د. عبد الله العجلان.. تميز في التعليم والشورى

عائض الردادي

يوم الأحد 28/ 1/ 1430هـ (25/ 1/ 2009م) هوى سادس نجم من أعضاء مجلس الشورى في دورته الرابعة، فقد اختطفت المنون د. عبد الله بن محمد العجلان ليلحق بخمسة قبله، ومما يسجل في تاريخ هذه الدورة أن ست جلسات من جلساته بدأت بنعي هؤلاء الراحلين، وأن غمَّا خيم على قاعته في ستة أيام، وأن العزاء كان بديلا لابتسامة الصباح، وأن الألم كان بديلا لابتسامة العضو في وجه أخيه.
عبد الله العجلان كان عضوا مميزا في الشورى: في مداخلاته التي تأتي بعد قراءة فاحصة للنظام أو التقرير المعروض، وحاملة لرأي وفكر، وكان مميزا في لغته السليمة وهو يتحدث، ومميزا في وضوح فكرته، ومميزا في صوته الجهوري، وقبل ذلك كان مميزا في حسه الديني والوطني، وكانت جديته وحرصه تكاد تشعراك أنه يتألم من كل قصور يرد في تقرير أداء، ولم يكن مجاملا في رأيه، ولا متحاملا في طرحه، وإذا أعجب بمداخلة زميل له لم يكن يطيق صبرا على كتمانها، بل يسارع لإرسال ورقة صغيرة من أوراق يتبادلها أعضاء الشورى فيما بينهم حيث لا مجال للكلام أو التواصل بينهم أثناء الجلسة بسواها.
وإذا كان ما يعبر عنه عبد الله العجلان يتجاوز السطور القليلة المكتوبة سارع إليه بعد الجلسة ليعبر له عن سروره بإعداد التقرير أو بمضمون المداخلة، وكل ذلك يأتي من حرصه على أن يقوم المجلس بدوره في رقابة الأداء التنفيذي.
ولن يتجاوز من يؤرخ للتعليم العالي للمرأة في بلادنا دور عبد الله العجلان في التأصيل له، وتأسيس أصوله على أسس قيم الدين والخلق والعلم، وبهذه القيم نالت المرأة في بلادنا درجتها الجامعية فكانت أماً رحيمة، وزوجة صالحة، وبنتا بارة، ومعلمة مبجلة، وأستاذة جامعية تزرع في طالباتها قيم الدين والعلم، وأظن أن من يحملن الشهادات العليا الآن يشهدن (قلما ولسانا) أنه ركيزة في تأسيس تعليم المرأة العالي وتأصيله ولا يستطيع أن يتجاهله من يكتب تاريخ التعليم، وإن لم أره متحدثا عن ذلك يوما، وكل من جاء بعده سار على خطاه، وعسى من عملوا أو عملن معه أن يكتبوا ذلك.
كانت كليات التربية للبنات تزيد عن المئة في كل مناطق المملكة، واستطاعت أن توصل التعليم الجامعي قبل أن تصل الجامعات إلى المناطق، وكان يتابع إنشاء جامعة للبنات تضم شتاتها ولكنها تأخرت ثم جاءت مقتصرة على الرياض بعد زمن بعيد.
عبد الله العجلان كان مؤهلا تأهيلا شرعيا، وقل أن يلحن إذا تكلم بالعربية، بل قل أن يتحدث إلا بها. جمعتني به ترتيبات الإعداد لمرور عشرين عاما على تأسيس مؤسسة الملك فيصل الخيرية فكان لديه من الفكر ما أثرى الحوار، وجمعني به مجلس الشورى فرأيت فيه الغيرة على دينه ووطنه ولغته، لم أسمعه متحدثا عن نفسه ولا عن دوره في التعليم، صمته كثير، وقليل كلامه مفيد، يحمل قلب إنسان وصنعة رجال، ويكثر من استخدام (يا أخي) في مخاطباته، زانه التواضع والعلم والصراحة والإخلاص لدينه ووطنه.
عبد الله العجلان تاريخ تعليم، وشورى، وخلق كريم، وعلم شرعي، ونزاهة في العمل لم أسمعها منه ولكني سمعتها من غيره إنها صفات كريمة في معدن كريم، وبمثله يخسر الوطن، رحمه الله رحمة الأبرار.
الفاكس 012311053
IBN-JAMMAL@hotmail.com

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة