سبهللة

هاشم الجحدلـــي

لا أعتقد أن يحدث في أي مجتمع من المجتمعات المتحضرة والبدائية، ما يحدث في سوقنا التجاري، من لا مبالاة واستهتار بصحة وحق ومال المواطن والوطن، والأدلة على ذلك أكثر من السرد ولو بدأت برصدها لانتهى الوقت المحدد لتسليم المقال قبل أن أنتهي من حصر بعضها، ولكن لكي لا يكون الكلام عائما في الهواء، مثل جولات حماية المستهلك، ونظام المراقبة في وزارة التجارة والأمانات، سأكتفي بشاهد واحد، هو الحليب - طيب الذكر- الذي لم أسمع باسمه من قبل، حتى عندما قرأت الأخبار عن ضبطه ومنع تداوله في بلدان شرق آسيا، كنت مرتاحا لأن هذا الحليب لم يدخل أصلا في أسواقنا، ولم ينتبه له الوكيل السعودي الذي لا يوفر شيئا ولا يسمع بمنتج إلا ويستورده للمملكة حتى وصل الأمر إلى استيراد العلكة من الإكوادور والفقع من جبال الأطلس.
ولكن اطمئناني وارتياحي لم يستمرا طويلا، فسرعان ما بدأت الأخبار والبلاغات تتوالى عن تكدسه، لا في صيدلياتنا ومراكزنا التجارية الكبرى والصغرى فقط، ولكن وصل به الأمر أن يصل ويتكدس في أصغر البقالات وفي أبعد ضواحي المدينة. أول بلاغ عن استمرار وجوده في أسواقنا جاء من بحرة، هكذا وبدون أن يرف جفن، للوكيل أو للموزع أو للتاجر ولا حتى لمسؤولي وزارة التجارة وحماية المستهلك وموظفي مراقبة الأسواق بأمانات المدن، يستمر هذا الحليب القاتل في الوجود، ويستخدمه أطفالنا، الذين ربما يموتون فورا أو يتعرضون لأمراض غامضة لا علاج لها، وتذهب بعد ذلك التحليلات إلى أنه فيروس غامض، قبض عليه بعد معركة طويلة طبيب لم ينجح بعد في علاج التهاب اللوزتين.
أجل هذا مايحدث في أسواقنا وتبتلى به أبداننا وصحتنا، والنموذج حليب ذاع صيته بعد كارثة التلوث في جميع العالم وقامت الجهات المسؤولة في دول أخرى بسحبه بعد أول إشارة عن مخاطره ولكن عندنا (ماعندك أحد)، والحليب المستهدف سمع بكوارثه الجميع، فما بالك بمنتج من سوء الحظ، أن الكمية الملوثة لم ترسل إلا لنا، وما بالك أيضا إذا كان المنتج الملوث منتجا محليا، ولم يصدر للخارج لتكشف مخاطره، الأكيد حينها أننا سنستخدمه حتى ننقرض، خاصة إذا كان من المنتجات التي تقبل التخفيضات حتى نصف السعر وأقل من ذلك في عروض الهايبر ماركات والسوبر ماركات الكبرى.
ياجماعة الخير في قطاعات الصحة والتجارة وحماية المستهلك وهيئة الغذاء والبلديات ترى صحتنا أمانة في أعناقكم ولكن كما قال أحد الذين عانوا الويل منكم:
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي

hbbj19@gmail.com

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم
88548 تبدأ بالرمز 167 مسافة ثم الرسالة