جبل تستقيم أسفله انحناءات الظهر

أبناء يرهنون أنفسهم في الزحام

جبل تستقيم أسفله انحناءات الظهر

طلال الردادي - بعثة المشاعر المقدسة

وسط زحام الصاعدين إلى جبل الرحمة على صعيد عرفات الطاهر، نافست حاجة باكستانية، انحنى ظهرها بعد بلوغها من العمر عتيا، الجموع، فيما كان ابنها الذي بلغ عمره فوق الخمسين مرافقا لها. ورغم أن الحاج ناصر ويليمار القادم من إقليم كردستان يعرف مخاطر زحام والدته وسط هذا العدد الذي يقدر بمئات الألوف، إلا أن السعادة التي ارتسمت عليه تبرهن التناقض بين المعرفة والجهل بالمخاطر. قال حققت أمنيتي في رهن نفسي فداء لأمي، وحققت حلم أمي التي ظلت تنتظره 55 عاما، في القدوم إلى الديار المقدسة، الذي كاد أن يتحول إلى سراب بعد وفاة والدي، إلا أنه في هذا العام تمكنت من الحصول على فرصة للحج برفقة أمي التي ما أن أبلغتها حتى طارت من الفرح، وقالت لي بالحرف الواحد «لقد رضيت عنك»، وظلت ترفع يدها إلى السماء تدعو لي بالصحة وسعة الرزق، الأمر الذي كان حافزا لي في تحمل مشقة التنقل والإرهاق في سبيل أداء المناسك.وأضاف عاهدت نفسي أن أحقق كل طلبات أمي في المشاعر، وما أن طلبت مني الذهب إلى جبل الرحمة والاقتراب منه، وافقت على الفور، إلا أن طول المسافة جعلها لا تتحمل السير، فتتلكأ تارة وتمشي مستندة إلى عصاها تارة أخرى، حتى استطعنا الوصول إلى جبل الرحمة، وهناك ظلت تلهج بالدعاء والثناء والشكر أن بلغها المولى عز وجل حج البيت الحرام، فيما كانت دعوتي إلى جانبها الفوز في كسب رضاها، وبرها في أقدس بقاع الدنيا.أما الحاج نذير اختر حسين (46عاما) والقادم من مدينة مدراس الباكستانية برفقة أمه وأبيه، فلم يتوقع أن تسمح ظروفهم الاقتصادية بالحج دفعة واحدة، ولكن يسر الله الأمور وتم اختيارنا ضمن النسبة المخصصة للحج هذا العام، وما أن وصلوا الأراضي المقدسة حتى وجدها فرصه ليكون قريبا من أمه وأبيه، لرعاية شؤونهما في التنقل للصلاة إلى الحرم والمشاعر المقدسة.وقال إن أبي مقعد، لذا أحمله على عربة متحركة، وترافقنا والدتنا، وأشعر بطاقة خارقة تجعلني لا أشعر بالتعب والإرهاق في مرافقة والدي، بل إنني من أسعد الناس على وجه الأرض، والسبب دعوات الرضا التي أسمعها في كل شيء أقدمه لوالدي خلال اداء النسك.