إسقاطات العدوان على غزة
الجمعة / 05 / محرم / 1430 هـ الجمعة 02 يناير 2009 20:48
خالد نايف الهباس
العدوان الإسرائيلي الظالم على غزة وأهلها ليس بجديد، وإن كان أشد حدةً من الاعتداءات السابقة. لكن المؤسف في هذا الشأن ليست ضراوة العدوان وهمجيته غير المستغربة من آلة الحرب الإسرائيلية، بل في الانقسام الفلسطيني وعدم تداعي الجسد الفلسطيني لبعضه الآخر, خاصةً على المستوى الرسمي. لأن تجزئة الموقف الفلسطيني لا تخدم سوى هدف واحد وطرف واحد هو المخطط الصهيوني والدولة العبرية نفسها.
لكن تداعيات ما حصل في غزة تتجاوز قضايا الداخل الفلسطيني فتحمل في ثناياها تداعيات على المستوى الإقليمي، إن لم تكن على المستوى الدولي. فالقضية الفلسطينية قد تكون أكثر القضايا السياسية في القرن العشرين التي تعرضت للمزايدات من قبل أطراف خارجية. وأصبحت بذلك عرضةً للاستخدام من قبل أنظمة تطمح من خلال الإشارة لها إلى تعزيز شرعيتها في الداخل أو لعب دور إقليمي قد لا يكون بوسعها الحصول عليه دون استخدام نصرة الفلسطينيين كذريعة.
إن من أهم تداعيات العدوان على غزة بالنسبة لإسرائيل هو ضرب حماس وتحجيم قوتها بعد حصار جائر لأهل غزة لفترة طويلة. والقضاء على المقاومة في فلسطين من شأنه أن يعزز الحظوظ السياسية للمرشحين الإسرائيليين من حزب كاديما، خاصة في ظل قدوم الانتخابات الإسرائيلية. كذلك فإن هذا العدوان يعيد الثقة للجيش الإسرائيلي بعد فشله في صيف 2006 في هجومه على لبنان. والقضاء على حماس من شأنه أيضاً أن يضعف الموقف التفاوضي للسلطة الفلسطينية ويعزز من تعنت إسرائيل إزاء مساعي السلام. فالتفاوض من موقع ضعف مدعاة للضعف، وعادة ما تكون محصلته النهائية مزيداً من التنازلات، التي لا أعتقد أن لدى الفلسطينيين الكثير ليتنازلوا عنه.
النصر لفتح لا يتمثل في القضاء على حماس رغم ما يدور بين هذين الفصيلين الفلسطينيين من تناحر وتنافس سياسي، ورغم فشلهما في التوصل إلى حل توافقي حول تقاسم السلطة، لأنهما ينتميان إلى فلسفة سياسية مختلفة؛ فلسفة المقاومة مقابل فلسفة التفاوض والسلام، أو الاستسلام كما يرى البعض.
من ناحية إقليمية، هناك المزايدون على القضية، الذين لم يقدموا شيئاً سوى التهويل السياسي مستغلين بذلك شعار الممانعة والصمود، محاولين بذلك توسيع دائرة نفوذهم وخلق زبائن سياسيين لهم في عمق المنطقة العربية، من خلال دعم حركات المقاومة وتسخير أوراقها في صالح أطماعهم في تمدد نفوذهم وجعل ذلك ورقة مساومة في أيديهم في ما يتعلق بتورطهم في الشأن الإقليمي. بينما نجد تركيا من ناحية أخرى تحاول التحرك وتعرب عن عدم رضاها عن العدوان رغم علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل. تركيا لا يخدمها أن تستفيد إيران من المشاهد الدموية والعنف الذي يرتكب في حق أهل غزة، خاصةً في ظل السباق على النفوذ بين الدولتين في الشرق الأوسط وفي وسط آسيا. وهذا يقودنا للقول إن مفاصل السياسة في الشرق الأوسط الذي تشكل الدول العربية جله، أصبحت في أيد غير عربية وتدار بشكل لا يخدم المشروع العربي، إذا كان هناك مشروع عربي متفق عليه من الأساس. أما بعض الدول العربية فليس بوسعها سوى إطلاق عبارات الأسى والاستنكار التي بدأت تعود لمفردات الخطاب السياسي العربي من جديد. بعض الدول العربية بدأت في الانصراف عن شؤونها وترك دفة الشؤون الإقليمية تدار أما من الدول الكبرى أو من الدول الإقليمية النافذة. هذا وضع مؤسف بطبيعة الحال، وهذه إحدى تجليات الحال العربية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، لكن ما نأمله ألا تزداد الحال سوءاً عما هي عليه الآن. السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نتحدث عن سلام عادل في ظل هذه العدوانية الإسرائيلية، وفي ظل هذا التشرذم العربي؟
knhabbas@hotmail
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 145 مسافة ثم الرسالة
لكن تداعيات ما حصل في غزة تتجاوز قضايا الداخل الفلسطيني فتحمل في ثناياها تداعيات على المستوى الإقليمي، إن لم تكن على المستوى الدولي. فالقضية الفلسطينية قد تكون أكثر القضايا السياسية في القرن العشرين التي تعرضت للمزايدات من قبل أطراف خارجية. وأصبحت بذلك عرضةً للاستخدام من قبل أنظمة تطمح من خلال الإشارة لها إلى تعزيز شرعيتها في الداخل أو لعب دور إقليمي قد لا يكون بوسعها الحصول عليه دون استخدام نصرة الفلسطينيين كذريعة.
إن من أهم تداعيات العدوان على غزة بالنسبة لإسرائيل هو ضرب حماس وتحجيم قوتها بعد حصار جائر لأهل غزة لفترة طويلة. والقضاء على المقاومة في فلسطين من شأنه أن يعزز الحظوظ السياسية للمرشحين الإسرائيليين من حزب كاديما، خاصة في ظل قدوم الانتخابات الإسرائيلية. كذلك فإن هذا العدوان يعيد الثقة للجيش الإسرائيلي بعد فشله في صيف 2006 في هجومه على لبنان. والقضاء على حماس من شأنه أيضاً أن يضعف الموقف التفاوضي للسلطة الفلسطينية ويعزز من تعنت إسرائيل إزاء مساعي السلام. فالتفاوض من موقع ضعف مدعاة للضعف، وعادة ما تكون محصلته النهائية مزيداً من التنازلات، التي لا أعتقد أن لدى الفلسطينيين الكثير ليتنازلوا عنه.
النصر لفتح لا يتمثل في القضاء على حماس رغم ما يدور بين هذين الفصيلين الفلسطينيين من تناحر وتنافس سياسي، ورغم فشلهما في التوصل إلى حل توافقي حول تقاسم السلطة، لأنهما ينتميان إلى فلسفة سياسية مختلفة؛ فلسفة المقاومة مقابل فلسفة التفاوض والسلام، أو الاستسلام كما يرى البعض.
من ناحية إقليمية، هناك المزايدون على القضية، الذين لم يقدموا شيئاً سوى التهويل السياسي مستغلين بذلك شعار الممانعة والصمود، محاولين بذلك توسيع دائرة نفوذهم وخلق زبائن سياسيين لهم في عمق المنطقة العربية، من خلال دعم حركات المقاومة وتسخير أوراقها في صالح أطماعهم في تمدد نفوذهم وجعل ذلك ورقة مساومة في أيديهم في ما يتعلق بتورطهم في الشأن الإقليمي. بينما نجد تركيا من ناحية أخرى تحاول التحرك وتعرب عن عدم رضاها عن العدوان رغم علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل. تركيا لا يخدمها أن تستفيد إيران من المشاهد الدموية والعنف الذي يرتكب في حق أهل غزة، خاصةً في ظل السباق على النفوذ بين الدولتين في الشرق الأوسط وفي وسط آسيا. وهذا يقودنا للقول إن مفاصل السياسة في الشرق الأوسط الذي تشكل الدول العربية جله، أصبحت في أيد غير عربية وتدار بشكل لا يخدم المشروع العربي، إذا كان هناك مشروع عربي متفق عليه من الأساس. أما بعض الدول العربية فليس بوسعها سوى إطلاق عبارات الأسى والاستنكار التي بدأت تعود لمفردات الخطاب السياسي العربي من جديد. بعض الدول العربية بدأت في الانصراف عن شؤونها وترك دفة الشؤون الإقليمية تدار أما من الدول الكبرى أو من الدول الإقليمية النافذة. هذا وضع مؤسف بطبيعة الحال، وهذه إحدى تجليات الحال العربية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، لكن ما نأمله ألا تزداد الحال سوءاً عما هي عليه الآن. السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نتحدث عن سلام عادل في ظل هذه العدوانية الإسرائيلية، وفي ظل هذا التشرذم العربي؟
knhabbas@hotmail
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 145 مسافة ثم الرسالة