رؤية ثاقبة وإجراءات تحد من التداعيات

المملكة في قمة الكبار للمرة الثانية

فتحي عطوة ـ القاهرة

للمرة الثانية خلال أربعة أشهر تشارك المملكة في قمتين من أهم القمم التي تحاول إنقاذ الاقتصاد العالمي، بعد الأزمة المالية العالمية الطاحنة، فقد شاركت في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في واشنطن في منتصف نوفمبر الماضي، وتشارك في قمة المجموعة الثانية في لندن اليوم. وتحضر المملكة قمة لندن وهي تمتلك رؤية واضحة حول سبل معالجة الأزمة، كما كان لها دور كبير من خلال مقترحات محددة أطلقتها في قمة واشنطن من أجل التخفيف من تداعيات الأزمة على الدول النامية والفقيرة، كما كانت من خلال سياستها النفطية أحد مراكز صنع القرار الاقتصادي العالمي في مواجهة الأزمة. تشارك المملكة في القمة بصفتها إحدى الاقتصاديات الناشئة القوية التي تساهم مع مجموعة السبع الصناعية الكبرى في العالم منذ عام 1999 في مناقشة الموضوعات الرئيسة التي تهم الاقتصاد العالمي. وتأتي مشاركة المملكة انعكاسا لثقة العالم في اقتصادها، كأكبر احتياطي نفطي في العالم، ومن أكبر المنتجين في العالم فضلا عن سياستها في تحقيق التوازن والاستقرار في السوق النفطية، وتجنيبها التقلبات الحادة، والوفاء بحاجة الأسواق. وقد جمعت حشدا من المهتمين بشؤون الطاقة والمال من مسؤولي حكومات وشركات عالمية كبرى، في مؤتمر دولي للطاقة في جدة في 22 يونيو الماضي جراء ارتفاع أسعار النفط حينها إلى 140 دولارا للبرميل الواحد، وكانت الدعوة لهذا الاجتماع منطلقة من حرصها على استقرار أسعار النفط، وإيجاد التوازن المطلوب في الأسواق العالمية بما يحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للنفط ويحقق نمو الاقتصاد العالمي. وساد الأوساط النفطية العالمية ارتياح كبير إثر هذا الاجتماع، وبدأت أسعار النفط في الهبوط تدريجيا على إثر إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن زيادة الإنتاج النفطي اليومي 700 ألف برميل ليصل إلى 9.7 مليون برميل يوميا مع الاستعداد لرفع الإنتاج إذا لزم الأمر.
ومع اندلاع الأزمة المالية العالمية وجه خادم الحرمين الشريفين الهيئة الاستشارية للشؤون الاقتصادية في المجلس الاقتصادي الأعلى بمتابعة الأزمة بصفة مستمرة ودراسة آثارها ووضع اقتراحات محددة للتعامل معها ورفع تقارير دورية عن ذلك. وقد أقر المجلس الاقتصادي الأعلى الإجراءات التالية:
أولا: تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بالاستمرار في متابعة البنوك السعودية والحرص على سلامتها وتوفير السيولة اللازمة لها عند الحاجة.
ثانيا: تتابع مؤسسة النقد العربي السعودي القيود الموضوعة على توفير السيولة للبنوك وذلك بمزيد من التخفيض في نسبة الاحتياطي وخفض تكاليف التمويل إذا اقتضت الحاجة.
ثالثا: استمرار الحكومة في ضمان سلامة المصارف المحلية، والودائع المصرفية.
رابعا: دعوة وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتنسيق المواقف.
وكانت المملكة سباقة لاستضافة اجتماع تنسيقي مشترك لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية الخليجية بالرياض لاحتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية من خلال التعاون والتنسيق المشترك وذلك في 25 أكتوبر 2008.
وكشفت الأزمة المالية العالمية عن امتلاك المملكة لرؤية اقتصادية ثاقبة وصائبة، بعد أن امتنعت عن إنشاء صناديق سيادية قد تكبدها مع الأزمة الحالية خسائر فادحة تعرضت لها دول خليجية مجاورة أقامت مثل تلك الصناديق.