد الحي جاهدين الحيلولة دون قيامها ولكن دون جدوى، ذلك أن مكانها من المفترض أن يكون حديقة وفق مخطط الحي، وما طال سكان الحي من أذاها، صوت الإذاعة الصباحية الممل ودوران بعض الطلاب الأشقياء بسياراتهم مسرعين وتفحيطهم حول المدرسة فهي تقع على أربعة شوارع، كذلك تشويه جدران بعض المنازل المحيطة بها بالكتابة بالبخاخات عليها، وما يلفت الانتباه تشويه سور المدرسة المستمر بالكتابات البذيئة، فلا يبقى السور نظيفاً بعد دهنه بالطلاء إلا عدة أيام ليعود مشوهاً بالكتابات من جديد.
مما اضطر إدارة المدرسة إلى رسم لوحات إرشادية وتجميلية كبيرة على الواجهة الأمامية لسور المدرسة لكي لا يبقى مكان للكتابة عليه، ونجحت الفكرة لكن الواجهات الأخرى للسور بقيت عرضة للتشويه، والمشكلة ليست في تشويه السور فقط وإنما في الكلمات البذيئة المكتوبة عليه، وفي سوء الخلق حيث كتب مرة رقم هاتف جوال وبجانبه عبارة « تلفون بنت حلوة» يبدو أن العبارة كتبت انتقاماً من فتاة صدت الكاتب أو فضلت غيره عليه، أي أنها ممارسات لا أخلاقية إضافة إلى تشويه الجدران.
خطرت في بالي هذه المدرسة وأنا أقرأ خبراً من إيطاليا، حيث شن رئيس وزراء إيطاليا حملة ضد تشويه جدران المباني العامة والخاصة بالبخاخات، وسن غرامة كبيرة قد تصل إلى 30 ألف يورو أي حوالى 120 ألف ريال، وعقوبة تصل إلى 40 يوماً سجناً، حرصاً منه على جمال المدن في دولة يعتمد اقتصادها أساساً على السياحة. وعلى الرغم من تشكيك بعض الإيطاليين بجدوى هذه العقوبة لاعتقادهم بأن الرسم على الجدران يعتبر نوع من الاحتجاج والثورة الاجتماعية، كما يقول الخبر، إلا أنني أعتقد بأنها عقوبة رادعة.
ويبقى السؤال عن طريقة ضبط المخالفين في حال تطبيق عقوبة مشابهة لدينا، ثم ماذا لو لم يملك المخالف أو أهله المبلغ المطلوب لسداد الغرامة، وإذا كان السجن هو العقوبة، فما أثر السجن والاختلاط بالمساجين الخطرين على هؤلاء الشباب، وعلى ضياع دراستهم ومستقبلهم.
ثم إن هذه المخالفات لدينا غالباً ما تكون مرتبطة بفترة عمرية معينة، فمن الظلم سجن الفتى وإضاعة مستقبله بسبب طيش شباب، أنا أتفق مع مبدأ العقوبة وأجزم أن تطبيقها على بعض المخالفين سيحد من استمرارها، لكن نوع العقوبة يتطلب الاستعانة بأخصائيين اجتماعيين ونفسيين لتحديد العقوبة المناسبة.
أعتقد أن من المناسب تحديد نوع العقوبة وفقاً لعمر المخالف، والأهم من ذلك المراقبة الجيدة لضبط المخالفين والعدل في تطبيقها على جميع المخالفين دون التساهل مع البعض ممن يعرف أحداً لتزكيته، فالمتابعة والعدل في تطبيق العقوبة كفيلان بالتخلص من أية مشكلة كانت كبيرة أو صغيرة.
fma34@yahoo.com

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة