هل من سنوات سمان للعراق ؟

كاظم الشبيب

هل انقضت سنوات العراق العجاف؟ وبالتالي، هل ينتظر العراقيون سنوات سمانا؟ أم أن لعنة التاريخ ستطارد أرض الرافدين في الحاضر والمستقبل؟ أم أن العراقيين قادرون على استعادة الذات وإحياء روح البناء الحضاري كما كانوا في القرون الماضية؟
ست سنوات مضت من عمر العراق والعراقيين. قبلها، لم يتوقع المتفائلون، أمثال الدكتور أحمد الجلبي والدكتور عدنان الباجه جي ومسعود بارزاني وجلال طالباني والسيد محمد باقر الحكيم والدكتور إبراهيم الجعفري ومعهم بعض العرب والأمريكيين، أن يدخل العراق في سنوات عجاف بهذا المستوى. قبلها أيضاً، لم يتوقع المتشائمون، أمثال أقطاب البعث وبعض العرب والأمريكيين، أن تتوقف عجلة التدهور، الأمني والاجتماعي والاقتصادي، عند الحدود التي وصلت إليها فقط، بل كان الأكثر سوءاً يُطرح ضمن السيناريوهات السابقة.
الواقع الذي كان العراق عليه قبل سقوط صدام حسين لم يكن زاهراً. حينها، وصف زائر لبغداد، بعد انقطاعه عنها لعقود طويلة، أنها كانت متخلفة عند مقارنتها بالدول المجاورة في حين خيراتها تؤهلها لتكون شبيهة بالدول الأوربية. وقد ازدادت الصورة سوداوية خلال السنوات الست العجاف الأخيرة. اليوم، هناك خشية في النفوس، تراكمت خلال السنوات العجاف، تستتر خلف الجدران والسواتر الأسمنتية التي تحمي وتقسم الناس من عودة الاقتتال على الهوية الطائفية.
الإنجاز السياسي والتحسن الأمني لا يعني انتهاء الغمة. فها هي التحديات الشاخصة تجعل قادة العراق ومواطنيهم، من جميع الاتجاهات، يقلقون على المستقبل. منها: استمرار انعدام الثقة بين فئات الشعب بسبب سياسة التمييز التي كرسها النظام السابق والاقتتال الطائفي اللاحق، ولا يمكن تجاوز ذلك إلا بتكريس وتغليب قانون المواطنة على الهويات الذاتية وفق الدستور. ومنها: ضعف أداء السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويتضمن هذا التحدي ضعف مساعي معالجة الفساد المالي والإداري. ومنها: معالجة ملفات الحقيبة السياسية كمشروع المصالحة والميزانية ومدينة كركوك وطبيعة الدولة... ناهيك عن الخلافات بين الأطراف الفاعلة على الساحة حول مركزية الدولة وقوتها مقابل قوة وسلطة الإدارات المحلية وملف إعادة الإعمار ومأساة المهجرين والمعتقلين والأرامل.
ومنها أيضاً، وهو الأمر الأخطر، مسألة الوجود الأمريكي. الأمر في غاية التعقيد، رغم أهمية الانسحاب وضرورته، ورغم إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن خطة الانسحاب، إلا أن الانسحاب لا يقل خطورة عن بقاء الاحتلال، والمعيار هنا ينبغي أن يتمحور حول استمرار الانخفاض في معدلات العمليات الإرهابية، واستمرار النجاح في الملفات السياسية والاقتصادية.
يأمل العراقيون أن تكون صفحات السنوات العجاف قد طويت. ويتمنون أن تكون بداية صفحات السنوات السمان قد انطلقت مع الانفتاح القادم على العراق من جامعة الدول العربية ولغة باراك أوباما التغييرية، وسيكون المعيار هنا مستوى حياة الناس. رغم إن كثرة الأحزاب وتوالدها يفرض كثرة الاحتمالات المستقبلية وتفرعاتها المجهولة، وقد ثبت ذلك من خلال انتخابات مجالس المحافظات التي غيبت تكتلات وأسماء، أو أبعدتها مرحلياً, وبالتالي رفعت أسماء ووجوها جديدة، إلا أن معيار الحياة يبقى ممكناً ويضخ أملاً. نذكر هنا ما قاله الكولونيل غاري فوليسكي المسؤول الأمريكي عن شمال العراق: «إن تحسين نوعية الحياة تشكل نقطة التحول».
kshabib@hotmail.com





للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 141 مسافة ثم الرسالة