حصار الكاميرات السرية

صالح الفهيد

في هذا الزمن الرقمي، لم يعد هناك خصوصية لأحد، أصبحنا نتحرك تحت رقابة دائمة من كاميرات ترصد تحركاتنا أينما يممنا وجوهنا.
أخرج من البيت لأجد كاميرا منزل جاري المثبتة على زاوية السور، وكأنما تمد لسانها لي وتقول: احذر إنك تحت العين!. وما ان اقف أمام الصراف الآلي حتى أجد ثمة كاميرتي تصوير واحدة مثبتة فوق تصور المشهد كاملا، وأخرى مثبته بجوار شاشة الصراف تسجل لحظة بلحظة تفاصيل وملامح وجهي!. وفي الأسواق التجارية تجد نفسك مطاردا من كاميرات مثبتة في كل زاوية وكل ممر.. تسجل بالألوان تحركاتك وسكناتك.. سواء كنت لوحدك أم بصحبة أسرتك.
وفي المستشفيات والمراكز الصحية تحاصرك الكاميرات لتلتقط لك صورا متحركة من جميع الزوايا، بل وحتى في البقالات الصغيرة لم تعد بمنأى عن الكاميرات المتطفلة التي يضعها أصحاب هذه المحلات بذرائع مختلفة.
ومؤخرا أصبحت معظم أجهزة (اللاب توب) مزودة بكاميرات مثبتة مقابل وجوهنا، ويستطيع آخرون تشغيلها من بعد دون أن ندري!.
نعم أصبحنا كمعتقلي (جوانتانامو) سيىء الصيت، تحت الأضواء الكاشفة طوال اليوم، وحركاتنا مرصودة في كل مكان، حتى ترسخ لدينا شعور بأن ثمة من يراقبنا في كل مكان نذهب إليه، وأصبحنا نشك بأن كل جهاز مثبت في سقف المكان الذي نحن فيه ما هو إلا كاميرا متنكرة ومتخفية!.
كنا في الماضي نخشى من عيون المتطفلين ممن لا هم لهم سوى مراقبة الناس، واليوم صرنا محاصرين بالعدسات التي تتلصص على أدق تفاصيل حياتنا. فهل ثمة نظام يحمينا من جيش العدسات؟ وهل من ضامن في ان هذه الشرائط التي تسجلها هذه الكاميرات ستبقى محاطة بالسرية، ولا تقع في أيدي عابث يسيء استغلالها؟