التغيير الوزاري السعودي ومرحلة التحديث السياسي

عادل العبدالكريم

صدر بالأمس القريب مجموعة من الأوامر الملكية والتي نتج عنها تغيير وزاري جزئي في الحكومة السعودية. هذه التغييرات طالت مجموعة من الحقائب الوزارية المهمة في الدولة والتي لها علاقة مباشرة بالمواطن ومنها التعليم والصحة والعدل والإعلام. فعلى الرغم من أن التغيير كان جزئيا ومحدودا إلا أنه تغيير مطلوب ومتوقع في مثل هذه المرحلة والتي تحتاج إلى مجموعة من القرارات الجريئة والهادفة إلى إدخال العديد من التغييرات على المستوى الوزاري وعلى مستوى السلطة التنفيذية في الدولة. ما تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من تعديلات وتغييرات تعكس وبشكل واضح على أن القيادة السعودية عازمة على تبني التغيير والتعديل متى ما أصبح هذا التغيير سيخدم المرحلة التي نعيشها. فالواضح بأن هناك إرادة سياسية قوية مصحوبة برؤى ملكية واضحة تهدف إلى إيجاد ليس فقط تغيير في الأسماء الوزارية ولكن أيضا في تركيبة النخبة السياسية السعودية وتوسيع دائرتها لتشمل عناصر جديدة لم يسبق لها أن كانت من ضمن هذه النخبة ومنها العنصر النسائي.
ركز التعديل على أربعة قطاعات أساسية وهي التعليم والصحة والعدل والإعلام، وتعتبر معظم هذه القطاعات خدمية بالدرجة الأولى ولها ارتباط بالمواطن مباشرة. فالمجتمع السعودي يدخل مرحلة مهمة من مراحل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتي تحتاج إلى الكثير من التغييرات في النظام التعليمي والخدمات الصحية المقدمة. فأصبح هناك حاجة ماسة لنظام تعليمي متقدم ومتطور ومتوافق مع المرحلة التي نعيشها ويعيشها العالم في الوقت الحاضر. فالتعليم هو أساس تقدم الشعوب ورقيها ولهذا لا نجد أي مجتمع أو دولة متقدمة بدون نظام تعليمي حديث ومتطور ومبني على أحدث ما توصل إليه العلم من تقنية وعلوم. فالتغيير في مجال التعليم يهدف إلى إدخال دماء جديدة قادرة على إحداث نقلة كبيرة في مجال التعليم وتطويره بحيث يكون متوافقا مع متطلبات المرحلة التنموية التي نعيشها. فالتغيير في القيادة العليا للتعليم العام أريد منه تغيير في فلسفة التعليم بشكل عام وليس فقط تغييرا في أسلوب وطريقة إدارة التعليم لأن التغيير البيروقراطي والإداري صعب ولكن التغيير في مفهوم التعليم وطريقته هو المستهدف في هذه العملية.
الصحة كانت إحدى الحقائب الوزارية التي طالها التغيير وهذا تأكيد على ما توليه الدولة من اهتمام في هذا القطاع ومحاولة تطوير أدائه. فالخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية ما زالت دون المستوى الذي يطمح إليه المواطن والمسؤول معا. ففي السنوات الأخيرة، أصبح المواطن يلجأ إلى المستشفيات والعيادات الخاصة وذلك بحثا عن خدمات طبية وصحية مميزة، وكذلك من أجل تفادي قوائم الانتظار والمواعيد التي تصل في كثير من الأحيان إلى ستة أشهر أو أكثر لزيارة أي أخصائي في مستشفى حكومي. ولعل الوزير الجديد يستطيع أن يتعرف ويشخص المشاكل المرتبطة بالقطاع الصحي بالمملكة في أسرع وقت وذلك من أجل أن يصل إلى البدائل أو الخيارات الإستراتيجية التي يستطيع أن يتبناها من أجل تقديم خدمات صحية مرضية للجميع.
أخيرا، أعتقد أن تعيين نورة الفايز نائبة لوزير التربية والتعليم في المرتبة الممتازة وكأول امرأة سعودية تتولى منصب قيادي رفيع يعتبر من القرارات التاريخية الجريئة والتي تهدف لدعم المرأة السعودية بشكل خاص. هذا التطور غير المسبوق أدخل عنصرا جديدا على النخبة السياسية السعودية وهو المرأة، فهذا يعتبر نقلة كبيرة ليس فقط للمرأة السعودية ولكن أيضا لمستوى الثقة التي توليها الدولة في الكوادر النسائية المحلية. يأتي هذا التعيين كواحد من أهم القرارات المهمة والتي استهدفت التعليم في المملكة خاصة بعد القرار التاريخي بدمج رئاسة تعليم البنات بوزارة المعارف قبل سبع سنوات. ما نأمله جميعا هو أن نرى النتائج الإيجابية لهذه التغييرات في القريب العاجل إن شاء الله.